الفريق أسامة عسكر يلتقى قائد قوات الدفاع المالاوية    بالشيكولاتة.. رئيس جامعة الأزهر يحفز العاملين بعد عودتهم من إجازة العيد.. صور    تعرف على تشكيل صندوق رعاية المسنين بعد قرار الرئيس    جدول امتحانات الصف الرابع الابتدائي الترم الثاني بالفيوم    الوطنية للصحافة: الأحد القادم صرف مكافأة نهاية الخدمة لمعاش مارس 2024    أسعار الحديد في السوق المصري اليوم االثلاثاء 16 أبريل 2024    التخطيط: توجية استثمارات بقيمة 4,4 مليار جنيه لقطاع الإسكان بالقليوبية    تونس خامس دولة في العالم معرضة لمخاطر التغير المناخي    إسرائيل تصعد سياسة الاغتيالات.. تصفية ممنهجة لقيادات "حماس" و"حزب الله    الطوارئ الروسية: غرق 5500 منزل في مدينة أورينبورج شرق موسكو    تشكيل قمة بوروسيا دورتموند ضد أتلتيكو مدريد فى دورى أبطال أوروبا    ممثلو بريطانيا وأمريكا وروسيا لدى الأمم المتحدة يدعون إلى استكمال العملية السياسية لتحسين الوضع في ليبيا    الموافقة على حضور 30 ألف مشجع لمباراة الزمالك ودريمز بالكونفدرالية    فوز العهد اللبناني على النهضة العماني بذهاب نهائي كأس الاتحاد الآسيوي    نوران جوهر تحصد لقب بطولة بلاك بول الدولية للإسكواش    إسلام أسامة يحصد فضية بطولة العالم للسلاح للشباب والناشئين فى السعودية    6 ملايين جنيه لأعمال إنشائية بمراكز شباب القليوبية    فانتازي يلا كورة.. دفاع إيفرتون يتسلح بجوديسون بارك في الجولة المزدوجة    أمطار شديدة الغزارة تضرب الإمارات وسلطنة عمان (فيديو)    إزالة مخالفات بناء وتعديات على الأراضي الزراعية بالإسكندرية    إصابة فني تكييف إثر سقوطه من علو بالعجوزة    ضبط 7300 عبوة ألعاب نارية في الفيوم    حقيقة مشاركة عادل إمام في عزاء شيرين سيف النصر    أحمد حسام ميدو يكشف عن أكثر شخصية جاذبة للستات    أفلام كان وإدفا في الإسكندرية للفيلم القصير.. القائمة الكاملة لمسابقات الدورة العاشرة    باستطلاع إعلام القاهرة.. مسلسل الحشاشين يحصد أصوات الجماهير كأفضل ممثل ومؤلف ومخرج    برلماني عن المثلية في المدارس الألمانية: "بعت للوزارة ومردتش عليا" (فيديو)    خالد الجندي: نشكر «المتحدة» على برامجها ونقل الفعاليات الدينية في رمضان    برلماني: خروج قنا من التأمين الصحي الشامل لصالح المنيا تمييز غير مقبول دستوريًا    لا تشتريها.. تحذير حكومي رسمي من هذه الأدوية على الإنترنت    مفيد لمرضى القلب والضغط.. ماذا تعرف عن نظام داش الغذائي؟    أوبل تستبدل كروس لاند بفرونتيرا الجديدة    الخميس.. "بأم عيني 1948" عرض فلسطيني في ضيافة الهناجر    عالم بالأوقاف: يوضح معني قول الله" كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ"؟    رابط تحميل نماذج البوكليت لطلاب الثانوية الأزهرية 2024    عاجل- عاصفة رملية وترابية تضرب القاهرة وبعض المحافظات خلال ساعات    بعد تحذيرات العاصفة الترابية..