منذ أعلنت القيادة السياسية 2017 عام المرأة وأنا أنتظر بشغف تفاعل الجمهور مع هذا الإعلان أكثر من تفاعل الحكومة نفسها، انتظرت أولاً تراجع الأستاذ مصطفي محصل شركة الكهرباء عن أفكاره التي طالما رفضتها بشدة وناقشته فيها علي مدار سنين طويلة كنت فيها أحاول إقناعه بأنه يزعجني جداً عندما يناديني باسم شقيقي الأكبر وأن اسمي هناء مش يوسف لكن دون جدوي، ظل هذا الرجل مُصرا علي أن نطقه لاسمي قلة أدب وإن الاحترام يقضي بأن يناديني » يوسف » حتي في عام المرأة !! هذا الرجل أصابني بالإحباط حقاً وصدقاً، فأنا أعلم بوجود شريحة عريضة جداً من المجتمع تفكر بنفس طريقته وحشو عقولها من نفس حشو عقله لكني لم أفقد الأمل وتوقعت أن تفعيل شعار عام المرأة علي المستوي السياسي والتشريعي سيجعل الثقافة العامة تتغير وسيُنظر للمرأة المصرية النظرة التي يجب أن تكون، دارت أيام عام المرأة وأصبح لدينا ثماني وزيرات في الحكومة لأول مرة في التاريخ الحديث، وتقلدت المرأة منصب المحافظ لأول مرة، وأصبح لدينا أول إمراة مستشارة لرئيس الجمهورية لشئون الأمن القومي، وأول إمرأة نائب لمحافظ البنك المركزي، وأول مساعدة لوزير العدل، وارتفع عدد القاضيات، وتم تعيين أربع قاضيات للعمل في سكرتارية اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وتمت إعادة تشكيل المجلس القومي للمرأة فتضمن قيادات شبابية وقيادات تمثل المرأة الريفية والمرأة من ذوي الاحتياجات الخاصة، ووصلت نسبة تمثيل المرأة في البرلمان إلي 15 %، ثم علي المستوي التشريعي صدر قانون الميراث الذي حدد عقوبة الحبس لمن يمنع عن المرأة ميراثها، وقانون آخر يغلظ عقوبة الختان، وقانون يتضمن كلمة » التحرش » بمسماها بعد أن كانت لا وجود لها ضمن قانون العقوبات، كل هذا ومازال الأستاذ مصطفي يناديني »يوسف » !!، كل هذا ومازلت أتلقي دعوات حضور أفراح لم يدون فيها اسم العروس أو مدون منه أول حرف فقط، كل هذا ومازال السواد الأعظم من الرجال يتجنب أن يسأله أحد عن اسم أمه أو زوجته، كل هذا ولم يختف تماماً مشهد زواج القاصرات من عناوين الأخبار، وكل هذا ولم تنجح أي امراة ترشحت لعضوية مجلس نقابة الصحفيين » قلعة التنوير» في الانتخابات التي أجريت مؤخراً وكان هذا بالنسبة لي قمة الإحباط فعلاً، السؤال الآن:هل يا تري سيظل الأستاذ مصطفي وكل أستاذ مصطفي يختزل المرأة المصرية ويختصرها بأفكاره حتي بعد أن تصبح نسبة تمثيلها تحت قبة البرلمان 25 % وفقاً للتعديلات الدستورية الجديدة وبعد أن أدركت الدولة مكانتها أخيراً وأفسحت لها الفرصة أخيراً ؟، نعم.. سيظل يناديني يوسف، والنبي لو المرأة بقت رئيسة مجلس الشعب نفسه ستظل الأفكار هية هية، لأنها قناعات متراكم عليها أكوام الصدأ ولأنها ثقافة ضاربة في العمق وتغييرها يحتاج عملا دؤوبا من الدولة علي نفس مستوي العمل السياسي والتشريعي وهو لا يقل عنهما أهمية بالمناسبة، فرض وجود المرأة عمل محمود جداً من الدولة نقف أمامه إجلالا واحتراماً ولو أضفنا إليه جهد تغيير الثقافة ستكون النتائج أروع وأسرع كثيراً.