أسجل شديد إعجابي بالدعوات التي انتشرت مؤخراً علي مواقع السوشيال ميديا لتبني نفس منطق الأستاذ مستطاع طه الطعزي أو العبقري الفنان الراحل أحمد زكي في رائعته " البيضة والحجر" وهو الذي أقر في التحقيق الذي أجرته مع الشئون القانونية أنه صاحب مبدأ ويحارب الغلاء بالاستغناء، أعلنها بكل وضوح وصراحة _ أنا إذا غلا عليا شيء تركته _ ولم يتراجع عن قناعته حتي أمام المحقق الذي كال له اتهامات من وحي خياله بأنه شيوعي ويحض تلاميذه علي التطرف في الزهد والتصوف وحمل الجنازير ويهدد أمن الدولة، وبغض النظر عن وقفه عن العمل رغم تأكيده للمحقق أنه ماشي جنب الحيط وأنه من صراصير المجتمع وأن كل هدفه هو أن ينشر بين الناس ثقافة البعد عن كل ما يرهقهم نفسياً ومعنوياً ويشكل عبئأ ماديا عليهم إلا أن المنطق نفسه يستحق الوقوف أمامه كثيراً ويستحق التأمل، ماذا لو استغينا عن كل ما يتجاوز قدراتنا في الحصول عليه ؟، ماذا لو انتصرنا لسلامنا النفسي بأن نستضئله في عيوننا ونغذي قناعة عدم الحاجة إليه فنتفادي إرهاق التفكير فيه والأرق الناجم عن طول المسافة بيننا وبينه ؟، هذا ما تدعو إليه حملة "خليها تصدي " التي طرحها رواد مواقع التواصل الاجتماعي بعد أن وصلت أسعار السيارات لأرقام فلكية يمكن وصفها بأنها ضرب من الجنون، وهذا ما انبثقت عنه حملة موازية لمقاطعة اللحوم تحت شعار " خليها تعفن " إذ تجاوزت أسعارها حدود المقبول والممكن، وهذا ما مد الخط علي استقامته لطرح حملة "خليها تعنس" لمواجهة أي أهل عروسة يغالون في طلباتهم من العريس ويضعون لمشروع زواجه بنودا لا قبل له بها مع تحفظي الكامل علي لفظ " تعنس "، أنا معجبة جداً بفكرة التعالي علي ما لا تستطيع اليد أن تطوله أيا كان ما هو، وفي نفس السياق لا يفوتني تسجيل إعجاب آخر بإعلان الفنانة الشابة سارة عبد الرحمن أنها تشتري ملابسها من الوكالة وأنها تجد هناك كنوزا لملابس مستعملة بحالة جيدة جداً فتشتري منها وتوفر علي نفسها الفواتير النارية من محلات الملابس الأخري، نفس الأفكار طبقها المذيع شريف مدكور علي نفسه وقال إنه حريص علي ارتداء كل ملابسه من الصناعة المصرية ويكرر الظهورفي برنامجه بملابسه القديمة لو تعذر إيجاده لشيء جديد مناسب، الجميل أنه يحرص علي التنويه عن هذا المبدأ أمام جمهوره من الأطفال لينشر بينهم ثقافة بساطة الأفكار والاعتدال في الطلبات وتحديد الأولويات ومراعاة ميزانية أولياء أمورهم قبل أن يطلبوا، والأجمل أن الثقافة المصرية في هذا الاتجاه تتغير ولم يواجه مدكور أيا من الاتهامات التي واجهها الأستاذ مستطاع الطعزي في البيضة والحجر، بالعكس التفاعل مع مواجهة الغلاء بالإستغناء يتطور ومؤشر نجاحه يرتفع بشكل ملحوظ ومنه علي سبيل المثال اتجاه أصحاب معارض السيارات والوكلاء حالياً لتخفيض هامش ربحهم من بيعها وتقديم تسهيلات أكثر في البيع وفي سداد الأقساط وخلافه، استمروا وأيدوا كل من يفكر في تحجيم جنون الأسعار الذي تغول، فلن توقفه عند حده إلا أفكار مدكور والطعزي!