15% زيادة في أسعار الدواجن بالأسواق المحلية رغم استقرار أسعار العلف    وزير العمل يقرر رفع الحد الأدنى لأجور العاملين بمجلة الوزارة ل6000 جنيه    رئيس "المركزى للتعمير": الجهاز نفذ 450 كم طرق بالساحل الشمالى الغربى    محافظ بني سويف يتابع انتظام العمل بسوق بيع السيارات    الإسكان تتابع جهود قطاع المرافق لتعظيم الاستفادة من الحماة المنتجة من محطات معالجة الصرف الصحي    قصف إسرائيلى مكثف على غزة.. وكارثة صحية بعد توقف محول مستشفى شهداء الأقصى    إيران تكشف اللحظات الأخيرة فى حياة الرئيس الإيرانى.. تحقيقات الجيش تنفى شبهات المؤامرة ضد رئيسى وعدم رصد أى نشاط مشبوه فى مسار الرحلة.. النيران اندلعت بالمروحية بعد ارتطامها بالأرض.. والحادث لا يزال قيد التحقيق    واشنطن تدرس تعيين مسئول أمريكى للإشراف على قوة فلسطينية فى غزة بعد الحرب    "حان وقت الشباب".. جيرو يعلن اعتزاله دوليًا بعد يورو 2024    تشافي يستعد للرحيل.. موعد الإعلان الرسمي عن تعاقد برشلونة مع المدرب الجديد    أشرف بن شرقي يقترب من الدوري السعودي    إقبال على شواطئ الغردقة فى أول ويك إند بعد الامتحانات.. فيديو    ضبط المتهمين بإجبار مواطن على سحب أموال من صراف آلى تحت تهديد السلاح    التعليم: 815 ألف طالب يؤدون امتحانات الدبلومات الفنية غدا.. و3100 طالب بمدارس التكنولوجيا التطبيقية    عاجل.. أنباء عن العثور على آخر ضحايا حادث معدية أبو غالب    ضبط 4 أشخاص بحوزتهم 7 كيلو مخدرات من الحشيش والآيس بالقليوبية    المرصد الأورومتوسطى: وثقنا عددا كبيرا من حالات تعذيب الفلسطينيين بسجون الاحتلال    4 أفلام تتنافس على جوائز الدورة 50 لمهرجان جمعية الفيلم    الإسلام الحضاري    وزارة الثقافة تحتفي بأعمال حلمي بكر ومحمد رشدي بحفل ضخم (تفاصيل)    تجديد ندب أنور إسماعيل مساعدا لوزير الصحة لشئون المشروعات القومية    الأكاديمية العسكرية تنظم زيارة لطلبة الكلية البحرية لمستشفى أهل مصر    تعرف على مباريات اليوم في أمم إفريقيا للساق الواحدة بالقاهرة    مجلس أمناء جامعة الإسكندرية يوجه بضرورة الاستخدام الأمثل لموازنة الجامعة    موعد ومكان تشييع جنازة شقيق الفنان مدحت صالح    نقل شعائر صلاة الجمعة المقبلة من ميت سلسيل بالدقهلية    وزير العمل يشهد تسليم الدفعة الثانية من «الرخص الدائمة» لمراكز التدريب    العنب لمرضى القولون العصبي- هل هو آمن؟    رئيس الأركان يتفقد أحد الأنشطة التدريبية بالقوات البحرية    بوتين يصحّح لنظيره لوكاشينكو تعليقه على محادثاته مع ملك البحرين في موسكو    الشرطة الإسبانية تعلن جنسيات ضحايا حادث انهيار مبنى في مايوركا    سويلم يلتقى وزير المياه والري الكيني للتباحث حول سُبل تعزيز التعاون بين البلدين    مصرع 14 شخصاً على الأقلّ في حريق بمبنى في وسط هانوي    اليابان تجمد أصولا تابعة لكيانات مرتبطة بصادرات الأسلحة الكورية الشمالية إلى روسيا    «الأهلى» يتمسك بالنجمة ال 12    عائشة بن أحمد تروي كواليس بدون سابق إنذار: قعدنا 7 ساعات في تصوير مشهد واحد    هشام ماجد: الجزء الخامس من مسلسل اللعبة في مرحلة الكتابة    النشرة المرورية.. سيولة فى حركة السيارات على محاور القاهرة والجيزة    «المعلمين» تطلق غرفة عمليات لمتابعة امتحانات الدبلومات الفنية غدًا    حملات توعية لترشيد استهلاك المياه في قرى «حياة كريمة» بالشرقية    الصحة العالمية: شركات التبغ تستهدف جيلا جديدا بهذه الحيل    "صحة مطروح" تدفع بقافلة طبية مجانية لخدمة أهالي قريتي الظافر وأبو ميلاد    حظك اليوم برج العقرب 24_5_2024 مهنيا وعاطفيا..