انعقاد الجلسة الخامسة لمجلس جامعة الدلتا التكنولوجية    بنسبة 23.73%، قطاع البنوك يستحوذ على نصيب الأسد بتداولات البورصة اليوم    رئيس المخابرات الأمريكية يزور المنطقة لدفع المفاوضات بين حماس وإسرائيل    الزمالك يسقط في فخ التعادل الإيجابي أمام مودرن فيوتشر بالدوري    العثور على جثة طفل غرق بمياه ترعة في الأقصر    نهى عابدين تعلق على نصيحة يحيى الفخراني لها بخسارة الوزن (فيديو)    وزير النقل خلال زيارته لمصانع شركة كاف الإسبانية: تحديث وتطوير 22 قطارًا بالخط الأول للمترو    أحمد مبارك: بعد ظهور السوشيال ميديا حدث تغير في طريقة الوعي الجمعي    قديروف: حلمي هو أن أضع زيلينسكي في قبو منزلنا في الشيشان    بموسم الحج.. 4 فئات ممنوعة من دخول مكة وآخرون لا يمكنهم الحصول على تأشيرة    مسلسل إسرائيلي يثير الجدل والتساؤلات حول مقتل الرئيس الإيراني    «بوتين» يوقّع مرسوما يسمح بمصادرة أصول تابعة للولايات المتحدة في روسيا    الفريق أول محمد زكى: قادرون على مجابهة أى تحديات تفرض علينا    20 لاعبًا في قائمة سموحة لمواجهة فاركو بالدوري المصري    روديجر: نريد إنهاء الموسم على القمة.. وركلة السيتي اللحظة الأفضل لي    «الأعلى للأمن السيبراني»: هدفنا الاستفادة من التكنولوجيا بشكل آمن    البورصات الأوروبية تغلق على ارتفاع.. وأسهم التكنولوجيا تصعد 1%    أسماء جلال تنشر صورتين من احتفالية عيد ميلادها.. وسوسن بدر تعلق    انفجار مسيرتين مفخختين قرب كريات شمونة فى الجليل الأعلى شمال إسرائيل    حسام عبدالغفار: وضع استراتيجية وطنية للصحة النفسية للأطفال والمراهقين    ضبط المتهمين في واقعة ال«تعذيب لكلب» في منطقة عابدين    الكشف رسميًا عن كيا EV3 رباعية الدفع الكهربائية الجديدة.. صور    ما هو منتج كرة القدم الصحفى؟!    رئيس الوزراء يناقش سبل دعم وتطوير خدمات الصحفيين    ما هي شروط الاستطاعة في الحج للرجال    محافظ بورسعيد يشيد بجهد كنترول امتحانات الشهادة الإعدادية    الكرملين: الأسلحة الغربية لن تغير مجرى العملية العسكرية الخاصة ولن تحول دون تحقيق أهدافها    خاص.. الأهلي يدعو أسرة علي معلول لحضور نهائي دوري أبطال إفريقيا    في ذكرى رحيله...ومضات في حياة إبسن أبو المسرح الحديث    هكذا علق مصطفى خاطر بعد عرض الحلقة الأخيرة من مسلسل "البيت بيتي 2"    متى وكم؟ فضول المصريين يتصاعد لمعرفة موعد إجازة عيد الأضحى 2024 وعدد الأيام    بالفيديو.. خالد الجندي: عقد مؤتمر عن السنة يُفوت الفرصة على المزايدين    المنشاوي يستعرض تقريراً حول إنجازات جامعة أسيوط البحثية ونشاطها الدولي    أجمل عبارات تهنئة عيد الأضحى 2024 قصيرة وأروع الرسائل للاصدقاء    أحمد الفيشاوي في مرمى الانتقادات من جديد.. ماذا فعل في عرض «بنقدر ظروفك»؟    بمناسبة أعياد ميلاد مواليد برج الجوزاء.. 6 أفكار لهداياهم المفضلة (تعرف عليها)    وزير الري: نبذل جهودا كبيرة لخدمة ودعم الدول الإفريقية    من الجمعة للثلاثاء | برنامج جديد للإعلامي إبراهيم فايق    قبل قصد بيت الله الحرام| قاعود: الإقلاع عن الذنوب ورد المظالم من أهم المستحبات    افتتاح كأس العالم لرفع الأثقال البارالمبي بالمكسيك بمشاركة منتخب مصر    وزارة الصحة تؤكد: المرأة الحامل أكثر عرضة للإصابة بفيروس نقص المناعة البشرى    ما حكم سقوط الشعر خلال تمشيطه أثناء الحج؟ أمين الفتوى يجيب (فيديو)    محافظ كفر الشيخ يتفقد السوق الدائم بغرب العاصمة    رئيس الوزراء يتابع مشروعات تطوير موقع التجلي الأعظم بسانت كاترين    هل هي مراوغة جديدة؟!    رئيس الوزراء يتابع موقف تنفيذ المرحلة الثانية من منظومة التأمين الصحي الشامل    محافظ أسيوط يناشد المواطنين بالمشاركة في مبادرة المشروعات الخضراء الذكية    ننشر حيثيات تغريم شيرين عبد الوهاب 5 آلاف جنيه بتهمة سب المنتج محمد الشاعر    رئيس وزراء أيرلندا: أوروبا تقف على الجانب الخطأ لاخفاقها فى وقف إراقة الدماء بغزة    الكشف على 1021 حالة مجانًا في قافلة طبية بنجع حمادي    أخبار مصر.. التعليم نافية تسريب امتحان دراسات إعدادية الجيزة: جروبات الغش تبتز الطلاب    تاج الدين: مصر لديها مراكز لتجميع البلازما بمواصفات عالمية    الرعاية الصحية تعلن نجاح اعتماد مستشفيي طابا وسانت كاترين بجنوب سيناء    أمين الفتوى يوضح ما يجب فعله يوم عيد الأضحى    المراكز التكنولوجية بالشرقية تستقبل 9215 طلب تصالح على مخالفات البناء    الهلال السعودي يستهدف التعاقد مع نجم برشلونة في الانتقالات الصيفية    تعليم القاهرة تعلن تفاصيل التقديم لرياض الأطفال والصف الأول الأبتدائي للعام الدراسي المقبل    الداخلية تضبط 484 مخالفة لعدم ارتداء الخوذة وسحب 1356 رخصة خلال 24 ساعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كتاب يكشف أسرار ليلي الطرابلسي حاكمة قرطاج

ثمة نوع من الكتب أو الكتابات تتهافت دور النشر كبيرة كانت أم صغيرة علي التعاقد مع مؤلفيه ونشره وطباعته لِيَقينها بأن هذا النوع سيُحقق لها من دون شك أموالاً طائلة بعد أن يصبح هو الأكثر مبيعاً.. هذا النوع يتمثل في الكتب التي تتناول بالحديث سيرة الشخصيات العامة و»السياسية علي الأخص«. من هذه الكتب كتاب (حاكمة قرطا..الاستيلاء علي تونس) الصادر في يولية الماضي عن الهيئة المصرية العامة للكتاب. وهو كتاب ينوي إثارة الجدل لفحص شخصية ليلي الطرابلسي زوجة بن علي ومسيرتها وأهدافها فحصاً دقيقاً.
سياسة السلب
في تصديرهم لهذا الكتاب الذي ألَّفه نيكولا بو وكاترين غراسياي يقول عنه مترجموه التسعة: هو واحد من الكتب التي كان عزيزاً الحصول عليها في لغتها فضلاً عن الظفر بها في اللغة العربية. وهو كتاب في سيرة ليلي الطرابلسي زوجة زين العابدين بن علي الرئيس الذي ثار عليه الشعب التونسي حتي أسقطه ونظامه في الرابع عشر من جانفي / يناير 2011. والكتاب والقول لمترجميه لا يعدو العينة البسيطة لسياسة السلب والنهب التي ما انفكت عصابات بن علي والطرابلسي والماطري وأشياعهم ينتهجونها بكل وحشية..فامتصوا دماء شعب مسالم ولكن كم هو ذكي فطِن لدسائس ساسته ومكائدهم..شعب متسامح ولكن كم هو أَبيٌّ أنوف يأبي الضيم ولا يسكت علي الهوان فعنده ما عاش ذليل وما مات كريم. إضافة إلي هذا يقول المترجمون: لقد علّق المؤرخون أقلامهم ووضعوا صفائحهم بين أيديهم وظلوا ينتظرون ما عساه يُمليه عليهم شباب الثورة.. فكانوا أن أملوا آيات العزة والكرامة والحرية. ويري المترجمون أن قراء هذا الكتاب سيكتشفون من خلاله أن الشعب التونسي قد صبر طويلاً وأن ثورته علي الظلم والاستبداد واغتصاب الحقوق والجشع وكل مظاهر الأنانية والطمع كانت إبّانها دليله فيها العلم والإيمان ضد الجهل والتجبر والطغيان. وفي مقدمة عنوانها ليلي الطرابلسي تسطو علي كل شيء يقول المؤلفان: أراد الحبيب بورقيبة خلال السنوات الثلاثين التي قضاها في الحكم أن تكون المرأة التونسية التجسيد الفعلي للحداثة.
