شاهد.. هتافات حماسية من الجماهير خلال مباراة بيراميدز وسيراميكا كليوباترا    تشكيل باريس سان جيرمان لمواجهة نيس في الدوري الفرنسي    الحكومة تكشف تفاصيل جديدة عن وصول 14 مليار دولار من أموال صفقة رأس الحكمة    وكلاء وزارة الرياضة يطالبون بزيادة مخصصات دعم مراكز الشباب    بعد تشغيل محطات جديدة.. رئيس هيئة الأنفاق يكشف أسعار تذاكر المترو - فيديو    أبومازن: اجتياح قوات الاحتلال رفح الفلسطينية كارثة يدفع ثمنها الأبرياء    وزارة النقل تنعى هشام عرفات: ساهم في تنفيذ العديد من المشروعات المهمة    مخاطر الإنترنت العميق، ندوة تثقيفية لكلية الدعوة الإسلامية بحضور قيادات الأزهر    وزارة النقل تنعى الدكتور هشام عرفات وزير النقل السابق    رئيس المعاهد الأزهرية يتفقد بيت شباب 15 مايو لاستقبال طلاب ثانوية غزة    المشدد 7 سنوات لمتهم بهتك عرض طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة بكفر الشيخ    «جوزي الجديد أهو».. أول تعليق من ياسمين عبدالعزيز على ظهورها بفستان زفاف (تفاصيل)    طاقم عمل A MAD MAX SAGA في العرض العالمي بمهرجان كان (فيديو)    «الشعب الجمهوري» يهنئ «القاهرة الإخبارية» لفوزها بجائزة التميز الإعلامي العربي    أمير عيد يكشف ل«الوطن» تفاصيل بطولته لمسلسل «دواعي السفر» (فيديو)    هل الحج بالتقسيط حلال؟.. «دار الإفتاء» توضح    أمين الفتوى يحسم الجدل حول سفر المرأة للحج بدون محرم    خالد الجندي: ربنا أمرنا بطاعة الوالدين فى كل الأحوال عدا الشرك بالله    رئيس جامعة المنصورة يناقش خطة عمل القافلة المتكاملة لحلايب وشلاتين    يكفلها الدستور ويضمنها القضاء.. الحقوق القانونية والجنائية لذوي الإعاقة    "الزراعة" و"البترول" يتابعان المشروعات التنموية المشتركة في وادي فيران    الكويت تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الاحتلال الإسرائيلي للامتثال إلى قرارات الشرعية الدولية    محافظ مطروح: ندعم جهود نقابة الأطباء لتطوير منظومة الصحة    زياد السيسي يكشف كواليس تتويجه بذهبية الجائزة الكبرى لسلاح السيف    بث مباشر مباراة بيراميدز وسيراميكا بالدوري المصري لحظة بلحظة | التشكيل    رغم تصدر ال"السرب".. "شقو" يقترب من 70 مليون جنية إيرادات    جامعة قناة السويس ضمن أفضل 400 جامعة دولياً في تصنيف تايمز    الطاهري: القضية الفلسطينية حاضرة في القمة العربية بعدما حصدت زخما بالأمم المتحدة    إصابة 4 مواطنين في مشاجرة بين عائلتين بالفيوم    رجال أعمال الإسكندرية تتفق مع وزارة الهجرة على إقامة شراكة لمواجهة الهجرة غير الشرعية    مدعومة من إحدى الدول.. الأردن يعلن إحباط محاولة تهريب أسلحة من ميليشيات للمملكة    الزراعة: زيادة المساحات المخصصة لمحصول القطن ل130 ألف فدان    فرحة وترقب: استعدادات المسلمين لاستقبال عيد الأضحى 2024    إصابة عامل صيانة إثر سقوطه داخل مصعد بالدقهلية    «تضامن النواب» توافق على موازنة مديريات التضامن الاجتماعي وتصدر 7 توصيات    الحكومة توافق على ترميم مسجدي جوهر اللالا ومسجد قانيباي الرماح بالقاهرة    ماذا قال مدير دار نشر السيفير عن مستوى الأبحاث المصرية؟    أبرزها «الأسد» و«الميزان».. 