أقامت ورشة الزيتون ندوة لمناقشة رواية "ليالي عزبة البوهي" للكاتب الروائي والمسرحي عاطف عبد الرحمن وهي الثالثة له بعد روايتيه "أيام الإمام" و "زمن العشق والجنون".. أدارت الندوة الشاعرة والقاصَّة ندي إمام، وحضرها عدد من النُقَّاد والكتَّاب. الكاتبة سامية أبو زيد كانت أول المتحدثين وتناولت مفتتح الرواية الذي يقول "لم يعرف أحد علي وجه الدقه ما الذي دفع سكان عزبة البوهي إلي الخروج من حالة السكون التي كانت مسيطرة عليهم" فقالت إنه مُبرر الرواية بالكامل، ووصفت العمل بأنه عبارة عن ومضات سريعة تقع أحداثها في أربعة فصول عن أربع شخصيات يرويها راو لم نعرف اسمه أو وظيفته. وأضافت: "تكاد تشعر من القراءة أن الكاتب يريد أن يُسقِط الأحداث التي مررنا بها في السنوات السابقة علي هذه الرواية، لذلك نجده يتحدث عن البشاعة التي دفعته إلي الكتابة، ولكن يوجد عدم تناسب بين حجم الرواية الصغير وبين الشخصيات الكثيرة التي تتتابع وراء بعضها، وقد أدهشتني المشاهد الجنسية التي أوردها الكاتب وبرع في تصويرها، فجعل القاريء لا يشعر بالشهوة بل شعر بالامتعاض والرثاء لحال هذه المسكينة ليلي البوهي بطلة الحكاية وفي نفس الوقت جعلنا نفهم مشكلتها ونتجاوب معها ونتعايش مع الوضع الذي يؤلمها، إذ كتب هذه المشاهد بأساليب تقريرية فجة"! من جانبه قال د.محمد إبراهيم طه في مُستهل حديثه إن الكاتب يقف كروائي قدير يمسك بأدواته جيداً، وظهر تأثره بالكتابة المسرحية التي يمارسها منذ فترة "وأسعدتني الكتابة الصحيحة التي لا يعتريها أخطاء لغوية أو عيوب في الصياغة، بدأ الكاتب روايته مباشرة فوجدنا الأشخاص تلعب أدوارها منذ البداية وكأن الكاتب لديه فكرة بعينها يود إيصالها للقاريء سريعاً، وقد وجدت المقدمة التي بدأ بها الكاتب كان من الممكن الاستغناء عنها فهي أقرب إلي فن المسرح منه إلي عالم الرواية، والعمل في مجمله جيد وأقرب ما يكون إلي الرواية الرمزية". طه علق أيضا علي سطور الغلاف الخلفي التي جاء فيها "بناء الأهرامات تجده بسيطا مكونا من مكعبات لا أكثر، لكنك لو حاولت تقليد البناء ستبذل جهدا جبارا ولا أظنك ستتفوق" وقال إن السطور أثارت استفزازه لأنها "تنم عن استعلاء كبير علي القاريء، وهو ما أرفضه شكلاً وموضوعاً". أما الكاتب أسامة ريان فقال إن المؤلف استطاع أن يصنع عوالم موازية باقتدار كي يعبر من خلالها عما يجول بخاطره من أفكار سياسية واجتماعية مُحملة بموروثاتنا ومعتقداتنا، ولأن الثورة هي الهاجس في معظم الكتابات المعاصرة فلعل الكاتب بوعي أو لاوعي قد حاول استشراف هذه الحالة التي يسودها الغموض والاضطراب والعمل مليء بالإسقاطات السياسية والاجتماعية، كما يأخذنا الكاتب إلي أمر مهم وهو شخصية المثقف في الرواية الذي يعبر عن اليسار علي وجه التحديد وعلي الرغم من ذلك التوجه إلا أننا نجده يذهب إلي الموالد كما يفعل بعض المتصوفة "مما يجعلنا قلقين حيال حقيقة التوجهات السياسية للكثيرين من المشتغلين بالسياسة في هذه الأيام". أخيرا لخص الكاتب أحمد إبراهيم وجهة نظره فقال إنه لا يمكن فصل الرواية عن سابقتيها "فأنا أري أنها ثلاثية وأن هذه الرواية هي المتممة للمجموعة". وفسر: الأحداث في الروايات الثلاث تقع في أماكن هامشية، وكما تعلمنا من علم الاجتماع أن تطور المجتمعات يبدأ بمرحلة البداوة، ثم التجريف، ثم المدنية ثم تتعقد أشكال الحياة وقد عدنا للوراء خلال الأربعين سنة الماضية فعدنا من حيث أتينا إلي مرحلة البداوة من خلال تجريف القيم، وهذا ما تتبعه الكاتب حيث ينتقل بنا من العاصمة ثم يذهب إلي منطقة وسط كمحافظة ساحلية أو ما شابه ثم يهبط بنا علي سطح الريف، فيخبرنا بذلك أن الثقافة المصرية تنحدر وتتراجع للوراء وعلينا الانتباه.