«واجبنا تجاه المنافع المشتركة والأماكن والمرافق العامة» موضوع خطبة الجمعة اليوم    الحبس والغرامة.. تعرف على عقوبات تسريب أسئلة الامتحانات وأجوبتها    مصر تشارك بأكبر معرض في العالم متخصص بتكنولوجيا المياه والصرف الصحي بألمانيا "IFAT 2024" (صور)    تضامن الدقهلية تنظم ورشة عمل للتعريف بقانون حقوق كبار السن    إيقاف أعمال بناء مخالفة بقرية الأشراف في قنا    سعر الدولار فى البنوك المصرية صباح الجمعة 17 مايو 2024    الجزار: انتهاء القرعة العلنية لحاجزي وحدات المرحلة التكميلية ب4 مدن جديدة    مصر تفوز بحق تنظيم الاجتماعات السنوية للبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية في 2027    رسميا.. تجديد تكليف مي فريد مديرًا تنفيذيًا للتأمين الصحي الشامل    17 مايو 2024.. أسعار الحديد والأسمنت بالمصانع المحلية اليوم    الانتهاء من القرعة العلنية اليدوية لحاجزي الوحدات السكنية ب4 مدن جديدة    وزيرة التخطيط تشارك بافتتاح النسخة الحادية عشر لقمة رايز أب    محكمة العدل الدولية تبدأ نظر دعوى جنوب إفريقيا ضد الاحتلال الإسرائيلي (بث مباشر)    أمريكا: تفريغ الحمولة الأولى من المساعدات على الميناء العائم بغزة    الخارجية الروسية: لا نخطط للتدخل في الانتخابات الأمريكية    ليفربول عن رحيل نجمه: جزء من تاريخنا إلى الأبد    مواعيد مباريات الجمعة 17 مايو.. القمة في كرة اليد ودربي الرياض    بعد تعثره أمام الخليج.. اتحاد جدة خارج دوري النخبة الآسيوي    سيد عبد الحفيظ: مواجهة نهضة بركان ليست سهلة.. وأتمنى تتويج الزمالك بالكونفدرالية    بعد 3 أسابيع من إعلان استمراره.. برشلونة يرغب في إقالة تشافي    بدء امتحانات الشهادة الإعدادية 2024 فى قنا غدا    مصرع ربة منزل ونجليها في حادث دهس أسفل سيارة بعين شمس    دون إصابات.. تفاصيل نشوب حريق بقطعة أرض فضاء في العمرانية    ضبط زجاجات مياه غازية ولحوم مذبوحة خارج السلخانة ببني سويف    الزعيم عادل إمام يحتفل بعيد ميلاده ال84 اليوم    وفاة أحمد نوير مراسل قنوات بين سبورت.. موعد ومكان الجنازة    طارق الشناوي ل «معكم منى الشاذلي»: جدي شيخ الأزهر الأسبق    الإثنين.. المركز القومي للسينما يقيم فعاليات نادي سينما المرأة    دعاء يوم الجمعة المستجاب.. «اللهمَّ اجعل خير أعمالنا خواتمها، وخير أعمارنا أواخرها» ردده الآن    انطلاق قافلة جامعة المنصورة المتكاملة "جسور الخير-21" المتجهة لحلايب وشلاتين وأبو رماد    في 5 دقائق.. طريقة تحضير ساندويتش الجبنة الرومي    مرور مفاجئ لفريق التفتيش الصيدلي على الوحدات الصحية ببني سويف    طريقة عمل الهريسة، مذاقها مميز وأحلى من الجاهزة    «الإفتاء» تنصح بقراءة 4 سور في يوم الجمعة.. رددها 7 مرات لتحفظك    أين وصلت جلسات محكمة العدل الدولية للنظر في دعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل؟    رونالدو يتحدى ميتروفيتش في التشكيل المتوقع لديربي الرياض    الشرطة السويدية تطوق منطقة تتواجد بها سفارة إسرائيل بسبب حادث إطلاق نار    «الأوقاف» تعلن افتتاح 12 مسجدا منها 7 إحلالا وتجديدا و5 صيانة وتطويرا    احذر.. قلق الامتحانات الشديد يؤدي إلى حالة نفسية تؤثر على التركيز والتحصيل    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 17-5-2024 في المنيا    سيولة مرورية وسط كثافات محدودة بشوارع القاهرة والجيزة    الاغتسال والتطيب الأبرز.. ما هي سنن يوم «الجمعة»؟    انطلاق امتحانات الفصل الدراسي الثاني لطلاب الشهادة الإعدادية بالجيزة.. غدا    جيش الاحتلال: اعتراض مسيرة أطلقت من لبنان وانفجار أخرى في الجليل الغربي    يوسف زيدان: «تكوين» امتداد لمسيرة الطهطاوي ومحفوظ في مواجهة «حراس التناحة»    النواب الأمريكي يقر مشروع قانون يجبر بايدن على إمداد إسرائيل بالأسلحة دون انقطاع    بسبب عدم انتظام الدوري| «خناقة» الأندية المصرية على البطولات الإفريقية !    شريف الشوباشي: أرفض الدولة الدينية والخلافة الإسلامية    مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 17 مايو 2024    أحمد السقا يكشف عن مفاجأة لأول مرة: "عندي أخت بالتبني اسمها ندى"    عاجل - أخبار فلسطين.. مصادر محلية: بدء انسحاب قوات الاحتلال من بلدة بلعا بطولكرم    " بكري ": كل ما يتردد حول إبراهيم العرجاني شائعات ليس لها أساس من الصحة    "كاميرا ترصد الجريمة".. تفاصيل تعدي شخص على آخرين بسلاح أبيض في الإسماعيلية    برج الجدى.. حظك اليوم الجمعة 17 مايو: "جوائز بانتظارك"    براتب 1140 يورو.. رابط وخطوات التقديم على وظائف اليونان لراغبي العمل بالخارج    ترقب المسلمين لإجازة عيد الأضحى وموسم الحج لعام 2024    لا عملتها ولا بحبها.. يوسف زيدان يعلق على "مناظرة بحيري ورشدي"    طارق مصطفى: استغللنا المساحات للاستفادة من غيابات المصري في الدفاع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التفسير الثقافي لثورة 25 يناير
الشعراء والروائيون والكتاب ..كيف استلهموا أحداث الثورة؟
نشر في أخبار الأدب يوم 27 - 01 - 2013

تسعي تلك الوقفة مع ذكري أيام ثورة 25 يناير المتجددة، إلي ترسيخ مفهوم االمقاومة»، وبيان كيف بدت متجلية طوال أيام الثورة الثمانية عشرة، حتي سقوط رأس النظام، وكيف هي ثورة ثقافية، فالثقافة هي دوما يؤخذ منها ويضاف، ولكنها باقية بالخبرات الجماعية للجماعات والشعوب وتتراكم..علي العكس من السياسي القابل للتبدل إلي حد الاختفاء كما في تجربة االاتحاد السوفيتي القديمب والفكر االفاشيب وغيره.