4 أبراج لا تتحمل الوحدة    مفتي الجمهورية من منتدى كايسيد: الإسلام يعظم المشتركات بين الأديان والتعايش السلمي    تحديد نسبة لاستقدام الأطباء الأجانب.. أبرز تعديلات قانون المنشآت الصحية    صور.. كريم قاسم من كواليس تصوير "ولاد رزق 3"    إسرائيل تتحدى العالم بحرب مأساوية في رفح الفلسطينية    أمين الفتوى: الصلاة النورانية لها قوة كبيرة فى زيادة البركة والرزق    الصحة: تقديم الخدمات الطبية ل898 ألف مريض بمستشفيات الحميات    حكم وشروط الأضحية.. الإفتاء توضح: لا بد أن تبلغ سن الذبح    للنهائى الأفريقي فوائد أخرى.. مصطفى شوبير يستهدف المنتخب من بوابة الترجى    قطع الكهرباء عن عدة مناطق بمدينة بنها الجمعة    "النقد الدولي" يوافق على قروض لدعم اقتصاد غينيا بيساو والرأس الأخضر    «الأمن الاقتصادي»: ضبط 13238 قضية سرقة تيار كهربائي ومخالفة لشروط التعاقد    الصحة تشارك في اليوم التثقيفي لأنيميا البحر المتوسط الخامس والعشرين    ضبط 123 قضية مخدرات في حملة بالدقهلية    أحمد مجدي: السيطرة على غرفة خلع ملابس غزل المحلة وراء العودة للممتاز    بعد الصين.. بوتين يزور فيتنام قريبا    تشاهدون اليوم.. نهائي كأس إيطاليا وبيراميدز يستضيف سيراميكا    وزارة العمل: 945 فرصة عمل لمدرسين وممرضات فى 13 محافظة    قيادي ب«حماس»: مصر بذلت جهودا مشكورة في المفاوضات ونخوض حرب تحرير    بشرى سارة للجميع | عدد الاجازات في مصر وموعد عيد الأضحى المبارك 2024 في العالم العربي    ريال مدريد يكتسح ألافيس بخماسية نظيفة في ليلة الاحتفال بالليجا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الروائي ابراهيم عيسي:
عايز حقي من الأدب
نشر في أخبار الأدب يوم 19 - 11 - 2012

في نهاية الحوار سألته: ماذا تريد من الأدب؟ لم يتفاجأ الرجل من السؤال، بل لعله كان يتوقعه- أو هكذا بدا- الكاتب الذي قدم أكثر من ست روايات صودرت إحداها بمجرد صدورها كان يتوقع استقبالا مختلفا من الوسط الذي لم يجد منه إلا التجاهل، في المقابل وبعد أن تحقق في مكان آخر »الصحافة« أصبح لا يعبأ كثيرا بهذا الوسط، لذا بمجرد أن سألته عما يريده من الأدب قال دون أن يفكر »عايز حقي«. طلبت التفسير ففسر: أريد ما أراده فتحي غانم، ويوسف إدريس، ومحمد المخزنجي، وعلاء الأسواني، أريد حق التعبير والتفاعل والصدي.
صدي ربما وجده إبراهيم عيسي عند القارئ الذي حول أعماله إلي »بيست سيللر« لكنه لم يجده حتي الآن- عند النقاد »لن انسي أن مقتل الرجل الكبير وهي في ظني رواية مهمة لم يكتب عنها ناقد مصري حرفا واحدا، لا أقول مقالا، وهي حتي لو سيئة تستحق وأستحق أن يٌكتب أنها كذلك«. علاقة ملتبسة يفسرها هو بعدم رغبة البعض في التعامل معه ومع غيره من »المتحققين« بمنطق »كفاية عليهم الشهرة« لكن ليس هذا فقط »هناك أيضا خوف وجبن من الكتابة عن رواية موضع مصادرة وملاحقة، وعدم ابتلاع وهضم للشكل المختلف عن الشكل الذي يكتبونه، لأن لدينا أزمة في الوسط الذي تتحدث عنه يريد من الجميع أن يكتب بطريقتهم رغم أن الاختلاف هو الغني الحقيقي« طريقتهم هذه كانت تحتاج بالطبع إلي تفسير سألته ووضح: »أن نكتب جميعا عن الصنايعية والمهمشين الذين لا يقرأون وهذا شيء غريب في نظري، وأنا أعتقد أني قدمت عدة أشكال روائية وأجتهد، لكن مع قلة النقاد وزيادة المزاجية في عملهم فلم أحصل علي حقي«.
