أعلنت جائزة بوكر القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية عن إختيار رواية الكاتب المصري إبراهيم عيسي (مولانا) ضمن الروايات التي جاءت بالقائمة وهي: ( أنا وهي والأخريات) للكاتبة جنا فواز الحسن من لبنان، (القندس) للكاتب محمد حسن علوان من السعودية ، (ساق البمبو) للكاتب سعود السنعوسي من الكويت ،(سعادته .. السيد الوزير) لحسين الوادمن تونس، وأخيرا (يا مريم) لسنان أنطون من العراق . أعلنت القائمة القصيرة للجائزة في حفل تخلّله عرض موسيقي لمجموعة وجد الموسيقيّة التونسيّة. وشهد الحفل حضور السيّد مهدي مبروك وزير الثقافة التونسي، السيّد جوناثون تايلر رئيس الأمانة العامّة لجائزة البوكر والذّي أبرز عن أمله في تحقيق أهدافها في نشر الرواية العربيّة العالميّة عن طريق ترجمته وتيسير نشره وتوزيعه عالميّا. عبّر أيضا عن الالتزام الدائم للجنة تحكيم الجائزة باستقلاليّتها ونزاهتها في اختيار المواهب الروائيّة العربيّة بغضّ النّظر عن جنسهم, معتقدهم, بلدهم أو شهرتهم. سبقت الحفل ندوة فكريّة يوم الخميس 3 يناير 2013 للتعريف بالجائزة، والتّي استضافتها تونس لأوّل مرّة، قُدمت خلالها قراءات لبعض الروايات المرشّحة ضمن القائمة الطويلة -والتّي تمّ الاعلان عنها منذ مدّة بالإعلام العربي والعالمي- أمّنها الروائي كمال الرياحي، الشاعر آدم فتحي والباحث والناقد العادل خضر. كذلك تقديم للروايات المترشّحة للقائمة القصيرة يوم الجمعة 11 يناير 2013 بشارع الحبيب بورقيبة قدّمه صالون اناس الديكامرون الثقافي بشارع الحبيب بورقيبة انطلق حفل الاعلان بمؤتمر صحفي مع ممثّلي الجائزة الذين تولّوا الاعلان عن أعضاء لجنة التحكيم لسنة 2013 وهم : السادة والسيّدات :جلال أمين كرئيس- أكاديمي وكاتب مصري، صبحي بستاني أكاديمي وناقد لبناني, علي فرزات فنّان سوري ورئيس رابطة رسّامي الكاريكاتور العرب, بربارا ميخالك بيكولسكا أكاديميّة بولنديّة مختصّة بالأدب العربي, وزاهية اسماعيل أكاديميّة ذات اختصاص مزدوج في الأدب العربي القديم والجديد. دار النقاش مع لجنة التحكيم حول آليّات ومقاييس الاختيار هذا العام، ومدي تميّز بعض الروايات. كذلك حول برنامج مشروع البوكر في التعريف بالرواية العربيّة عالميّا، كذلك ورشات الكتابة السرديّة بعدها تمّ الافصاح عن القائمة القصيرة للروايات الستّ المرشّحة للفوز بالجائزة لسنة 2013، تتحصّل كلّ منها علي 10000 دولار، علي أن يعلن عن الفائز بالبوكر هذا العام في شهر أبريل.. في قراءة أولي للنتائج، نلحظ استبعاد روائيّين كبار حظروا في القائمة الطويلة ولم تحظ روايتهم بدخول القائمة المتوّجة. أبرزهم المتحصّل علي الجائزة في العام الماضي ربيع جابر وأسماء كبيرة أخري مثل واسيني الأعرج، الياس خوري، ابراهيم نصر اللّه وغيرهم... تطرح الرواية الفائزة في أغلبها مشكل الهويّة في اطارها العام في البلاد العربيّة. الأقلّيات الدينيّة والعرقيّة، المرأة أو نقد للقضايا الداخليّة أو لبعض الممارسات. في اطار جنس روائيّ محبوك ويتضمّن العديد من التقنيات والاستلهامات من الفنون الأخري. أنا هي والأخريات مثّلت هذه الرواية لمؤلفها جني فواز الحسن