إن ثورة 25 يناير هي ثورة ثقافية.. بداية من توظيف تقنية ثقافية جديدة (الشبكة العنكبوتية).. ثم ها هو ذا جيل شاب جديد، أكد مقولات نظرية حول تعريف االمثقفب الجديد مع التقنية الرقمية.. إلي ملامسة أفكار الثورة (دوافعها وتأثيراتها اليومية) سواء لاحظنا ذلك أم تلهينا تلك الأحداث اليومية، التي كثيرا ما تظهر علي السطح، وننشغل بها كثيرا!ثم كان المنتج الثقافي.. بداية من الشعارات التي رفعها الثوار.. إلي التدوينات التي سجلها الجميع علي الفيس بوك والتويتر والمدونات.. إلي افن الجرافيت والكاريكاتيرب علي الأرض والحوائط وشاشة الحاسوب.. إلي جملة ما أبدعه البعض من أشعار وقصص وروايات، فضلا عن فنون الغناء والمسرح والسينما.
أدب المقاومة
لعل أهم محاور ومعطيات أدب المقاومة هو: الحفاظ علي الهوية، والدعوة إلي الحرية، والانتماء لأرض الوطن والقيم العليا فيه. وربما يمكن تعريف زأدب المقاومةس.. ذلك الأدب المعبر عن التجارب الكبري للشعوب، مثل التجربة الحربية، والثورات الوطنية، ومواجهة الاستبداد والظلم وغيره.. وهو زذلك الإبداع المعبر عن الجماعة الواعية بهوتها، الساعية إلي حريتها، من أجل الخلاص الجماعيس كما أن الشبكة العنكبوتية أو الانترنت من خلال أشكال التعامل معها: مواقع، منتديات، صحف الكترونية، مدونات، مواقع اجتماعية، بريد الكتروني.. باتت من الأهمية التي راجت أكثر كثيرا عما قبل، وشعر بذلك رجل الشارع قبل المثقف النخبوي التقليدي.
ولن يخدعنا المصطلح االمثقف»، فقد أضافت التقنية الرقمية شريحة جديدة إلي المثقفين، وأعني مفهوم مصطلح المثقف، الذي لم يعد هو الكاتب أو الأديب أو المفكر أو الأكاديمي أو الفنان فحسب.. بل باتت شريحة عريضة وهامة جديدة، هي تلك التي تضم التقني لفنون الكمبيوتر ومعطيات الثورة الرقمية، وكذلك المستخدم المتفاعل بوعي للشبكة (أيا كان عمره أو تخصصه).
إن دور الثقافة والفن والأدب هام وباق في كل الأحوال، يبدو محذرا للجماعة ولتهيئتهم في مواجهة الأخطار.. حتي وان لم يعد أدبا خالدا؟! أليس من دور الأدب إضاءة الدرب المظلم وإرشاد الغافل, خصوصا أثناء فترات الخطر والقهر والتهديدات الخارجية. والآن ربما يصعب أن نقرر أن أدب المقاومة انفعالي أحيانا, اللهم لو اعتبرنا الأناشيد الحماسية وقت الحروب وطبول الحرب الأفريقية.. غير ذات قيمة!
توظيف التقنية الرقمية
إن كل الظواهر قبل وأثناء ثورة 25 يناير وحتي الساعة، تشير إلي أن البعد الثقافي لعب دورا هاما مع شباب الثورة، خصوصا مع توظيف االإعلام البديل.. وهو ما تجلي في الآتي:
أولا: الإعداد والتجهيز لخروج الشباب في هذا اليوم (وما قبله)، يشير إلي أهمية وأثر ثورة التكنولوجية المعاصرة، في الاتصال والتواصل.. بات الشباب يملك إعلاما بديلا.
ثانيا: لم تكن مطالب الشباب فئوية أو محددة بمحاور لشريحة ما من المجتمع.. وهو ما أسقط مقولة أن الفقر وحدة يمكن أن يكون سببا للثورات.
ثالثا: الآن أصبح السؤال عن الدور الثقافي المتوقع مستقبلا؟.. (يأتي مفهوم الإبداع بعد الثورة الرقمية- هو البحث عن الحلول البديلة والمتجددة في الحياة اليومية).
خطوات تصاعد التفاعلات بالمواقع الاجتماعية كالآتي
- نشر ومتابعة أحداث ما كان لها أن تنتشر وتنشر، لولا تلك الشبكات. و تواصل الشباب حول بعض الموضوعات والأحداث.
و المتابعة لمجريات ما حدث يكشف عن قدر غير هين من الخبرات المكتسبة للشباب، تمت خلال السنوات الخمس الماضية.
و نمو واتساع درجات الاستجابة، سواء في عدد المجموعات وتوجهاتها، إلي درجة يصعب حصرها (لا توجد إحصاءات رسمية). وقد وضح من خلال الممارسة الفعلية، أن اكتسب الشباب صفة التنظيم بالمعني الأيديولوجي. وساهمت تلك الشبكات في خلق »اللغة« بالمعني الأدبي وبالمعني السياسي، لها سماتها، التي اكتسبتها بحدود ثقافة ووعي الشباب.
- يظل التليفزيون له سطوة خاصة إعلاميا، علي الرغم من كل ما سبق.. (45٪ من المتابعين.. بينما كانت نسبة متابعي الانترنت 40٪) و مع ذلك يقول البعض (لقد هزمت مواقع الشبكات الاجتماعية، الحكومات، ونجح الإعلام البديل).