تصل لمناصب عليا    «الإفتاء» توضح مناسك الحج بالتفصيل.. تبدأ بالإحرام    «الإفتاء» توضح نص دعاء السفر يوم الجمعة.. احرص على ترديده    «العدل الدولية» تحاصر الاحتلال الإسرائيلي اليوم.. 3 سيناريوهات متوقعة    مقتل مُدرس على يد زوج إحدى طالباته بالمنوفية    الحج بين كمال الإيمان وعظمة التيسير.. موضوع خطبة اليوم الجمعة    مدرب الزمالك السابق.. يكشف نقاط القوة والضعف لدى الأهلي والترجي التونسي قبل نهائي دوري أبطال إفريقيا    نقابة المهندسين بالغربية تنظم لقاء المبدعين بطنطا | صور    جهاد جريشة: لا يوجد ركلات جزاء للزمالك أو فيوتشر.. وأمين عمر ظهر بشكل جيد    أوقاف الفيوم تنظم أمسية دينية فى حب رسول الله    شخص يحلف بالله كذبًا للنجاة من مصيبة.. فما حكم الشرع؟    نقيب الصحفيين يكشف تفاصيل لقائه برئيس الوزراء    هيثم عرابي: فيوتشر يحتاج للنجوم.. والبعض كان يريد تعثرنا    اليوم.. الأوقاف تفتتح 10 مساجد بالمحافظات    سورة الكهف مكتوبة كاملة بالتشكيل |يمكنك الكتابة والقراءة    وفد قطرى والشيخ إبراهيم العرجانى يبحثون التعاون بين شركات اتحاد القبائل ومجموعة الشيخ جاسم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نفذنا العملية بتكليف من مرشد الإخوان وعبد الناصر أنقذني من الإعدام
في ذكري محاولة اغتيال عبد الناصر.. «الأخبار» تحاور خليفة عطوة المتهم الثالث في القضية
نشر في أخبار الأدب يوم 24 - 10 - 2018


خليفة عطوة خلال حواره مع »الأخبار«
الهضيبي انتظر نجاح المهمة لإعلان بيان دعم نجيب
الهضيبي أقسم كذبا علي المصحف بعدم معرفتنا فبصق المتهم الأول في وجهه وقال له »انت كافر»‬
عبد الناصر استدعاني وزميلي بعد المحاكمة فاعتقدنا أنه يريد قتلنا بنفسه فعفا عنا
الجماعة ضمت عناصر غير إخوانية لخلية التنفيذ حتي تتبرأ من العملية إذا فشلت
قائد الخلية أبلغ البوليس بأسمائنا بعد فشل الخطة ليصبح
»‬شاهد ملك»
الإخوان انضموا لمعسكرات الفدائيين ضد الإنجليز بهدف التدريب وليس
قتال الاحتلال
في السادس والعشرين من أكتوبر عام 1954 يقف الرئيس جمال عبد الناصر في ميدان المنشية يخطب في جموع الشعب.. قبلها بأيام كانت جماعة الإخوان قد وضعت خطة اغتياله وتشكلت خلية التنفيذ وتحدد الموعد والمكان في ميدان المنشية بالإسكندرية أثناء إلقاء الخطاب.. بدأ عبد الناصر الخطاب واتخذ المنفذون أماكنهم انتظارا لإشارة التنفيذ وفجأة خرجت رصاصات عضو الجماعة محمود عبد اللطيف تجاه عبد الناصر لكن يشاء القدر ألا تصيبه.. بعدها بدقائق يتم إلقاء القبض علي الخلية المنفذة لتحال إلي المحاكمة وتتوالي المفاجآت.. »‬الأخبار» التقت خليفة عطوة المتهم الثالث في القضية في شهادة ورواية للتاريخ في قضية محاولة اغتيال الرئيس الراحل جمال عبد الناصر.
