وعرفت لماذا تصحو فجرا قبل استيقاظ الطير (للطير شجار ممتد ونقاش متصل عن أين ستبني الأعشاش، وماذا تأكل أفراخ خمصت؛ وحديث في همس عمن سيسافد من). الآن فهمت لا يحسن بالإنسان الخائف أن يغشي كلتا عينيه النوم أو أن يستسلم للحلم الخائف حارس ليلٍ، ذئب، رادارْ صفارة إنذارْ الخائف إغفاءات عابرة - عين مغلقة والأخري ساهرة - وقرونُ استشعارْ فحذار، لإنك لا تدري من أين يجئ الخطر حذار. هل يوجد ضيف بالباب؟ أفذلك طرق أم نقر أم وقع خطي في الدهليز أم همهمة أم حمحمة أم نهنهة ونحيب مكتومٍ ؟ هل ثمة طفل مظلوم؟ أم أن غرابا أسحم مجروحا يستنجد بك؟ أنداء لا تدري من أين أتي يدعوك؟ انهض وافتح بابك. وتطل وتفرك عينيك لا شيء سوي الصمت المطبق إلا من نبض الساعة في قلبك. هذا اللغط الليلي أيصدر عنك ذكري لمآس دامية وقعت بالأمس؟ أنات تعرب عن حزن مختزن في قلب مكلوم؟ أم أصداء وافدة من خلف مجرتنا لعواء نجوم كانت تهوي منذ ملايين السنوات الضوئية في هوة عدم ليس له من قاع، مقبرة للنور؟ أصوات كانت في الماضي غامضة مجهولا مصدرها تأتيني اليوم موقعة وعليها خاتم خصم أعرفه وأفاوضه أن أمهلنا أياما يرفع فيها عبء الخوف لأغني في مدح الأعناب علي أغصان مثقلة تدعو للسكر، وأزهار تتعبد خاشعة للشمس، وجنيات، ها هن الحسناوات أتين خفافا يسعين إلي أحضان البحر.