مبادرة نسوية
وكان هدف مؤسس تونس المستقلة جعل قانون الأسرة متاشياً مع المباديء الكونية التي تشبّع بها أثناء دراسته في باريس..لكن هذه المبادرة النسوية كان لها أيضاً بُعْد آخر يندرج في نطاق سياسة ترمي إلي إخضاع الديني للسياسي وإلي تهميش علماء الدين والإعراض عن المحاكم الشرعية وإلغاء جامعة الزيتونة الإسلامية الكبري رمز تخريج النخب القديمة. ونتيجة لهذه المبادرة التأسيسية أُلغي تعدد الزوجات والوصاية علي المرأة بتمكينها من حقها في تزويج نفسها..وفي بلاد الياسمين باتت التونسيات تدرسن فعلاً وتعملن وتُحْببْن وتُطلقن ويسافرن بحرية. وقد كان لخليفة المجاهد الأكبر الجنرال زين العابدين بن علي الذكاء التكتيكي الذي جعله لا يضع هذه الخصوصية التونسية في مجال المرأة موضع سؤال. ففي عهده الذي بدأ عام 1987 شهدت مكانة المرأة تحسناً بل لعلها ازدادت تعزيزاً. وزين العابدين بن علي أو وغد مديرية الأمن علي حد تعبير يل بيرو الذي كان يتحكم في مصير البلاد جعل من منزلة المرأة درعاً يتحصن به ضد أصدقائه وحلفائه الغربيين إذ أكد عزمه علي عدم المساس بحقوق المرأة منذ خطابه الأول. وعن ليلي الطرابلسي يقول المؤلفان: أما ليلي الطرابلسي الزوجة الشرعية للجنرال بن علي منذ 1992 فهي إلي إلينا تشاوسيسكو أقرب بل لعلها كانت أردأ منها. وفي معرض حديثها عنها وعن وسيلة بن عمار قرينة بورقيبة يقولان: إنه لا سبيل إلي المقارنة بين شخصية وسيلة بن عمار وشخصية ليلي الطرابلسي ولا بين مسار هذه ومسار تلك..فلا ريب أن وسيلة قادرة علي حَبْك الدسائس وحريصة علي خدمة مصالح عائلتها المالية إلا أنها كانت سنداً لبورقيبة ونصيراً له ولا تعيش إلا من خلال المعارك التي كان يخوضها. وخلافاً لذلك فإن ليلي الطرابلسي تطمع اليوم في أن تكون شريكاً حقيقياً في السلطة رغم ما تبديه من إذعان لزوجها:أفلم تصبح عائلتها الحزب الأقوي في البلاد؟ أوَلم يتحول القصر الذي احتلت فيه المقام الأول إلي مكان يستقطب كل شئون الدولة.
سيدة تونس الأولي
واستطراداً يقول المؤلفان: أخذت ليلي وأقاربها يستولون علي الاقتصاد شيئاً فشيئاً..وطرائقهم الفجة تعيد إلي الأذهان ما كانت تقوم به حكومة الأب إيبو ولا تَمُت بصلة إلي ما يمكن أن تقوم به أي سلطة عصرية. هذا ويقر المؤلفان بأنه لم يكن من السهل استقصاء السيرة الذاتية لسيدة تونس الأولي في بلد أُلجمت فيه الصحافة وشَحت فيه البحوث الجامعية المتصلة بهذا الشأن. وقد كانت السبيل التي اتبعاها محفوفة بالمصاعب إذ كان عسيراً عليهما أن يفرقا بين ما يتصل بالحياة العامة والحياة الخاصة في صلب السلطة..ولذا توخيا الحذر مخافة أن يتحول الفضول المشروع إلي ضرب من التلصص غير البريء. ويؤكد المؤلفان أن سيرة سيدة تونس الأولي لم تكن طيبة إذ طوعت القدر مستعملة كل الأسلحة التي بحوزتها..ورغم هذا لم يندفعا إلي أخذ كل ما يزج به في الإنترنت من فضائح مأخذ صدق. هذا وقد كانت ليلي مزدوجة الشخصية.. فهي ترأس في الآن نفسه الزمرة التي كونتها واستطاعت أن تظل طويلاً وفية لزوجها مدافعة عن قضاياه. إنها شخصية تجسم التناقض الذي يعيشه مجتمع ممزق بين الوفاء لتقاليده والانخراط في الحداثة. لكن رغم صورة المرأة المتحررة والمستقلة التي كانت تجسدها صدمت لفيفاً واسعاً من الشعب الذي حاز قدراً وافياً من التربية والتعليم وكان مشدوداً غالباً إلي القيم الدينية التقليدية. وكذلك يضيفا: ليست