إحدى فعاليات المهرجان علي مدار الخمسة عشر يوماً مابين 10 الي 15 أغسطس دارت فعاليات الدورة السابعة من المهرجان القومي للمسرح المصري التي أطلقت باسم الشاعر الكبير صلاح عبد الصبور وسط حشد كبير من المسرحيين والنقاد والصحفيين والمهتمين بالحركة المسرحية ، وتحت رعاية أحدث وزيرللثقافة د.جابر عصفور. شارك في فعاليات الدورة السابعة فرق المسرح المصري بأطيافه المختلفة سواءً التابعة للدولة أوالمستقلة أوالجامعية إنتهاء بمسرح الشارع ، تنافس في المسابقة الرسمية واحد وأربعون عرضاً الي جانب ثلاثة عشر عرضاً آخر كانوا علي هامش المهرجان. أول مايدعو للتفاؤل في هذه الدورة كان إسناد عرض الإفتتاح والختام للمخرج شادي سرور بعيدا عن فكرة المخرج الأوحد التي استمرت لعقود طويلة ، اعتمد سرور علي خشبة مقسمة الي مستويين يوصل بينهما سلالم في عمق جانبي الخشبة في عرضيه ، امتلأ فضاء الخشبة بالتمثيل والأداء الغنائي والاستعراض ولكن دون فكرة رئيسية ففي العرضين وجدنا أنفسنا أمام مقتطفات من مشاهد لبعض عروض المسرح المصري جنبا الي جنب اللوحات الغنائية الاستعراضية. عرض الافتتاح والختام كتب أشعارهما مصطفي سليم ، ووضع موسيقاهما وليد الشهاوي ، تصميم الاستعراضات لضياء محمد الذي قدم رؤية استعراضية متميزة ، سينوغرافيا عمرو عبد الله كان لها بصمة خاصة. مدير المهرجان المخرج ناصر عبد المنعم والمنظمين له بذلوا جهدا كبيرا لإنجاح هذه الدورة بأقل تكاليف وبجودة عالية طبقا لما هو متاح. المُكرَّمون وتوصيات لجنة التحكيم كرمت الدورة السابعة للمهرجان القومي للمسرح المصري عددا من رواد الحركة المسرحية وهم المؤلف والناقد المسرحي ألفريد فرج ، سيدة المسرح العربي سميحة أيوب ، المخرج أحمد زكي ، المخرج أحمد عبد الحليم ، الفنان محمود الحديني ، الناقدة المسرحية نهاد صليحة ، مهندسة الديكور ومصممة الملابس نعيمة العجمي. لجنة التحكيم جمعت بين ثلاثة أجيال شيوخ الحركة المسرحية وجيل الوسط والشباب ، وهم: المؤلف يسري الجندي ، الناقد د. حسن عطية ، الفنانة المخضرمة سهير المرشدي ، المخرج عبد الرحمن الشافعي ، مهندس الديكور د. صبحي السيد ، المؤلف الموسيقي هشام جبر، المخرجة داليا بسيوني ، ومصمم الاستعراضات محمد شفيق ، واعتذر عن عدم عمله في اللجنة الفنان خالد صالح لظروف صحية. وقد وضعت لجنة التحكيم في نهاية المهرجان ثلاثة عشر توصية تجاهلتها أغلب الصحف بالرغم من أهمية توصيات المهرجانات بشكل عام والتي تفصح عن طرق تفكير المبدعين والعاملين في الحركة الفنية في فترة زمنية بعينها، ولذلك نلخصها في التالي: أولاً/ توصية لجميع المؤسسات المسئولة وذات الصلة بالمسرح وبالأنشطة الثقافية والفنية بالسعي لوصل ما انقطع بين الأجيال المصرية. ثانياً/ النظر بجدية الي الحالة العشوائية المخيمة علي النشاط المسرحي وإعادة هيكلة الأنشطة المسرحية. ثالثاً/ عودة المسرح المدرسي في إطار تصحيح أوضاع التعليم وربطه بالتربية ، ودعم أوسع للمسرح الجامعي. رابعاً/ دعم مانص عليه الدستور من إطلاق حرية التعبير لتحقيق إبداع خلاق حُرّ. خامساً/ مسرح الثقافة الجماهيرية هو الأكثر أهمية وتأثيرا ، ومفتاح ذلك تحريره من هيمنة الإداريين وأن يعود لقيادته المبدعون. سادساً/ عودة البعثات الفنية الي الخارج لأنها باب للتطوير. سابعاً/ استضافة بعض العروض الأجنبية المهمة كما كان وكذلك كبار المخرجين في العالم لعمل ورش عمل لشبابنا وتلك واحدة من سبل التطوير. ثامناً/ ظاهرة لجوء معظم المشاركين الي نصوص أجنبية تنبهنا الي انعدام النصوص الجيدة تقريبا وهنا يلزم استنفار الطاقات بإقامة مسابقات ذات حوافز ضخمة بالنسبة للنص المسرحي. تاسعاً/ احتضان النشاط المسرحي الحُرّ من قبل الدولة وفتح أبواب الحوار مع المجتمع المدني والمؤسسات الاقتصادية والمصرفية للدعم ماليا تحت إشراف لجنة مختصة ليشمل ذلك الدعم (المسرح المدرسي والجامعي والعمالي والفرق الكنيسية وجميع أشكال الإبداع الحُر). عاشراً/ تعديل لائحة المهرجان تبعا لكل ماصدر من توصيات الدورات السابقة للمهرجان. الحادي عشر/ ليس من الضروري أن تجمع الأعمال الشابة والحرة مع غيرها في دورة واحدة