لاأظن أنني أقحم »أخبار الأدب« في شأن لاعلاقة لها به،حين أتحدث في السطور التاليةعن أحمد دومةالذي يكاد يلفظ أنفاسه الأخيرة في معركةغير متكافئة،يبدو فيها الطرف الأقوي متمسكا بأقصي درجة من درجات العناد والغطرسة. لاأعرف أحمد دومة،لكنني شاهدته بعيني عصر يوم 25 يناير 2011 وهويطير في الهواء...نعم يطير في الهواء ليقفز الي مدرعة تقتحم ميدان التحرير،وتتهيّأ لإطلاق خراطيم مياهها علي المتظاهرين،ويتمكن من إغلاق محبس المياه أو تعطيله.. وبعد هذا بشهور طويلة عرفت بالصدفة أن هذا الطائر في الهواء هو شاب اسمه أحمد دومة. وبعد فض اعتصام الشباب أمام الاتحاديةأيام المخلوع الثاني محمد مرسي،رأيت هذا الذي اسمه أحمد دومة في إحدي الفضائيات وهو يعلن أنه لايعترف بمرسي رئيسا ،وأن مكانه خلف القضبان باعتباره هاربا من العدالة وقاتلا ..رأيت ذلك وسمعته بنفسي. دومة سجين رأي قد يكون خرق قانون التظاهر، وهو قانون مشبوه وسييء السمعة ووصمة علي وجه ثورة 25 يناير،لكن محاكمة دومة شئ، ومايجري من تنكيل يستهدف حياته شئ آخر.من حق دومة الإضراب عن الطعام ،ومن واجب مصلحة السجون تطبيق اللوائح عليه وليس منع زوجته من زيارته عندما تدهورت حالته. كذلك من واجب القضاء عندما يطالب دومة بتنحية المحكمة حماية حياته وليس إصدار القاضي المختص قرارا بعدم نقل دومة خارج السجن إطلاقا إلا بعد استئذانه شخصيا. والأدهي والأنكي أن دومة يتعرض الآن للموت فعلا أثناء كتابة هذه السطور،ومع ذلك فمن الممكن إصدار عفو رئاسي،ليس من أجل دومة فقط ،بل من أجل أكثر من مائتي سجين رأي منهم عدد كبير تحت التحقيق،وتضامن معهم عدد آخر من داخل السجون وخارجها ممن دخلوا معركة الأمعاء الخاوية وهم مضربون الآن. البادي لي أن الشباب الذي بدأ معاركه ضد الاستبداد قبل ثورة يناير، وأسقط مبارك، ثم أسقط مرسي ودولة الإخوان، يتعرض للتنكيل والتضييق والتخوين،وسمحتْ،بل وتسابقت بعض الفضائيات لبث أدلة ملفقةوتسجيلات شخصية لاعلاقة لهابالتهم المنسوبة لهم وأولها التمويل.بل أن "نجاة"- هل تذكرونها؟- تلك التي كانت قد استضيفت في أيام الثورة الأولي في احدي القنوات وذكرت أنها تلقّت آلاف الدولارات وتدربت في صربيا علي قلب نظام الحكم.. هل تذكرونها ؟عادت نجاة،بل وأكدت ماسبق أن ذكرته من هلفطه. حتي الآن لم تصدر أي محكمة في مصر حكما ضد من يقال إنهم خونة وممولون وليست هناك قضايا مرفوعة بهذا المعني، وكل الأحكام الصادرة بحقهم تتعلق بالتظاهر أو الوقفات الاحتجاجية أو التضامن مع زملائهم من مسجوني الرأي. من زمان..من أيام المجلس العسكري وحتي الآن، وهؤلاء الشباب تحديدا يتهمون بالخيانة والعمالة،وحتي الآن أيضا لم يقدم واحد منهم للمحاكمة.. ومن كل هذا فإن المهم الآن إنقاذ حياة دومة ، وإلا فإن دمه سيلوّث الجميع.