انا صعلوك قديم
ليلخص إبراهيم عيسي أزمته مع الوسط الثقافي المصري فيقول:" أنا لا أجلس علي مقاهيهم وأظهر في التليفزيون فأصنف تصنيفاً مختلفاً، فبعضهم يعتقد أن الأدباء يجب أن يكونوا علي المقاهي طوال الوقت، ويؤسفني أن أقول إنهم لا يقرأون يعتقدون أن الأديب يجب أن يكون مهمشاً ومحبطاً وغير متحقق، ويا حبذا لو مطلق، هذا نموذج الأديب بالنسبة لهم، لكن لو نظرت للمجتمعات الأخري ستجد أن أعظم الروائيين عكس هذا النموذج تماما، أدباء المقاهي ليسوا هم الأدباء العظام، والكلام الذي يقال عن الفنانين والكتاب الذين ضحوا من أجل الفن وأنهم ماتوا ولم يكونوا يجدون الطعام هذا كله كلام فارغ وفلكلور، فتحي غانم لم يكن هكذا، ولا يحيي حقي ولا نجيب محفوظ، هل كان يقضي يوسف إدريس يومه كله علي المقهي؟!«
يدخل أحدهم ببروفة لإحدي صفحات »التحرير« ينظر إليها بدون تدقيق. يهدأ قليلا ويقول: »أنا أقصد المقاهي المسماة بمقاهي المثقفين، فالمقاهي العادية أنا طبعا من روادها، فأنا صعلوك قديم، وبشكل عام الجميع أصدقائي، لكن بحكم السن والمهنة أصبحت أجلس علي مقاهي أخري، ومجتمعي تغير قليلا، ونموذج المثقف عندي يختلف عن المحبط المنكسر، لكن هذا لا يمنع أني أحب كتاباتهم وأحترمها وأنشر لهم جميعا«.
ورغم ذلك كله ينفي إبراهيم عيسي ابتعاده عن الوسط يقول إنه ومنذ صدور روايته السادسة »أشباح وطنية« وهو متواجد في أغلب الندوات والمؤتمرات، يعرف كل جيله ويقرأ للجميع »إذاً ما الذي يفوتني؟ ورشة الزيتون، والاتيليه مثلا؟« يسأل هو، وأقول: ليس هذا فقط أنت غير متواجد حتي في المجلس الأعلي للثقافة باعتباره ممثلا للثقافة الرسمية، فيعيدني لنقطة التجاهل »مؤتمر الرواية مثلا لم أكن أدعي إليه أساسا، حتي روايتي مقتل الرجل الكبير وضعت بضع ساعات ضمن الكتب التي تعرضها ميريت ثم تدخل الأمن ومنعها، وفي فترة مبارك ربما كان وجودي مستفزا للبعض«.
هل كونك صحفيا معارضا أثر علي استقبالك كروائي؟ قبل أن أنهي جملتي قال إن تلك هي لب المشكلة، التي يعاني منها، هو وغيره من الصحفيين الذين يكتبون الأدب »الراحل العظيم رجاء النقاش كان يحبني وراضياً عني، حكي لي مرة أنه كتب عن فتحي غانم عدة مقالات لكن أحمد بهاء الدين رفض نشرها لأن هناك إحنا بين الاثنين« مثال لما يمكن أن يصنعه التواجد في الوسط الصحفي للأديب، يكمل: »التواجد في الوسط الصحفي يصنع إحنا كثيرة للروائي، بمعني أني أتورط كصحفي ورئيس تحرير وربما دون أن أدري في تجاهل أشخاص، أو عدم الاحتفاء بهم كما يتصورون (يمكن مسلمتش علي حد كويس) فيأخذون مني موقفا«.