وقد نجح الفيس بوك في تحويل الغضب الافتراضي إلي غضب واقعي. و تعطل موقع التواصل الاجتماعي (الفيس بوك) الأربعاء (26/1/2011) بعد ساعات من إعلان شركة تويتر حجب موقعها في مصر مما أثار علامة استفهام لدي المستخدمين، الذين ربطوا بين تعطل الموقع ومظاهرات الغضب التي اجتاحت الثلاثاء البلاد.. مما حفز الشباب غير المشارك إلي الخروج للمشاركة في ميدان التحرير بالقاهرة. ثم استثمر النشطاء التجمع الكبير للشباب في تعريفهم بحقوقهم القانونية وتدريبهم علي مواجهة الشرطة.. (مثل علاج تأثير الغازات المثيرة للدموع غسل العين بمشروب الكوكاكولا!) و تخصصت صفحات علي الفيس بوك في نقل أحداث يوم الغضب لحظة بلحظة بمقاطع الفيديو والصور والتفاصيل الدقيقة وهو ما أحرج وسائل الإعلام الرسمية.
المنتج الابداعي
»الشعار«: هو العتبة الأولي الواجب التوقف أمامها، للتعرف علي هوية ثورة 25 يناير 2011م.. ليس فقط لكونه أول ما أفرزتها القريحة الإبداعية الجمعية للثوار، ولا لقيمتها الفنية الجمالية: فهي الوليد مجهول الأب، قليلة الكلمات، كثيرة الدلالات.. أشبه بتلك الحكم والمأثورات الموروثة.. ذات إيقاع موسيقي رنان، ذلك الإيقاع القابل للتكرار والتسارع والبطء. االشعارب هو: اموجز دال لفكرة جوهرية أو لمنجز كبير أو لمطلب.. قد يكون بالكلمات، وقد يكون رسما علي منتج ما أو لمهنة ماب خلال ثورة 25 يناير، بدت الشعارات والهتافات متنوعة، في ظاهرها ومحتواها، مثلما كانت متوحدة في الهدف والغاية..
دلالة الشعارات وتصنيفها..
أولا: دلالة المواكبة الزمنية للأحداث..
(1) شعارات تخاطب الشعب: بدأت المظاهرات لعدد قد يصل إلي ثلاثة آلاف شاب أو يزيد قليلا، وقد كانت الشعارات أشبه بمحاولة للتعريف بهوية وأهداف هذه المظاهرة.
(2) شعارات كاشفة لأسباب المظاهرات
- آه يا حكومة هز الوسط.. اكلتونا العيش بالقسط/ آه يا حكومة هز الوسط.. كيلو اللحمة بقي بالقسط/ يا حكومة هشك بشك.. بكرة الشعب ينط في كرشك /ياكلو اللحمة.. ياكلوا فراخ.. وإحنا الفول دوخنا وداخ/ أمن الدولة.. يا أمن الدولة.. فين الأمن وفين الدولة
(3) شعارات حاسمة - ارحل.. ارحل.. ارحل.. (وقد تغلبت علي كل الشعارات السابقة.. حيث كتبت علي الحوائط، وعلي الأرض، وعلي الملابس، بل وعلي الجباه.. بالإضافة إلي الصياح الجماعي بها!).. وبعدها كانت الدعوة بالثأر والانتقام، بعد سقوط أعداد غير متوقعة من الثوار
ثانيا: دلالة تحديد الخصم وفيها بدت الشعارات موجهة بالاسم أو بالصفة، وإجمالا موجهة إلي الخصم بالتحدي: (1) شعارات باسم مبارك وتخاطبه:
- يا مبارك، يا مبارك.. السعودية في انتظارك/ هو مبارك عايز إيه.. عايز الشعب يبوس رجليه.. لا يا مبارك، مش حنبوس.. بكره الشعب عليك حيدوس/ قول يا مبارك يا مفلسنا.. إنت بتعمل إيه بفلوسنا/ كل الناس هنا مش عايزينك.. وأنت يا حسني مش تحس/
(2) شعارات تخاطب زوجته وولديه
ثالثا: دلالة ابرز أسباب الثورة مثل الفقر والفساد:
رابعا: دلالة تفاعلية الشعارات
وهي تلك الشعارات التي ولدت وراجت في مقابل المستجدات علي الأرض..مثل شعارات ردا علي اتهامات وجهها الإعلام للثوار:
الجمال والإبداع
ثانيا: الخصائص الجمالية والأدبية والعامة
و يبدو الشعار فردي الإنتاج إلا انه جماعي الدلالة والمعني.
و دوما يكون مضمون الشعار موافق عليه من الجماعة.
و يتميز الشعار المكتوب (علي الحوائط- الأرض- القماش أو اللافتات الورقية أو القماشية..): و غالبا المفردات عربية فصيحة- قريبة الدلالة، شائعة ومتداولة. و قصر الشعار في عدد كلماته، مباشر في دلالته. و يتميز الشعار المنطوق أو الشفهي، وهو غالبا ما يتم ترديده مع الجماعة: و المفردات غالبا من مفردات اللهجة العامية- ذات إيقاع مريح وموسيقي علي الأذن. و موسيقي التركيبة اللغوية تلعب دورا هاما في تحمس ومشاركة الجماعة.
و أهم ما يعبر عنه الشعار هو المضمون الفكري أو لنقل القضية التي يدافع عنها أو يعلنها
- قد يتشكل الشعار الجامع من عدد من شعارات مفردة.. من أجل توصيل رسالة كاملة (كما في شعار باطل)
رؤية علمية: لقد تناول عالم الاجتماع الفرنسي زجوستاف لوبونس خلال القرن التاسع عشر.. دراسة زدور الدعايةس ووظيفة الشعارات الحماسية فيها، في تكوين تشكيل والتعبير عن الرأي العام، بداية من إثارة الجماهير وحفزهم علي المشاركة في الحشود، إلي تجمع وتعارك تلك الحشود والسعي إلي تحقيق أغراضها.. وانتهي إلي أن تلك الشعارات ليست إضافية ولم توجد في التجمعات الثائرة علي غير داع، بل هي مظهر ووسيلة ومسعي للأنا الجمعية الحاشدة، والأخر الذي توجه إلي الرسالة.
