أسوان تستعد لإطلاق حملة «اعرف حقك» يونيو المقبل    القنوات الناقلة لمباراة الأهلي والزمالك في دوري المحترفين لكرة اليد    دعاء اشتداد الحر عن النبي.. اغتنمه في هذه الموجة الحارة    محافظ أسيوط: مواصلة حملات نظافة وصيانة لكشافات الإنارة بحي شرق    برلمانية تطالب بوقف تراخيص تشغيل شركات النقل الذكي لحين التزامها بالضوابط    العاهل الأردني يؤكد ضرورة تحمل المجتمع الدولي مسؤولياته لتكثيف إيصال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة    مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى.. والاحتلال يعتقل 14 فلسطينيا من الضفة    الجيش الإسرائيلى يعلن اغتيال قائد وحدة صواريخ تابعة لحزب الله فى جنوب لبنان    مصدر سعودي للقناة ال12 العبرية: لا تطبيع مع إسرائيل دون حل الدولتين    وزير الري: إيفاد خبراء مصريين في مجال تخطيط وتحسين إدارة المياه إلى زيمبابوي    أبو علي يتسلم تصميم قميص المصري الجديد من بوما    يورو 2024 - رونالدو وبيبي على رأس قائمة البرتغال    مفاجأة مدوية.. راشفورد خارج يورو 2024    «نجم البطولة».. إبراهيم سعيد يسخر من عبدالله السعيد بعد فوز الزمالك بالكونفدرالية    تعرف على تطورات إصابات لاعبى الزمالك قبل مواجهة مودرن فيوتشر    محكمة بورسعيد تقضي بالسجن 5 سنوات مع النفاذ على قاتل 3 شباب وسيدة    ضبط 4 أشخاص بحوزتهم 6 كيلو حشيش فى الدقهلية    زوجة المتهم ساعدته في ارتكاب الجريمة.. تفاصيل جديدة في فاجعة مقتل عروس المنيا    الإعدام لعامل رخام قطع سيدة 7 أجزاء بصاروخ لسرقتها فى الإسكندرية    "السرفيس" أزمة تبحث عن حل ببني سويف.. سيارات دون ترخيص يقودها أطفال وبلطجية    النطق بالحكم على مدرس الفيزياء قاتل طالب الثانوية العامة بعد قليل    جيفرى هينتون: الذكاء الاصطناعى سيزيد ثروة الأغنياء فقط    تأجيل محاكمة 12 متهمًا في قضية رشوة وزارة الري ل25 يونيو المقبل    السيسي يستقبل مجلس أمناء مكتبة الإسكندرية ويؤكد على دورها في نشر وتعميق المعرفة والعلم    لمواليد برج الثور.. توقعات الأسبوع الأخير من شهر مايو 2024 (تفاصيل)    جهاد الدينارى تشارك فى المحور الفكرى "مبدعات تحت القصف" بمهرجان إيزيس    كيت بلانشيت.. أسترالية بقلب فلسطينى    محافظ الفيوم يترأس اجتماع اللجنة الاستشارية للسلامة والصحة المهنية    أمين الفتوى: قائمة المنقولات الزوجية ليست واجبة    هل يجبُ عليَّ الحجُّ بمجرد استطاعتي، أم يجوزُ لي تأجيلُه؟.. الأزهر للفتوى يوضح    رئيس الوزراء يتابع عددًا من ملفات عمل الهيئة المصرية للشراء الموحد والتموين الطبي    «الرعاية الصحية» تدشن برنامجا تدريبيا بالمستشفيات حول الإصابات الجماعية    أفضل نظام غذائى للأطفال فى موجة الحر.. أطعمة ممنوعة    الجامعة العربية والحصاد المر!    «غرفة الإسكندرية» تستقبل وفد سعودي لبحث سبل التعاون المشترك    السيسي: مكتبة الإسكندرية تكمل رسالة مصر في بناء الجسور بين الثقافات وإرساء السلام والتنمية    تفاصيل حجز أراضي الإسكان المتميز في 5 مدن جديدة (رابط مباشر)    المالية: بدء صرف 8 مليارات جنيه «دعم المصدرين» للمستفيدين بمبادرة «السداد النقدي الفوري»    وزير الأوقاف: انضمام 12 قارئا لإذاعة القرآن لدعم الأصوات الشابة    «بيطري المنيا»: تنفيذ 3 قوافل بيطرية مجانية بالقرى الأكثر احتياجًا    أفعال لا تليق.. وقف القارئ الشيخ "السلكاوي" لمدة 3 سنوات وتجميد عضويته بالنقابة    يوسف زيدان يرد على أسامة الأزهري.. هل وافق على إجراء المناظرة؟ (تفاصيل)    في اليوم العالمي للشاي.. أهم فوائد المشروب الأشهر    «الشراء الموحد»: الشراكة مع «أكياس الدم اليابانية» تشمل التصدير الحصري للشرق الأوسط    الجلسة التحضيرية الرابعة للمؤتمر العام للصحافة مع القيادات الصحفية، اليوم    هالاند.. رقم قياسي جديد مع السيتي    لهذا السبب.. عباس أبو الحسن يتصدر تريند "جوجل" بالسعودية    حفل تأبين الدكتور أحمد فتحي سرور بحضور أسرته.. 21 صورة تكشف التفاصيل    وزير التعليم: مدارس IPS الدولية حازت على ثقة المجتمع المصري    أسعار طن الحديد فى مطروح وسيوة اليوم الثلاثاء 21 مايو 2024    «القومي للمرأة» يوضح حق المرأة في «الكد والسعاية»: تعويض عادل وتقدير شرعي    «ختامها مسك».. طلاب الشهادة الإعدادية في البحيرة يؤدون امتحان اللغة الإنجليزية دون مشاكل أو تسريبات    أوكرانيا: ارتفاع عدد قتلى وجرحى الجيش الروسي إلى 49570 جنديًا منذ بداية الحرب    اليوم.. «خارجية النواب» تناقش موازنة وزارة الهجرة للعام المالي 2024-2025    مندوب مصر بالأمم المتحدة لأعضاء مجلس الأمن: أوقفوا الحرب في غزة    عمر العرجون: أحمد حمدي أفضل لاعب في الزمالك.. وأندية مصرية كبرى فاوضتني    بوتين: مجمع الوقود والطاقة الروسي يتطور ويلبي احتياجات البلاد رغم العقوبات    موعد عيد الأضحى 2024 في مصر ورسائل قصيرة للتهنئة عند قدومه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أشياء رائعة


من كتاب الموتي و الأحياء
إلي اللص الأول، صاحب خطوة المبادرة..أرجوك لا تفكر في سرقة مقبرة، بل في قراءة جدرانها
فعلي الجدار ستقرأ عن الثورة الأولي و الثانية و الثالثة..
و علي الجدار ستعرف كيف يختلج الحب في القلوب..
و علي الجدار يموت المرء، ثم يبعث مرات و مرات.
و في بلدنا..لانختار المقبرة، و ليس لنا حيلة في كتابنا.
في بلدنا تقرا كتابك مكتوف اليدين، و تبحث عن المقبرة منذ الأزل.
و في بلدنا أيضا تنكشف روعة كل الأشياء.
الفصل الأول
-اعذرني يا دكتور. أعرف أنك لا تزور أحدًا في بيته، و خاصَّةً إذا كان عميلاً في شركتك. و لكنني كما تري علي حافة الموت.
سكت القبطان لحظات و عيناه تخترقان المرأة التي تتحرك أمامه، و انحني ناحية ضيفه، و أكمل: فلنتكلم في موضوع بناء المقبرة. طوال حياتي و أنا أخشي الظلام. لا شيء يقهر الظلام سوي ذراع أبيض غض لامرأة متلهفة تغمرك، و تجعلك ترتجف كارتجاف المجداف في يد رجل سكير. و لكنني أعرف أنني لن أقابل امرأة في القبر، و لن يغمرني سوي التراب. لا مال، لا شهوة، لا شيء. النهاية يا صديقي..أقصد يا دكتور، أم أقول يابشمهندس؟ انظر إليها، لخصرها يتدلي أمامك راجيًا في يأس. المرأة ليس لها طعم قبل الأربعين من عمرها، ولا تشبعك أبدًا قبل الأربعين من عمرها. ماذا نفعل في هذا العالم سوي أن نأكل و نؤكل. و ما أجمل أن تلتهمني امرأة كهذه في الأربعين..كما تبدو بصدر يصرخ: مَنْ مِنْ مصارع ، و ساقين تطلبان الشراع الوافر القوي الشامخ.