دعاة علي مقاعد الحكم
»مولانا« ربما تكون نقطة انطلاق جديدة في حياة إبراهيم عيسي كروائي فالرواية التي لم يمض علي صدروها أسابيع قليلة حققت مبيعات قياسية ونفدت طبعاتها الثلاث وستصدر خلال أيام طبعتها الرابعة »هذه هي جائزتي الحقيقية، فخلال 100 يوم من صدور الرواية وزعت 10 آلاف نسخة واعتقد أن هذه سابقة وهذه أعظم جائزة يمكن أن أحصل عليها«.
وكأن الجوائز ليست ضمن طموحاتك كروائي؟ أسأله ويجيب: »في عالم الأدب المصري لم يكن هناك جوائز، المسألة انتشرت مؤخرا، وأنا عمري 47 سنة يعني بالتأكيد لم يكن لدخولي الأدب أي علاقة بالجوائز، واعتقد أن جيلي كله كذلك، الجائزة ليست أفضل شيء، وليست سيئة بطبيعة الحال، أنا حصلت علي جائزة أفضل صحفي في العالم هل يعني ذلك أن كل صحفيي العالم سيئون في هذا العام وأني أخذت جائزة تقاعدي؟ بالتأكيد لا لذلك أنا أضعها في الدرج ولا أعلقها علي الحائط حتي لا أذّكر نفسي بها، كما أني حصلت علي جائزة جبران تويني وجائزة نقابة الصحفيين، لكن في الأدب لم آخذ جوائز ربما لأنه لم تكن هناك سوي جائزة الدولة التشجيعية والتقديرية ولا أتذكر إن كنت قد قدمت فيها أم لا«.
لنتحدث عن "مولانا". رواية عن شيوخ الفضائيات، والتنصر، والصراع الاسلامي المسيحي، والصراع بين المذاهب الإسلامية نفسها، بعد ثورة وبعد كل التداعيات التي نعيشها، هل تأخر الموضوع، أم انك استغرقت في الكتابة؟
الكتابة عن الثورة عمل مبكر جدا، لأن الكتابة في قلب الحدث مسألة في غاية الصعوبة، كيف أنضج مشروعا روائيا له عمقه ودلالاته وأنا مستغرق في الحدث كمعلق سياسي وكاتب، وأعتقد أن الكتابة عن الثورة الآن ستنتج عملا مسطحا فضلا عن أن »مين قال أن الثورة تصلح رواية« ربما رواية كابوسية (يضحك) ويكمل: الرواية في نظري عن مصر، وهي كما هو واضح من الثورة لم تتغير كثيرا، بل لعل ما بعد الثورة أشد سوء، لأن الفضائيات الدينية احتلت دور البطولة؛ الدعاة جلسوا علي مقاعد الحكم والنظام السياسي الفردي الاحتكاري لايزال قائماً، الصراع السني الشيعي يتأجج، الصراع الإسلامي المسيحي يتأجج، فحقيقة الأمر أنه إذا ما بدا أن الرواية ليست عن الثورة فهي تقول أن الثورة ستفشل في تغيير المجتمع متي كان المجتمع هكذا كما أوضحت وفصلت وحللت الرواية.
انتهيت من الرواية في مارس 2012 أي بعد الثورة بأكثر من عام ورغم ذلك تنتهي أحداثها عند تفجير الكنيسة، هل فكرت في تجاوز ذلك والإشارة لما حدث خاصة وان الرواية تحمل إشارات واضحة علي الفساد السياسي، والنظم الأمنية القمعية؟
هناك فيلم اسمه »الحموات الفاتنات« أنتج سنة 52 ووقت تصويره قامت الثورة، موضوع الفيلم بعيد تماما عن الثورة، ورغم ذلك انتهي الفيلم بأن ينتشر جميع أبطال الفيلم في ممرات مستشفي وينشدون »الاتحاد والنظام والعمل« نشيد هيئة التحرير! أنا لا يمكن أن أفعل ذلك مطلقا. بالضبط كما فعل يوسف السباعي في رواية »جفت الدموع« الرواية عن رئيس تحرير يحب مطربة، الرواية 400 صفحة أول 10 صفحات عن الوحدة مع سوريا، ثم تبدأ أحداث الرواية الحقيقية حتي آخر 10 صفحات تظهر مجددا مسألة الوحدة مع سوريا! هذه ليست نصوصاً روائية هذه نصوص تسجيلية، تستحق التوقف عندها كحدث تاريخي وليس كنص روائي.
