ما أسباب الخصومة التى وقعت بينك وبين الأديب الراحل جمال الغيطانى والتى انتهت بتصالحكما بعد هجوم كبير ومعارك وفوز بجائزة الدولة التقديرية؟ هكذا لخصت الزميلة انتصار دردير فى كتابها «فاروق حسنى يتذكر.. زمن من الثقافة»، ما دار على صفحات جريدة «أخبار الأدب» التى أسسها جمال الغيطانى، من اختلاف للرؤى حول المشهد الثقافى المصرى فى فترة تولى فاروق حسنى وزارة الثقافة، لم تر سوى أن هناك معارك انتهت بصلح وجائزة. هكذا يمكن تلخيص سنوات من عمر جريدة فى سطرين، معناهما أن هناك مصالح قد حكمت رؤية من يرأس تحريرها، وعندما وصل لمبتغاه توقفت المعارك. إذا كان السؤال قد صيغ بهذه الطريقة، فكيف كانت الإجابة من جانب الوزير السابق: « وكأنه حصل على استراحة محارب أجاب قائلا: حين تم ترشيح جمال الغيطانى أعطيت صوتى لإبداعه، وليس لشخصه، وفعلت نفس الشىء مع بعض من فازوا بها، وكانوا فى خصومة شديدة معى، مثل فاروق جويدة، د. نعمات أحمد فؤاد، لأنى أنظر لعطاء المبدع وليس إلى تصفية حساب معى، جمال الغيطانى - يرحمه الله - كان صديقى قبل أن أتولى الوزارة، وبعد الوزارة علم أنى سأصدر جريدة ثقافية فجاء يخبرنى أنه يعد لإصدار جريدة أخبار الأدب وقال لى اعتبرها جريدتك وساعدنا بإعلانات، بدلا من أن تصدر جريدة، ووافقت ووقفت بينى وبينه أطراف عديدة، وأعتقد هو أنى قد منعت الإعلانات عن جريدته، فبدأ يهاجمنى، وكان محاربا شرسا، وكنت أرد على هجومه فى الصحف». ولأنى شاهد على ما ذكره فاروق حسنى، وفى عجالة وبدون تفاصيل لا وقت لها الآن، أحب أن أوضح للزميلة جانبا من بعض المعارك التى خاضتها «أخبار الأدب»، وكان من بينها معركة جوائز الدولة، وقد خضتها بنفسى على مدى سنوات طوال، بعد جدل كثير كان يصحب كل دورة من دورات منح هذه الجوائز، وقد أكد فاروق حسنى دون أن يدرى صحة معركتنا، التى كانت تصب فى ضرورة إصلاح طريقة منح الجوائز، ومنها منع رؤساء الهيئات من التصويت، لأنهم يمثلون كتلة قادرة على أن تمنح الجائزة لهذا الشخص أو تحجبها عنه، والدليل ما قاله فاروق حسنى فى إجابته أنه أعطى صوته للغيطانى، لو أن هناك حديثا عن نظام مؤسسى لما كان صوته الوحيد من بين ما يقرب من 52 صوتا هو المرجح والكفيل بمنح الجائزة أو حجبها، ولأنه يعلم أن صوته ليس صوتا، بل رمز «لكتلة تصويتية»، لما تحدث بثقة عن أنه منح الجائزة للغيطانى وفاروق جويدة ونعمات أحمد فؤاد، أى أنه كان بمقدوره وهو الصوت الواحد أن يؤثر فى نتيجة الجوائز، الأمر الآخر الذى أحب أن أوضحه لمؤلفة الكتاب أن الدولة المصرية استجابت منذ العامين لكل ما جاء فى انتقادات «أخبار الأدب» وغيرها من الصحف التى أعلت قيمة الوطن على المصلحة الشخصية، وبالفعل تم إجراء تعديلات فى طريقة المنح، على رأسها عدم التصويت من قبل قيادات وزارة الثقافة، وكذلك تقوم لجنة فحص تخصصية بترشيح عدد محدود للمجلس الأعلى