قام الدكتور حازم شفيق في ازدراء، و قال: كنت أعتقد أنك تريدني في شيء مهم.
شدَّ القبطان مراد يده، و قال: اجلس يا دكتور، فلا ميثاق أكبر للصداقة من أن يتبادل الأصدقاء أسرار العشق والحياة بل ..
انحني مراد، و همس في أذنه: مِنْ خبرتي الطويلة يمكنني أن أخبرك أن لا شيء يقرِّب الرجل من صديقه سوي أن يتبادلا الغرام مع امرأة واحدة.
فتح الدكتور حازم فمه في فزع، و قال و هو يتصنّع الهدوء: آسف، لا أفهمك.
-الموت علي الأبواب و أحتاج إلي مساعدتك.
-لتقيم علاقة بهذه..هذه..
لأول مرة ينظر إلي المرأة التي تتحرك أمامه بنشاط و قال: هي خادمتك؟
-لا تسيء بي الظن، لا تستهويني الخادمات.
نظر إليها من جديد.. كانت طويلة.. بيضاء..ترتدي جلباباً أسود بأكمام واسعة مزركشة، و حجاباً أحمر حريريٍّا يتناثر ذيله علي كتفها. لم ير وجهها، و لم يلاحظ حتي جسدها داخل الجلباب الفضفاض.
- هي مربية لأحفادك ربما؟
ضحك القبطان و قال: فلاحة. هل آتي بمربية لأحفادي من الفلاحين يا دكتور؟ مربية أحفادي تتكلم ثلاث لغات فيما عدا العربية، فهي لا تحتاج إليها.
قال الدكتور و هو ينظر إلي ساعته: ماذا تحتاج مني؟
تفحصه مراد بعينين كبيرتين و قال: فقدت اهتمامك بها سريعاً. لم تلهث وراء امرأة يوماً، أليس كذلك؟ جيل مختلف و مصر التي لا أعرفها. كنا نلهث وراء النساء كأسماك القرش في موسم التزاوج. و رؤية عَيْنَي امرأة..شَفَتَي امرأة..رموش امرأة تشعلنا نارًا لا تنطفيء. عصر ولَّي. عصر كان الرجال يحلمون بثورة وأرض و مصنع و حياة..أغوانا الحكام و غرروا بنا، و غرقت السفينة، و اختفي الكنز..و ربما لم يكن هناك كنز..من يدري؟
سكت مراد برهة ثم قال: هل يمكنني أن أسألك سؤالاً محرجًا.
-لا
- لابد أن أسأله. اعذرني لم توقفني "لا" من قبل. كيف مات الزعيم..الذي أيقظ الأمل؟
كان سؤالاً يعرفه حازم و يتوقعه، و كم سُئِلَ هذا السؤال و هو طفل، و هو شاب..
- لا أدري لم يخبرني أبي قط.
- لا تكذب علي. والدك كان طبيبه الخاص، كلنا نعرف كيف مات؟ قتله الأمل، أم خيبة الأمل، أم اشتاق إلي مقبرة مضيئة مثلي الآن؟
- يعجبني أسلوبك الشعري. تكتب الشعر؟.
- كل مصريي الثورة يكتبون الأشعار، و يهيمون في التيه أربعين عامًا أو أكثر.
- لست من مصريي الثورة إذن و لا أكتب الأشعار.
- لن تخبرني كيف مات منقذ الأمة؟
- لا.
- سأخبرك أنا اذن ما أريد. و لكن اصدقني القول..هل ترتجف و ينتصب شراعك و أنت تنظر إلي هذه المرأة؟ فلاحة نعم..بغبار الأرض الغنية، و يحيطها طمي النيل قبل السد العالي..تفقد وعيك بين ذراعيها..