لكنك قدمت أحداثا حقيقة في السياق الروائي كحكاية الشيخ ميخائيل وتفجير كنيسة القديسين وشخصية علي الكعكي الذي يتشابه تماما مع رجل أعمال بهذه المواصفات؟
لا توجد أحداث حقيقية هناك تاريخ، حكاية الشيخ كامل منصور تاريخ، والكنيسة التي تم تفجيرها في الرواية في قلب القاهرة وليست القديسين علي الإطلاق، أما الكعكي فهذا »لبس« غريب ولو في يدي تعديله في اي طبعة جديدة سأفعل فورا، هذه مصادفة غريبة فعلا، لا أعرف هذا الشخص ولم أقابله علي الإطلاق وبالتأكيد لا أقصده في الرواية. وبشكل عام لو أريد تضفير الواقع كان الأولي أن أقدم الثورة.
في »مقتل الرجل الكبير« و»أشباح وطنية« استخدمت الرمز، هنا أنت تلجأ إلي المباشرة الصريحة. ما الذي اختلف؟
اعتقد أنه علي الأقل في »مقتل الرجل الكبير« لم يكن هناك ترميز، حتي نظام مبارك نفسه فهم أنه لا يوجد ترميز، صحيح لم اكتب اسم الرئيس لكن كان واضحا أن النص كله حول الرئيس. والحقيقة أنني لم استخدم الرمز هنا كما في الروايات السابقة، لكن ما حدث أني بدأت الكتابة في 2009 وانتهيت 2012 هذا امتداد كبير ولو فرضت حياتي الشخصية والواقع أنفسهما علي النص كانت أشياء كثيرة ستتغير عبر هذه السنوات الثلاث، فأنا بدأت كتابة »مولانا« وأنا رئيس تحرير »الدستور« ثم محكوم عليه بالسجن،
ثم مفصول من رئاسة تحرير »الدستور« ثم »صايع« في البيت، كتبت ومبارك في عز مجده وكتبت و انتخابات 2010 يتم تزويرها، وكتبت أثناء الثورة، وفي ظل المجلس العسكري، وبعد الانتخابات الرئاسية، فلو كان النص الروائي عبارة عن مرآه عاكسة لأحداث يومية تضرب بعمقها أو بسطحها الكاتب فلن يكون لها أي معني علي الإطلاق، وربما ندخل بذلك في المنطقة الصحفية التي أمارسها يوميا، ومشبع بها، ومتميز فيها، ليس لدي جوع للكتابة في هذه المناطق، ربما لو كان روائي من الروائيين غير الصحفيين أو ممن لا يكتبون بشكل منتظم في الصحافة، ربما سيكون لديه شغف التعليق السياسي من خلال النص الروائي لكن أنا ليس لدي هذا الشغف بالطبع، بل علي عكس ما يقال فكل رواياتي لا علاقة لها ب"الروح الصحفية" لأني مشبع بها تماما.
تقييم الثورة
تتحدث في الرواية عن الرئيس وأولاده، والأجهزة الأمنية وعن أمن الدولة تحديدا تكتب الأسماء دون مداره لو لم تكن قامت ثورة بالتأكيد كانت المسألة ستختلف؟
الرواية لم يتغير فيها شيء نتيجة تغير الواقع السياسي، باستثناء شيء واحد أو كلمة واحدة وهي »ابن الرجل الكبير» أصبحت »ابن الرئيس« والحقيقة أنني أريد أن أبرئ الرئيس وعائلته من تصورات البعض الخاطئة عن النصوص الروائية، ما كتبته ليس حقيقة هذا نص روائي يجب أن يكون هذا واضحا، ولا أعرف لماذا يصر البعض علي معاملة النصوص الروائية باعتبارها حقائق مطلقة، هناك تخييل روائي للواقع، لكن هناك خيال محض البعض يقرر أن يعامله كواقع.