للتصويت عليها. هذه واحدة من معاركنا التى خضناها ضد فاروق حسنى، وانتهت لصالحنا، وعلى فكرة نحن لم نكن فى خصومة مع أحد بدليل، أننى حاورت الوزير السابق حول جوائز الدولة، فجاء العنوان «نعم الوزارة تأخذ رؤية الوزير فى التصويت على الجوائز» ووقتها أثار هذا الحوار غضبا بين قيادات الوزارة، لأن الوزير ببساطة قال إنهم يصوتون حسب رؤيته «نعم.. رؤساء الهيئات الثقافية يصوتون فى جوائز الدولة حسب رؤيتى» أخبار الأدب 15 سبتمبر 1996. الأمر الآخر عليك أن تراجعى قوائم الفائزين بجوائز الدولة التشجيعية، فستجدين جمال الغيطانى فاز بها قبل مجئ فاروق حسنى، وحصل عليها - أيضا- نخبة من الأدباء؛ بعضهم بعد أن حصل عليها الغيطانى، لكنهم سابقوه فى الحصول على التقديرية، فبلاشك أن معركة الغيطانى لصالح الثقافة المصرية أجلت فوزه بالجائزة، وعليك - أيضا- أن تعلمى أن الجهة التى رشحت الغيطانى للتقديرية كانت جامعة سوهاج، وعليك - أيضا- أن تعودى إلى السيرة الذاتية للغيطانى للتعرف على الجوائز العالمية التى حصل عليها، قبل أن يفوز بالجائزة التقديرية، وأخيرا بعد أن غادر فاروق حسنى الوزارة حصل الغيطانى على جائزة النيل فى الآداب، وهى أعلى جائزة مصرية. أما فيما يخص الربط بين الهجوم والإعلانات كما جاء فى إطار إجابة فاروق حسنى، فهذا غير صحيح إطلاقا، وهى قصة سبق أن كتبتها فى «أخبار الأدب» منذ سنوات طوال والوزير كان على كرسيه الوزارى، أن الذى أصدر توجيهات بمنع الإعلانات هو فاروق حسنى نفسه، بعد أن كتبت موضوعا عنوانه «إلى فاروق حسنى.. ثقافتنا مهانة وآثارنا منهوبة.. فلماذا لا ترحل»، ولم يكن هذا الموضوع مقالا، إنما تحقيقا صحفيا أجريته مع مجموعة من الأدباء والمثقفين خاصة من خارج القاهرة، بعد أن هاجمهم مدير صندوق التنمية الثقافية فى ذلك الوقت سمير غريب، ووصفهم بأنهم يبتزون هيئة قصور الثقافة، وانتقدت فى وقتها هذه التصريحات، التى أدت إلى أن عقد وزير الثقافة لقاء مفتوحا لتقديم اعتذار لهم لما بدر من مدير الصندوق، الذى رد على موضوعى الخاص بتصريحاته، أنه يريد أن يكون الإعلان القادم فى أخبار الأدب هو «صندوق التنمية الثقافية يدعم اخبار الأدب وهيئة قصور الثقافة» وبالتالى رفضنا الإعلان بهذه الطريقة، وعندما أخبرت الوزير بهذه الصيغة، طلب عدم نشره، ولكن بعد أن أجرينا التحقيق أخذ جانب مدير الصندوق، ومنع الإعلانات، وهو فى إجابته على الزميلة انتصار دردير يشير إلى جانب مما أقوله عندما قال: «وقفت بينى وبينه أطراف عديدة، وأعتقد هو أنى قد منعت الإعلانات». هذه حقائق أسوقها على عجل، وربما أتوقف عندها باستفاضة فيما بعد، فاختزال معارك الجريدة ضد سياسات وزير قوى فى حكومات مبارك، أنها من أجل الإعلانات أو الفوز بجائزة؛ عبث، لا يرضاه أى ضمير، لا سيما «أخبار الأدب» تصدر من مؤسسة صحفية كبرى، ضمنت لها استمرارها أكثر من ربع قرن.