ملفات قضية محاولة اغتيال الرئيس عبد الناصر تشير وبوضوح تام إلي تورط جماعة الإخوان فيها ورغم ذلك فقد دأبوا كعادتهم إلي الإنكار بل والزعم بأن الرئيس عبد الناصر دبر المحاولة بهدف استغلالها للتخلص منهم وفي هذا المسار سارت أكاذيبهم التاريخية واستطاعوا علي مدار ستين عاما الترويج ببراعة لتلك الكذبة لكن رغم ذلك لم تخلُ اعترافات الكثير من قادتهم من تورط الجماعة في محاولة الاغتيال فاعترفت زينب الغزالي القيادية الإخوانية بأن الجماعة حاولت اغتيال عبد الناصر 19 مرة وأكد القيادي التاريخي في الجماعة فريد عبد الخالق أنه كان علي علم بهذه الخطة وأن الفكرة كانت سائدة في أوساط ليست بقليلة في صفوف الإخوان، وإنه فور علمه بالخطة نقلها علي الفور إلي المستشار حسن الهضيبي المرشد في ذلك الوقت لكن الهضيبي حسب زعم عبد الخالق استنكر ذلك وقال عبد الخالق إنه التقي بعض منفذيها وعندما سئل لماذا لم تبلغ عبد الناصر عن نية بعض الأفراد اغتياله مادامت الجماعة ترفض ذلك قال إنه لم يكن علي يقين أن هناك عملية بالفعل!!!!! ومؤخرا اعترف القيادي الإخواني الهارب في تركيا عصام تليمة بمسئولية الإخوان عن محاولة اغتيال عبد الناصر وقال إنه يعرف من تورطوا فيها وأن أحدهم مازال حيا و»مستشيخ» وإن مرشد الجماعة مأمون الهضيبي كان يعرف من أطلق النار علي عبد الناصر في حادث المنشية ولكن أغُلقت أفواه الناس عنها بأمر صدر من المستشار مأمون الهضيبي. وقال »‬تليمة» إنه كان شاهداً علي منع مرشد الجماعة أشخاصاً كانت شهادتهم مهمة.
اعتراف
لكن أخطر الشهادات وأهمها جاءت علي لسان محمود عبد اللطيف الإخواني الذي أطلق الرصاص علي عبد الناصر في المنصة والذي اعترف بأنه أخذ الأوامر من الجماعة وأنهم خدعوه وكتب عبد اللطيف خطابا للمحكمة قال فيه:
»‬أنا محمود عبد اللطيف انضممت إلي الإخوان المسلمين في سنة 1942، كان اعتقادي في هذه المرة أن هذه الجماعة تعمل لله، وأن قادة الإخوان لا يأمرون إلا بما فيه خير الإسلام والمسلمين، فكنت أسمع كل أمر في طاعة، دون تردد أو مناقشة وكنت أعيب علي بعض الطلبة حين يناقشون في أي أمر، وأقول في نفسي إن الطلبة عندهم حب الجدال في أي شيء.. وكان كل أمر يأتيني من الإخوان أري أن في طاعة هذا الأمر طاعة لله خالصة. حتي ضموني إلي النظام السري.
وقبل الحادث بأسبوع جاءني تكليف باغتيال الرئيس جمال عبد الناصر وأحضر لي هنداوي دوير القيادي الإخواني السلاح.. وقال لي سر علي بركة الله.. فسافرت إلي الإسكندرية وارتكبت الحادث. ومن نعمة الله عليّ أني لم أذهب بدماء الرئيس جمال عبد الناصر. وأقف بين يدي الله بها..
