مشروع النشر في هيئة قصور الثقافة أعظم مشروعات وزارة الثقافة ، وأقلها هدراً لميزانياتها التي كثيراً ما تُصرف ببذخ علي أنشطة لا جدوي منها ، أو جدواها رمزية تصنع ديكوراً، أو صورة وهمية للفعل الثقافي . الكلام عن التفكير في إلغاء المشروع يثير استغرابي ولا أراه معبراً إلا عن وعي قاصر، أو سلوك تدميري ، ويكفي أنك تتحدث عن اقتراب سلبي من الكتاب في مجتمع أزمته الحقيقة تكمن في الثقافة، وخلاصه الحقيقي يكمن في الثقافة، ومآسيه سوف تتوالي لأسباب ثقافية. ومع ذلك يتعرض المجتمع إلي تدمير ثقافي بأشكال مختلفة، سواء بسوء نية، أو بسوء تصرف. إن الكتاب بحاجة إلي تكاتفنا لنصرته، وفتح كل سبيل ممكن أمامه، ويكفي الحديث عن الكتاب الآن بوصفه تجارة، وشيوع تقييمه وفق ما يدر من أرباح ، وتلك طامة كبري، في ظل أوضاع كأوضاعنا. أسباب التمسك بمشروع النشر في الهيئة كثيرة، والكثير منها معروف، لكنني أفضل الحديث عنه بوصفه انتفاضة في وجه المركزية، والتي نعرف جميعا دورها الهائل في تخلفنا ، لكننا غالبا ما ننسي ، ولا ننتبه إلي توحش المركزية، وهو يتحرك بخفة إلي أعماقنا ويجعلنا في أحيان كثيرة أنصارا لها، وغالبا ما نجد المبررات. لا أبالغ عندما أقول إن ذلك المشروع، هو أول خطوة حقيقية تستهدف وحشية المركزية، سواء بالنشر لكتاب من خارج القاهرة، أو بتوزيع الكتب بأسعار تناسب المصريين، وتصل لكل مصر، بخلاف مطبوعات المجلس الأعلي مثلا، التي توجد علي مستوي نخبة معينة، وفي حدود ضيقة للغاية، تجعلها محدودة الفائدة، قياسا بكتب الهيئة.