الثورة .. والشعر
تكشف دراسات أدب المقاومة، أن أسبق فنون الإبداع أثناء فترات التجارب الكبري مثل الحروب والثورات ومقاومة الفساد والقهر، هو فن الشعر. فالشاعر وحده هو القادر علي التقاط الآني والتحليق به إلي سماوات بعيدة، دون حاجة إلي فترات زمنية طويلة مثل فن الرواية والمسرحية.وهو ما يبرر كم هائل من الكتابات الشعرية، مقابل كم إنتاج الفنون الأخري، وقد يضيق معها مقام كتابة مقال متعدد الجوانب. وان كانت من محاولة للرصد، فهي أن أغلب الشعر المنشور في وسائل النشر المختلفة، بما فيها الشبكة العنكبوتية، ولعلها في المقدمة منها الآن.. هي:.. غالبا يكتب الشاعر أكثر من قصيدة، ومنهم من نشر ديوانا كاملا خلال السنة.... تنوع مدارس ومناحي الشعر والشعراء في التعبير عن التجربة... بدت مشاركة الشعر العامي، غالبة وبنسبة أكبر من غيرها... تواصلت الأعمال الشعرية الأحداث المتجددة يوما بيوم، وعبرت عنها.. رواج ما يمكن أن نطلق عليه اقصائد قصيرة جداب.
نماذج شعرية
أولا: من قصائد ميدان التحرير
* قصيدة: »عايزين نجرب خلقة تانية« للشاعر: »أحمد فؤاد نجم«
/ ولأننا مش قدها / ولأن فعلا انجازاتك / ت نظرا لأن النعمة فاقت حدهاب
ولأننا غرقنا في جمايل/ مستحيل حنردها / نستحلفك ةة. نسترحمك /
نستعطفك.. نستكرمك / ترحمنا من طلعة جنابك حبتين/ عايزين نجرب خلقة تانية/
(من أشهر القصائد التي رددت بين جنبات الميدان.. فكهه، محرضة، ساخرة، باللهجة العامية البسيطة)
* قصيدة: زأكتب من ميدان التحريرس للشاعر: احسن النجارب
اكان اليوم في تاريخ الأيام جمعة غضب/تصعد المغني والمكبر والسياسي منصة الأداء:/
تتتتت تيروون عن امرأة كانت عاريةً/ إلا من ورق التوت/ شاهدها رجل من ميدان التحرير/
تتتتتت فكَّ عن الرسخين القيدَ/ طواها بين جناحيه/ وألبسها من كل دواليب الأعياد/
تتتتتت ثياب العرس،/ وناداها:/ ايا مرآة الفردوس المفقودب/
* قصيدة زكل ليل وله نهارس للشاعر زإبراهيم عطيةس
زيا بهيه/ ع الر جال المفتر يه/ ف الميدان قال ايه عساكر!/
العساكر مش خوذه وهدوم/ العساكر همه الجنود اللي ضحوا ع الحدود/
اللي جابوا لينا النهار/ اللي زرعوا الأمان ف كل دار/
مهما طال الليل علينا/ وعششت الضلمه ع الميدان/ مش حنيأس/
دا إحنا الجنود/ صرخة الثوار قويه/ فتحت باب الحرية/
التجليات الشعرية للثورة
: تجلت ظاهرة كثرة وشيوع اشعر العاميةب.. ظاهرة غلبة الرواج االغنائيةب قليلة هي القصائد الطويلة.. إلا من قصيدة اأنا صرت غيريب للشاعر: امحمد فريد أبوسعدةب. صدرت القصيدة في كتاب يحمل العنوان نفسه، عن سلسلة اإبداعات الثورة»، هيئة قصور الثقافة.. لا يتضمن الكتاب غيرها.بعض منها:بتري ما هذا الذي سوف يأتي؟»دمي غامق/ كالقطيفة/ ممتلئ بالفراشات/ ممتلئ بسوايا/ الغراب يمر/ وبنظر في/ فهل كنت غيري/ وهل كان قلبي/ مرايا« وهكذا تتابعت القصيدة.
الثور والكاريكاتير
فن االكاريكاتيرب من فنون التعبير، التي أرجعها الكاتب اعادل كاملب في كتابه االكاريكاتير في مصر»، أرجع ظهوره إلي فترة الرسوم الأولية (البدائية) التي أبدعها الإنسان البدائي، منذ آلاف السنين.وقد وضحت القيمة الفنية والمتفاعلة لهذا الفن الجميل في الميدان!لوحات ورقية، حوائط المنازل، جدران الأسوار، الأرض
إسلام.. بطل الصورة التي شاهد العالم فيها الثورة المصرية
هذه الصورة الثورية التي يعرفها العالم في صحفه وشاشاته، وفي متحف اللوفر بباريس وتتألق علي جبين مطار القاهرة وفي الشوارع والميادين .. ولم تخل صحيفة منها كرمز للحالة الثورية المصرية.
بطل هذه الصورة هو الشاب (إسلام شافعي مدين)..إنه يعيش في قرية سنهوت ، مركز منيا القمح بمحافظة الشرقية .خريج كلية التجارة وعمره 27 عاما .. يقول إن هذه اللقطة كانت في الثاني من فبراير 2011 يوم موقعة الجمل.
إسلام هو أحد مصابي الثورة إنه كان في قمة عنفوناه الثوري وهو يلوح بالعلم للعالم بكل مالديه من غضب وفرح في آن وحد!..
يتوهج هذا الفتي وهو يحلم لبلده بالاستقرار والإزدهار والاستمرار
الإسفلتية، بل وأجساد الثوار.. كلها رسمت بأفكار الفن البسيط في رؤيته العميق في تأثيره، فن الكاريكاتير وسط حشد الانفعالات والناس والخيام في ميدان التحرير.ومثلما كانت الشعارات الفاكهة تتابع، والنكات الساخنة تتردد.. كان فنان الكاريكاتير الشاب، يواصل العمل إلي جوار الجميع، بل وزادت مساحات نشر هذا الفن الجميل في الصحف السيارة اليومية، ثم بدت شائعة علي الشبكة العنكبوتية.. إما ترفق بخبر أو مقال أو منفصلة.
