وزير التعليم العالي يهنئ الفائزين في مُسابقة أفضل مقرر إلكتروني على منصة «Thinqi»    الهدوء يسود انتخابات التجديد النصفي لنقابة أطباء الأسنان بالقاهرة    وزارة الأوقاف تحدد موضوع خطبة الجمعة 3 مايو    مفتي الجمهورية: الرئيس السيسي لديه قدرة على العطاء وعزيمة غير مسبوقة    مياه الشرقية تنفذ أنشطة ثقافية وتوعوية لطلبة مدارس أبو كبير    «عايزة رجالة».. دعوات لمقاطعة البيض بالأقصر بعد ارتفاعه ل180 جنيها: «بلاها لمدة أسبوع» (صور)    خبراء الضرائب: غموض موقف ضريبة الأرباح الرأسمالية يهدد بخسائر فادحة للبورصة المصرية    محافظ أسيوط يتابع تنفيذ المرحلة الثالثة من الموجة 22 لإزالة التعديات    أستاذ تخطيط: تعمير سيناء شمل تطوير عشوائيات وتوفير خدمات    رئيس الصين يوجه رسالة للولايات المتحدة.. وبلينكن يرد    رئيس الصين يوجه رسالة للولايات المتحدة، وبلينكن يرد    الناتو يخلق تهديدات إضافية.. الدفاع الروسية تحذر من "عواقب كارثية" لمحطة زابوريجيا النووية    "الدفاع الروسية": "مستشارون أجانب" يشاركون مباشرة في التحضير لعمليات تخريب أوكرانية في بلادنا    تقارير: مساعد أرتيتا بديل سلوت في فينورد    اسكواش - نوران ل في الجول: الإصابة لم تعطلني وتفكيري سيختلف في بطولة العالم.. وموقف الأولمبياد    سكاي: سن محمد صلاح قد يكون عائقًا أمام انتقاله للدوري السعودي    ضبط قضايا اتجار بالنقد الأجنبى ب 25 مليون جنيه    معمولي سحر وفكيت البامبرز.. ماذا قال قات.ل صغيرة مدينة نصر في مسرح الجريمة؟    25 مليون جنيه.. الداخلية توجه ضربة جديدة لتجار الدولار    ضبط مرتكب واقعة مقتل مزارع بأسيوط بسبب خلافات الجيرة    محامية حليمة بولند تكشف كواليس حبسها    إيرادات الخميس.. شباك التذاكر يحقق 3 ملايين و349 ألف جنيه    فعاليات وأنشطة ثقافية وفنية متنوعة بقصور الثقافة بشمال سيناء    خطيب الأوقاف: الله تعالى خص أمتنا بأكمل الشرائع وأقوم المناهج    فحص 434 ألف حديث الولادة ضمن مبادرة الكشف المبكر عن الأمراض الوراثية    قافلة جامعة المنيا الخدمية توقع الكشف الطبي على 680 حالة بالناصرية    طريقة عمل ورق العنب باللحم، سهلة وبسيطة وغير مكلفة    انتداب الطب الشرعي لمعاينة جثث 4 أشخاص قتلوا على يد مسجل خطر في أسيوط    خير يوم طلعت عليه الشمس.. 5 آداب وأحكام شرعية عن يوم الجمعة يجب أن تعرفها    الإسكان: تنفيذ 24432 وحدة سكنية بمبادرة سكن لكل المصريين في منطقة غرب المطار بأكتوبر الجديدة    جمعة ختام الصوم    مواقيت الصلاة بعد تطبيق التوقيت الصيفي 2024.. في القاهرة والمحافظات    نجاح مستشفى التأمين ببني سويف في تركيب مسمار تليسكوبى لطفل مصاب بالعظام الزجاجية    اتحاد جدة يعلن تفاصيل إصابة بنزيما وكانتي    احتجت على سياسة بايدن.. أسباب استقالة هالة غريط المتحدثة العربية باسم البيت الأبيض    عرض افلام "ثالثهما" وباب البحر" و' البر المزيون" بنادي سينما اوبرا الاسكندرية    سميرة أحمد ضيفة إيمان أبوطالب في «بالخط العريض» الليلة    في ذكرى ميلادها.. أبرز أعمال هالة فؤاد على شاشة السينما    تأجيل الانتخابات البلدية في لبنان حتى 2025    موعد اجتماع البنك المركزي المقبل.. 23 مايو    دعاء صباح يوم الجمعة.. أدعية مستحبة لفك الكرب وتفريج الهموم    11 مساء ومد ساعة بالإجازات.. اعرف المواعيد الصيفية لغلق المحلات اليوم    منها «ضمان حياة كريمة تليق بالمواطن».. 7 أهداف للحوار الوطني    أمن القاهرة يكشف غموض بلاغات سرقة ويضبط الجناة | صور    تشافي يطالب لابورتا بضم نجم بايرن ميونخ    نائب وزير خارجية اليونان يزور تركيا اليوم    كارثة كبيرة.. نجم الزمالك السابق يعلق على قضية خالد بو طيب    الشركة المالكة ل«تيك توك» ترغب في إغلاق التطبيق بأمريكا.. ما القصة؟    طرق بسيطة للاحتفال بيوم شم النسيم 2024.. «استمتعي مع أسرتك»    رمضان صبحي: نفتقد عبد الله السعيد في بيراميدز..وأتمنى له التوفيق مع الزمالك    منها «عدم الإفراط في الكافيين».. 3 نصائح لتقليل تأثير التوقيت الصيفي على صحتك    توقعات الأبراج اليوم الجمعة 26 أبريل 2024.. «الحوت» يحصل علي مكافأة وأخبار جيدة ل«الجدي»    فضل أدعية الرزق: رحلة الاعتماد على الله وتحقيق السعادة المادية والروحية    لماذا تحتفظ قطر بمكتب حماس على أراضيها؟    أدعية السفر: مفتاح الراحة والسلامة في رحلتك    سيد معوض يكشف عن مفاجأة في تشكيل الأهلي أمام مازيمبي    سلمى أبوضيف: «أعلى نسبة مشاهدة» نقطة تحول بالنسبة لي (فيديو)    أطفال غزة يشاركون تامر حسني الغناء خلال احتفالية مجلس القبائل والعائلات المصرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



