1 ونحن نلعب لعبة الاختباء دخلت خزانة الملابس الكبيرة لم تكن تغلق جيدا ولم يكن لها باب سري كما في الحكايات كانت مليئة بالتشاؤم ورائحة ثياب مهجورة لا أعرف كيف غلبني النوم نمت ساعة أو أكثر وخرجت ومشحونا أدور حول نفسي كمن يريد أن يكتب قصة أمسكت ورقة ورسمت رسمت نهودا كثيرة كأنها تطلع من الأرض طويت الورقة ووضعتها في جيبي خرجت إلي الشرفة غاضبا وخائفا من أمي رميت النهود في الشارع كانت وردة بلدية وحيدة في أصيصها فركتها بين أصابعي خفت أكثر فأكلتها وبكيت كان طعمها مرا لم أفكر في الرسم بعدها ولا في كتابة القصص قبل عامين فقط حاولت أن أرسم من جديد وكان الأمر مؤسفا كلما أردت أن أرسم وردة رسمت نهدا وكلما حاولت أن أرسم بيتا رسمت خزانة كبيرة للملابس بابها لا يغلق جيدا ويطل منه ذراع بدلة قديمة كأنها تهم بالخروج أو كأنها تلويحة من بعيد ترفض النسيان 2 الماضي كومة من هدايا تحتاج ترتيبا مطولا قبل الذهاب إلي محلل نفسي كان يفكر بصوت عال وأنا أكتب ما يملي عليّ لم نتفق علي هذا التقسيم الجزافي للعمل ولا أعرف لماذا أرضخ لرغباته دائما هو لا يريد أن يكتب أن يكون مسئولا عن كلماته ولا أعرف لماذا أسمع الكلام وأكتب الكبار مثلا يكتبون دفاعا عن الحياة عن الأمل يصدون الرمل عن الحقول أو لكي يحبهم الأصدقاء في الليل هكذا يقولون لا أستطيع أن أقول مثلهم فأنا أكتب كلما ابتعدت عن أهلي كأني أناديهم كأني أدافع عن نفسي ولأن أصدقائي يموتون - دون أن أودعهم - وليس لديهم وقت كاف للقراءة فلماذا أكتب وأحمل مسئولية الكلمات ولي رأس أكبر من رأسه يمكنها أن تفكر وأن تري في الماضي كومة من حطب تحتاج بعضا من المازوت وعودا واحدا من ثقاب جيد أحكه في كعب الحذاء أضرم النار وأعطيها ظهري وأمشي بالتصوير البطيء كما يفعل الأشرار في السينما. يا إلهي لا أريد أن أتعلم الرقص ولا أن أمشي علي الماء أو كسر الزجاج أريد أن أكون شريرا لبعض الوقت لكنه لا يريد أن يكتب ما أفكر فيه يريد فقط أن يملي عليّ أفكاره البائسة أن يسخر مني وهو يقول بنبرة هادئة تخيل نحن في الحفرة نفسها و بيننا مائة بحر. 3 وأنا أقلب في كتاب قديم عثرت علي صورة لي كنت واقفا السيجارة في يدي اليسري واليمني لم تكن في جيبي كالعادة كانت جانبي مضمومة بشكل عصبي كأنني أسحق فراشة بين أصابعي وبعد أن وُضعت آلة التصوير جانبا نفخت دقيقها في الهواء أو هكذا تخيلت 4 بالفعل أدوس علي البلاطات الحمراء في الصالة وأبول عشر مرات قبل أن أنام وبالفعل أسمع أصواتا في رأسي وأري أناسا في رأسي يدوسون علي البلاطات البيضاء بطأون مركز الكلام صدفة فأحكي لهم حكاية عن البحر الذي لم أزره ولم يظهر من وراء البيوت في صورة لي وأنا أرش الناس بالماء فرحانا يرفعون أقدامهم فيلفني صمت شفيف أراهم من جديد في رأسي لا يبكون لا يرقصون ولا يفعلون شيئا فاحشا بل يدفنون موتاهم هنا في حفرة بين القلب والرئتين يضغطون علي قصبة الهواء تضيق تصير نايا يتوكأ العمر علي نغماته الزرقاء في طلعة الروح من البدن لا يعذبني الشهيق أو الزفير ولا النبضة المفقودة في كلام القلب ما يعذبني هو وكيف لا أستطيع البكاء من أجلهم؟ 5 ولديه مرآة وحيدة يذهب إليها من حين لآخر يفحص فراغا يتسع بين أسنانه أو ما بقي منها يتفقد قسماته الحادة يقول : طمسها نحات بإزميل ثلم فلم تعد قابلة للقراءة صوته وهو يقول ذلك يأتي من مكان ما خلف هذا الوجه أو خلف هذه المرآة يفكر أن يكسرها ليعرف مصدر الصوت ويخاف أن يكسرها فيتسع الفراغ الذي بين أسنانه دون أن يدري هل صار عجوزا طيبا إلي هذا الحد؟ يخاف أن يمشي من أمامها فيختفي ويخاف أن يطفئ النور فيختفي كل شيء مقاطع من ديوان تحت النشر بنفس العنوان