القصة القصيرة
لعل المتابع يلاحظ أن أول عمل ابداعي ينشر في كتاب تردد أنه حول الثورة، كان في أوائل مارس 2011، حيث نشرت مجموعة قصص »ثورة الغضب« للقاص »مراد ماهر«. وان نفي الكاتب أن عمله يعبر عن فكرة أدب المقاولات، فالكتاب لا يشبه أفلام السبعينيات، مشيرا إلي أنه وخلال كتابته للعمل عمد علي أن ينأي بنفسه عن الثورية في الكتابة، وكذلك عن أدب المناسبة، فهو لم يؤرخ للثورة بالأحداث إنما المتابع لعمله سيجد أنه يبعد عن هذه الفكرة.
وتتابع نشر القصص في وسائل النشر المختلفة، نلتقط منها، قصة االأريكةب للقاص »محمد محمد مستجاب«.. وترجع أهميتها أنها نشرت في 10-2-2011م قبل تخلي »مبارك« عن الحكم وسقوطه بيوم واحد.
أما القصة الأخري حكاية لا تنتهي« فلها خصوصيتها: أن القاص »محمد مصدق زايد« يبلغ 23 سنة من العمر، ومن ثوار ميدان التحرير، فيما نشرت القصة في 3/3/2011م، وهو ما يعني أنها تحمل توهج اللحظة ومن بواكير ما كتب.
الطريف والهام أن من يقرأ القصة الأولي ثم الثانية، تتكشف أمامه جمله من الملامح الفنية والنفسية التي عاشها المصري بين عهدين!
كما شاركت القصة القصيرة جدا، كشكل قصصي في التعبير عن أحداث الثورة، وباتت من المنتج الابداعي لها، ليس لكونها شكل أدبي ما (فهو شائع الآن) بل من حيث موضوعها، حول شهداء الثورة.
قصص قصيرة جدا (إلي الشهداء).. منها »شامة« للسيد نجم
(النسوة والصبايا تحلقن حول العجوز البيضاء الباسمة، تحفهم بهجة رسم زتاتوس علي ظهور أكفهن، لأنهم يحبونه، سمحوا له وحده أن يقتحم حفلتهن، نظر إلي أمه في صمت.. انقض علي زالقرطاسس سحبه من يد العجوز، وفوق جبهتها الناصعة الصق شامة.. فضحكوا وقهقهوا. أسرع الخطو نحو باب الغرفة، أدار رأسه، قال: زحتي تتذكريني، كلما رأيتي الشامة! انشغل في ارتداء أفضل ملابسه، استبدل ثلاثة أطقم، حتي فرغ من مهمته، خرج..
لحقته أمه تسأله: زأنت رايح تقابل العروسة؟س.. فضحك، ولم تضحك أمه. قبل الساعة الثامنة مساء، بدأت أمه في صراخ مكتوم، في الساعة الثامنة مساء، تابعت الأم أخبار المظاهرات، في حي الأربعين، بعد الساعة الثامنة مساء، لم تعد تصرخ، ولم تتابع القنوات الفضائية، اكتفت بالشامة التي بدت أكثر بريقا، كأنها تتحدي الزمن!
(إهداء إلي مصطفي رجب.. أول شهداء الثورة)
الرواية
تبقي الرواية كجنس أدبي تحمل عبء المرحلة التاريخية للشعوب، عوضا عن الأساطير والملاحم قديما. ولأنها كذلك، ولكونها تحتاج إلي الزمن الأطول والتأمل الأعمق، تأتي دوما بعد الشعر والقصة القصيرة. إلا أن الحدث جلل والجميع يتسابق لتقديم روايته قبل الآخرين.. وقد نشرت بالفعل أكثر من رواية. قدم الأولي الشاعر »أحمد فضل شبلول« في السجل الثقافي لميدل ايست، وهي رواية اشمس منتصف الليلب للروائية »د.أسماء الطناني«.. كما نشر الأديب »محمود قرني« قراءة لرواية »7 أيام في التحرير« للروائي »هشام الخشن»، قدمها علي أنها الرواية الأولي.. وكتب عنها أيضا الشاعر »محمد الحمامصي« فيما بعد.
فيما صدرت أول رواية مصورة تتناول ثورة 25 يناير بالصور، في شهر سبتمبر 2011م.. عن دار »كومكس« للكاتب »محمد هشام عبية«.. حيث تقع في 60 صفحة و150 كادراً من الصور.
وقفة مع رواية »7 أيام في التحرير« تناولت الرواية العديد من النماذج البشرية (رواية شخصيات) إلا أنهم جميعا علي مشترك واحد هو »ميدان التحرير« مكانا، وأيام الثورة (زمانا).. كما يمثلون أطياف المجتمع المصري: ألإخواني والقبطي، ورجل الأعمال، وعضو الحزب الوطني، والثائر الشاب، ثم طالب كلية الشرطة، ضابط أمن دولة..
وفي ميدان التحرير يتفاعل الجميع: الشاب القبطي ينسي خلافه مع الإخواني حول حقوق الأقليات، ويتحدي رغبة والده في عدم الخروج، ويندمج مع جيرانه في الثورة، وان اخبرنا الروائي بعدم رغبته في الهجرة إلي كندا.. رافضا الابتعاد عن مصر.ثم اباسمب وبشيرين»، الشابان المتحابان، وان بدا حبهما متفاعلا مع أعمال الإعداد وتنفيذ الثورة.. تحابا في الثورة. بينما عضو الحزب الوطني عبدالحميد المتزوّج من إلهام عرفيًّا، بمباركة أهلها، حيث تشكو الفقر، وكان أول من فر ليس من الميدان بل مصر كلها!(لعل الروائي يرمز بهذه الفتاة بمصر وقد اقترنت عنوة أو لحاجة بالحزب الوطني) هكذا تتعدد الشخصيات والأحداث، ولا نصنف الرواية بكونها رواية مكان أم رواية شخصيات.. غلب الحدث، وبدت رواية مقاومة، رواية ثورة 25 يناير.
