جلس مقرفصا رجليه مستندا علي عصاه يتمركز جسده حولها، والتي تمثل بالنسبة لجسده مركز الدائرة والعمود الفقري التي لولاها لانكفأ علي وجهه يتأمل المارة والسيارات يسأل نفسه ما كل هؤلاء الناس؟ لكن السؤال لا يشغله كثيرا، فلقد كان منهمكا يبحث داخل كيسه عن شئ نادي صاحب دكان البقالة الذي اعتاد الجلوس أمامه. أحمد عايز قزازه كاكولا سمره حاضر ياعسل عسل والله لما تموت مش حدفنك. كان يكره هذا اللقب كلما ناداه شخص به يهيج ويضطرب ويقسم بأغلظ الأيمان بأنه إذا مات لن يدفنه. وجد ما كان يبحث عنه داخل الكيس : إنها قطعة الكنافة التي أعطاه إياها عم شكري الحلواني أخذ نتفه منها ثم لفها في كيسها ووضعها داخل الكيس الكبير الذي يحمله دائما معه في كل مكان ثم أخذ يستجدي طارق جرسون المقهي الذي يقع بين دكان الحلواني ودكان البقالة بزن يعطيه زجاجة المياة الغازية التي فشل في الحصول عليها من البقال. أخذ طارق الزجاجة من الثلاجة وضعها في جيب عسل احتضنها بشدة حتي لا تقع منه علي الأرض جلس ثانية أمام محل البقالة يأكل نتفة من الكنافة ثم يشرب من زجاجة المياه الغازية جزءا ضئيلا. أخذ قطعة من ورق الكارتون الملقي علي الأرض برمها ثم وضعها في عنق الزجاجة إحساسا منه بأن الزجاجة إذا كانت غير محكمة القفل قد يطير السائل الذي بداخلها. أخذ الرائح والغادي يشاكسه هذا يخطف منه العصا والآخر الكيس واأطفال ينادون عليه ياعسل.. ياعسل لكن طفلا من هؤلاء العفاريت كان يخطط لخطف زجاجة المياة الغازية اتفق مع زملائه بأن يشغلوه، وبالفعل حدث ما كان مخططا له لكن الطفل وهو يجري إصطدمت قدمه بالزجاجة فانكسرت وسال ما فيها علي الأرض. وضع عسل يديه علي رأسه وأخذ يولول، ويتوعدهم بألا يدفنهم إذا ماتوا. أخذ يلملم شظايا الزجاجة. حفر لها في الأرض وضعها بيده المرتعشة داخل الحفرة وأهال عليها التراب.