- و من تكون؟ قريبتك؟
-لا..كيف أعرفها؟ هي تحت حماية زوجتي تغرقها بكرمها.
-من؟ زوجتك؟
- لا أدري. هي ستفعل أي شيء لتصبح صديقة زوجتي و كل شيء..و لكنها ربما لن تفعل الشيء الوحيد الذي سيجعلها مليكة في مصر و جديرة باحترام الجميع.
- تتزوجك؟
- يقطع الزواج و سنينه..ترافقني..أحقق أحلامها في ثوان..أنت تعرف الكلام عن الشرف و الكرامة و الأم و .. لا بأس.. هل تريدها الآن كما أريدها؟.
قال دون تردد: لا.
-يؤسفني هذا. كنت أتمني أن نصبح صديقين.
- لابد أن أرحل.
- لا تغضب. لابد أنك يستهويك النوع الآخر من النساء.. الشعر الأشقر، و الجسد النحيل، و الجامعات الامريكية و الملابس الإفرنجية.. لا بأس. لم يبق في العمر الكثير، و أخشي ظلام المقابر و وحدة المقابر.. و أريد مساعدتك.
- كيف؟
- أريدك أن تبني لي مقبرة ..كمقبرة القدماء..
- القدماء؟
- أجدادنا
- لا أفهم. أنت..من أي ديانة؟
ضحك القبطان و قال: أخاف القبر و ظلماته، و أريد قبرًا كبيرًا جميلاً عظيمًا، و حوله استراحة لعائلتي، و فوقه برج كبير، و باب سحري، و الكثير من الفتحات التي تمتد إلي الشمس.
- تظن نفسك أحمس أم رمسيس؟
- إذا كان أحمس قهر الهكسوس فقد تحملت ما يقرب من سبعين عامًا من الأمل و خيبة الأمل، و الحروب في الداخل و الخارج، و الحركات المتطرفة و المتطفلة، و الغوص في المياة الضحلة المتسخة، و أنا أدعي أنها
غنية و عميقة و ممتلئة بالحياة..سأدفع لك ما تريد.
- لم يُغْرِني المال قط
- يغريك شيء آخر سأعطيه لك.
- ما هو؟
- منذ رأيتك و أنا أعرف عن ماذا تبحث..
- عن ماذا؟
- عن الخلود..
- و ماذا تعني؟
- تبني تحفه فنية تعيش أبد الدهر.
- آسف! لابد أنك مريض حقٍّا.
- فلنقل إنه سر بيننا لن يعرفه أحد. ابن لي صرحًا مليئًا بالنور..رغبة رجل علي شفا الموت..هل تريد أن تري شهادات الأطباء؟
- لن أصدقها.
- هل تستطيع؟ أنت أفضل مهندس في مصر.
- ربما.
- أعطيك مطلق الحرية..صمِّم تحفتك و ابْنِها و خلِّد نفسك..و نفسي..
- يا قبطان..
-يا دكتور..
مدَّد حازم ظهره علي الأريكة و قال: فلنتكلم في موضوع المقبرة
بيت القبطان مراد كان مكتظًا بالأثاث و الآثار كالمتحف المصري. أدار حازم عينيه حول الفيلا و هو يشعر بالرغبة في القيء، فلا شيء يثيره كالذوق الفج و التصميمات المبالغ فيها. و كان يبدو له و كأن القبطان قد ألقي بالذهب علي أرض بيته ليعطيه قيمة، فضاع الذهب بين القاذورات و الأتربة و الأثاث الضخم الذي يفترس كل شيء كالديناصورات.
قال القبطان و هو يضع بعض النبيذ في كأسه: هل يزعجك أن أشرب كأسًا قبل العشاء؟
هزَّ حازم رأسه بالنفي.
فأكمل القبطان و هو يرشف النبيذ الأحمر: أشربه فقط لأحافظ علي قلبي. فالنبيذ الأحمر مفيد للقلب. ياه.. في السبعينات كان لا يوجد بيت مصري يخلو من الخمور. هل تتذكر؟ كم كان عمرك؟ تبدو لي في الأربعين..
-في الخمسين.