المنجز السردي
لقد أضافت أحداث ثورة 25 يناير 2011م، ورسخت لقيمة السرد، بفضل التقنية الرقمية، وشيوع شبكة الانترنت، حيث تعددت أشكال السرد، وتنوعت سماته: في أنه .. نال السرد غير القصصي والروائي، اهتماما ورواجا غير مسبوق، وهو ما تمثل في فنون: اليوميات- المذكرات- الخواطر- المقال. و توافر التقنية شجع العديد ممن لا يعتبرون أنفسهم من الكتاب أو الأدباء.. علي ممارسة الكتابة.. وهو ما أشرنا إليه في القسم التنظيري، بأن التقنية الرقمية، أضافت وعدلت من تعريف االثقافة والمثقف»، حيث لم يعد هناك القارئ المجرد، بل أصبح القارئ الكاتب هو المتعامل الايجابي مع معطيات الجهاز العبقري الجديد (الكمبيوتر).
لقد اتسمت الكتابات السردية بعمومها، بالقصر في الحجم، والتكثيف بعرض الفكرة مباشرة، مع استخدام المفردات العامية، والبعد عن المصطلحات (إلا المتخصص وهم نسبيا قليلون). و شاعت النصوص المصورة: الصور الفوتوغرافية- لقطات الفيديو- أفلام موبيل.. (مع شيوع الأفلام التسجيلية المتاحة علي الشاشة الزرقاء عن الثورة).. بينما أصبحت الكلمات المرفقة بالمقال قليلة، فقط لإبداء رأي أو لبيان أهمية النص المصور. ولأن جيل الثورة، هو جيل الانترنت (70٪ من مستخدمي جهاز الكمبيوتر والشبكة العنكبوتية من عمر 15 حتي 35 سنة) ما يجعلنا نتوقع المزيد من نشر النصوص حول الثورة (وتطورات أحداثها)
كلمة أخيرة
بعد عامين من انجازها، فان الإبداع حول ثورة 25يناير، لم ينقطع وان تشكل بمزيد من الرؤي.
لقد كانت إرهاصات الثورة جلية لمن يري ويسمع ويقرأ، وفي كل الفنون والآداب، ولعب دوره في تشكيل الوجدان (وان لم يكن مباشرا أو ملحوظا.. فهو إما باسما أو غامضا، حتي يتلاشي صاحبة قبضة السلطة).
أما أثناء فترة اندلاع الثورة، فكما الإبداع في كل التجارب الشعبية الكبري، معضدا وحافزا وقد يبدو تسجيلا ومباشرا أحيانا، وله دوره في حينه.
وعندما تتجلي الغوامض وتتحقق بعض الآمال، سوف تفرز إبداعات الثورة أريجها الفني المتعارف عليه.
حديث مع التحولات والأيام والثقافة والسياسة والمجتمع
الشاعر الكبير أحمد عبد المعطي حجازي يختص (أخبار الأدب) بهذا الحديث
أيها المؤرخون.. لا تكذبوا النقاد تحولوا إلي تجار شنطة..!
ما أحوجنا الآن إلي من يحدق في الأفق لعله يري ما لا نري بامتلاكه حدس زرقاء اليمامة ..
وما أشد احتياجنا إلي من يمد بصيرته قبل بصره في نفق اللحظة الراهنة لعله يجد علي نار التوهان هدي..
وما أحر رجائنا وما أطول انتظارنا إلي عدسة كاشفة لما وراء هذا الواقع الذي تطغي متغيراته علي ثوابته..
وهل يمتلك هذ ا الحدس إلا شاعر كبير بحجم أحمد عبد المعطي حجازي؟
وهل يملك هذه العدسة إلا مفكر كبير مثله، دخل مع الأيام في تحديات، ما بين انتصار وانكسار، هزم وانهزم ، غالب الظروف وغالبته، وذهبت الالتباسات السياسية والاجتماعية ليبقي الأصيل والجوهري.
(أنتم الناس أيها الشعراء).. شطر بيت أبدعه أمير الشعراء أحمد شوقي، فصار مثلا سائرا، دالا علي عمق تجربة الشاعر، وأن الإبداع الأدبي والفني هو القوة الناعمة التي لا تعرف الانطفاء، ولا تعترف إلا بالتوهج، وأن المبدع هو الأطول عمرا والأبقي فكرا، والأكثر أثرا وتأثيرا.
ذهبنا الي الشاعر الكبير أحمد عبد المعطي حجازي.. قضينا ثلاث ساعات في صومعته الإبداعية بمصر الجديدة.. فتح لنا قلبه وفكره وذاكرته.. تطارحنا معه الكثير من الأمور الشائكة.. استخرجنا من محيطه الإنساني لآلئ من الحب والشعر والعذاب والعذوبة والسياسة والثقافة والوجدان والأفكار والذكريات والتحولات ، والإنسان والزمان والمكان، في المسافة المتحركة ما بين أول طلعة شعرية في أجواء الخمسينيات حتي الومضة التي يعيشها الآن، وما بين الطلعة والومضة ارتحلنا مع الأمواج وارتطمنا بالأشواق واستقطرنا من الأشواك بعض الورد ، بعض الوقت ، بعض الفكر، بعض الزمن، وآراء ورؤي ومواجهات ، وقفا عند بعض المحطات التي انتظمت مسيرته، ومرورا ببعض النقلا التي شكلت صيرورته، وأطروحات حادة وجادة جذورها في كينونته، وثمارها في سيرورته..
هو الشاعر الذي ساهم في تشكيل قوام القصيدة الحديثة والمعاصرة بروائعه التي تجلت في ديوانه الأول ( مدينة بلا قلب) مدينة بلا قلب 1959 - أوراس 1959 - لم يبق إلا الاعتراف 1965 - مرثية العمر الجميل 1972 - كائنات مملكة الليل 1978 - أشجار الإسمنت 1989- طلل الوقت2009- ترجمة مختارات من هذه الأعمال إلي العديد من اللغات منها :الفرنسية والإنجليزية والإسبانية واليونانية والروسية وغيره
وهو الكاتب الذي وضع علي رفوف مكتبة الدراسات الفكرية والأدبية :محمد وهؤلاء 1971. مختارات من شعر إبراهيم ناجي وخليل مطران 1972- عروبة مصر 1977. حديث الثلاثاء »جزءان« . الشعر رفيقي 1990. أسئلة الشعر 1991 - أحفاد شوقي 1992- قصيدة لا 1993- علموا أولادكم الشعر 1995- شجرة حياة 1996- قال الراوي 1997.