دعاء الرياح والعواصف    وزير التعليم: مد سن الخدمة للمُعلمين| خاص    وزير الخارجية ونظيره الصيني يبحثان تطورات الأوضاع في قطاع غزة ومحيطها    الحرية المصري يشيد بدور التحالف الوطني للعمل الأهلي في دعم المواطنين بغزة    وزير الأوقاف: إن كانت الناس لا تراك فيكفيك أن الله يراك    هل يجوز العلاج في درجة تأمينية أعلى؟.. ضوابط علاج المؤمن عليه في التأمينات الاجتماعية    «الأهلي مش بتاعك».. مدحت شلبي يوجه رسالة نارية ل كولر    فصل التيار الكهربائي "الأسبوع المقبل" عن بعض المناطق بمدينة بني سويف 4 أيام للصيانة    سلوفاكيا تعارض انضمام أوكرانيا لحلف الناتو    توقعات برج الدلو في النصف الثاني من أبريل 2024: فرص غير متوقعة للحب    توفير 319.1 ألف فرصة عمل.. مدبولي يتابع المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر    مستشار المفتي من سنغافورة: القيادة السياسية واجهت التحديات بحكمة وعقلانية.. ونصدر 1.5 مليون فتوى سنويا ب 12 لغة    صداع «كولر» قبل مواجهة «وحوش» مازيمبي في دوري أبطال إفريقيا    طلبها «سائق أوبر» المتهم في قضية حبيبة الشماع.. ما هي البشعة وما حكمها الشرعي؟    بعد التحذير الرسمي من المضادات الحيوية.. ما مخاطر «الجائحة الصامتة»؟    "التعليم" تخاطب المديريات بشأن المراجعات المجانية للطلاب.. و4 إجراءات للتنظيم (تفاصيل)    المؤبد لمتهم و10 سنوات لآخر بتهمة الإتجار بالمخدرات ومقاومة السلطات بسوهاج    رئيس جهاز العبور يتفقد مشروع التغذية الكهربائية لعددٍ من الموزعات بالشيخ زايد    ميكنة الصيدليات.. "الرعاية الصحية" تعلن خارطة طريق عملها لعام 2024    «لا تتركوا منازلكم».. تحذير ل5 فئات من الخروج خلال ساعات بسبب الطقس السيئ    السفيرة الأمريكية بالأمم المتحدة: حان الوقت لإنهاء الصراع في السودان    دعاء السفر قصير: اللهم أنت الصاحبُ في السفرِ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شعبان يوسف..الذي لا يشبه أحدا.. ..الذي نشبهه جميعا !
نشر في أخبار الأدب يوم 18 - 04 - 2015

وهذه واحدة من كراماته! يسير في دربه الطويل كما كان وظلّ يسير دائما، وكما نسير أو يسير بعضنا أحيانا. صارَعَ ويصارعُ في كل صوب وناحية كما يصارعُ بعضنا. يقرأ ويكتب كما يفعل بعضنا. وتمرّ به الأعوام التي تمرّ بنا ونمرُّ بها. ولكنه، وحده، يظل هذا "الطفل الأبديّ"، صاخبَ الصوت والضحكة وبريئهما.. ويظل وحده "شيخَ حارة المثقفين العرب".. الشاعرَ، والصابر المثابر علي أضابير الصحف والكتب والمجلات المنسيّة، المبتعثَ من غبارها القديم حياةً جديدةً.
شعبان يوسف، بجانب اقتحامه المجهول المنسيّ، يواجه بالفطرة الظلمات القريبةَ حين تتكاثف. هو قادر علي أن يجعلنا نصدّق أنفسنا، ونستمسك بحلمنا في الأوقات الصعبة، ونستعيد بعضَ تقاليد جميلة امتدت عبر ميراث طويل، وتحدّرت إلينا من جدات بعيدات وجدود بعيدين. هو، من هذه الناحية، رغم استمساكه بمعني التقدّم وقيمته، محافظٌ عتيد علي أسرار وتعاويذ وتمائم تجعل أخلاقيات "السلالة" تستمر وتتصل؛ محافظ علي خصال أصليّة، تكاد تندثر، ل"ابن بلد" حقيقي. يتشبث شعبان يوسف ببعض تقاليد الأسلاف الجميلة، رغم ما أصابه ويصيبه من جرّائها. وهو، في هذه الناحية، قد يسمح لي بأن أستدعي أبياتا لشاعر آخر:
"لِنَقُلْ مَعَ الأَجْدَادِ: خَيْرْ.