وأضاف: »‬أحب أن أنبه جميع المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها. بألا يأخذوا من أي واحد يثقون به من المسلمين أمرا. حتي يتبينوا حقيقته. أهو لله والإسلام.. أم لغير ذلك.
اتفاق
في مدينة الزقازيق بمحافظة الشرقية التقت »‬الأخبار» خليفة عطوة صاحب ال 86 عاما وسألته كيف انضممت إلي خلية اغتيال الرئيس عبد الناصر ؟
يجيب خليفة.. القصة بدأت منذ أن انضممت إلي معسكرات الفدائيين لمواجهة الاحتلال الإنجليزي وقتها تدربت وزملائي علي يد مجموعات من الضباط الأحرار من بينهم كمال رفعت وكمال الدين حسين ولم نعرف بطبيعة الحال أنهم من الضباط الأحرار كنا نقوم بعمليات فدائية وانضم إلينا الكثير من شباب مصر كان الحماس يسيطر علينا كانت قضيتنا الأولي والأخيرة هي جلاء الإنجليز عن مصر خاصة وأن حالة الاحتقان بين المصريين كانت قد وصلت ذروتها في أعقاب هزيمة فلسطين 1948..
في تلك الأثناء انضم إلي معسكرات المقاومة مجموعة من شباب الإخوان المسلمين وقتها لم يكن يعنينا الاتجاه السياسي للمقاومين فنحن جميعا مصريون ونرحب بكل من ينضم لمحاربة الاحتلال لكن للحقيقة وجدنا شباب الإخوان المنضمين إلينا يبتعدون عن المقدمة وغالبا ما تكون مهامهم بعيدة عن القتال الحقيقي وعرفنا بعد ذلك أن الجماعة أرسلتهم فقط للتدريب والاستفادة منهم فيما بعد وكان الهدف أن يعيشوا أجواء المعركة دون قتال..
وبعد قيام ثورة يوليو 1952 كان الإخوان يضغطون بكل الطرق للوصول إلي الحكم فقد توهموا أن مسانداتهم للثورة سوف تتيح لهم حكم مصر وبالفعل اتفقوا مع عبد الناصر علي تقلد بعض الوزارات لكنهم انسحبوا في اللحظة الأخيرة طلبا للمزيد من السلطة وحدث خلاف كبير بينهم وبين عبد الناصر فانقلبوا عليه وعلي الوطن كله وأطلقوا شائعات لوقف مسيرة نهضة البلاد بالضبط كما يفعلون الآن..
واستغلت الجماعة توقيع عبد الناصر لاتفاقية الجلاء عام 1954 وحاولوا بشتي الطرق تشويهها ونشر الشائعات حولها وبثوا الكثير من الأكاذيب ضد عبد الناصر وقالوا إنه خائن وعميل للأمريكان وأن الاتفاقية ستسمح ببقاء الإنجليز عشرين شهرا آخرين وستمنح الإنجليز قواعد عسكرية في مصر..
الحقيقة نجحت الجماعة ومعها بعض القوي السياسية المختلفة مع عبد الناصر في التأثير علي بعض الشباب المتحمس وكنت أحد هؤلاء الشباب ومعي عدد من زملائي في الجامعة حيث التقيت أنا وأنور حافظ ومحمد علي نصيري وكنا من محافظة الشرقية مع هنداوي دويري ومحمود عبد اللطيف »‬ سمكري »‬ وعرفت أنه قد صدر تكليف من المرشد العام للإخوان المسلمين حسن الهضيبي باغتيال الرئيس عبد الناصر واتفقنا بالفعل علي التخطيط للعملية وتنفيذها.
خدعة
كيف وثقت بك الجماعة للانضمام إلي عناصرها لتنفيذ عملية الاغتيال رغم أنك لم تكن إخوانياً ؟
كانت عناصر الإخوان يعرفونني جيدا في الجامعة ولمسوا غضبي الشديد تجاه عبد الناصر بسبب الاتفاقية وتأثري بما روج له الإخوان فضلا عن ذلك فإن الجماعة كانت تريد إدخال عناصر أخري من المنفذين حتي تنفي تورطها في العملية أو مسئوليتها عنها في حال فشلها فقد كنت أنا وأنور حافظ من خارج الجماعة وكان هنداوي دويري ومحمود عبد اللطيف ومحمد علي نصيري من الإخوان.