- لا بأس في السبعينات كانت زجاجة ويسكي البلاك ليبل تستقر داخل كل ثلاجة مصرية لتسقيع المياه في الصيف، و لا أحد يثور و يغضب..كان عصرًا..لا أدري كيف أصفه. قالوا لي و أنا طفل إيَّاك و السياسة. نحن المصريين لا نتدخل في السياسة، و كأن بلدنا تدار عن طريق مارد سحري. ثم قامت الثورة قالوا هذه بلدكم رُدَّت إليكم، و لكن إيَّاكم و السياسة: اتركوا العيش لخبازه..أنتم صغار بلا خبرة، و نحن في حالة طواريء..منذ خمسين عامًا و نحن في حالة طواريء..أصبحت حالة الطواريء مستقرة..و أنا لم أزل. أبتعد عن السياسة..وأقترب من النساء. من الأفضل ألا تقترب من الاثنين معًا، و إلا فانت تنتحر بإتقان. ماذا تبقي لجيلنا غير اللهو مع النساء؟..لا نضجنا لنحكم علي الأمور و لا تدخلنا في السياسة. قالوا بلدنا رُدَّت إلينا فرحنا. قالوا العدل ساد..هللنا..قالوا انهزمنا ثم انتصرنا..قالوا نبيع و نشتري و نحكم، قلنا لا بأس أنت العارفون و الكهنة، ونحن الجاهلون و العامة.
- تحب السياسة؟
- أحب مصر. و كل نسائها. حقًّا..صدقني ولائي لبلدي فقط. رأيت العالم و كل نسائه، البيضاء و الصفراء، ولا يملأ عيني سوي امراة كالتي أمامك هذه. نتعشي ثم نكمل كلامنا.
نظر الدكتور حازم لكريمة زوجة القبطان، و كان شعرها الأسود القصير يغطي عينيها، و ملامحها الحادة لا تشي بسنها، و كانت نحيفة و ترتدي بنطلونا أبيض و بلوزة زرقاء، و تنظر حولها في توتر و كأنها لم تستقر بعد في هذا البيت أو هذا العالم. و كانت الفلاحة تنظر إلي كريمة زوجة القبطان في إعجاب و ترقب. و مستعدة لتلبية كل الرغبات في وقت قياسي أقل من وقت اختراق حدود العواصم و الهبوط علي سطح القمر.
و صوت كريمة الخشن كان يشي بسنين من تدخين السجائر و غيرها.
جلست الفلاحة أمامه علي المنضدة. بدت هادئة خجولة، و رموشها تتحرك بسرعة و هي تنظر إليه في استسلام، و لا تأكل و لا تتكلم.
قالت كريمة زوجة مراد في تأثر: كلي يا أسماء يا حبيبتي..لا تشغلي بالك، و لا تفكري فيهم، ربنا معاك يا حبيبتي.
ثم نظرت إلي زوجها و قالت: مسكينة تجري علي أيتام. أرجوك يا مراد حاول أن تجد لها مشتريًا لأرضها. هل تتصور أهل زوجها بعد رحيله يبهدلونها و يسرقونها ..هي الدنيا جري فيها إيه؟ مفيش رحمة..
ثم اقتربت من أسماء و همست: حبيبتي لماذا لا تأكلين؟
قالت أسماء في صوت مبحوح: ربنا يخليك يا..
-كريمة يا حبيبتي..شوف بقي يا مراد، ابنها الصغير عايزة تدخله مدرسة أجنبية، و ابنها الكبير في أولي اقتصاد و علوم سياسية! تصور؟ مع ابن ليلي صديقتي، هكذا تعرفنا..فعلاً الخير لم يزل في الفلاحيين..كلي يا أسماء لا تخجلي..
قال مراد و هو يتفحصها و كأنها سفينة جديدة سيشتريها الآن: أين هي أرضك؟
-في بنها..
كانت تتكلم بلهجة قاهرية لا يشوبها سوي النغمة المختلفة بعض الشيء.
قال لحازم: ما رأيك في أرضها؟ ربما تنفع في مشروعنا.
لأول مرة تنظر أسماء إلي حازم..ثبتت عينيها علي وجهه لثوان و كأنها تري رجلاً من كوكب آخر، ثم طأطأت رأسها و قالت: أرضي دخلت في المباني..لن تجد أفضل منها.
