د. إبراهيم مجدي طرح الدكتور إبراهيم مجدي، أستاذ الطب النفسي، فكرة لإنشاء أكشاك للفضفضة في محطات مترو الأنفاق علي غرار أكشاك الفتاوي التي نفذتها وزارة الأوقاف. وأكد الدكتور إبراهيم أن الفكرة مفعّلة في عدة دول أهمها الصين واليابان وألمانيا، حيث يتم إنشاء غرفة للصراخ والبكاء في أماكن التجمعات الكبري كالمواصلات العامة ومحطات القطار مما يخلصهم من ضغوطهم وتوترهم ويهيئهم للعمل الجاد مرة أخري، وقد أكدت أبحاثهم العلمية الارتباط الوثيق بين الفضفضة كإحدي وسائل العلاج النفسي وبين زيادة الإنتاجية وكفاءة العمل، إلا أنه يري أن المصريين يفتقدون إلي شجاعة التردد علي العيادات النفسية بالأماكن العامة خوفا من وصمهم بالجنون أو لارتفاع رسوم العلاج كما يروِّج البعض، لذا فإن تذكرة الكشف بالكشك لن تتعدي الخمسة جنيهات لتصبح في متناول الجميع فضلا عن توفير الأدوية المناسبة بأسعار رمزية توفرها أمانة الصحة النفسية. "آخر ساعة" تحاور صاحب الفكرة للاستماع عن قرب لفكرته، والتعرف علي أسباب إقدام بعض الشباب علي الانتحار بمحطات المترو، وهل فقد المصريون إحساسهم بالسعادة والتفاؤل؟.. • ما أسباب طرحك لفكرة إنشاء أكشاك الفضفضة بمحطات مترو الأنفاق؟ يعاني الكثيرون من غياب أشخاص يثقون فيهم ويأتمنونهم علي أسرارهم الخاصة ويلجأون للفضفضة معهم، فهناك الكثير من المشكلات والضغوط الحياتية التي تواجهنا ونحاول البحث عن شخص أمين يستمع إلينا دون شرط حلها، وهذا ما يدفع الكثيرين للذهاب إلي عيادات الطب النفسي للتنفيس عما يدور بخلدهم، فهناك تقنية العلاج بالفضفضة أو المعروفة باسم "الطب النفسي الإيجابي"وتعطي نتائج مذهلة خاصة لمرضي الاكتئاب والقلق المرضي وقد لاحظت الأعداد الكبيرة التي تتردد علي المترو يوميا وتصل الي 4 ملايين راكب بحسب إحصاءات وزارة النقل وقد يكون بين هذا العدد آلاف المرضي ممن يحتاجون زيارة طبيب نفسي ولكنهم يرفضون خوفا من نظرات المحيطين أو لارتفاع سعر الكشف لدي بعض الأطباء، لذا إذا توافرت لهم مكاتب صحة نفسية بمكان يترددون عليه يوميا سيجدون حلولا لمشكلاتهم وحافزا للعمل. هل هناك تصميم خاص للكشك في تصورك؟ وما أهم المحطات التي سيتم إنشاء الأكشاك بها؟ لا شك أن معظم المترددين علي المترو من الطبقتين المتوسطة والدنيا وأغلبهم يعاني من ضيق الحال، لذا فإن سعر التذكرة لن يتعدي الخمسة جنيهات لتصبح في متناول الجميع كما أن تصميم الكشك سيراعي توافر الهدوء وتجنب الإزعاج لتحفيز المرضي علي الفضفضة وليس شرطا الالتزام بشكل العيادات النفسية التقليدية كتواجد الشيزلونج أو نوع موسيقي معينة، فالأهم توافر الثقة والأمان للمريض حتي يبدأ بالفضفضة، وقد راعيت بالفكرة تواجد الأخصائي النفسي الذي يعمل جنبا الي جنب مع الطبيب وتنحصر مهمته في إجراء بحوث نفسية وقياس نسب المرض النفسي مما يجعل تلك الأكشاك مرآة دقيقة لقياس الأرقام الخاصة بالمرض النفسي بمصر ومرجعا للكثير من الجهات في ظل تضارب الإحصاءات، أما أبرز المحطات التي سيتم إنشاء الأكشاك بها فغالبا تلك التي تشهد زحاما وتواجدا جماهيريا كبيرا وتكون قريبة من كبري المستشفيات الجامعية كمحطة الدمرداش القريبة من مستشفي عين شمس والعباسية ومحطة جامعة القاهرة. هل تواصلت مع جهات رسمية لتنفيذها علي أرض الواقع؟ لم تدخل الفكرة حيز التنفيذ إلي الآن، وقد خاطبت الأمانة العامة للصحة النفسية التي عللت بنقص أعداد الأطباء النفسيين لتنفيذ الفكرة فضلا عن الوصم الذي مازال موجودا بعقول الكثيرين عن المرض النفسي، ففي تجربة شبيهة بتلك الأكشاك قامت أمانة الصحة النفسية بإنشاء خمس عيادات نفسية بالمدن الجامعية التابعة لجامعة عين شمس منذ عدة أعوام كمحاولة لاستقطاب الطلاب للفضفضة والتحدث عن مشكلاتهم في ظل كونهم مغتربين وينتمون لثقافات مختلفة الا أن التجربة لم تنجح بالشكل الكافي وسجلت حضورا باهتا للطلاب الذين خافوا من شبح الجنون علي حد اعتقادهم. ماذا عن الأخصائي النفسي بالمدارس والجامعات؟ للأسف أصبحت تلك المهنة غائبة عن مدارسنا وجامعاتنا بالرغم من وجودها علي الورق فقط، ففي الدول الأوربية يولون أهمية كبري علي الأخصائيين النفسيين في قياس نسب المرض النفسي لدي الأطفال، وأبرز أنواعه كما يطورون من أدائهم ليستطيعوا دعم الطلاب نفسيا ودمجهم مع المجتمع بشكل صحي كذلك في الجامعات التي تشهد مشكلات عدة كإدمان المخدرات أو العلاقات النفسية غير السوية فيبذلون جهودهم لاستقطاب الطلاب وبناء علاقات صداقة قوية تساهم في حل مشكلاتهم ولكن بمصر لم تتعد كونها وظائف إدارية فقط. أثير الحديث عن وجود خلاف بينك وبين سما المصري حول الملكية الفكرية للأكشاك.. ما تعليقك؟ بعد طرحي للفكرة بأحد البرامج التليفزيونية فوجئت بقيام الفنانة بتقديم مقترح بخطاب رسمي لهيئة مترو الأنفاق لتنفيذها ونسبت الفكرة لنفسها مما دفعني للتواصل معها وقد تفهمت الموضوع واعتذرت لسوء الفهم وحاليا نتواصل سويا بشكل لائق فالهدف واحد ويصب في المصلحة العامة. البعض يروِّج لفكرة أن المصريين تخلوا عن تفاؤلهم وأصبحوا شعبا مليئا بالمشكلات النفسية.. ما رأيك؟ يعتبر الشعب المصري من أكثر الشعوب تفاؤلا علي الرغم من الضغوط التي يواجهونها ومقارنة بشعوب تعيش في مستويات اقتصادية وفكرية عالية، إلا أن المواطن المصري يستطيع الحصول علي سعادته بشتي الطرق وهناك مؤشرات تدل علي ذلك، فالتفافهم حول مباريات كرة القدم وتشجيعهم لها بكل حماسة وفخرهم باللاعب الدولي محمد صلاح دليل علي تفاؤلهم وطموحهم، كذلك تلذذهم بوجبة الفول والطعمية في ساعات الصباح الأولي وابتداعهم للنكتة في الأوقات القاحلة يدحض تلك الفكرة فالمريض النفسي دوما ما ينظر للحياة بشكل سوداوي ولا يري فيها أي سعادة. ظهرت مؤخرا مؤشرات للسعادة وتم ترتيب الدول علي أساسها.. فماذا عن ترتيب مصر بها؟ دوما ما تختلف مؤشرات السعادة من شخص لآخر ومن مجتمع لثانٍ، فهناك مجتمعات تنظر للسعادة علي كونها متعة مادية ودخلا اقتصاديا أعلي وهناك من ينظر إليها علي كونها انتصارات علمية وحجز مقعد متقدم بين الدول وغالبا ما تكون تلك المؤشرات غير واقعية ولا تعد مرجعا علميا فهي متغيرة من عام للتالي وتعد بحسب مقاييس معينة. هل تؤثر السوشيال ميديا علي مستخدميها وتجعلهم يشعرون بالعزلة بحسب بعض الآراء؟ كثير من الأهالي يشكون من انعزال أبنائهم بالساعات علي مواقع التواصل الاجتماعي والجروبات المشبوهة فضلا عن الألعاب العنيفة والتعرض لبعض حالات التنمر وهذا ما يجعل البعض ينظر للسوشيال ميديا علي كونها نقمة ولكن كافة الوسائل الإلكترونية دوما ما لها جانب إيجابي وسلبي ولابد من تحفيز المستخدم ليكون إيجابيا سواء من خلال تدشين جروبات إيجابية تنشر أنماط الحياة النفسية السليمة كالموسيقي والمدونات مع نشر الأخبار المفرحة ومحاولة مساعدة الغير فذاك يقضي علي الشعور بالوحدة والاكتئاب المرضي ومن الممكن أيضا استخدام مواقع التواصل الاجتماعي في جلسات العلاج الجماعي اذا لم يتمكنوا من الذهاب للعيادات النفسية.