بكين ترفع شعار »صنع في الصين 2025« انجازات اقتصادية كبيرة استطاعت جمهورية الصين تحقيقها خلال الفترات السابقة خاصة في الثلاثة عقود الماضية حيث وصلت معدلات النمو الاقتصادي بها إلي حوالي 10% وهو مادفعها للصعود للمرتبة الثانية عالميًا من حيث حجم الاقتصاد بعد الولاياتالمتحدةالأمريكية.. وتمكنت من تحقيق طفرة صناعية غير مسبوقة وحصلت علي لقب » مصنع العالم» لتصبح أكبر دولة مصدرة في العالم.. وهو ما أهلها لتحقيق فائض تجاري مع معظم دول العالم دون منافس. وحتي تتمكن الصين من مواصلة نموها الاقتصادي والصناعي أطلقت مبادرة »الحزام والطريق» التي تساعدها علي تعزيز علاقتها الاقتصادية مع العالم الخارجي وتعتمد المبادرة علي استثمار فكرة »طريق الحرير» القديم الذي كان يربط الصين بمنطقة وسط آسيا والبحر المتوسط منذ آلاف السنين. مشروعات استثمارية بقيمة 10 تريليونات دولار في خمس سنوات والآلاف من فرص العمل أما المبادرة الجديدة - طبقاً لتقرير »مشروع الحزام والطريق.. كيف تربط الصين واقتصادها بالعالم الخارجي» والصادر عن مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة - فتعد أوسع نطاقًا من الناحية الجغرافية مقارنة بطريق الحرير القديم حيث إنها ستربط الصين بالعالم الخارجي بداية من مناطق شرق وجنوب ووسط آسيا وصولا لقارة أوروبا مرورًا بمناطق غرب آسيا والشرق الاوسط وشمال أفريقيا. ففي عام 2013 أعلن الرئيس الصيني »شي جين بينج» عن إطلاق المبادرة والتي كانت تحمل في البداية اسم » حزام واحد وطريق واحد» ولكن تم تعديله في عام 2017 لتكون مبادرة الحزام والطريق».. وحتي شهر يناير الماضي استطاعت الصين جذب 75 دولة و35 منظمة دولية للانضمام إلي المبادرة التي تربط آسيا بأوروبا وأفريقيا.. بل يمتد نطاقها لتشمل استراليا ونيوزيلاندا.. من أهم الدول المشاركة في هذه المبادرة ماليزيا والفلبين ودول آسيا الوسطي والهند وروسيا وأوكرانيا بالإضافة إلي 15 دولة من منطقة الشرق الأوسط وعلي رأسها مصر والسعودية والإمارات والكويت والبحرين والاردن ولبنان.. ومنذ إطلاق هذه المبادرة حتي نهاية عام 2017 انفقت الصين نحو 34 مليار دولار علي المشروعات المتضمنة فيها، وتنوعت مابين الطرق وخطوط السكك الحديدية والموانئ وخطوط شبكات الطاقة. أهداف المبادرة ومن خلال مبادرة »الحزام والطريق» تسعي الصين لتحقيق حزمة من الأهداف ومنها الاستفادة من نمو التجارة العالمية حيث إنه من المتوقع للتجارة العالمية المزيد من النمو خلال السنوات المقبلة من خلال الزيادة المتوقعة في حجم الطبقة الوسطي في العديد من مناطق العالم خاصة في منطقتي آسيا والمحيط الهادئ والشرق الاوسط وشمال أفريقيا.. كما تسعي الصين إلي تعزيز مكانة »اليوان» الصيني عالميًا عن طريق تدويل عملتها المحلية وجعلها العملة الرئيسية للتبادل التجاري العالمي، حيث يمثل استخدام اليوان في تسوية التعاملات التجارية الصينية مع الدول الاعضاء في مبادرة »الحزام والطريق» خطوة كبيرة تسعي إليها الصين من أجل تداول عملتها عالميًا. وتساهم هذه المبادرة في مساعدة الصين علي تنفيذ خطتها الاقتصادية التي تحمل شعار » صنع في الصين 2025» والتي تهدف لتحول الصين إلي اقتصاد متقدم ذي قيمة مضافة عالية.. بالإضافة إلي تعزيز مكانة شركات تكنولوجيا الاتصالات الصينية للاستفادة من المبادرة من خلال تشجيع شركتها العاملة في مجال تكنولوجيا الاتصالات من أجل إنشاء البنية التحتية لقطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في عدد كبير من دول المبادرة، فضلًا عن زيادة حصتها السوقية من التجارة الاليكترونية العالمية.. وكذلك توسيع الدور الخارجي للصين حيث تشمل المبادرة دولًا ومناطق تعاني من صراعات واضطرابات داخلية وهو الأمر الذي يتطلب حماية