وهو المفكر الذي يشارك في المشهد الثقافي بعضويته في الكثير من النوافذ والمنافذ، فهو حاليا رئيس تحرير مجلة إبداع الشعرية، ورئيس بيت السناري، وفي المشهد العام بكتاباته ومقالات وأحاديثه ووجوده، في المهرجانات الأدبية والمؤتمرات الفكرية هنا وفي كثير من العواصم العربية والعالمية، وهذا النشاط تتوجه جوائز وأوسمة مثل جائزة كفافيس في الشعر، عام 1990 وجائزة الشعر الأفريقي، عام 1996 وجائزة الدولة التقديرية في الآداب من المجلس الأعلي للثقافة، عام 1997.
المثقفون تنبأوا بثورة يناير
وحرضوا عليها ودفعوا الناس إليها
بدون الثقافة يمكن خداع الناس وتضليلهم
يا للروعة!
الكلمة تنمو بالدمعة..
وأخذت الكلمة جنب القلب..
قربت الكلمة من شوقي ..
شوق الانسان الي الخضرة والحب..
ونما حرف.. عانق حرفا .. كتب الجنة! ..
الكلمة تنمو بالدمعة..
مطلب ثوري
بدأت المحاورة من اللحظة الراهنة، بما يتجادل فيها من ثنائيات ومتناقضات ومفارقات .. لكن ومضة التنوير هي التي أشعلت الجلسة، باعتبارها قضية ممتدة وممدودة وبدونها لا نستطيع المضي قدماً.. كيف تري تلك القضية بعيون المثقف الناصح، وحاجة المجتمع اليها أشد من أي وقت مضي. أليس كذلك أستاذ أحمد عبد المعطي حجازي؟
- نعم هو كذلك .. فالتنوير هو الأساس.. وهو شرط للتقدم، وبالتالي هو مطلب ثوري، لان الطغيان يتأسس علي الظلام، فلا نستطيع التحدث عن الثقافة، أوعن الاقتصاد، أو عن السياسة، أو عن الحاضر، أو عن الماضي، أو عن المستقبل، إلا بناء علي أفكار صحيحة، من ناحية انها معلومات وليست خرافات، ومن ناحية أخري أنها انسانية لها طابع انساني، لأن من الممكن أن توجد حقائق صحيحة، ولكنها غير نافعة .. فعلي سبيل المثال: الموت حقيقة لكن لا يجب التركيز عليه كما ينبغي التركيز علي الحياة، والماضي حقيقة لكن لا يجب الرجوع والعودة إليه ولكن يجب اقتحام المستقبل .. وهكذا .. التنوير قضية أساسية وانسانية.. وأظن أننا كمسلمين وكمصريين يجب أن نستفيد من إنجازات وتقدم الغرب في مجال من المجالات، لابد أن نستفيد منه مثلما فعل الأوائل فهم خرجوا واستفادوا.. فتعلموا في بلاد الشام، و مصر والعراق والمغرب، والهند، والأندلس، وفارس، وأحسنوا الكثير من اللغات وترجموا منها .. الي آخره.
يقبل الوقت ويمضي
دون أن ينتقل الظلُّ
وهذا شجر الأسمنت ينمو
كنبات الفِطْرِ
يكسو قشرة الأرضِ
فلا موضعَ للعشبِ
ولا معني لهذا المطر الدافقِ
فوق الحجرِ المصمَتِ
لا ينبت إلا صدأ
أو طحلبا دون جذورْ
رواد التنوير
والشيء بالشيء يذكر.. إذا كان رواد التنوير مثل محمد عبده والطهطاوي ومن تلاهم من موجات تنويرية متلاحقة طرحوا قضاياهم ووجدوا حلولا لمشاكلهم علي ضوء معطيات العصر.. فإننا الآن نعود ونستعيد طرح نفس القضايا، ولكن بدون رؤية ولا رؤيا، فكيف يمكن تقبل هذه المفارقة؟
- لم تتعرض مصر في فترة من الفترات لاغتيالات الأشخاص فقط، بل أيضا طالت الاغتيالات الثقافة، ما حققناه في القرنين الماضيين علي أيدي رواد التنوير الذين ذكرتم بعضا منهم ، تم اغتياله، وكذلك ما حققته ثورة 1919 وهي التي أسست للدولة الوطنية والنظام الديمقراطي الذي يقوم علي الثقافة الوطنية، التي تحققت بالفعل علي يد رواد حركة التجديد والاجتهاد في الفكر الإسلامي الذي يلبي احتياجات المصريين في القرن التاسع عشر والقرن العشرين التي كانت مختلفة في ذلك الوقت..
علي سبيل المثال السؤال الذي طرح علي الإمام محمد عبده: موقف الإسلام من الفن.. لم يكن قد طرح من قبل لكنه طرح وحسم، الآن الانقلاب الذي حدث أعتبره اغتيالا للقرنين الماضيين، وفي اعتقادي أن هذا اغتيال للنهضة، ولم يبدأ الآن، وإنما في حقيقة الأمر هو بدأ منذ عام 1952 والمفارقة أن السلطة عندما وصلت لحكام من أصول مصرية عام 52 وهم هؤلاء الضباط الذين توالوا علي السلطة الي أن قامت ثورة 25يناير 2011 فقدت مصر منذ ذلك التاريخ معظم مكاسبها خاصة النظام الديمقراطي.
صحيح أن الثقافة المصرية لم تمت في الخمسينيات والستينيات، لكن هذا بفضل الثلاثينيات والأربعينيات، الواقع أن القضايا والأهداف والشعارات التي رفعت في القرنين الماضيين صحيح انها تراجعت، لكنها لا تزال ترفد، كل ما هنالك اننا نواجه قوة سياسية تريد أن تواصل اغتيال ما حققناه في مجال المرأة، والأدب، والعلم، واللغة العربية.. اقرأ اللغة العربية التي كان يكتب بها الجبرتي أو كان يقرأ بها الشرقاوي القديم.. وقارن بينها وبين اللغة العربية الآن.. بالفعل المجتمع يكاد يكون ضحية للتحولات، لكن يجب أن يعمل المجتمع علي تقوية مؤسساته وتقوية الأحزاب وتقوية التنظيمات السياسية وتقوية النقابات والصحافة الحرة وتنمية الثقافة المستقلة.
