اعرف قبل الحج.. ما حكم نفقة حج الزوجة والحج عن الميت من التركة؟    وزير الدفاع والإنتاج الحربى يلتقى نظيره بجمهورية الكونغو الديمقراطية    خصومات تصل حتى 65% على المكيفات.. عروض خاصة نون السعودية    انخفاض جماعي للبورصات الأوروبية وسط ترقب لبيانات التضخم البريطانية    تكنولوجيا رجال الأعمال تبحث تنمية الصناعة لتحقيق مستهدف الناتج القومي 2030    القاهرة الإخبارية تعرض لقطات من إخلاء مستشفى كمال عدوان بقطاع غزة (فيديو)    رئيس البرلمان العربي يشيد بتجربة الأردن في التعليم    حزب الله يشدد على عدم التفاوض إلا بعد وقف العدوان على غزة    مصر تدين محاولة الانقلاب في الكونغو الديمقراطية    جلسة خاصة بين جوزيه جوميز وعبد الله السعيد استعدادًا لمباراة فيوتشر    "هُدد بالإقالة مرتين وقد يصل إلى الحلم".. أرتيتا صانع انتفاضة أرسنال    محلل أداء تونسي يحذر الأهلي من الترجي لهذا السبب    مصرع مسن إثر انهيار منزل مكون من طابقين في المنيا    تكثيف المراجعات النهائية لطلاب الثانوية العامة بالفيوم.. «إحصاء وإنجليزي»    البحوث الفلكية: الأحد 16 يونيو أول أيام عيد الأضحى المبارك 2024    قرار جديد ضد سائق لاتهامه بالتحرش بطالب في أكتوبر    الخميس.. حكايات ملهمة ل "أطفال مفقودة" وعائشة بن أحمد في "معكم منى الشاذلي"    «رفعت» و«الحصري».. تعرف على قراء التلاوات المجودة بإذاعة القرآن الكريم غدا    مدير مكتبة الإسكندرية: لقاؤنا مع الرئيس السيسي اهتم بمجريات قضية فلسطين    محمد عبد الحافظ ناصف نائبا للهيئة العامة لقصور الثقافة    رفقة سليمان عيد.. كريم محمود عبدالعزيز يشارك جمهوره كواليس «البيت بيتي 2»    حجازي: نتجه بقوة لتوظيف التكنولوجيا في التعليم    أستاذ بالأزهر: الحر الشديد من تنفيس جهنم على الدنيا    أمين الفتوى بدار الإفتاء: سداد الدين مقدم على الأضحية    وكيل «صحة الشرقية» يتفقد سير العمل والخدمات الطبية بمستشفى الحسينية    هل وصل متحور كورونا الجديد FLiRT لمصر؟ المصل واللقاح تجيب (فيديو)    وزيرة الهجرة: نحرص على تعريف الراغبين في السفر بقوانين الدولة المغادر إليها    «منقذ دونجا».. الزمالك يقترب من التعاقد مع ياسين البحيري    عبارات تهنئة عيد الأضحى 2024.. خليك مميز    سامح شكرى لوزيرة خارجية هولندا: نرفض بشكل قاطع سياسات تهجير الفلسطينيين    جنايات المنصورة تحيل أوراق أب ونجليه للمفتى لقتلهم شخصا بسبب خلافات الجيرة    موقع إلكتروني ولجنة استشارية، البلشي يعلن عدة إجراءات تنظيمية لمؤتمر نقابة الصحفيين (صور)    "لم يحققه من قبل".. تريزيجيه يقترب من إنجاز جديد مع طرابزون سبور    «نجم البطولة».. إبراهيم سعيد يسخر من عبدالله السعيد بعد فوز الزمالك بالكونفدرالية    مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى.. والاحتلال يعتقل 14 فلسطينيا من الضفة    محافظ أسيوط: مواصلة حملات نظافة وصيانة لكشافات الإنارة بحي شرق    زراعة النواب تقرر استدعاء وزير الأوقاف لحسم إجراءات تقنين أوضاع الأهالي    لمواليد برج الثور.. توقعات الأسبوع الأخير من شهر مايو 2024 (تفاصيل)    وزارة العمل: افتتاح مقر منطقة عمل الساحل بعد تطويرها لتقديم خدماتها للمواطنين    وزير الري: إيفاد خبراء مصريين في مجال تخطيط وتحسين إدارة المياه إلى زيمبابوي    جيفرى هينتون: الذكاء الاصطناعى سيزيد ثروة الأغنياء فقط    أمين الفتوى: قائمة المنقولات الزوجية ليست واجبة    العثور على جثة طفل في ترعة بقنا    أبو علي يتسلم تصميم قميص المصري الجديد من بوما    أفضل نظام غذائى للأطفال فى موجة الحر.. أطعمة ممنوعة    «غرفة الإسكندرية» تستقبل وفد سعودي لبحث سبل التعاون المشترك    وزير الأوقاف: انضمام 12 قارئا لإذاعة القرآن لدعم الأصوات الشابة    الخميس المقبل.. فصل التيار الكهربائي عن عدة مناطق في الغردقة للصيانة    «بيطري المنيا»: تنفيذ 3 قوافل بيطرية مجانية بالقرى الأكثر احتياجًا    يوسف زيدان يرد على أسامة الأزهري.. هل وافق على إجراء المناظرة؟ (تفاصيل)    في اليوم العالمي للشاي.. أهم فوائد المشروب الأشهر    «الشراء الموحد»: الشراكة مع «أكياس الدم اليابانية» تشمل التصدير الحصري للشرق الأوسط    لهذا السبب.. عباس أبو الحسن يتصدر تريند "جوجل" بالسعودية    اليوم.. «خارجية النواب» تناقش موازنة وزارة الهجرة للعام المالي 2024-2025    مندوب مصر بالأمم المتحدة لأعضاء مجلس الأمن: أوقفوا الحرب في غزة    عمر العرجون: أحمد حمدي أفضل لاعب في الزمالك.. وأندية مصرية كبرى فاوضتني    مساعد وزير الخارجية الإماراتي: مصر المكون الرئيسي الذي يحفظ أمن المنطقة العربية    انتظار مليء بالروحانية: قدوم عيد الأضحى 2024 وتساؤلات المواطنين حول الموعد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بديع خيري.. شاعر الشعوب المصرية!
نشر في أخبار الأدب يوم 06 - 10 - 2012

بدأ الكاتب والمسرحي بديع خيري حياته ككاتب أزجال، ولكن حياته لم تكن تخلو من مصاعب، فما هي المصاعب التي يمكن أن تواجه شخصا يكتب الزجل، أي يكتب قالبا يفترض به أنه متحرر من القيود الأدبية التقليدية. يقول: " وكان الزجل يؤلف من خمسين أو أربعين بيتاً، كلها من بحر واحد.. وكان يتزعم كتاب الزجل أربعة "شعبان عوني" و"عزت صقر" الذي كان يلقب بأمير الزجالين، و"محمد عبد النبي"، ودكتور العيون "إبراهيم شدودي، فكتبت الزجل الواحد علي أوزان مختلفة، وإذ بالزجالين يثورون علي، ويتهموني بأنني شاب عابث بالقيم الزجلية." عابث بالقيم الزجلية كانت هي التهمة الموجهة له في بداية حياته. تمرد بديع خيري علي قوالب الزجل المعروفة، غير أن سرعان ما حفر لنفسه طريقا، عن طريق تمرده هذا بالتحديد، في عالم المسرح والغناء المصري بالنصف الأول من القرن العشرين. هذا ما يكشف عنه كتاب "بديع خيري.. الأعمال الشعرية الكاملة"
يضم الكتاب المنشور مؤخرا عن مكتبة الأسرة، وهو الطبعة الثانية من كتاب صدرت طبعته الأولي في دار ميريت، جميع الأعمال الشعرية والمسرحية للشاعر الراحل الذي لولاه لفقد سيد درويش كثيرا من شهرته. الكتاب جمعه وحققه نبيل بهجت، ويضم ثبتا بأعمال الكاتب، قصائده السياسية، مساجلاته، قصائده الاجتماعية والعاطفية، أغانيه المسرحية، بالإضافة إلي افتتاحيات مجلة "ألف صنف" والقصائد التي كتبها باسم مستعار.