كيف تأكدت أن العملية تكليف من الجماعة وليست عملية فردية من مجموعة من الشباب المتحمس كما ادعي البعض بعد ذلك؟
نحن قابلنا المستشار الهضيبي قبل العملية وبارك الأمر وأثني علينا وكان ذلك في فيلا حسن صبري بالإسكندرية وكان ينتظر نجاح العملية ليذيع محمد نجيب بيان اغتيال عبد الناصر والسيطرة علي الحكم بمساعدة الإخوان فقد اتفق الإخوان مع محمد نجيب علي ذلك بعد أن أقنعوا نجيب أن عبد الناصر استحوذ علي كل شيء وأصبح بطلا ولم يعد لك أهمية بالنسبة له.
جريمة
كونتم خلية بتكليف المرشد ثم قابلتموه وماذا حدث بعد ذلك؟
استأجرنا غرفة في لوكاندة بالإسكندرية وحددنا الأدوار بدقة فقد ارتديت أنا وأنور حافظ ملابس الحرس الوطني وصعدنا أعلي المنصة وكانت مهمتي إعطاء الإشارة لمحمود عبد اللطيف بإطلاق النار علي عبد الناصر في الوقت المناسب وبالفعل جهز محمود عبد اللطيف مسدسين من نوع »‬براوننج» ألماني واتخذ مكانه بجوار تمثال سعد زغلول وارتدي محمد علي نصيري حزاما ناسفا واتفقنا أن يحتضن جمال عبد الناصر ويفجر نفسه فيه في حالة عدم إصابته بالرصاص..
وبدأ عبد الناصر إلقاء خطابه وانتظرت حتي بدأ عبد الناصر ينفعل ويندمج في الحديث فأشرت بيدي إلي محمود عبد اللطيف لإطلاق الرصاص وبدأ محمود عبد اللطيف في التصويب علي قلب عبد الناصر لكن عبد الناصر وقتها كان يشيح بيده لأعلي فمرت الرصاصة بين ذراعه وكتفه ولم تصبه وأصابت أحمد بدر سكرتير هيئة التحرير بالإسكندرية في رأسه وسقط علي الفور قتيلا وأصابت الرصاصة الثانية المرغني حمزة زعيم الطائفة الخاتمية بالسودان وحدثت حالة من الهرج وقال عبد الناصر عبارته الشهيرة »‬أيها الشعب..
أيها الرجال الأحرار.. جمال عبد الناصر من دمكم، ودمي لكم، سأعيش من أجلكم، وسأموت في خدمتكم، سأعيش لأناضل من أجل حريتكم وكرامتكم. أيها الرجال الأحرار.. أيها الرجال.. حتي لو قتلوني فقد وضعت فيكم العزة، فدعوهم ليقتلوني الآن، فقد غرست في هذه الأمة الحرية والعزة والكرامة، في سبيل مصر وفي سبيل حرية مصر سأحيا، وفي خدمة مصر».
وعندما عرفت أن المحاولة فشلت بعد إطلاق الرصاصة الأولي أشرت إلي محمود عبد اللطيف بالتوقف فأصابتني رصاصات في ذراعي ووجدت الأطقم الطبية تساعدنا في إيقاف النزيف خاصة وأن إطلاق النار أصاب حوالي 7 أشخاص وأرداهم قتلي وبعد انتهاء الخطاب وأثناء علاجي في نفس المكان فوجئت بالبوليس وقد أتي لإلقاء القبض علي.
خيانة
وكيف عرف البوليس أنك من خلية الاغتيال بهذه السرعة ؟
هذه هي المفاجأة الصادمة بالنسبة لي وللخلية كلها فعندما علم قائد الخلية الإخواني هنداوي دوير بفشل العملية قام بخيانتنا وذهب إلي قسم باب شرق بالإسكندرية وأبلغ عن أسمائنا حتي يصبح »‬شاهد ملك» ولا يعاقب..
