هل صحيح أن إصداراتكم تنير الجبلاية فقط؟ مليونا نسخة سنويا تعني أننا في الطريق الصحيح خدمة ثقافتنا:نتفاوض مع الناشرين الأجانب ونتواصل مع السفارات تولت الدكتورة كاميليا صبحي حديثاً منصب مدير المركز القومي للترجمة، وكُتب حينها أنها أستاذة الأدب المقارن بكلية الألسن قسم اللغة الفرنسية. توضح صبحي في بداية الحوار أنها أستاذة الترجمة بنفس الكلية، وأنها تخصصت في الترجمة منذ بداية مشوارها المهني وقدمت عدداً من الكتب المترجمة، منها "مذكرات ضابط في الحملة الفرنسية" و"جرامشي في الوطن العربي" وكتاب في الأنثروبولوجيا بعنوان "ذكورة وأنوثة"، بالإضافة لأكثر من تسعين مقالاً ترجمتهم لدوريات ومجلات ثقافية مختلفة من بينها جريدة القاهرة ومجلة فصول، كما أنها تولت من قبل منصب المستشار الثقافي لمصر في فرنسا، وهي السنوات التي تصفها بالثراء. ربما لهذا سعدت كاميليا صبحي بمسئوليتها عن المركز القومي للترجمة، لأن لديها، كما تقول، من الخطط والمشاريع ما يمكّنها من تحسين نشاط المركز وتقديم الخدمة الثقافية للقاريء والمهتم بالكتاب المترجم، ومواصلة ما تم إنجازه في هذا القطاع. لا أعمل وحدي سألت مديرة القومي للترجمة عن رؤيتها الخاصة بالتطوير. فقالت:"رؤيتي في المقام الأول رؤية مترجمة، غير أنها لن تتحقق حالياً، إلا بعد حل مشكلات الكتب المؤجلة والجاهزة، وبعدها نبدأ في تنفيذ خطة واضحة المعالم خالية من المشاكل، وأقول نبدأ لأنني لا أعمل لوحدي بل بفريق عمل يساهم فيه الكل بأفكار وآراء ومجهود. وما هذه الرؤية تحديداً؟ أولاً تطوير العمل الذي تم من قبل والبناء عليه، ثانياً التدقيق في اختيار المترجمين والكتب المترجمة، ولعلك تتفق معي في أن المترجم ليس فقط من يجيد لغة أجنبية فحسب، ثالثاً العمل علي ترجمة أكبر عدد ممكن من الكتب من لغات متنوعة وفي نفس الوقت الحفاظ علي جودة الكتاب، سواء علي مستوي الترجمة أو الإخراج والطباعة. أريد في الحقيقة عمل تراكم معرفي، لكن سؤالي في أي مجال ومن أي لغة. لذلك أقوم الآن بعمل إحصاء للكتب المترجمة واللغات التي ترجمت منها لأقف علي المجالات التي لم ندخلها بعد والمكتبة العربية في حاجة إليها، حتي لو كانت هذه المجالات لها قاريء محدود، فواجبي أن أوفر المعرفة وأن أحترم القاريء. أفكر أيضاً في خلخلة المركزية اللغوية، فالعلم لا لغة له، وهناك لغات غير الإنجليزية والفرنسية تقدم معارف مختلفة، وبالتالي ننظر في اللغات التي لم نترجم منها لنفتح مجالات جديدة في المعرفة وتنويع الثقافة. أفكر في فتح طريق لمجال لعلوم الاجتماعية، مثلاً. أثناء ذلك، لا يمكن أن أتكيء فقط علي ما يقدمه المترجم من اقتراحات، بل نقوم نحن بمراسلة الناشر الأجنبي لنحيط بكل الإصدارات الجديدة وأهم ما فيها، وأفكر في عمل سلسلة للكتب المؤسِسة في كل المجالات، مثل "الإلياذة" في الأدب، بالإضافة لسلسة خاصة لأدب الأطفال، فهي خير طريق لتربية النشء. الكتابة الجديدة هناك نقص في كتب النقد الأدبي في مقابل ترجمات الأدب نفسه. سأنظر في كل ذلك، وأولي اهتماماً خاصاً في هذا السياق للكتب التي ترصد الكتابة الجديدة في العالم، والتيارات والاتجاهات الأدبية التي تكونت في السنوات الأخيرة. والكتب التي تتناول كيفية الكتابة السردية والسير الذاتية. وأعود لما أفكر في تنفيذه، أن يضم المركز القومي للترجمة جزءاً خدمياً يُقدم للمؤسسات الأخري، وأقصد بذلك الترجمة الفورية، وهو جزء هام لم يفّعل من قبل. سنوفر أسماء المترجمين الفوريين في قائمة، ستوزع في الهيئات التي تحتاج لها في طبيعة عملها، وسيكون ذلك خدمة للمترجم وللدولة. في البداية أشرتِ إلي مشكلات لمترجمين بسبب تأخير صدور الكتب، كيف سيتم حلها؟ أولاً طباعتها فوراً بدايةً من الأقدم للأحدث، ثانياً إصدار بيان من القومي للترجمة بتفصيل سير الكتاب بتواريخ محددة منذ تسلمه، وستكون متاحة للمترجمين ليعرف كل منهم موعد صدور كتابه، وفي ذلك احترام له وتقدير لعمله. في الطريق الصحيح من مشكلات المركز الأزلية أيضاً سوء التوزيع وعدم توافر الكتاب وارتفاع سعره، ويقال إن كتب القومي للترجمة تنير الجبلاية فقط. هل هناك خطة ما لتجنب ذلك وتوصيل الكتاب للقاريء؟ بالطبع اتخذ الدكتور فيصل يونس خطوات من قبل، وحدثت بالفعل طفرة في المبيعات، فمتوسط بيع كتب المركز كان 500 ألف نسخة سنوياً، وفي العامين الماضيين وصلت المبيعات لمليوني نسخة، وهذا يعني أننا في الطريق الصحيح، وهدفنا بالطبع أن نرفع المبيعات ونوفر الكتاب بشكل أكبر. لكن علينا معرفة أن الكتاب المترجم له قاريء خاص، وبالتالي سيكون العمل علي تنوع الكتب، وحسن الاختيار وخفض السعر ليكون متاحاً للجميع. ولأنني مع تحسين أجور المترجمين، التي تؤثر سلباً بالطبع علي سعر الكتاب، سأحاول العمل علي تخفيض تكلفة الطباعة مع الحفاظ علي المستوي، وفي هذا السياق أشيد بطبعة سلسلة الجوائز بهيئة الكتاب. ومن ناحية أخري سأعمل علي اختيار الكتب الهامة لعمل طبعة شعبية غير مكلفة، ستكون بالطبع أرخص سعراً، لكن هذا الأمر في حاجة إلي دراسة قبل الإقدام عليها. ومن أجل تحقيق كل ذلك يجب أن أتباطأ قليلاً حتي تنتظم العجلة في الدوران. بالإضافة إلي ذلك نحاول حل مشكلة التوزيع بوضع خطة مع وزارة الثقافة. وأخبرك أنه تم التعاقد بالفعل مع وزارة التعليم لبيع عدد من الكتب ستكون في المكتبة المدرسية، لذلك أدرس الشرائح التي أريد أن أصل إليها، وخلال عام ستظهر السياسة التي أنتهجها، فما أؤسس له الآن لن تؤتي ثماره في يوم وليلة، ولا مانع أن تظهر نتائجه في عهد مدير آخر للمركز. التواصل مع السفارات وبالنسبة لسياسة المركز الخارجية، هل سيتم التعامل مع السفارات ووزارات الثقافة ودور النشر الأجنبية لعمل ترجمة متبادلة من وإلي العربية؟ بدأت بالفعل في عمل مفاوضات مع الناشرين الأجانب لترجمة كتب من العربية إلي اللغات الأجنبية، علي أن يتحملوا هم تكاليف الترجمة من الألف للياء كما نفعل نحن في ترجمة ثقافتهم للعربية، وقد بلغني المستشار الثقافي المصري في إيطاليا أن ناشراً إيطالياً متحمس للتعاون معنا. كما أنني سأزور الصين في غضون أيام لعمل تبادل ثقافي والإتفاق علي ترجمات جديدة، وأعتقد أنني لو تعاونت مع دولتين كل عام سيكون لذلك نتائج جيدة. سأعمل أيضاً علي التواصل مع السفارات هنا للتعاون في ترجمة الثقافة الأجنبية إلي العربية. متطلبات السوق هل لديك خطة محددة في نوعية الكتب في المرحلة القادمة؟ أعمل الآن خريطة للكتب الموجودة، والأولويات ستكون طبقاً لمتطلبات السوق، فالقاريء مثلاً يطلب كتباً عن الكمبيوتر، ويجب أن أنصت له، كذلك كتب الأطفال، هذا بالإضافة للكتب التي ننتجها بالفعل، كالكتب العلمية والأدبية والفكرية. قواعد جديدة ما الذي يشغلك الآن تحديداً؟ أمور كثيرة، منها عمل مكتبة خاصة بالمركز القومي للترجمة. مكتبة وليس منفذ بيع، تضم ترسانة من المعاجم التي تساعد المترجم في عمله، وكتب تنمي ثقافته، وكتب أخري عن الترجمة ودراسات متخصصة فيها. أفكر أيضاً في موضوع جائزة رفاعة الطهطاوي، وأرجح ألا أغير شروطها ولا قواعدها في هذه الدورة حتي لا أحدث ارتباكاً، لكنني بداية من الدورة القادمة سأرسي، مع الهيئة الاستشارية، قواعد جديدة، فأنا أريد أن تتنوع الجائزة في العلوم المعرفية، وأن تشمل كل الترجمات من دور النشر الأخري وليس فقط الصادرة عن المركز، سأناقش كل ذلك فيما بعد، فالأمر سيحتاج إلي تمويل وموازنة، وأنا أحب دراسة كل شيء قبل البدء فيه، وأري أن التغيير يجب أن يكون من أجل وضع نظام جيد، وأميل أن تكون هناك جائزتين واحدة للعلوم الإنسانية والثانية للعلوم البحتة.