القلب والعقل هنا بمعناها الشعبي المتداول وليس بالمعني العلمي ، فالقلب هنا مقرون بالانفعال ، والعقل هنا مقرون بالتفكير المتزن ، وهما يتصارعان في نفسية صديقي الذي بلغ من العمر ستين عاماً حين تبادل الحب مع شابة في الثلاثين ، رآها خماسية الجمال منه جمال الجسد والظرف والإبداع ، فقد كان هو أيضاً مبدعاً ، وتلك هي الشرارة الأولي للعلاقة بين الطرفين ، ومن هنا أيضاً كانت صداقتي الحميمة معه وإطلاعي علي أسراره العاطفية إطلاعي علي بعض إبداعاته قبل نشرها. وكان يمكن أن تكون هذه العلاقة مألوفة ذ رغم فرق العمر الذي تتجاهله العواطف ذ لولا أن برز بينها ثالث في منتصف العمر تقريباً في السابعة والأربعين ذ يشاركهما الهواية نفسها ، حيث بدأ الشك يغزو صديقي في مدي التقارب من خماسية الجمال وهذا الوافد الجديد. ورغم أنها صارحت صديقي ذ حين أبدي ما ساوره من شكوك ذ بأن مشاعرها له وحده ، إلا أنه كان هناك أكثر من دليل علي هذه الريبة : نتبادل اللقاءات فيما بينهما ، تبادل التقدير لما يبدعان ذ لهذا جاء صديقي يبثني شكوكه معلنا أن الأفعال أقوي من الأقوال ، فهما يتلاقيان ، وفي اجتماعات عامة يجتمع ثلاثهم مع آخرين يتهامسان وهو العجوز بينهما ، بل وترافقه في سيارته فسكنهما متجاوران ذ حين يعودان بعد اجتماعات مشتركة تضم ثلاثتهم مع آخرين ذ بل لقد شاركته في مؤتمر خارجي بدعوة منه. وصديقي الآن يخوض صراعاً بين قلب يرفض إلا أن تكون له ، وعقل يقول له إنها حرة ، ولا تجعل من حبك قيداً عليها ، بل تحريراً لها ، ولتجعل من حبكما نعمة لا ونقمة ، فهي لم تضع عليك قيدا بل أنت الذي وضعته بكامل حريتك ، ولا تعتنق ذلك الحب الهمجي الذي يدفع العاشق إلي قتل محبوبته إن هي فتر حبها أو اندفعت نحو غيره ، واستمتع بالجانب الإيجابي في هذه العلاقة التي تصفها أنت بالخلاقة ، واعترف بحريتها التي لولاها ما بادلتك عاطفتك ، واجعل من حبكما نعمة تجني جانبها الإيجابي ، ولا تقلبها غما ذ عكس المقصود منها ذ إستمتع بالإيجابيات ولا تقلبها سلبيات ، وإلا فلماذا خلق الله لنا الجمال ، ليس جمال الشكل فقط ، بل - وبالنسبة للإنسان - وجمال الشخصية أولاً.