وقام البوليس علي الفور بالقبض علينا وتم ترحيلنا إلي سجن القلعة وبسرعة شديدة عقدت محكمة عسكرية ضمت جمال سالم وأنور السادات وحسين الشافعي وعندما استجوبونا اعترفنا بكل شيء وقلنا إن الدافع لاغتيال عبد الناصر هو توقيعه اتفاقية الجلاء التي ستؤخر جلاء الإنجليز عن مصر..
واعترفنا أننا أخذنا التكليف من حسن الهضيبي مرشد الإخوان وبسرعة شديدة تم الحكم علينا بالإعدام رميا بالرصاص.
لكن الهضيبي أنكر في المحاكمة أنه علي علاقة بالخلية؟
ليس هذا فقط فقد أنكر في بداية المحاكمة وقال لا أعرف هؤلاء الأشخاص فطلب منه أنور السادات بدهائه المعهود أن يحلف علي المصحف فحلف الهضيبي إنه لا يعرفنا فهاج محمود عبد اللطيف الذي أطلق الرصاص علي عبد الناصر وقال له »‬يا كافر يا ابن الكافر بتحلف كذب». ثم بصق عليه.
وهذا أمر طبيعي فمحمود عبد اللطيف كان يعمل »‬سمكري» وكان يعتقد أن مرشد الإخوان استحالة أن يكذب وأن الإخوان رجال دعوة ودين وعندما وجده يكذب وينكر معرفته لنا كانت صدمته شديدة وجاء رد فعله بهذه الطريقة..
والحقيقة أن جمال سالم كان عصبيا جدا وسأل الهضيبي أتحفظ الفاتحة فأجابه علي الفور نعم..
فقال له »‬اقرأها لي بالعكس» فانزعج الهضيبي وقال دا حرام.. فقال له سالم »‬وانتو تعرفوا الحرام ما أنت لسه حالف علي المصحف كذب».
قلت إن محمد علي نصيري كان يرتدي حزاما ناسفا لماذا لم يفجر نفسه في الرئيس عبد الناصر كما كان مخططا ؟
ارتبك النصيري ارتباكا شديدا خاصة بعد أن التف الضباط والحرس حول الرئيس عبد الناصر فترك نصيري الموقع وهرب.
عفو
وكيف أفلت من حكم الإعدام ؟
بعد المحاكمة أعادونا لسجن القلعة مرة أخري.. كنت في انتظار الإعدام في أي وقت وقتها كنت أفكر فيما جري وكيف تحولت من فدائي يهب كله حياته لبلده إلي مجرم يشترك في قتل زعيم مثل عبد الناصر يعشقه المصريون..
كنت أتساءل كيف نجحت جماعة الإخوان في بلبلة أفكاري والتأثير عليّ وأنا شاب جامعي..
كانت لحظات قاسية جدا.. وبعد أيام دخل عليّ ضباط من البوليس المصري وأخذوني في سيارة جيب أنا وزميلي أنور حافظ توقعت وقتها أننا ذاهبون للإعدام..
لكن فوجئت أنهم أخذوني إلي مقر قيادة الثورة علي النيل وأدخلونا في غرفة فوجدت عبد الناصر يجلس علي مكتبه وينظر في أوراق أمامه..
وقتها أصابنا الرعب قلت بالتأكيد أحضرنا ليقتلنا بنفسه..
الدقائق تمر بصعوبة بالغة وعبد الناصر لا يتحدث ولا ينظر إلينا ومشغول بأوراق أمامه..
ثم قطع حالة الصمت بسؤالنا انتو ليه كنتم عايزين تقتلوني يا شباب ؟..
وهل الكلام اللي قدامي في التحقيقات دا صحيح؟.. هل حد ضغط عليكم أو اتعرضتم للتعذيب؟..
فقلنا لم يضغط علينا أحد وكل ما جاء في التحقيقات مضبوط وحاولنا اغتيالك بسبب اتفاقية الجلاء التي ستسمح ببقاء الإنجليز عشرين شهرا بالإضافة إلي وجود قواعد عسكرية في القناة وتتيح للإنجليز العودة مرة أخري إذا تم الاعتداء علي أي دولة من دول حلف بغداد ونحن اعتبرناك خائنا للبلد..