هذه مسألة واضحة، ما أسأل عنه هي مساحة الحرية التي أتاحتها لك الثورة؟
واضح أن تقييمك للثورة يختلف عن تقييمي، الثورة في نظري لم تنجز، ولم تغير جذوراً، بالعكس زادت مساحة الإحباط، ثانيا أنا كنت حرا قبل الثورة، لم أكن مقيداً لا بقيود الواقع أو قيود النشر ولا أي قيود، وكنت أتحمل نتائج حريتي، وبعد الثورة لم يجد علي شيء، مازلت حرا، الثورة لم تضف أو تنقص من حريتي. ربما يجوز هذا الكلام علي كاتب لم يكن علي خطوط النار، مغرما بالكتابة عن البطل المهزوم أو عن »رواية المنزل« والحياة الشخصية والمهمشين وصبي المكوجي، والحقيقة أني لم أكن مشغولاً بهذا إطلاقا، والروايات العظيمة ليست بالضرورة سياسية أو مشغولة بعالم السياسة، يمكن أن تكون قصة حب.
كما أن الرواية في نظري لا تقاس بمقاييس الحرية. أنت تحدثني عن المستقبل في حين أنا مشغول بكتابة رواية عن التاريخ، أنا مشغول فعلا بالرجوع لمرحلة اغتيال الصحابي عثمان بن عفان الخليفة الراشد، وأبحث عن ترجمة روائية لأحداث الفتنة الكبري، لأني طوال الوقت أعمل علي الجذور وهي جذور عفنة في الواقع، مثلا العلاقة بين مذاهب الإسلام، التطرف والتشدد والغلو، السلفيين والوهابيين وأنصار الدولة المدنية، كل هذا مشاكل في الجذور والحلول لاتكون إلا بعلاج هذه الجذور من أصل »الخراج« لأن العلاج من علي السطح لايفيد في شيء.
الانشغال بالحكاية
الواضح انك انشغلت بالحكاية بشكل مبالغ فيه إلي حد ما، ربما بتأثير المباشرة فالرواية لاتقدم أي حيل أو ألاعيب فنية..
مقاطعا: لا أعرف المقصود بالألاعيب الفنية، لكن هذه هي الرواية كما أحبها، الرواية المعرفية، أو رواية الفضاء المعرفي. الرواية التي لاتقدم فقط حكياً أو سرداً لكن تقدم معرفة، تستضيفك في عوالم مختلفة ومتناقضة، تبحر فيها وتدفعك دفعا للعودة إلي الأصل المعرفي. أسعدني مثلا الشباب الذين قرأوا الرواية ثم بدأوا البحث في المعتزلة وعلم الكلام وتفسير القرآن، هذه هي الرواية النموذجية بالنسبة لي، وحاولت أن أحقق في »مولانا« طموحي في الرواية المعرفية، فأجمل فن هو ما يجمع السرد الروائي مع الأفق المعرفي.
من الحيل الفنية مثلا أن يكون هناك أكثر من صوت، الرواية صوت واحد، ولا توجد أي فواصل..
حاولت أن أحافظ علي الصوت الروائي بنفس النغمة 550 صفحة، وغياب الفواصل تعبير عن زخم الأحداث وتوتر الواقع، وعالم حاتم الشناوي (بطل الرواية) الذي لا يهدأ أبدا، الرواية عن شيخ فضائيات وليس عن أي شيء آخر، وما يحدث هو عالم شيخ الفضائيات الذي يتماس مع الفن والسياسة والرياضة وأمن الدولة وليس رغبة في عمل قوس واسع لرصد الحياة السياسية في مصر. ترجم هذا الشخص في صورة أي شيخ فضائيات ستجد أنه شامل لهذا كله دون افتعال.
الرواية أيضا بها جانب بحثي كبير جدا، فلكي تطرق هذا العالم المعرفي وتعمق فكرتك كان لابد من جهد، ومجموعة الكتب والأبحاث التي قرأتها من أجل كتابة هذه الرواية أضعاف مضاعفة للرواية نفسها، ولو تركت نفسي لتوسيع الفضاء المعرفي ربما زادت عن الألف صفحة، ومسألة الأصوات المتعددة قدمتها من قبل في "أشباح وطنية" والعوالم الميتافيزيقية قدمتها في »العراة«.
