د.جمال أبو السرور هو عالم من طراز خاص، لديه أكثر من 350 بحثا في أمراض النساء والولادة والعقم، والقضايا السكانية، والأخلاقيات البيولوجية،وهو أيضا طبيب ناجح، يشعر بالسعادة كلما ساهم في خروج طفل جديد للحياة،وإلي جانب علمه الغزير هو أيضا عاشق للزراعة، يحمل الفأس ويزرع الأرض،ويشعر بنفس السعادة كلما رأي ثمرة جديدة تولد في الأرض. هو د.جمال أبو السرور أستاذ أمراض النساء بجامعة الأزهر،ومدير المركز الدولي الإسلامي للدراسات والبحوث السكانية،والحاصل علي جائزة النيل هذا العام. • ...................؟ - أنا من محافظة قنا،والدي كان رجل أعمال، يمتلك مع جدي وكالة أبو السرور لتجارة الحبوب والغلال،أما أمي فتوفيت وعمري 3 سنوات،وهو ما ساهم في اعتمادي علي نفسي منذ صغري،كنت أصغر إخوتي الثلاثة،فقرر أبي عدم الزواج والتفرغ لرعايتنا.. حينما أصبح عمري 6 سنوات، قرر أبي الاستقلال عن والده،فأخذني معه للقاهرة،لأبدأ حياة جديدة بعيدا عن أسرتنا الكبيرة. • ...................؟ - رغم انشغال أبي بالبيزنس،كان يبذل كل جهده لرعايتي،وكان أهم شئ عنده التزامي الدراسي،وأنا من ناحيتي كنت متفوقا في الدراسة،وأيضا في الرياضة، وخاصة لعب الكرة. • ...................؟ - مازلت أذكر مدرسة الجمعية الخيرية الإسلامية في شارع الخليج،بمدرسيها العظام،وملاعبها الضخمة التي كنا نمارس فيها كرة القدم والسلة وتنس الطاولة،أذكر أيضا مطعم المدرسة الذي كان يقدم لنا وجبات ساخنة مجانا. • ...................؟ - كان أبي يريدني طبيبا،أما أنا فكنت أخطط للعمل كدبلوماسي أو محامٍ،ولكن حدث لي موقف غيّر مجري حياتي،فخلال انتظاري لنتيجة الثانوية العامة مع والدي،أصبت فجأة بآلام شديدة بالبطن،فأسرع أبي إلي حكيم الأسرة د.صابر بسطا،فأعطاني علاجا اختفي معه الألم فورا،فشعرت فجأة أن الطب«حاجة جميلة جدا» وقررت أن أصبح طبيبا،وظهرت النتيجة وكنت من أوائل الثانوية العامة،والتحقت بطب القاهرة. • ...................؟ - بعد تخرجي وحصولي علي الماجستير وإنجاز الجزء العملي من رسالة الدكتوراة،شاركت كطبيب في حرب 1967، وكنا نستقبل الجرحي القادمين من سيناء، وبعد النكسة شعرت بالإحباط مثل الجميع،وقررت السفر،وكنت من أوائل الأطباء الذين سافروا،وذهبت لانجلترا،تاركا ترشيحات لعدة وظائف في جامعات اسيوط والأزهر والقاهرة،وحصلت من انجلترا علي الزمالة واثنين دكتوراة من الكلية الملكية لأمراض النساء بلندن، والكلية الملكية للجراحين في أدنبرة باسكتلندة. • ...................؟ - كان أمامي فرصة للبقاء في مستشفي هامر سميث والحصول علي الجنسية الإنجليزية، أو الانتقال لبنسلفانيا في أمريكا، لكني عدت للقاهرة بدعوة من أستاذي د.فؤاد الحناوي الذي انتقل من جامعة القاهرة للأزهر لتأسيس قسم أمراض النساء والولادة، وطلبني للعمل معه.وفي نفس الوقت قام زميلي د.حاتم العسقلاني ببعثة إلي بلجيكا واختارني لأقوم بعمله في عيادته فاضطررت للبقاء في مصر. • ...................؟ - العلم والحياة الزوجية يلتقيان،فالاستقرار يساعد علي التفرغ والإنجاز، وبعد رجوعي لمصر كنت مضربا عن الزواج، لكن الأصدقاء رشحوا لي فتاة خريجة أداب انجليزي،فتعارفنا وتفاهمنا،وتم الزواج،وأنجبنا ولدين وبنتا، الأول طبيب يعمل معي في مركز أطفال الأنابيب،والثاني درس الحقوق في كندا ويعمل في منظمة شئون اللاجئين في عمان، وابنتي درست علم الخلايا في الجامعة الأمريكية وماجستير علم الأجنة من أوكسفورد. • ...................؟ - الصداقة مهمة جدا في حياتي،وأهم شروطها الإخلاص،وأن تكون سندا للصديق في شدته، وأنا والحمد لله محظوظ بمجموعة رائعة من أصدقاء العمر، أولهم د.شريف مختار زميل الطفولة والصبا والمدرسة والعمر، ود.محمد أبو الغار الصديق وشريك الكفاح حيث بدأت صداقتنا عام 1964 بقسم النساء بقصر العيني،ثم أسسنا أول مركز لأطفال الأنابيب في الشرق الأوسط عام 1986، وشهد ميلاد »هبة الله» كأول طفلة انابيب في مصر 1987. ومن أصدقاء العمر أيضا د.عماد عامر طبيب أمراض صدرية في كندا، ود.بهجت قرني رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية للمنطقة العربية،ود.محمد عبد الرحمن موسي أستاذ الباطنة بعين شمس. • ...................؟ - أنا وأصدقائي نستشير بعضنا في المشكلات والمواقف الفاصلة في حياتنا، ونشعر بالفرح لفوز اي منا بجائزة أو تكريم، ود.أبو الغار كان أول من أبلغني بفوزي بالجائزة، • ...................؟ - «أنا صحيح لفيت العالم..لكني في الأصل صعيدي» لهذا جمعت في تربيتي لأبنائي بين التمسك بالقيم، والانفتاح الفكري،فأنا أوجه وأنصح، ثم أتركهم يعتمدون علي أنفسهم، وحينما قرر ابني الثاني ترك كلية الطب بعد عدة شهور من الدراسة،وتغيير مجاله إلي دراسة السياسة بالجامعة الامريكية لم أعترض، وحينما قرر بعدها أيضا السفر لكندا لدراسة الحقوق، تركته يقرر مستقبله. • ...................؟ - لدي ثلاثة أحفاد هم أغلي ما عندي، أكبرهم نازلي 5 سنوات، ويضيف ضاحكا: زوجتي تؤكد للجميع أنني «خاتم في صباع نازلي..يعني ببساطة مش ممكن أرفض لها طلب» • ...................؟ - بعيدا عن الطب لديّ هوايات كثيرة، أمارس التنس بانتظام،وأمشي 3 أيام أسبوعيا 6 صباحا، وأعشق الموسيقي وأتابع حفلات الأوبرا، وأتابع مباريات كرة القدم العالمية التي يشارك فيها محمد صلاح، وأتمني أن يكون الاعلام المصري أكثر واقعية بعيدا عن العواطف، فنحن كثيرا ما نتحدث عن صلاح باعتباره قائد ليفربول والمسئول عن كل إنجازات وإخفاقات الفريق، وهذه المبالغة تحمّله مسئولية غير واقعية تضره أكثر مما تنفعه. • ...................؟ - أهم هواياتي هي الزراعة، فقد كنت من أوائل من اشتروا أرضا صحراوية في النوبارية واستزرعوها عام 1980،وكنت أحمل الفأس وأزرع بنفسي، وأشعر بسعادة غامرة وأنا أراها تثمر، وهو ما يتفق مع تخصصي كطبيب أمراض نساء، أشهد ميلاد أطفال جدد كل يوم،وقد توسعت في هذه الأرض،وزرعتها كلها حتي أصبحت الآن جنة،أهرب إليها لأقضي بها أسعد أوقاتي كلما وجدت الفرصة والوقت.