مفاجأة بوصولها إلي القائمة القصيرة، لكنّ قارئها يلامس عمق القضيّة التّي تتناولها ويتعاطف مع بطلة الرواية الرئيسيّة، التّي تعبّر عن وضعيّة المرأة العربيّة في صراعها من أجل اثبات شخصيّتها في مجتمع شرقيّ منغلق سحر بطلة الرواية امرأة تدعي »سحر« تنشأ في ظلّ والدين متناقضين. الأب شيوعي لم يتقبّل سقوط الاتّحاد السوفييتي ومازال غارقا في أمجاده أبعد ابنته عن الفكر الاسلامي، أمّا الأمّ فمنعدمة الشخصيّة وممتثلة للصورة النمطيّة للمرأة التقليديّة التّي لا يجوز تغييرها. تحسّ »سحر« بالوحشة والفراغ, ومع استيهاماتها الجنسيّة تهرب إلي زوج تقليديّ سامي- وأرادت أن تبني أسرة تكون فيها صورة مغايرة لأمّها. إلاّ أنّها تصطدم بتعنّت الزوج وكبته وذكوريّته مفضّلا نمط الزوجة التقليديّة الذّي تعوّد عليه، ما جرّها للبحث عن الحبّ خارج اطار الزواج. اتّسم العمل بالابتكار في بنائه الفنيّ، تضمّن تحليلا ناجحا في نفسيّة المرأة عبر نظرة فلسفيّة عميقة مع تعاطف نفسيّ قويّ. إذ تحاول الكاتبة ملامسة تناقضات الذات البشريّة من خلال هويّة نسائيّة، انسانيّة في رؤيتها، تعرّضت فيه إلي طرح أسئلة حول وضع المرأة العربيّة ومحاولات تخطّيها كمّ المحظورات التّي تراكمت عبر السنين في المجتمعات الشرقيّة. القندس رواية الكاتب السعودي محمّد حسن علوان تدور الأحداث بين مدينة الرياض في السعوديّة وبورتلاند الأمريكيّة. يخوض فيها البطل اغالب الوجزيب رحلة عكسيّة في تاريخ عائلته يمرّ خلالها بسيرة ثلاثة أجيال من تاريخ أسرة اوجزيب التّي نشأ في كنفها نشأة مأزومة بين أبوين منفصلين وإخوة لا تجمع بينهم إلاّ حيطان البيت. بفرّ »غالب« من مدينته في خيبة الأربعين إلي مدينة بعيدة في هجرة اختياريّة يحاول أثناءها ترميم ذاكرته بقصص مبتورة مستعينا بحيوان القندس الذّي رافقه أثناء رحلات صيد السمك علي ضفّة نهر ويملات. تتداخل معه أثناء ذلك علاقته الملتبسة بعشيقته »غادة« التّي ظلّت تزوره كلّما استطاعت أن تغادر زوجها في أماكن مختلفة بين مدن العالم لسنوات طويلة. جاء العمل في لغة بسيطة-بعيدا عن الشعريّة الغالبة علي الأعمال الأخري لعلوان- مع توظيف للهجة الحجازيّة التّي أثرت البناء السرديّ. تميّز أيضا بتعدّد الشخصيّات وتداخلها عبر تنوّع في تقنيات السرد والمواضيع، مع توظيف محكم للقندس كنواة في بناء الأحداث والشخصيّات. ساق البمبو رواية للكاتب الكويتي سعود السنعوسي، تعالج قضايا ما يسمّون »بالبدون« في الكويت ومشكل الهويّة بصفة عامّة.وذلك عبر شخصيّة الرواية اهوسيه مندوزاب أو عيسي الطاروف الذّي ولد من أب كويتيّ من عائلة عريقة وخادمة فليبينيّة، علاقة فضّل رشاد السنعوسي وفقا لمبادئه وأخلاقه كمثقّف أن تقنّن بعقد زواج لكن جُوبه يرفض العائلة، ما دفع بالأمّ جوزفين- بالرّحيل إلي بلدها الأصلي. يكبر هوسيه في وضع اجتماعيّ يتّسم بالخصاصة والفقر، لكنّه يحلم بالعودة إلي الكويت. يتمكّن فعلا من العودة بمعونة صديق والده الذّي قضي نحبه بغزو العراق للكويت. لكنّ أمام رفض عائلة والدة »الطاروف- يعود إلي الفليبين ويتزوّج من ابنة خالته لينجب طفلا يسمّيه علي اسم والده. يتميّز العمل بحبكة