المواهب التي سخرتها الطرابلسي لبسط نفوذها هي تحديداً ما سنعالجه في هذا المؤلَّف. فما هو مزعج ومثير يكمن في غير هذا الجانب. إن قوة التأثير التي كسبتها من القوي المتصارعة بالقصر بصبر وذكاء لا يرقي إليهما شك قد استخدمتهما بمعية عائلتها لنهب تونس. إن زمرة الطرابلسي هي نتاج سيء وتكريس سافِر للتداخل بين عالم الأعمال وعالم السياسة والغوغائية التي أرسي دعائمها الجنرال بن علي منذ 1987 بواسطة التهديد بالتصفية الجسدية وتطويع العدالة واستغلال اسم الدولة لتحقيق المنافع. إذن تبدو هنا حالة من السطو الوحشي علي المُلك العمومي تمارسه بطانة من البيروقراطيين والسياسيين ورجال البوليس والعسكريين وأصحاب الأعمال والمرتشين الذين يدينون بالولاء جميعاً للسيدة الأولي. هذا وكذلك يري المؤلفان أن الطرابلسي شخصية مخادعة إذ تبدو في الواجهة الأمامية ملتزمة التزاماً رسمياً بقضايا المرأة..أما في الواجهة الخلفية فألاعيب الحريم التي تبدع فيها أيما إبداع. تلعب الرئيسة بمهارة فائقة علي الواجهتين لعباً رائعاً في بلد يُعد الأكثر تشبعاً بثقافة الغرب والأكثر تعلقاً بروح الشرق في جنوب المتوسط. مزيج مذهل من ثقافتين يرحل بالمرء في خيالات وأوهام عن المرأة التونسية زوجة ومحظية تُحسن خلط الأوراق.ولا يُرجع المؤلفان ارتقاء الطرابلسي السريع إلي دراستها التي لم تستكملها ولا إلي المهن المتواضعة التي مارستها وإنما إلي مؤهلات أخري كانت تتحلي بها من قبيل الصبر والحدس والمناورة والسرية ودس الدسائس والفتنة والغواية وحتي التبرك بالأولياء الصالحين. وإلي صفاتها يضيفا أنها كانت خاطبة موهوبة وقهرمانة محنكة.
من هي ليلي؟
وبعد تساؤل عمن هي ليلي الطرابلسي يقر المؤلفان أن هناك في تونس سيدتان تدعيان ليلي الطرابلسي وهو ما يجهله الكثيرون. وعن الطرابلسي الثانية يقولان إنها بدأت مسيرتها المهنية بتألق أكبر من السيدة الأولي وكانت تعمل في بداية الثمانينيات هذه المرأة المغرية بقاعة حلاقة دُنّا في طريق سكّرة. وكانت كل سيدات المجتمع الراقي يترددن علي هذا المكان. وقد تعرفت علي كبار رجال البوليس التونسي ومن بينهم الجنرال بن علي. أما زوجة الجنرال بن علي المستقبلية فقد ولدت عام 1957 في عائلة متواضعة كثيرة العدد ونشأت في خزندار قرب باردو بتونس العاصمة..وكان أبوها يبيع الفواكه الجافة فيما كانت والدتها تُعني بتربية أبنائها الأحد عشر.هذا وعلي الغم من أن الطرابلسي حاولت أن توجد لنفسها موقعاً علي الخارطة السياسية للاضطلاع بدور سياسي بارز إلا أنها عرفت خيبات أمل سياسية في بلدها نفسه الذي كانت تطمح إلي قيادته في الظل.. غير أن اختصاصها ظل دائماً النهب الاقتصادي الشرس لصالح أقاربها..وها هي تعقد الصفقات علي الصعيد الدولي وتنصب أصدقاءها في المواقع الحساسة.
وفي نهاية كتابهما يقول نيكولا بو وكاترين غراسياي: في نهاية العقد الأول من الألفية الثالثة وفيما كانت خلافة بن علي تُطرح بكل إلحاح كانت زوجته ليلي تُعد نفسها للاستئثار بالحكم ويقيناً أنها ستكون في هذا الموضع أقرب لإلينا تشاوسيسكو من إيڤا بيرون لأنها إن توفقت بمعية عصابتها في بلوغ مرادها فستحوّل تونس من بلد يحكمه نظام دكتاتوري منبوذ إلي بلد تستبد به ماڤيا مقيتة لا تحسدها في ذلك حتي جمهوريات الفساد.إن تونس لا تستحق كل هذا الضيم! بل هي جديرة بما هو أفضل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.