بما أنها رواية معرفية كما تقول فربما كان من الضروري توضيح المصادر التي اعتمدت عليها خاصة وان الرواية تطرح بعض الأفكار الصادمة في الدين، دون ذكر واضح للمصادر، هل اعتمد علي تسامح القارئ باعتبار أنها رواية. وهل تمرر آراءك في هذه القضايا مستغلا الشكل الروائي؟
دخولي مشروعا روائيا يكون مقصود به العالم الروائي فقط، وهذه الرواية مثلا تتحدث عن المنطقة الدينية وليست بحثا في الأديان، لأن لدي كتبا منفصلة في الدين.
أما المصدر فهو حاتم الشناوي. الرواية المعرفية تدفعك للمعرفة وليست كتابا في المعرفة، كما أن كل هذه الأفكار صادرة عن شخصية روائية جهدك كقارئ أو باحث أو ناقد أن تبحث عن دقة وصحة وسلامة ومنطقية هذه الأفكار »تشغل مخك حتي برفضها« وليست تقديم كراسة مراجع تحول النص الروائي لكتاب، خاصة وان 95٪ من هذه الأفكار هي صياغة حاتم الشناوي وليست صفحات محددة في كتب. وتم الرجوع إلي ثبت المراجع في موقعين فقط موقع الأحاديث لأنه شخصية رقمية، وفي قصة »الشيخ ميخائيل« عرضت نصوصاً من مذكرات الشيخ ميخائيل وفعلت ذلك لغرابة القصة واندهاش الناس من حدوثها، وضعتها لمزيد من توثيق المعني من خلال النص.
الحقيقة أن النص من وجهة نظري لم يخدم الرواية في الحالتين، وبدا الأمر وكأنها مقالات دينية مطولة؟
هذا رأي أحترمه طبعا. لكن أنا قرأت النص عدة مرات بعد الانتهاء منه، وكان لدي هذا الهاجس »كنت خايف أكون مزودها في بعض المناطق« لكن بالنسبة لنص الشيخ ميخائيل فأنا أنقل من مذكرات بها جانب إنساني مثير جدا للتأمل، وهذا المشهد لم يتعد 4 صفحات في الرواية وكان يقاطع النص حوارات ونظرات وإحساس بوليسي إلي حد ما. أما بالنسبة للمعتزلة فظهرت في منطقتين وأقصي فقرة لم تتعد الصفحة ونصف الصفحة، كما أن البطل شيخ يعني في حياته العادية يمكن أن يتحدث في الدين طوال الوقت، وهو يشرح المعتزلة لزوجته وصديقته وكأنة في برنامج تليفزيوني. »وبعدين أنا كاتب النص وأدري به، وأقول أنه لا توجد مطولات ولو عملنا قياس كمي سأكون أنا أدق«. يضحك
هناك طرق أخري لوضع المعلومات الهوامش مثلا؟
ربما عندما لاتكون المعلومات من بنيه الشخصية أو الرواية، الأمر مختلف هنا كما أن هذه طريقة وتلك طريقة، المنهج الذي اتبعته موجود في »اسم الوردة« و»شفرة دافنشي« و»ملائكة وشياطين« و»عزازيل« وهذا هو المنهج السيد وليس السائد في رواية الفضاء المعرفي.
لنتحدث عن اللغة. استخدمت الفصحي في مواقع كان يفضل فيها استخدام العامية..
مقاطعا: لو جلست مع الشيوخ ستجد أن هذه هي طريقتهم في الحديث العام، يمكن أن »يهزر« بالفصحي ويمكن أن يتحدث بها في بيته مع زوجته وهذه هي الشخصية الروائية، ووالدي كان مدرسا للغة العربية وأعرف كيف يستخدمون اللغة. وإذا أردت أن تتأكد شاهد أي شيخ يتحدث في الفضائيات، الشعراوي مثلا راقب كيف يدمج الفصحي في العامية، واسميها العامية الفصيحة وهي لغة يبدو من منطوقها أنها عامية لكنها في الأصل فصحي.ن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.