في الوقت الذي توافق فيه لجنة الإسكان بالبرلمان علي قانون مؤقت لمدة عام للتصالح في مخالفات البناء مقابل سداد غرامة للدولة، تسجل مصر أعلي معدل للبناء المخالف خلال سبعة عشر عاما، بعد أن بلغ عدد المباني المخالفة 2.878 مليون مبني، بين أعوام 2000 و 2017 وفقا لتقرير وزارة التنمية المحلية. ورغم صدور أكثر من 2.6 مليون قرار إزالة لهذه المباني المخالفة، لم ينفذ منها سوي نحو 633 الف قرار، لأسباب مختلفة علي رأسها الدراسة الأمنية ،بينما يظل مايقترب من 44 ألف مبني مخالف يشكل خطورة ولم تنفذ قرارات الإزالة بشأنها جميعا، ورغم ذلك نتعجب وننزعج كلما إنهار عقار علي سكانه، ويبدو أن مجرد إصدار قرار إزالة هو الواجب التقليدي الذي تقوم به الإدارات المحلية لإخلاء مسئوليتها نحو فوضي المخالفات، ولو ظلت مجرد حبر علي ورق، حتي أن أحد المحافظين صرح خلال مناقشة برلمانية أنه يضيع ساعتين من وقته يوميا للتوقيع علي قرارات إزالة لمبان مخالفة دون أن تنفذ ! الآن قررت الحكومة مع البرلمان أن الوقت قد حان للتصدي لمخالفات البناء التي توحشت علي مدي سنوات، وتمت الموافقة علي مشروع قانون يجيز التصالح في الأعمال التي ارتكبت بالمخالفة لأحكام القوانين المنظمة للبناء، عدا الأعمال التي تخل بالسلامة الإنشائية والتعدي علي خطوط التنظيم وحقوق الارتفاع ومخالفات أماكن إيواء السيارات، ومخالفات المنشآت ذات الطراز المعماري المتميز، وتجاوز قيود الارتفاع للطيران المدني، أو متطلبات الدفاع عن الدولة، والبناء علي الأراضي الخاضعة لقانون حماية الآثار، و الأراضي المملوكة للدولة، والبناء علي الأراضي الزراعية، وتشكيل لجان بكل محافظة لقبول الطلبات وفحصها ومعاينة المواقع وتقديم تقرير عنها قبل قبول التصالح أو رفضه، وتحدد اللجان قيمة المبالغ المطلوبة في حال التصالح وفقا لسعر محدد للمتر في كل منطقة. وحتي يصدر القانون ثم اللائحة التنفيذية ويبدأ العمل به سوف تضاف آلاف المخالفات الجديدة في كل أنحاء مصر، ويستمر سقوط عقارات صدرت قرارات إزالة لها ولم تنفذ، لأن المخالفين يجيدون الإلتفاف علي كل القوانين.