المشروعات الضخمة التي يتم إنشاؤها ضمن المبادرة وتسعي الصين من خلال ذلك لتعزيز قدرة أساطيلها البحرية العسكرية علي الوصول إلي مناطق أوسع حول العالم. أما بالنسبة لامدادات الطاقة فتسعي الصين من خلال مبادرة »الحزام والطريق» إلي استقرار امدادات الطاقة وتجنب الوصول إلي أزمة حادة تترتب عليها إعاقة وصول الطاقة إليها وهو مايمكن أن يهدد استقرار اقتصادها خاصة أن 80% من احتياجاتها تمر عبر مضيق » ملقا».. ولذلك تسعي بكين إلي تطوير عدد من الممرات التجارية البديلة للمضيق وذلك لاستيراد احتياجاتها من الطاقة من منطقة الخليج العربي. مكونات المبادرة وتشمل مبادرة » الحزام والطريق» مجموعة كبيرة من الممرات والطرق البرية والبحرية وخطوط الأنابيب وشبكات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.. ومنها: الممر الاقتصادي لطريق الحرير »الطرق البرية » والتي تعتبر المكون الاول للمبادرة من خلال شبكة من الطرق البرية وخطوط السكة الحديد التي تربط الصين بقارة أوروبا مرورًا بوسط آسيا والشرق الأوسط كما إنها تستهدف ربط الصين من ناحية ومناطق جنوب شرق وجنوب آسيا وسواحل المحيط الهندي من ناحية أخري، بالإضافة إلي »الحزام البري» الذي يضم: شبكة من خطوط السكك الحديدية التي تسعي الصين من خلال انشائها إلي استثمار ماتوصلت إليه من تكنولوجيا متطورة تتعلق بالقطارات فائقة السرعة. أما خطوط أنابيب النفط والغاز الطبيعي فتمثل مكونًا محوريًا من مكونات »مبادرة الحزام والطريق» والتي تسعي من خلالها الصين لتأمين مسارات بديلة وآمنة لوارداتها من النفط والغاز بعيدًا عن المسارات التقليدية التي تهددها المخاطر الأمنية والاستراتيجية وتضمن المبادرة 8 خطوط أنابيب تصل بين الصين وعدد من الدول المشتركة في المبادرة. كما تتضمن المبادرة إنشاء شبكة متطورة من البنية التحتية الاليكترونية تستكمل مهمة ربط الصين بالعالم الخارجي عبر مايسمي ب»طريق الحرير الرقمي» والتي بدأت فكرة إنشائه في يوليو 2015 ولكن تم إعلان البداية الفعلية لهذا المشروع في بداية العام الحالي حيث يساعد هذا المشروع الدول المشتركة في المبادرة علي تطوير بنيتها الرقمية وفتح أسواق جديدة للتجارة الاليكترونية أمام المنتجات الصينية خاصة أن هناك فرصًا كبيرة لنمو التجارة الاليكترونية في الدول المشاركة في المبادرة. الانعكاسات الاقتصادية تعتبر مبادرة »الحزام والطريق » من المبادرات التنموية الكبري التي يمكنها دفع الاقتصاد العالمي إلي النمو بمعدلات أسرع من المعتاد حيث إنها تعزز مكانة كل دولة كشريك تجاري للصين صاحبة الاقتصاد الاوفر حظًا للنمو علي مستوي العالم في الوقت الحالي وتمثل فرصة كبيرة لهذه الدول للحصول علي حصة من أسواق الوارادت الصينية لتلبية احتياجات اسواقها المحلية كما إنها تمثل فرصة لدمج اقتصاد كل دولة مشاركة في الموجة الجديدة من العولمة التي تلعب الصين دورًا رئيسيًا بها وهو مايساعدها في الاستفادة من الفرص الاستثمارية المتاحة بكل منها.. كما تساهم في زيادة قدرة الدول المشاركة علي توليد المزيد من فرص العمل وهو مايعزز من قدرتها علي مواجهة مشكلة البطالة، حيث تظهر البيانات أن حجم فرص العمل التي ولدتها مشروعات المبادرة في عام 2016 بلغ نحو 180 ألف فرصة عمل جديدة.. ويتوقع الخبراء ان تؤدي هذه المبادرة أيضًا لزيادة معدلات النمو في الدول المشاركة بين 1.5 إلي 5٫5 %. كما أن الزيادة المتوقعة في النمو الاقتصادي لهذه الدول سوف تضيف إلي الناتج المحلي العالمي قيمة مضافة جديدة تتراوح مابين 422 مليار دولار كحد أدني ونحو 1.6 تريليون دولار كحد أقصي.. كما انها تدعم التجارة العالمية حيث تشير التقديرات إلي أن المبادرة تشمل مشروعات استثمارية تبلغ قيمتها 10 تريليونات دولار خلال السنوات الخمس المقبلة.