فاجأنا السلفيون، ليس فقط في ندوة "أخبار الأدب" المنشورة هذا العدد، لكن أيضاً علي مستوي الواقع، وصعودهم المباغت في الانتخابات البرلمانية الأخيرة.. توقعت أن يأتي السلفيون من ضيوف الندوة، في صورتهم السائدة، وملابسهم التقليدية: اللحية الشعثاء، الجلباب القصير، والنعل المفتوح تبرز منه أصابع القدم، توقعت أعين جاحظة، ورجالاً ضخام الجثة.. لكن نادر بكار المتحدث باسم "حزب النور" السلفي، جاء بمفرده، وبصورة مختلفة ومغايرة، شاب عصري، نحيف، يرتدي نظارة طبية، أناقته بالغة، بلوفر (نبيتي) فوقه جاكت بني اللون سرعان ما قام بخلعه في حركة تلقائية، لكنها محسوبة بعناية، لحية مشذبة وابتسامة لا تفارق وجهه! هو انقلاب الصورة، وتبدلها في الخطاب الإعلامي السلفي الجديد، هناك تسويق وترويج متعمد لصورة مغايرة، تشكلت وفقاً لمتغيرات تنطوي علي إشارات واضحة: تمويل نفطي صريح يعكس عقلية وثقافة القائمين وراءة (حصلت جمعية السنة المحمدية السلفية، علي 181 مليوناً من دولة قطر في فبراير الماضي، و114 مليوناً من جمعية إحياء التراث الإسلامي الكويتية في فبراير الماضي، أي أن مجموع ما حصلت عليه جمعية سلفية واحدة، من تمويلات خلال شهر واحد بلغ 296 مليون جنيه)!! المشاركة السياسية،وصناديق الأنتخاب ،والدخول في اللعبة السياسية الممنوعة، أو الممتنعين عنها لسنوات طويلة، فرض تغييراً في لغة الخطاب، فالديمقراطية (الكافرة) و(الليبرالية) و(الفردية) و(الحرية) صار بالإمكان قبولها والتعايش معها،تحول مفاجيء يقبل الجمع بين الماضي (كمرجعية) والواقع المعاش بمتغيراته، حالة من التناقض الفعلي مع الأيدلوجيا التقليدية ، أو حالة من المراوغة والغموض قبول الآخر الغربي هو جزء من اللعبة السياسية التي باتت مقبولة،مخاطبة الآخر ، استخدام لغته ومفرداته، هكذا فعل ضيف الندوة، حيث استشهد ب (شكسبير ) و(هيمنجواي) و(أجاثا كريستي) و(فان جوخ) وتحدث عن (التوك شو) و(الستريوتايب)!! تجاهل الثقافة والفنون،في ضوء غياب الرؤي الواضحة، والموقف المتشدد من حرية الفكر وحرية التعبير والحريات عموما. الخروج من الكهف لدي التيارات الإسلامية والسلفية تحديدا انشغل بترتيب الصورة،وتغييرها بينما ظلت الأفكار والقضايا في أماكنها البعيدة ، غير قابلة للحوار.