"فيسوافا شيمبورسكا" من أهم الشاعرات الأوربيات المعاصرات. ولدت في عام 1923 بمدينة "كورنيك" الواقعة في وسط بولندا. ومنذ عام 1931 وهي تسكن بالمدينة البولندية الأثرية " كراكرف " عاصمة بولندا القديمة حيث قضت فترة الاحتلال الألماني النازي في الحرب العالمية الثانية، وأنهت دراستها الثانوية أثناء الحرب ، بمدرسة ثانوية سرية تابعة لمدارس تنتمي إلي حركة العلم والتنوير تحت الأرض . وفي السنوات ( 1945 1948) تدرس علوم وفقه اللغة البولندية ، وكذلك العلوم السوسيولوجية بجامعة ياجيلونسكي. مارست الكتابة الأدبية في المجلة الشهيرة البولندية " الحياة الأدبية " منذ عام 1953، حيث كانت تشرف علي قسم الشعر بالمجلة، وتقوم بتحليل الكتب الأدبية، والإعلان عن قيمتها. في سنوات الأربعينات بدأت "شيمبورسكا" أول إبداعاتها الأدبية، لكن هذا الإبداع الأول لم يكن شعرا؛ بل روايات قصيرة تكتبها "لنفسها!" كما تؤكد شاعرتنا. وبمرور الوقت تقصر أطوال هذه الروايات رويدا رويدا، حتي تصل سطور كل قصة علي حده إلي عشرة سطور. وفي عام 1945 تنْشر لها أولي قصائدها تحت عنوان "أبحث عن كلمة"، لتتوالي كتابة القصائد والدواوين. كان الديوان الأول لها بعنوان "لهذا نحيا" وقد أصدرته الشاعرة عام 1952. ثم توالت الدوواين الشعرية: "أسئلة أسألها" 1945، "مناشدة إلي بيتي Yeti" 1957، "الملح" 1962، "ليست للأفراح حدود أو الأفراح المائة" 1967، "مهما كانت الأحوال" 1972 ، "كم كبير" 1976، "الناس فوق الجسر" 1986، "النهاية ثم البداية" 1993، "أمسيات شاعرة" 1993، "حب سعيد وقصائد أخري _ Milosc i inne wiersze" 2007، "لحظة - Chwila" 2009، "هنا _ Tutaj" 2009. ويعني هذا بوضوح أن الشاعرة لم تنقطع عن كتابة الشعر وممارسته حتي الآن. وإذا أردنا أن نقوم بتعريف السمة الرئيسية الغالبة علي إبداعاتها الشعرية ، فسنجد أنفسنا واقعين - لا محالة - في مأزق. فكيف يمكن لنا تحديد وزن الحقيبة الضخمة من الإبداعات الشعرية التي تتجشم عناء التعبير الإنساني بطابعيه الفلسفي والوجودي اللذين يصبغان أبيات أشعارها بصبغتيهما، فشاعرتنا لا تقف علي رأس قائمة الشعراء البولنديين المنتجين شعرا علي المستوي الكمي فحسب، بل تبدع معاني شعرية جديدة تنحتها من اللغة، وتبعث فيها روحها. تؤكد شيمبورسكا أنها تكتب أشعارها لتكون قارئتها الأولي، بل تقوم بتصنيف هذه الأشعار، ثم تحكم عليها، لتطلقها حرة بعد ذلك لمتلقيها: "(...) إنني أكتب لنفسي - تستطرد شيمبورسكا قائلة - وعندما أنهي قصيدة شعرية، أضعها في ضلفة مكتبي فترقد ساكنة بلا حراك فترة من الزمن، لأعيد قراءتها من جديد؛ فإن بدا عليها السذاجة أو ضآلة الشأن، عندئذ تموت هذه القصيدة، وأحكم عليها بالموت، فهي لم تعد تحيا بالنسبة لي!"