قال دون أن ينظر إليها: لابد أن أراها أولاً.
همست كريمة فجأة: نسيت الملح..و الخادمة لم تأتِ اليوم..أصبحوا لا يطاقوا..معندكيش واحدة من الفلاحين يا أسماء؟
قامت أسماء بسرعة، و أحضرت الملح و شفشق المياه ووضعتهما و قالت: سوف أتي لك بخادمة و اثنتين وثلاث..مُريني يا.. ؟
-كريمة. نحن أصدقاء الآن. هل تعرفين الدكتور حازم؟
هزَّت رأسها بالنفي وعيناها لا تقابل عينيه.
فضحكت كريمة: لا أحد في مصر لا يعرفه..أين تعيشين؟..دكتور حازم أستاذ جامعي..كان..أستاذًا في كلية الهندسة، و الآن لديه شركته الخاصة. والده كان أشهر طبيب في مصر..دكتور سامح شفيق..سمعتِ عنه؟
قالت مسرعة و هي تكذب : بالطبع. لنا الشرف يا دكتور.
ثم قامت مسرعة و قد أخذت دور الخادمة و الصديقة و الطباخة باقتدار..رفعت الأطباق ثم وضعتها في غسالة الصحون و كريمة تنظر إليها في إعجاب..و جهزت الشاي، ثم قالت في رجاء: لي طلب واحد عندك يا مدام.
قالت كريمة مسرعة: أي شيء.
-أتمني أن تشرفوني كلكم في العزبة. سيستمتع الأحفاد، صدقيني، و فرصة لتعاينوا الأرض..لا تكسفيني يا مدام، ربنا يخليكي..
ابتسمت و نظرت لزوجها فقال مسرعًا: بالطبع
كان يوم إبرام الدكتور حازم الاتفاق علي بناء المقبرة من أجمل أيام حياته. إن لم يكن أجملها جميعًا، فالقبطان مراد أعطاه فرصة الخلود و الإبداع، و الرجل لا يطلب من الزمن أكثر من ذلك. ولمَّا كان مبدعًا يعشق تصميم التحف و الأصرح فقد سئم تصميم الفنادق و البنوك و النوادي و السينمات، و احتاج إلي تحدٍ جديد يملأ أيامه ولياليه.
فكرة مجنونة و لكنها واقعية. والمقبرة و ما حولها و الصرح تبلورا داخل عقله حتي قبل أن يخرج من فيلا القبطان إلي سيارته البي إم دبليو الرمادية، حيث كان السائق ينتظره لمدة ساعات في صبر..ما إن رآه السائق حتي انتفض من مكانه، و فتح باب السيارة في صمت، ثم أغلق الباب، و جلس علي مقعده، و بدأ في القيادة.
سيارة الدكتور حازم كانت من السيارات المحاطة بزجاج داكن يحجب الكهنة عن الرعاة، و لم يكن الدكتور حازم يحتاج إلي هذا الزجاج ليمارس الجنس مع مراهقة تختلج شوقًا، و لا مع غانية تختلج أنوثة كما يفعل القبطان في سيارته المرسيدس، و لكنه كان يحتاج هذا الزجاج ليحجب نفسه عن الصراخ و التلوث و الفقر و الروائح الكريهة و الملابس غير المتناسقة و المباني التي تسيطر علي المنطقة و تلقي عليها قنابل القبح و الهامشية. كان الدكتور حازم يحتاج إلي أن يقضي وقته في تركيز تام ليعمل في جد كوالده و جده. و في هذا اليوم ذاته كان يحتاج الدكتور حازم إلي العمل.
جابر سائق الدكتور حازم كان يضرب كفًّا بكف يوميًّا و يقول لزوجته و هو يدخن الشيشة ليلاً: راجل مجنون بعيد عنك! لم يتكلم معي أكثر من ثلاث كلمات أو أربع في شهر كامل. قال إيه إللي رماك علي المر..
في الحقيقة الدكتور حازم كان يتحاشي الكلام مع العامة، و لا يضيع وقته معهم، و عندما يبدأ جابر في الشكوي من الزمن أو الحديث عن زوجته يقول الدكتور حازم في حزم: جابر..