ما الذي يمنع أن يرتب المهرجان دورات مختلفة لتحاشي تناقضات مثارة. ثاني عشر/ يرجي النظر في آلية تحريك عروض المهرجان الي الأقاليم وإدراج البارز منها في مواسم كاملة. ثالث عشر/ تشكيل لجنة من رموز الحركة المسرحية تتابع باستمرار تنفيذ التوصيات. جوائز الدورة السابعة منحت لجنة التحكيم شهادات تقدير للتميز في الأداء الجماعي للعرض: "قهوة بلدي" إنتاج مسرح الميدان ، "المحطة" إنتاج أسقفية الشباب ، "إغراق عنخ" إنتاج الهيئة العامة لقصورالثقافة ، "كلمات متقاطعة" إنتاج مركز أحمد بهاء الدين الثقافي بأسيوط. وشهادة تقدير للمؤلف الموسيقي عمرو طه عن عرض "مطلوب" إنتاج المركز الأكاديمي للثقافة والفنون. أما جوائز المهرجان الرسمية التي حملت أسماء بعض رواد المسرح المصري فحصدها كل من: جائزة سناء يونس أحسن ممثلة صاعدة فازتس بها مناصفة ثراء خضير عن عرض "مطلوب" ، وريهام عبد الرازق عن عرض "بتول". جائزة محمود دياب لأفضل مؤلف صاعد حجبت. جائزة عبد السلام محمد أفضل ممثل صاعد فاز بها مناصفة تامر كرم عن عرض "الليلة ماكبث" ، ومحمد مهران عن عرض "مطلوب". جائزة محمود رضا لأفضل تصميم استعراض فاز بها مناضل عنتر عن عرض "مولانا". جائزة عبد العظيم عويضة لأفضل تأليف موسيقي فاز بها تامر كروان عن عرض "المحاكمة". جائزة حسين جمعة لأفضل ديكور مسرحي فاز بها مناصفة محمد صابر عن عرض "المحاكمة" ، أحمد عبد العزيز عن عرض "مطلوب". جائزة حسين جمعة لأفضل إضاءة مسرحية فاز بها رامي بنيامين عن عرض "مطلوب" ، وجائزة أفضل أزياء وقد حجبت. جائزة سناء جميل لأفضل ممثلة دور ثان فازت بها مناصفة سامية عاطف عن عرض "عشق الهوانم" ، فاطمة محمد عليّ عن عرض "طقوس الحياة والموت". جائزة شفيق نور الدين لأفضل ممثل دور ثان فاز بها مناصفة أحمد سراج عن عرض "قهوة بلدي" ، إسلام عبد الشفيع عن عرض "القصة المزدوجة". جائزة أمينة رزق لأفضل دور أول نسائي فازت بها مناصفة إيمان إمام عن عرض "القصة المزدوجة" ، ونهي لطفي عن عرض "طقوس الحياة والموت". جائزة حمدي غيث لأفضل ممثل دور أول رجال فاز بها الفنان أشرف عبد الغفور عن عرض "المحاكمة". جائزة توفيق الحكيم لأفضل نص مسرحي وقد حجبت. جائزة عزيز عيد لأفضل إخراج مسرحي فاز بها طارق الدويري عن عرض "المحاكمة". جائزة زكي طليمات لأفضل عرض مسرحي فاز بها عرض "المحاكمة". وبالرغم من اعتراضي الشخصي علي حجب جائزتي أفضل مؤلف مسرحي صاعد وأفضل مصمم أزياء ، إلا أن الملاحظ أن جيل الشباب اكتسح في الفوز بجوائز الدورة السابعة من المهرجان. المحاكمة عرض المحاكمة الذي فاز بجائزة أفضل عرض في المسابقة الرسمية للمهرجان سبق وأوجد انطباعا جيدا في الحركة المسرحية أثناء مدة عرضه علي مسرح ميامي ، العرض إنتاج المسرح القومي وهو مأخوذ عن ميراث الريح للمؤلفين الأمريكيين "روبرت لي ، وجيروم لورانز" ، وهو يدور حول مقاومة الشعوب للفاشية بجميع أنواعها سواء الدينية أو السياسية. فاز عرض المحاكمة بأربع جوائز هي : جائزة الإخراج للمخرج طارق الدويري الذي إعتمد علي خشبة مسرح دائرية يمكنها الدوران في بعض مشاهد العرض ، وشاشة سينما في عمق الخشبة استخدمت لعرض مشاهد تكميلية للمشاهد التمثيلية الحية ، ملابس أبطال العرض كانت دالة علي الشخصيات فعلي سبيل المثال إختيار اللون الأبيض لجلباب رجل الدين هو نفسه لون بدلة رجل السياسة التي ظاهرها الصفاء والطهارة وهو ما يتناقض مع أفعالهما ، بينما ملابس عامة الشعب غلب عليها اللون الأسود الذي هو نفسه لون بدلة المدرس المعتقل للدلالة علي أنه وبالرغم من أنه يتمتع بعقلية علمية فلسفية تتفكر تسببت في إعتقاله إلا أنها علامة علي أنه في نهاية الأمر رجل من عامة الشعب لا يمتلك من يخلصه من فاشية الدين والسياسة. كذلك حركة الممثلين في العرض تنم عن وعي المخرج بالشخصيات وماهية كل منهم. ديكور عرض المحاكمة كان بسيطا ولكن كل قطعة منه تحمل العديد من الدلالات والعلامات المتغيرة بحسب طبيعة المشهد ، أما ممثلو العرض فأكثرهم كان يستحق جوائز علي أدائه. وهناك الكثير عن تفاصيل عرض المحاكمة لا تتسع المساحة لعرضها وتفسيرها ، ولكنه في النهاية عرض جيد يستحق المشاهدة.