توثيق أعمال بديع خيري هي ما يحتاجه المجتمع المصري الذي عرف فقط قصائده الشهيرة. ولكن بمراجعة القصائد غير الشهيرة أيضاً نكتشف عددا من خصائص شعره. فعلي قدر ما ازدحمت أعماله بثقافات مختلفة، من أروام ونوبيين وشوام وأتراك ويونانيين. إلا أنه علي ما يبدو فقد عرف من هذه الثقافات ما كان متصلا فقط بالبيئة المحلية المصرية، وهو ما يبدو من كلامه في مذكراته التي يوردها نبيل بهجت في مقدمة الكتابة، يقول بديع خيري عن المقاهي الشعبية المصرية: "هي مدرستي الأولي في التأليف المسرحي، حتي لهجات البلاد العربية عرفتها وحفظتها في هذه المقاهي، إذ كان يتردد عليها أبناء تلك البلاد الشقيقة الذين يدرسون أو يتاجرون أو يسيحون في القاهرة".
شاعر الشعوب المصرية
يبدو هذا من مثال بارز في الكتاب. ففي بداية عام 1921 انتصرت القوات التركية بقيادة مصطفي كمال أتاتورك علي اليونان فعمت الفرحة العالم العربي بانتصار تركيا، التي كانت لا تزال موطن الخلافة وقتها. كانت هذه هي الفترة التي أصبح فيها أتاتورك بطلاً قومياً. يسخر خيري من اليونانيين، والصورة بالطبع التي يسخر منها هي اليونانيين هي صورة أصحاب محلات البقالة في مصر
"في اثينا مافيش تراخمة، اما عسكر فيه آلاف
بس شاطرين ياكلوا لخمة، ومن كماليدس يخاف
معزورين
كونسولاتو في مصر بده، شيل برادس دول في دول
النهاردة بكره بعده، إخنا يمسك أناضول
كدابين"
السخرية من أتاتورك،
ولكن بعد أن ألغي أتاتورك الخلافة وأعلن الجمهورية التركية بدأ خيري في السخرية من أتاتورك، هذه المرة أيضاً عن طريق معرفته المحلية المصرية بالأتراك ولكنهم حين ينطقون العربية:
"ماميش أغا كحيان بوزوق، بسطرمة يوق
حتي رغيف ناشف كوشوق، كيمك قطايف كان زمان
دنيا لومانجي خلطابيص، بقاليم جميص
لازم تفعليص حيص في بيص، أحيه علي دين مسلمان"
بداية ماجنة، نهاية أخلاقية
وكعادة كثير من الفن ذي الطابع الشعبي، فإنه لا يستنكر إدخال تفاصيل الخمر والحب المخدرات في متن الأغنية، لتبدو الأغنية شبيهة ب"شعر المجون". غير أن الأغنية/ القصيدة تنتهي بخاتمة أخلاقية وكأنها تتبرأ مما سبقها. ينتهج بديع خيري هذا المنهج كثيراً، غير أن الخاتمة الأخلاقية المعتادة في الفن الشعبي لا تعود أخلاقية هنا، وإنما وطنية، نحن في زمن الصراع ضد الاستعمار.