و عندما ينطق اسم جابر يفهم جابر قصده فيغلق فمه في حسرة و يتمتم: الله يخرب بيت غرورك يا مجنون.
و عندما تقترب سيارة من سيارة الدكتور جابر و يضغط جابر علي الكلاكس بكل قوته و يلعن سلسفيل أبي السائق الذي يقترب من البي إم دبليو يقول الدكتور حازم في هدوء: لو فعلت هذا مرة اخري لا أريد أن أري وجهك. هل تسعمني؟
يبدأ جابر في الدفاع عن نفسه و لوم السائق الآخر، و يقاطعه الدكتور حازم: لا تنطق. أغلق شباك السيارة، و لا تنطق.
و عندما يفتح جابر شباك السيارة ليخرج كوع يده ليتنفس الغبار الممتليء بالحياة، يقول الدكتور حازم و هو يخلع نظارته: أغلق الشباك. أريد أن أقرأ.
و لو حاول جابر ان يجادل كعادته و يقول: الجو جميل يا دكتور.
يهمس حازم لنفسه: جاهل..
و مع ذلك فمراسم الدكتور حازم كانت غريبة. بيته في الزمالك في العمارة القديمة الشهيرة، معظمه بلا أثاث. يؤمن ببساطة الذوق و جمال البساطة..و الفراغ و المساحات البيضاء الخالية من أي شيء سوي لوحة زرقاء لبحر هاديء في كون مختلف، و عمر مضيء و بلد واسع و فارغ و غير إنساني.
عندما يستيقظ كل يوم يخرج من جيبه مئة جنيه و يضعها في درج مكتبه الأيمن، ثم يبدأ في احتساء النيسكافيه الخالي من الكافيين، و يقرأ أوراقه، و يفتح الباب لأم سامي الخادمة، و يصبح عليها بفم مغلق و بطأطأة رأس ثم يخرج لعمله.
و كان يعرف أن أم سامي ستفتح الدرج الايمن و تجد ثلاثمئة جنية، و سوف تسرق مئة جنيه فقط، و تستمر في العمل في حماس. و عندما يعود ستحاول أن تتكلم معه و تناجيه، و تستدر عطفه، و ستحكي
له عن زوجها الخامل الذي يضربها كل يوم، و ربما تشير إلي رأسها و إلي ضربة الزوج التي تركت كدمات علي جبهتها، وسوف تحكي له عن ابنها و أصدقاء السوء، و سوف تكون ضحية عالم لا يرحم. و بينما هي تحكي سيقرأ هو في كتابه الهندسي في صمت ووجهه لا ينم عن أنه فهم كلماتها أصلاً. و لم يكن حازم غبيًّا، كان يعرف أن أم سامي تترقرق عيناها بالدموع يوم تسرق المئة جنيه، و دائمًا تسرقها يوم الخميس، و دائمًا تسرق مئة لا أكثر،
ودائمًا يعرف، و دائمًا يضع المئة في نفس المكان.
لم يَعْنِه أن أم سامي تسرقه، و لا يتوقع من مثلها سوي السرقة. العامة لم يكن لديهم نعمة الرخاء و الاستقرار والذكاء الفطري، والعامة لا نتوقع منهم خيرًا. ما دام الموقف تحت سيطرته لا يهم و ما دامت أم سامي تسرق بطريقة منظمة و يمكن دراستها دراسة إحصائية، و توقع الوقت و المبلغ فلا يوجد مشكلة.
تعمل عنده منذ سبع سنوات. في البداية قرر أنها تحتاج إلي المال فرفع مرتبها، و لكنه فهم تدريجيًّا أنها تحتاج إلي أن تحصل علي مئة جنيه كل يوم خميس، و أن تكون المئة جنيه مسروقة، و لن تقبل سوي مئة جنيه مسروقة، و لم يواجهها، و لم يكترث للأمر.
و عندما يأخذ جابرسيارته الفاخرة ليقابل بها أصدقاء السوء علي قهوة في صفت اللبن كل جمعة، و يدعي أن السيارة تحتاج إلي صيانه لا يكترث الدكتور حازم.
