انطلاقا من إحدي المهام الرئيسية لهيئة قصور الثقافة في الاحتفاء بالمواهب والمبدعين والمثقفين من أصحاب الانجاز الحقيقي، احتفت الهيئة بسبعينية الأديب يوسف القعيد بمقر المجلس الأعلي للثقافة. القعيد وجه في كلمته الشكر للهيئة علي هذه الاحتفالية، وأكد علي دورها في تبني المواهب، وفي هذه اللحظة تذكر ما حدث معه في منتصف الستينيات، حينما ذهب لقصر ثقافة دمنهور لرغبته في معرفة شروط النشر في الكتاب الأول، لكن مدير القصر وقتها الراحل مصطفي البسيوني لم يكن يعلم هذه الشروط، لأن النشر في هذا الكتاب يتبع المجلس الأعلي لرعاية الفنون والآداب، إلا أنه وعده بأنه سيحضر له هذه الشروط بعد عشرة أيام، المفاجأة أن مدير القصر لم يتوقف عند هذا الأمر، وإذا به يخبر القعيد بوجود ندوة لمناقشة رواية " شمس الخريف" لمحمد عبد الحليم عبد الله، ودعاه للحضور والمناقشة، لكن القعيد أخبره بأنه لم يقرأها، فأحضرها له البسيوني، وبالفعل قرأها القعيد علي مدار اليوم، حتي جاء موعد الندوة، وشارك فيها، ومن وقتها نشبت صداقة بينه وبين محمد عبد الحليم عبد الله حتي وفاة الأخير. القعيد أكد أيضا- في كلمته أن الثقافة هي خط الدفاع الأول اذا كنا نريد لهذا البلد أن يقف علي قدميه، ولابد من تذليل العقبات أمام قصور الثقافة فمصر مليئة بالمواهب الشابة اذا وجدت من يرعاها ، فالتعليم لا يقل أهمية عن الثقافة ، وليس أمام مصر والمصريين إلا الثقافة. وفي معرض حديثه عن المحتفي به، وصفه د. صابر عرب وزير الثقافة بأنه مثل الجبرتي، في قدرته علي استرجاع تفاصيل المشاهد الثقافية والاجتماعية والإنسانية، وأنه ثاقب البصر والبصيرة في كتاباته ومقالاته و إبداعاته عن واقع الحياة المصرية. وأضاف عرب أنه يأمل أن يستمر دور الهيئة العامة لقصور الثقافة في اكتشاف المبدعين والقيام بتقديم الخدمة الثقافية الحقيقية في الحضر والريف ، فالقعيد من الأدباء القلائل الذين وفدوا من القرية المصرية في نهاية ستينيات القرن الماضي وحمل معه كل هموم القرية ولا يتخلي عنها أبدا حتي الآن ، مضيفا بأن من يقرأ ويحاكي أعمال القعيد يجد القرية بمفرداتها وعاداتها وآلامها في كتاباته ، مشيرا إلي أنه واحد من جيل ظهر في وقت يتيح للأدباء الشبان الجدد أن يقدموا ابداعاتهم من خلال الثقافة الجماهيرية ، والتي كانت أحد مصادر استقاء القعيد لمشروعه الأساسي في الكتابة ، وأضاف عرب أن مصر مُقدمة علي مرحلة جديدة في تاريخها بعد حوالي أربع سنوات من الحراك السياسي والاجتماعي لابد وأن تكون الثقافة هي العنوان الرئيسي في الدولة الجديدة في برنامج المرشحين لرئاسة الدولة المصرية ، مؤكدا أننا نحتاج رؤية ثقافية لأنها العمود الفقري والوجداني في باقي المشروعات مثل التعليم والاقتصاد و الأمن ، وناشد عرب المرشحين الرئاسيين أن يُعظما من دور الثقافة ومن المشروع الثقافي في المرحلة المقبلة ، مضيفا بأننا لسنا بصدد إقامة حجارة أو مباني ، فبدون الاهتمام بالثقافة في التنمية والتعليم وبرامج المحليات ومراكز الشباب والمدرسة والجامعة توجد مشكلة في المجتمع والإنسان المصري ، فلا يمكن اقامة الأمن والاقتصاد الا بالثقافة والفن ، فهما الركيزتان الأساسيتان اللتان أهلتا مصر منذ قرن مضي لكي تكون من الدول البناءة في العالم ، مؤكدا أن الحديث الصارم عن الأمن والاقتصاد في غيبة الثقافة شئ منقوص. شارك في الاحتفالية مجموعة من المثقفين والنقاد بطرح رؤاهم عن الجوانب الإبداعية المختلفة ليوسف القعيد، فمن المتحدثين: حلمي النمنم، د. بهاء الدين شعبان، حسين حمودة، هالة البدري، شعبان يوسف، محمد الشافعي، وليد سيف، مسعود شومان، أمينة زيدان، السعداوي الكافوري، صاحب كتاب " يوسف القعيد.. سبعون عاما من العشق للأرض والإنسان"الذي صدر عن هيئة قصور الثقافة، ووزع علي حضور هذه الاحتفالية التي حضرها سعد عبد الرحمن رئيس هيئة قصور الثقافة، د. سعيد توفيق الأمين العام للمجلس الأعلي للثقافة، وقدمها محمد أبو المجد رئيس الادارة المركزية للشئون الثقافية، وقد منحت الثقافة الجماهيرية درعها ليوسف القعيد.