روبابيكيا
المأساة الحقيقية في حريق المجمع العلمي
نشر في أخبار الأدب يوم 31 - 12 - 2011

لدي سماعي بخبر اندلاع الحريق بمبني المجمع العلمي يوم السبت 17 ديسمبر لم أتردد في الذهاب هناك لأشاهد بنفسي تلك المأساة. كان المشهد مريعا بالفعل: ألهبة النيران تتصاعد من بعض أركان المبني المتهاوي. رائحة الدخان تحوم فوق المكان، ثقيلة خانقة. المتظاهرون يصدحون بالهتاف ضد النظام الذي لم يسقط وضد الشرطة والمجلس العسكري. رنين تليفوني لا ينقطع من أصدقاء عديدين يتساءلون عما يمكن عمله لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
في اليوم التالي ذهبت مرة أخري للمجمع، وهذه المرة دخلت المبني تحت وابل من الحجارة التي كان المتظاهرون ورجال الجيش يتقاذفونها علي بعضهم البعض. حاولت مع أصدقائي نقل ما يمكن نقله من كتب لخارج المبني الذي كنا نخشي أن ينهار علينا. ولكني وكاليوم السابق اندهشت من عدم اكتراثي بالمأساة، أو علي الأقل من عدم اكتراثي بما فيه الكفاية.
لم يمض وقت طويل حتي أدركت سبب تبلد شعوري. فلقد بدأت يوم السبت بذهابي لمشرحة زينهم مع أصدقائي تضامنا مع أسرة الشيخ عماد عفت وأسر ستة شهداء آخرين سقطوا في الليلة السابقة من طلقات نارية تدور شبهات حول مسئولية الجيش عنها. وفي المشرحة استمعنا لشهادات أسر الشهداء ونحيبهم الذي يدمي القلب. ثم ذهبنا مع جثمان الشيخ عماد لنصلي عليه في الأزهر، ومن هناك مشينا في جنازة مهيبة حتي مدفن الأسرة في الإمامين. وطوال الجنازة التي تحولت إلي مظاهرة لم ينقطع الهتاف ضد المجلس العسكري وأفعاله المشينة.
لذلك عندما وصلت في المساء للتحرير ورأيت حريق المجمع بعيني كانت هناك فكرة وحيدة تسيطر عليّ، وهي أننا شهدنا في ذلك اليوم ضياع ما هو أثمن بكثير من كتب المجمع العلمي، فأنا وإن كنت متخصصا في تاريخ مصر في القرن التاسع عشر ومدركا لأهمية الكتب التي تحترق أمام أعيني، إلا أنني أدرك أيضا أنه لا يوجد شيء أثمن من حياة الإنسان، وأن تساقط الشهداء يوما بعد يوم في ميادين التحرير لا يساويه حرق الكتب، مهما ندرت تلك الكتب وغلي ثمنها.
في الأيام التالية تحول عدم اكتراثي إلي غضب عميق من التغطية الإعلامية الدنيئة التي مارسها الإعلام الرسمي والتي أكدت مرارا أن "العيال البلطجية" هم المسئولون عن الحريق، بل أن هناك مخططا لحرق مصر بأكملها. أنا لم أشاهد لحظة اندلاع الحريق ولا يمكن لي أن أجزم عمن كان السبب فيه، ولكني رأيت بنفسي أعدادا كبيرة من الشباب الذين يحلو للمجلس العسكري وجوقة الإعلاميين التابعين له أن يصفونهم بالبلطجية رأيت هؤلاء "البلطجية" وهم يغامرون بدخول أتون الحريق لكي ينقذوا ما يمكن إنقاذه من كتب ويسلموها للشرطة العسكرية. فإن كانت هذه هي شيم البلطجية فأقول لهم: شكرا علي بطولاتكم وأخجلتمونا بشجاعتكم.
أما غضبي الحقيقي من الاهتمام المفاجئ بالمجمع العلمي فسببه عدم الوقوف علي المشكلة الحقيقية التي ينم عنها الحريق. إن المأساة الحقيقية في حريق المجمع العلمي لا تكمن في غياب إجراءات الأمن الصناعي في المبني، أو في تقاعس قوات الجيش عن تأمينه. المأساة الحقيقية تكمن في أن أحدا حتي من المتخصصين لم يعلم بوجود المجمع من أصله، وأن كل المتباكين علي فرادة محتوياته لم يكلفوا أنفسهم عناء الاطلاع علي تلك المحتويات أو قراءتها.
إن القيمة الحقيقية لأي كتاب لا تكمن في ندرته أو ارتفاع ثمنه، بل فيما يحتويه من معلومات. والفائدة الحقيقية لأي مكتبة لا تكمن في ضخامة عدد الكتب التي تحتويها أو تنوعها وفرادتها، بل في تردد الناس عليها والانكباب علي قراءة كتبها. أما المكتبة التي لا يرتادها أحد والتي يعلم عنها الناس فقط عندما تحترق فلا قيمة حقيقية لها. أما الأدهي والأمر هو التباكي علي المجمع العلمي واتهام أجمل شباب مصر بحرقه، بينما نغض الطرف عن النساء اللاتي يسحلن في الشورع، والأعين التي تستهدف في الميادين، والأرواح التي تزهق كل يوم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.