فجر علي مقعد حجري مجاور لحديقة الحسين، وفي حماية أشجار كثيفة، جلست المرأة ذات الرداء الأسود الفقير، علي طرف الطاولة الحجرية، مفسحة مكانا لينام رجل في بقية الطاولة، الرجل أظنه زوجها، نام واضعا رأسه علي فخذها، لم يلفت المشهد نظر أحد سواي، كانت أصابع المرأة تعبث بشعره، يدها الأخري تتحرك علي صدره مهدهدة انفاسه في حنو بالغ، كانت كأنها غائبة عن المشهد، كأنها تداعب طلفها لينام، الرجل رفع يده يتحسس يدها ويفركها، ثم لف ذراعه علي رأسه سامحا لكوعه أن يلامس صدرها، لم أتيقن هل يتحدث إليها همسا أم لا أنا أري غبشا، فالفجر يستعد للمجيء، والنيون يجاهد ليصل تحت الشجيرات، ميكروفونات الحسين تبدأ في اليقظة، لماذا ترك الرجل وزوجته بيتهما ليناما في الشارع هكذا ؟ أفزعتهما صرخة أمين شرطة السياحة يطلب منها كوبا من الشاي، قامت بصعوبة لإعداده، كانت تتعثر والرجل زوجها قام مفزوعا متشنجا مكتوم الغضب، الفجر هذا ألن يؤذن ؟ أرغفة انطلق الولد المُدَرَّب يعدو تجاهها، حتي صار قربها، فلوي لسانه ليشبه لهجتها، عرض عليها أن تشتري طاولة الخبز، تدفع ثمنها ويوزعها علي فقراء الحسين، سألته : وينهم ؟ أشار : جنب الجامع من خلف نظارتها ونقابها تأملته، لم يتعد سبع سنوات، أطاعته، وسارت معه، لسانه لم يسكت لحظة يحكي لها عن كرم السيدات الأخريات اللواتي يعطونه كذا وكذا ويشترين كذا وكذا، أمسك بعدة أرغفة وزعها علي الجالسين، تناولوها باعتياد صامت، ألقوها بجوارهم وأكملوا النوم، أعطته خمسة جنيهات، غضب طالبا عشرة كاملة، مقسما أنه لا يكسب فيها سوي نصف جنيه، ظلت المفاوضات قائمة، أصرت المرأة، وتقاطر الدمع سريعا، لكن شرطة السياحة كانت أسرع . غناء امتصت بعنف خرطوم الشيشة، ضيقت عينيها، فتحت شفتيها كحمار بعد علفه، دفعت بالدخان كخرطوم عصبي، مالت برأسها قليلا للأمام، فتقارب النهدان، والتصق اللحم طالا من بلوزتها السوداء، اقترب ماسكا عوده، جري علي أوتاره بسرعة، ضبطها للمرة الألف ربما، ثم انهمرت الموسيقا، انصتت لدفء الصوت (لكنه راغب فيمن يعذبه، وليس يرضي به لوما ولا عذلا) أخذت نفسا عميقا من الشيشة، أخرجته وعادت برأسها للوراء، وضعت ساقا علي ساق، بنطال الجينز الأزرق يضم ذ بصعوبة ذ فخذيها، قامت، ارتدت العباءة، طرحت النقاب من خلفها إلي الأمام، ترك زوجها الحساب، وغادرا المقهي .. راغب فيمن يعذبه .