ولغة متينتين. يحاول الكاتب أن يعالج قضيّة الهويّة المزدوجة كمسألة جديرة بالاهتمام، الفليبينيّة -بلد الأمّ- بما تعيشه أيضا من صراعات لغويّة ودينيّة - المسيحيّة، الاسلام والبوذيّة- وقضية »البلا جنسيّة« في الكويت وخاصّة العمالة الأجنبيّة المضطهدة. رواية تنمّ عن بحث واستقصاء في تاريخ الفليبين- من خلال الروائي الكويتي اسماعيل فهد اسماعيل- واقامة السنعوسي بها. كذلك تعتبر رؤية أخري وتعرية لبعض جوانب التاريخ الكويتي المعاصر. سعادته... السيّد الوزير «هي رواية الكاتب التونسي حسين الواد. يسائل من خلالها الواقع السياسي التونسي في العهد السابق. عبر مرافعة خطيّة لأحد الوزراء المتّهمين في محاكمته بالفساد، بعد أن رفض المحامون الدفاع عنه. الوزير نقابيّ سابق ومعارض للنظام حوّله ابن خالته رئيس الوزراء الفاسد إلي وزير اللموارد الطبيعيّة والممتلكات«، مستغلاّ حالته الاجتماعيّة المتدهورة، إلي خادم مطيع وأداة للنظام لبيع ممتلكات الدولة والتفريط فيها للقطاع الخاصّ بأبخس الأثمان، رغم أنّه لم ينتفع بهذا الامتياز. بعيدا عن اللّغة المنبريّة والسياسيّة-فيها من السخرية والهزل الشيء الكثير- توغّل الكاتب في خبايا السياسة معرّيا فساده الأخلاقيّ عبر استعمال شبكات الدعارة كمحرّك أساسي للقرارات السياسيّة. الأخلاق التّي تعتبر حمقا سياسيّا. رواية طريفة، جديّة اضافة إلي لغتها المتينة رغم أنّها كتبت قبل الثورة التونسيّة. سيرة انحطاط الطبقة الحاكمة أمام المال والعاهرات، وبعض الأساليب القذرة للوصول للجاه والسلطة. مولانا لابراهيم عيسي وهذه الرواية بطلها حاتم الشنّاوي، شخصيّة الرواية الأساسيّة، فقيه وعالم دين يبتسم له الحظّ فيصبح نجما للإفتاء بأحد البرامج التليفزيونيّة، إذ يبدأ السرد بوصف حاتم قبل أن يدخل الاستوديو، في غرفة الماكياج، مشهد يحمل تناقضا شهرة جعلته يدخل عالم المال والاغراء والسلطة، أي يخضع فتاويه لاملاءاتهما في أحيان كثيرة. شخصيّة تتميّز بقربها ومحاكاتها لعديد الشخصيّات الواقعيّة، أي شيوخ الافتاء الذّين غزوا عديد القنوات باثّين بعض الأفكار المغلوطة والمتمتّعين بعديد الامتيازات. رواية تكشف عن خفايا البيئة المغلقة للمجتمع المصري . استعمل فيها الكاتب أسلوبا مرحا،هزليّا ومشوّقا مع بنية روائيّة متينة مستندة علي بحث واستقصاء عميقين يحسبان لابراهيم عيسي. رواية تحمل قضيّة معاصرة، حسّاسة وخطيرة، عالجها الكاتب بأسلوب يحمل بعدا جماليّا مميّزا. عمل بسيط وعميق مثل أعمال شارلي شابلن. يا مريم رواية الكاتب العراقي سان أنطون تبدأ بوصف لصورة السيّدة مريم، وتنتهي بعبارة »يا مريم« آخر ما تلفّظ بها يوسف زهدي قبل موته في تفجير كنيسة ببغداد، شهادة روتها ابنة أخيه مها لإحدي المحطّات التليفزيونيّة. تتّسم بنية الرواية بالاتّزان، التشويق مع بلاغة عميقة للصورة. انتقال بين الماضي والحاضر بكلّ سلاسة عبر عصور العراق منذ استقلالها, بالارتكاز علي وصف لصور فوتوغرافيّة تؤرّخ لتاريخ وعلاقات الشخصيّة يوسف - وكأنّك بصدد تصفّح ألبوم صور - ومراوحة بين استخدام اللّهجة العراقيّة في الحوار والعربيّة الفصحي للسرد وبعض الاستشهادات الشعريّة.