نحن قد نغفو قليلا ،
بينما الساعة في الميدان تمضي
ثمّ نصحو .. فإذا الركب يمرّ
و إذا نحن تغيّرنا كثيرا ،
و تركنا عامنا السادس عشر
كان حلمي أن أظلّ اللّيل ساهرا
جنب قنينة خمر
تاركا شعري مهدول الخصل
مطلقا فكري في كلّ السبل
أتلقّي الوحي من شيطان شعري
طريق الصحافة
لا نمو بدون جذور.. وخطواتك الأولي نحو المعرفة بدأت في عمر مبكر.. فماذا عن هذه الجذور التي شكلت اتجاه الشاعر والإنسان في تكوينك ؟
- أنا ولدت عام 1939 بشبين الكوم، وبدأت مرحلة التشكيل والمعرفة في أوائل الأربعينيات وأنا عمري أربع سنوات في الكتاب لأحفظ نصف القرآن الكريم وأنا في السابعة من عمري، وأختم المصحف وأنا في التاسعة من عمري، وتدرجت بمراحل التعليم حتي التحقت بدار المعلمين، واعتقلت عام 1945 لمدة شهر بسجن أراميدان وأنا طالب بمدرسة المعلمين لأني شاركت في مظاهرات بشبين الكوم، وتخرجت من دار المعلمين عام 55 لكن لم يتم تعييني مدرساً بسبب هذا الاعتقال.. الأمر الذي غير مسار حياتي ودفع بي الي طريق الصحافة.. نزحت للقاهرة وكنت في العشرين من عمري.. والتحقت بالعمل لفترة قصيرة بدار الهلال ثم التحقت بمجلة روزاليوسف لأجد بها مناخاً مختلفاً يعوضني عن فقد الأهل والأصدقاء، وفي عام 56 بدأت مجلة صباح الخير نشاطها ، لألتحق بها محرراً معدوداً لتكون نقلة هامة جداً في حياتي..
أما النقلة الأخري التي حدثت لي هي كانت في الفكر والسياسة، بالرغم من أني كنت أعبر عن تحفظاتي إزاء السلطة و كنت معاديا لجمال عبدالناصر، لكني نقلت نفسي من معسكر المعارضة لمعسكر التأييد بداية من تأميم قناة السويس، عندما استشعرت إنجازات للحكم، حتي أني تطوعت للقتال في بورسعيد..
فأنا الذي عالجت نفسي بالهوي ،
كي تخرج الكلمات دافئة الحروف
و أنا الذي هرولت أيامنا بلا مأوي ، بدون رغيف ،
كي تخرج الكلمات راجفة ، مروّعة بكلّ مخيف ،
وأنا ابن ريف
ودّعت أهلي وانتجعت هنا ،
لكنّ قبر أبي بقريتنا هناك ، يحفّه الصبّار
و هناك ، ما زلت لنا في الأفق دار ؟
في مدينة بلا قلب..
مابين ديوان »مدينة بلا قلب« حتي آخر ديوان لك «طلل الوقت».. مسافة طولها ستون عاماً هل يمكن أن تكثفها في محطات محددة ..انتظمت رحلتك مع الشعر والأيام والزمن والتحولات..؟
- أما عن المحطات الشعرية فقد بدأت رومانتيكيا، متأثرا بالشاعر محمود حسن اسماعيل وكان موقفي حتي سلبيا إزاء التجارب الأولي التي قرأتها في الشعر الجديد وبالذات، حتي قرأت قصيدة عبدالرحمن الشرقاوي بعنوان من أب مصري إلي الرئيس ترومان.. هذه قصيدة فيها مقاطع غنائية وفيها مقاطع سردية وفيها الحوار وفيها شخصيات مختلفة.. فتحت لي طريق حسن الظن بالتجديد لاذهب إليه بصورة طبيعية ودون قصد.. فكتبت .. وكانت أول مجموعة شعرية كتبتها بعنوان مدينة بلا قلب وقد جسدت معاناتي من القرية للمدينة،..
ثم ديوان »أوراس« الذي جسد انفعالي بالثورة الجزائرية وانفتاحي علي العالم العربي عندما بدأت أنشر قصائدي في مجلة الآداب البيروتية عام 1956 وأصبحت معروفاً خارج مصر، وبدأت فكرة ايماني القومي والوحدة العربية.
أما المجموعة الثالثة التي كتبتها بين عامي 63 و 64 بعنوان »لم يبق إلا الاعتراف« متأثراً بحرب اليمن والشهداء الذين فقدوا بتلك الحرب.استمرت تلك الفترة حتي عام 1967 التي هزت الكثير من المسلمات التي كنت أؤمن بهاو، وكنت أدافع عنها في قصائدي وفي أعمالي وكتاباتي بشكل عام، وحتي في حياتي، فكتبت متأثراً بالهزيمة قصائد ديوان »مرثية للعمر الجميل«.
أما عن انتصار اكتوبر فكتبت قصائد عديدة للنصر لكن لم أجمعها بديوان.. ثم سافرت لباريس عام 1974 وكتبت ديوان مملكة الليل وديوان أشجار الأسمنت..
يا أيّها الانسان في الريف البعيد
يا من يصمّ السمع عن كلماتنا
أدعوك أن تمشي علي كلماتنا بالعين ، لو صادفتنا
كيلا تموت علي الورق
أسقط عليها قطرتين من العرق ،
كيلا تموت
فالصوت إن لم يلق أذنا ، ضاع في الصمت الأفق
و مشي علي آثاره صوت الغراب !
كلماتنا مصلوبة فوق الورق
لمّا تزل طينا ضريرا ، ليس في جنبيه روح
و أنا أريد لها الحياة ،
و أنا أريد لها الحياة علي الشفاه
تمضي بها إلي شفة فتولد من جديد !
لماذا تلجأ الي المقال الصحفي بالقراء هل هو الأكثر اقتراباً من الناس والأسرع وصولاً الي المتلقي،، نسألك وفي الذهن


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.