جانب من الندوة نظمت مكتبة الحضارة الاسلامية ندوة بعنوان دراسة في العمارة العثمانية الدينية الأثرية قدمها د.مجدي عبدالجواد علوان رئيس قسم الآثار كلية الآداب بجامعة أسيوط، ود.سامح فكري البنا مدرس الآثار والفنون الإسلامية بقسم الآثار كلية الآداب بجامعة أسيوط، تناول فيها أثر مدرسة التصوير العثمانية وقسمها الي ملمحين، جاء الأول عن المخطوطات التاريخية المصورة وما بها من صور طبوغرافية وغيرها، والآخر عن المخطوطات التي تحتوي علي صور شخصية لسلاطين العثمانيين، وأدار الندوة سيد صالح مدير مكتبة الحضارة الاسلامية. بدأ د.مجدي عبدالجواد حديثه عن المميزات العامة للعمارة العثمانية الدينية والزخرفية التي ظهرت بعد السلطان محمد الفاتح، وظهرت في قمة نضجها في عهد السلطان سليمان القانوني، وكان أهم السمات لتلك العمارة هي «التحويل والتشييد» أي تحويل بعض الكنائس الموجودة بالبلاد التي فتحها العثمانيون الي مساجد، وذلك بتزويدها بمنارات ومنابر وعمل محاريب في جدار القبلة بدلا من الشرقيات، وزينوا الجدران الداخلية بأفاريز وأشرطة كتابية تتضمن آيات قرآنية، وأسماء الخلفاء الراشدين، وضرب علوان أمثلة منها كنيسة آيا صوفيا بالقسطنطينية «اسطنبول»، التي بنيت عام 535م في عهد الامبراطور البيزنطي جستنيان الذي عهد الي المهندس المعماري انتيماس التراللسي ببنائها وكان علي دراية كبيرة بالهندسة، حتي تحولت الي مسجد في عام 857ه/1453م في عهد السلطان محمد الفاتح، أيضا تحولت كنيسة «بوده» بالمجر في عهد السلطان سليمان القانوني، وتحولت كنيسة العذراء باسطنبول الي مسجد عرف باسم «الفتحية» في عهد السلطان مراد الثالث في عام 982ه/1571م. وأشار علوان الي تنافس سلاطين آل عثمان في التشييد وبناء المساجد بكثرة بالعواصم الثلاثة »بورسة، وادرنة، واسطنبول« وفق الطرازين الموروث من التقاليد السلجوقية أو المبتكرة. وأشار للعديد من المخطوطات التي تؤكد أن المهندسين العثمانيين كانوا يصنعون ماكيت للمعمار قبل تشييده وعرضه علي السلطان قبل القيام بتنفيذه. وتناول علوان في دراسته الطرز المعمارية: التي كان من أهم مظاهرها الفنية التي اتسمت بها انتقالها وانتشارها الي العديد من الدول التي أخضعها العثمانيون لسلطانهم، مع الاختلاف في طرق التصميم والمساحة في عمارة المساجد الجامعة، والمدارس، والأضرحة، والأسبلة والحمامات، والوكالات، فعلي سبيل المثال وجد هذا الطراز العثماني في اليمن، متمثلا في المدرسة البكيرية بصنعاء 1298ه/1881م، ووجد في سوريا متمثلا في مساجد، خسرو باشا، وفي مصر في جوامع سليمان الخادم سنان، والملكة صفية، ومحمد أبوالدهب. والمجمعات المعمارية، والمآذن والمنارات، والتخطيط والمسجد ذو القبة الواحدة، والمسجد متعدد القباب، والمسجد علي هيئة بيت صلاة وحرم، التي تميزت بالزخارف، وبلاطات القيشاني. وتحدث د.سامح فكري البنا عن أثر حكم الدولة العثمانية علي مدرسة التصوير، من حيث الشكلية الهندسية التجريدية وتكوين الصور، ومدي واقعية هذه المدرسة «الوثائقية«، وكيف بدا الطابع القومي العثماني، في تصوير لغة الجسد، والتركيبات اللونية. استند البنا في هذا الملمح علي نماذج من المخطوطات العثمانية التاريخية المصورة، التي عرض منها مخطوط لمدينة استانبول، ومخطوط بيان منازل سفر العراقيين ومخطوط سليمان نامة المؤرخ، ومخطوط تاريخ السلطان سليمان، وصورة تتويج السلطان سليمان القانوني. كما استعرض البنا صورا للمصور حيدرريس الذي ظل يمارس الرسم خلال عهد السلطان سليمان الثاني الي جانب عمله الرسمي كمدير لأخواض السفن، فرسم مجموعة من الأعمال. بأسلوبه الجديد الذي اختلف تماما عما هو كان متبعا من قبل في رسم صور السلاطين العثمانيين، إذ لا نلمح فيه التأثر بالأساليب الفنية لعصر النهضة، بل ظهر في رسوماته بوضوح الاعتماد علي الأساليب الفنية الشرقية، من حيث التسطح وعدم استخدام الظلال أو التدرج اللوني، واستخدام الرمزية. كما عرض صورة شخصية للسلطان سليم الثاني وكيان يبلغ حينها من العمر 45 عاما قبل توليه العرش بعام واحد، وهي من أفضل الصور الشخصية للسلطان. الذي ظهر فيها وهو جالس الجلسة الشرقية. وقد اهتم حيدر في هذه الصورة بإبراز تفاصيل القاعة التي يجلس فيها السلطان في القصر وخاصة نوافذ الزجاج المعشق والكسوة الخزفية والسجادة الفخمة وغلام القصر، لم يتردد حيدر في ابراز الصفات الخلقية التي عرفت عن السلطان سليم الثاني مثل البدانة واحمرار الوجه الذي تنتشر فيه البقع الصغيرة »النمش« وشعر اللحية والشارب أصفر اللون. وهنا نشير الي أنه بصفة عامة يمكننا القول بأن التأثيرات الأوربية قد ازدادت وأصبحت أكثر وضوحا في التصوير العثماني بداية من القرن الثالث عشر هجريا الي التاسع عشر هجريا، مثل بقية الفن العثماني من عمارة وفنون تطبيقية.