ماذا يفعل د. صابر عرب في وزارة الثقافة؟ السؤال ينطلق من مواقف الوزير المختلفة التي أصابت الوسط الثقافي بصدمات متتالية. منها تعليقاته المنشورة حول مادة حرية الاعتقاد وممارسة الشعائر الدينية. فالوزير، الذي يفترض أنه من المدافعين عن الحرية، يتخوّف من حرية الاعتقاد وممارسة الشعائر الدينية لغير الديانات السماوية الثلاث، ويسأل مستنكراً:"هل من حق جماعة تعتقد أنها تنتسب لديانة سماوية، كالشيعة مثلاً، إقامة شعائرها وإنشاء دور عبادة لها؟". والسؤال الاستنكاري يفتح المجال لأسئلة أخري: أليست الشيعة طائفة إسلامية؟ وهل يمكن، طبقاً لنفس المنطق، السماح لليهود بممارسة ديانتهم وعدم السماح للشيعة؟ ثم أليس من حق المواطن المصري إن كان بهائياً أن يمارس عقيدته بحرية؟ ثم أليس من حق المواطن المصري أن يعتقد فيما يعتقد فيه، بكامل حريته التي أعطاها له الله، وأن يمارس عقيدته؟ الأمر لا يتعلق بفتوي دينية ولا بحث فيمن يمتلك الحقيقة المطلقة، الأمر كل الأمر يرتبط بدستور ينظّم العلاقة بين السلطة والمواطن، ومن واجب الدولة أن تحمي مواطنيها وتحترم معتقداتهم. ومع أن التدخل في معتقدات الغير مرفوضة، إلا أنه من المتوقع أن يتحدث في هذه المادة وزير الأوقاف أو شيخ الأزهر، وأن يكون وزير الثقافة جبهة صد، ولأن ذلك لم يحدث، وحدث عكسه تماماً، أسأل سعادة الوزير: عزيزي صابر عرب، ماذا تعمل كوزير ثقافة؟ لو أضفنا إلي ما سبق تصريحات أخري للوزير حول الفن والرقابة والمصادرات، فالسؤال يجب أن يتكرر مرات متعددة، فعرب يؤكد أنه لن يصادر الفن الجاد، وأنه سيصادر فقط الفن التافه، وأن الذين يتخوفون من المصادرات هم أصحاب الفن التافه! هل تكفي علامة تعجب واحدة؟ ألا يعلم الوزير أن دوره كمثقف أولاً، وووظيفته كوزير للثقافة ثانياً، تفرضان عليه الدفاع عن حرية الإبداع ورفع القيود ومنع الرقابة؟ ثم أن الحكم للجمهور وللقراء، وليس من حقه أو من حق غيره أن يقوم بدور الوصي، لأنه ليس راعياً والجمهور ليس قطيعاً. ثم إن المدافعين عن الفن ليسوا أصحاب الفن التافه، بل الذين يعلمون أن الإبداع يحتاج مناخاً من الحرية، وأن للإبداع شروطاً لا يعرفها أصحاب العمم، الذين انضم إليهم المتلونون من المثقفين، وأولهم من قدّم استقالته بحجة رفضه العمل مع حكومة الإخوان، ثم العمل معها بعد فوزه بالتقديرية، ثم الدفاع عن الرقابة والمصادرة بأكثر مما كانت تتمني الجماعة المغلقة. السؤال الموجه ل د. صابر عرب مشروع بعد أن أعاد وزير "الثقافة" الرقابة علي مركز الإبداع، الذي يقدم أفلاماً سينمائية عالمية، يشاهدها كثير من المتخصصين وبعض محبي الثقافة الأجنبية، وهي أفلام بالطبع تتسم ب "الفن الجاد" بمصطلح الوزير. الرقابة التي كانت أيام فاروق حسني، وألغاها عماد أبو غازي ثم شاكر عبد الحميد، أعادها عرب، لا لشيء سوي مغازلة السلطة الجديدة، وربما تكون خطوة أولي لإغلاق المركز، ليحل محلها سينما الإخوان، وساعتها سيكون الجواب عن السؤال بسيطاً جداً: وزيراً في حكومة الإخوان!