في قصيدة "الحشاشين" الشهيرة التي لحنها سيد درويش، يقول خيري:
"دا الكيف مزاجه إذا تسلطن، أخوك ساعتها يحن شو شوشو إن
إلي حشيشي بيتي بيتي نيشي، اسأل مجرب زي حالاتي
حشاش إرا إراري، يسفخ يوماتي
خمسين جر إيه، ستين سبعين
صدق وآمن بالذي خلقها، وآل كوني جوزة لكل من يدوقها
ما يسلي أنفاسها الملايين"
والخاتمة الأخلاقية تحل بالطبع في النهاية، لتبدو وكأنها صحوة الحشاش بعد سكرته:
أقول لك الحق يوم ما نلقي، بلدنا طبت في أي زنقة
يحرم علينا شربك يا جوزة، روحي وانت طالقة مالكيش عوزة
دي مصر عايزة جماعة فايقين".
وفي قصيدة "المنزولجية" ينتهج نفس النهج مع تغييرات طفيفة. يقارن بين أنواع الخمور والمخدرات:
"ويسكي ماوسكيش وحشيش ما حشيش، يا ده ده مفيش زي دي تغانيش
خربت عمرت طلعت نزلت، كسبت خسرت فتحت قفلت
طز في أبو مين الدنيا، طول مانا موزون وزنة سجوريا
مابيفلقناش ولا يفقعناش، إلا اللي عامل فلوطة وياخد كوكايين
واهو دا من دا، بس دا منزول، شغل أوروبا أما دا وطني".
هنا يصل بديع خيري لاستنتاجه بأن الكوكايين نوع مستورد من المخدرات، وبالتالي فهو يفضل المخدر المحلي، أي المنزول:
"خمرة ميت كوكايين ميت، ويسكي ميت منزول ميت
اختار لك موتة وطنية، أحسن م الموتة الافرنجية".
كما تبدأ المشاجرة بين السكران وامرأته بتعداد السكران لفضائل الخمر وفضائل الإنفاق عليها وعدم التفكير في بيته وأهله، أما زوجته فهي التي تقرعه تقريعا شديداً لينتهي الأمر بتوبة السكران:
"توبة نصوحة في حب امراتي، حرمت أبعزق جنيهاتي
علي إيه أنداس في شرب الكاس، فليسقط خرالامبو ونيكولاس"
غير هذا، يبدو بديع خيري مفككا لما يمكن أن يسمي "ثوابت المجتمع"، بشكل غير جذري بالطبع، فمن الصعب للغاية أن يكون المرء جذريا في نقده للمجتمع أثناء فترات الصراع ضد الاستعمار. يكتب قصيدة عن مظاهر الفرحة المرتبطة بقدوم شهر رمضان. لا ينساق للاحتفال المشهدي برمضان وإنما يحاول تفكيكه. يقول:
"أنا بدي اسأل بصراحة، وتجاوبوا انتم بالراحة
إيه معني وحوي إياحا، يستقبلوا بيها شهر الصوم"
ثم:
قصة محدث النعمة
"رمضان يسموه صحن نحاس، داير يسوح في بلاد الناس
بقي دا خيال يلهم إحساس، للطفل؟ هب وصح النوم."
بالإضافة إلي القصة التي كانت ملهمة للكثيرين في النصف الأول من القرن العشرين، أو أنها تصبح ملهمة في أعقاب الحروب بشكل عام، قصة محدث النعمة الذي تهبط عليه ثروة طائلة ثم سرعان ما تتبدد فيعود لحضن زوجته وبيته القديمين. في قصيدة "العز بهدلة" يكتب عن الاسطي هلال المتزوج من "فاطمة بنت الحلال"، والذي فجأة "هجمت عليه الفلوس، والحرب أغنت كتير، من فقرا أمثاله، وصبح أخينا يدوس، بعد البلاط ع الحرير، من كتر ما جاله"، و"فاطمة القديمة خلاص، مابقتش زوجة تليق، لجنابه طلقها"، وخطب سوسو، غير أنه من كثرة تبذيره راحت الأموال من يديه فعاد إلي زوجته القديمة: "واحتار وجرب وراق، وفاطمة هفت عليه، اتغم واتحسر، ورجع لها في وفاق، عطفت وحنت إليه، كان حلم واتفسر".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.