هَذَا مَخَاضُ الأَرْضِ ..خَيْرْ
تَضَعُ الوَلِيدَ غَدًا، رَبِيعًا أَخْضَرَا، كَعُيُونِ سَائِحَةٍ أَطَلَّتْ ذَاتَ فَجْرْ.
.. لَا الأُمُّ أُمِّي/ لَا الوَلِيدُ أَخِي/ وَلَا ذَاتُ العُيُونِ الخُضْرِ لِي..
وَأَقُولُ: خَيْرْ".
لا يكتفي شعبان يوسف بأن يقول، كما قالت الجدات والأجداد: "خير"، بل يحوّل قوله دائما إلي فعل، ويفيض بهذا الخير دائما بفطرة هو مجبول عليها، أو محافظ عليها من خصال الأسلاف.
ليس معني كلامي السابق هذا أن شعبان يوسف طيب إلي درجة السذاجة! فبداخله مصارع تمّ ترويضه وإقناعه بأن المثقف الحقّ يجب أن يكون هادئا متسامحا أحيانا، وأن يدفع دائما الحجة بالحجة، ويدافع البيّنة بالبينة.
ها هو شعبان يوسف، بخصاله وسجاياه هذه، قد وصل فجأة إلي محطة ما في رحلته الممتدة؛ أقصد سنّ الستين التي أنا بالغها بعده خلال شهور قليلة. وها هو خلال هذه المحطة، التي آمل أن تتلوها محطة ومحطات، قد استطاع أن يقدم لنا الكثير. هو شاعر متحقق، وهو مغامر مستكشف لما لم نعرفه ولن نعرفه إلا بجهده، وهو جامع الأشتات من المثقفين الجادين والمثقفات الجادات الذين واللائي لا يمكن أن يلتقوا إلا معه وبه، في "الورشة" التي هي ابتكار محلّيّ خالص وصيغة خاصة لمنبر ثقافي مميز. وهو المشارك الفعّال في كل حدث وطنيّ كبير أو صغير، يستطيع من خلاله أن يؤكد انتماءه إلي من، وإلي ما، يستحق الانتماء.
شعبان يوسف هو الذي نعرفه ونحترمه ونحبه، ونستدعيه فيمن نستدعيهم كلما اشتدّ الكرب أو التبست الطرق، ونستعيده فيمن نستدعيهم كلما داهمنا افتقاد الطفولة ببراءتها وعفويتها وبعنفوانها أيضا.
وها هو هذا الطفل الأبديّ يقال لنا، فجأة، فيما يشبه الشائعات، إنه قد بلغ الستين..!
هل نصدق هذا القول.. أم نصدق أعيننا التي تري شعبان يوسف، الآن، مثلما كانت تراه من قبل: شابا لا يجاوز، بحال، السادسة والثلاثين من عمره؟!
أتصور أنه يجب علينا أن نصدق أعيننا، وأن نرنو إلي هذا الحضور الماثل أمامنا.. هذا الحضور الذي ظل يلازم شعبان يوسف دائما، وظل ينتقل إلينا، بقدرة قادر، إذ نري شعبان أو نكلمه أو نقرأ له.
.. إنه هذا الحضور الطيب الأليف، بما يواريه من صخب كامن، الذي يجعل شعبان يوسف لا يشبه أحدا.. ويجعلنا، يا للغرابة، نشبهه جميعا.
كلمة ألقيت في الاحتفالية التي نظمتها دار الكتب والوثائق بباب الخلق، في عيد ميلاد شعبان يوسف الستين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.