البابا شنودة أقامت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية متحفاً لقداسة البابا شنودة الراحل المعرض مقام بالمركز الثقافي القبطي بالكاتدرائية المرقسية، ويضم المقتنيات الخاصة التي احتفظ بها منذ ترهبنه وحتي آخر أيام حياته. المتحف افتتحه الأنبا باخوميس، القائم بمقام البطريرك، ووزير الآثار محمد إبراهيم. كما صدر عن الهيئة العامة للكتاب الديوان الكامل لأشعار البابا المصري الراحل، والذي جمعه وأعده د.محمد سالمان، عضو رابطة الأدب الإسلامي العالمية . الديوان يقع في 165 صفحة من الحجم المتوسط ، ويتضمن مقدمة، أشبه بسيرة ذاتية لقداسة البابا، ثم دراسة أكاديمية لشعر البابا وأخيرا مجموعة من قصائد البابا مع نسبها لبحورها الشعرية. الدكتور سالمان، أكد، في دراسته أن البابا لم يسع أن يكون شاعراً، ولكنه قال شعرا بالفطرة النقية والسلامة اللغوية والموسيقي الشعرية التي لازمت اذنيه منذ سنوات الصبا. البابا شنودة شاعر مفكر يمكننا أن نضعه في زمرة شعرائنا الرومانتيكيين - أحيانا- فنراه يلتقط فكرة عابرة فيتأملها بعمق ليصيغها شعرا كما في قوله "يا تراب الارض ياجدي وجد الناس طرا/أنت اصل لي انت يا اقدم من ادم عمرا". والبابا - كما يؤكد دكتور سالمان- شاعر ناسك عابد لم ينس للحظة أنه راهب خالع عن كاهله مفاتن الدنيا ومباهجها ويتضح ذلك في قصيدة "هوذا الثوب"، مثلا. من يقرأ شعر البابا يلحظ أثر الرهبنة والعزلة كما يلحظ الاغتراب بشكل كبير، الأمر الذي تردد صداه علي مدار أكثر من قصيدة طويلة فضلاً عن المقطوعات القصيرة كما يلحظ المتأمل في شعره مدي ارتباطه بالشعر المهجري من أمثال إيليا أبو ماضي وجبران خليل جبران، هذا الارتباط ربما يعود إلي طبيعة النشأة والتكوين الثقافي فإذا كان الشعراء المهجريون قد تربوا في الكنائس والأديرة والمدارس الدينية .وهو نفس المناخ الذي تربي فيه البابا ويطرح الدكتور سالمان قصيدة البابا ( كيف انسي )في مقارنة مع قصيدة ايليا ابو ماضي ( الطلاسم). كما يؤكد الدكتور سالمان علي عشق البابا للتراث بكافة أشكاله العربي والديني والتاريخي ولذلك عدة أشكال في شعره استعمال الاسماء التراثية ذات الدلالة واستعمال القصص التاريخية ومحاكاة القصيدة عن طريق المعارضة كما قدم معارضة البابا لقصيدة الحصري القيرواني وهي قصيدة ذائعة الصيت. البابا تأثر كثيرا بالموشحات الاندلسية، حسبما يري سالمان، فكثيرا ما نظم علي أشكالها فتجد القافية المتنوعة في القصيدة الواحدة لكل مقطع قافيته عدا بيت أو بيتين في نهاية المقطع يتحد في قافيته مع نهايات المقاطع الأخري كما في قصيدة من الحان بارباس وقم والامومة وهذه الكرمة وابواب الجحيم . البابا شنودة مولع بالايقاع الشعري الامر الذي تاخذه الموسيقي الشعرية فينساب وراها وقد ادي ذلك إلي ظاهرة تكرار كلمة واحدة أكثر من مرة وتكرار حرف معين وتكرار بناء نحوئي وعلي الرغم من شاعرية البابا المتدفقة بعذوبة وشاعرية مرهفة الا انه لم ينج في قصائده من بعض الاشياء مثلا لم يصرع قصائده-اي لم يتفق قافية اول بيت ومعلوم ان التصريع يعطي ايقاعا موسيقيا جذابا في مطلع القصيدة كما لجا البابا الي الضرورات الشعرية المجازة كما في قوله نحن ضيفان نقضي فترة ثم نمضي حين ياتي يومنا فقد لجأ البابا في قوله نقضي الي تشديد الضاد حتي يستقيم البيت عروضيا ولاشك في ان مثل هذه الهنات تؤكد شعرية البابا فهي امور لم يفلت منها فحول الشعراء من امرئ القيس وحتي ايامنا هذه.