ضحك عبد الناصر وبدأ يناقشنا بهدوء وقال من قال لكم هذا الكلام فقلنا الإخوان والوفديون فقال الإخوان والوفديون يريدون عودة الملك مرة أخري وقال ملفاتكم أمامي يظهر منها إنكم شباب جامعي وطني اشتركتم مع الفدائيين ولكم تاريخ مشرف..
بعد أن انتهينا من المناقشة سألنا عبد الناصر.. »‬فطرتو يا ولاد» فصمتنا فطلب إحضار إفطار لنا واحضر سندوتشات فول وطعمية ثم أخذونا في سيارة جيب مرة أخري وتوقعنا أننا ذاهبون مرة أخري إلي سجن القلعة لكن السيارة اتجهت إلي شبرا ثم بنها ونحن لا نعرف إلي أين سنذهب حتي وصلنا إلي منازلنا في الشرقية ونحن لا نعرف ما الذي يحدث.. وعندما طرقنا علي باب المنزل سمعت والدتي صوتي فأغشي عليها في الحال.. وعرفت بعد ذلك أن الرئيس عبد الناصر كان قد خفف الحكم علينا من الإعدام إلي 25 عاما وبعد أن قابلنا قرر العفو عنا تماما.
وكيف عملت مع الرئيس عبد الناصر بعد ذلك؟
بعد الإفراج عنا بأيام ظهرت نتيجة البكالوريوس وفوجئنا باستدعائنا مرة أخري من الرئيس عبد الناصر الحقيقة عاد القلق يسيطر علينا مرة أخري وعندما وصلنا هنأنا عبد الناصر بالنجاح وقال و»هتشتغلو فين» فأجبنا »‬يا ريس ومين هيرضي يشغلنا بعد اللي عملناه» فضحك وطلب علي صبري وقال له »‬الولاد دول بلدياتك فرد صبري للأسف يا ريس»..
فقال له عبد الناصر »‬خدهم شغلهم معاك» وبالفعل عملنا في مكتب توثيق وتنقية المعلومات بمجلس الوزراء ثم مكتب السكرتارية الخاص بالرئاسة بعد ذلك.
كذب
لكن مازال الإخوان يروجون بأن محاولة الاغتيال كانت تمثيلية نفذها عبد الناصر للتخلص منهم ؟
الإخوان كاذبون والوقائع ثابتة تماما وليس بها أي لبس أو غموض لكن هي عادتهم التي جُبلوا عليها هم خبراء في التضليل والكذب وهم مستمرون فيه حتي الآن. الإخوان هو »‬خازوق» وضعه الإنجليز في مصر عندما علموا أنهم سيتركون مصر لذلك فقد صنعوا الجماعة ودعموها بالمال حتي تصبح كيانا معطلا لأي تقدم في مصر..
فالمنطق يقول كيف لموظف بسيط مثل حسن البنا أن يقابل أكبر رتبة إنجليزية في مصر وهو الحاكم العسكري الإنجليزي بكل سهولة إلا إذا كان البنا عميلا له وكيف لانجلترا أن تدعم كيانا إسلاميا مخالفا لدينها وأهدافها إلا إذا كان الغرض منه هو خدمة مصالحهم منذ الاحتلال وحتي الآن.. ولماذا اختارت الجماعة أن تعبر عن الإسلام بشعار السيفين وتضع بينهما المصحف وكأنها تتعمد تشويه صورة الإسلام وتشير إلي أن الإسلام دين قتل وعنف.
هل كان المشاركون في محاولة الاغتيال من التنظيم الخاص المسلح؟
عرفنا بعد ذلك أن محمود عبد اللطيف كان عضوا بالتنظيم الخاص وكان هنداوي دوير ومحمد علي نصيري من الإخوان.. وبمناسبة التنظيم الخاص للإخوان فأنا علي يقين أن التنظيم الخاص هو من اغتال حسن البنا نفسه بعد أن تبرأ منهم وكفرهم في بيانه »‬ليسوا إخواناً وليسوا مسلمين» الذي أصدره بعد اغتيال التنظيم الخاص للنقراشي باشا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.