ما دام أن جابر يعيد السيارة و ينفذ التعليمات و ما دام أن جابر يستمتع بفكرة خداع ولي نعمته كالعبد الذي يخون السلطان و يغرر بزوجته، لا يهم فهو لا يتوقع من العامة الكثير، و الجهل و الجشع يسيطران علي الجميع. مادام هناك نظام دوري يتبعه العامة فلا يبالي.
هو يعشق النظام و توقع النتائج و حساب الأخطار.
الفصل الثاني
من كتاب الموتي و الأحياء
أيها اللص الأول..صاحب خطوة المبادرة. يا من اخترق المستحيل و نفض الغبار و اكتشف الكنز.
اعذرني فلغتي العربية يرثي لها..لم أتعلم في المدارس المصرية التي أنتجتها الثورة، و ليس لي اعتراض علي الثورة، فالثورات نتاج الغضب، و الغضب يولد الرخاء، و الرخاء يولد اللصوص مثلك. ونحن بلد الرخاء القليل و الكثير من الغضب، و نحن عندما نغضب نصرخ، و عندما نصرخ نبكي، و عندما نبكي نفوض أمرنا للخالق ونحيا في صبر و استسلام.
علي كل حال أنا لست من نتاج الثورة الأولي و الثانية و الثالثة، و لست من نتاج التيار الماركسي أو الناصري أو الرأس مالي أو الديني أو العربي أو العبري أو اللصوصي أو الاقطاعي، أو تيار الوعي و اللا وعي.
أنا لا أنتمي لطبقات الشعب الكادح. أنا أنتمي لمجموعة نادرة و قليلة سأتكلم عنها بعد قليل.
أيها اللص المكافح الذي اجتهد ليصل إلي الهدف ووصل أخيرًا..عندما تقرأ هذه الكلمات علي جدار المقبرة ستعرف من أنا و ما هي بلدي؟ امراة خائنة أو قاسية أو مخادعة أو أصيلة أو صبورة أو أرملة تتلاعب بها الأقدار. ستعرف من هي .. و اعذرني فعربيتي ركيكة للغاية، و لماذا أتعلم العربية أصلاً و أنا مصري نادر كوالدي و جدي، ..عالم..كاهن في يده مفاتيح الحياة و الموت. و في يده سر الخلود و البقاء..مصري صمم المجد و سيطر علي الفراعنة، و حكم الملوك.
والدي كان يقول دائمًا " لكل بلد ملك واحد فقط يحيا في ترف، بينما الجميع يكدح، و في كل بلد عالم واحد يسيطر علي الملك. أما في بلدي..أما في بلدي..
فهناك عدد كبير من الملوك وعبيد لا تحصي..في بلدي يمكنك أن تحيا ملكًا بين أسوار مقبرتك الرائعة، و تسحق الفقر و العبد و الشعب و القدر و النجوم.
والدي يقول: معظم اللصوص ملوك، و معظم الملوك محاطون بالحاشية و الرعاة.
و لكن يا بني..أنت لست ملكًا، و لست عبدًا..أنت من بني الأهرام، ومن نسج الحضارة من بين نيران تنين الطغاة. أنت العالم..في يدك السر و المعرفة.
و المعرفة ليست للعامة و لا للعبيد و لا للصوص. المعرفة للكاهن.
و الكاهن لا يشغل بالة بأحوال البشر. الكاهن ولد ليبتكر.
أنا،والدك، كنت كاهنًا..عشت أعظم من الملوك، و مت أعظم من الملوك، و خلد اسمي علي جدار الدهر كالأهرام. و أنت ابني".
معذرة يا أيها اللص..فعربيتي لا تسمح لي بالكتابة علي الجدران، فأنا صاحب التصميم و البناء و صاحب الفكرة و المعرفة، أنا أعمل و لا أكتب و لم أتخرج من مصانع الثورة، و لا أؤمن بتكافؤ الفرص أبدًا في بلد يكثر فيه الملوك و الرعايا، و يكبل العبد منذ يوم مولده و حتي يدفن بلا مقبرة.
أسماء الشرقاوي كانت سياسية من الطراز الأول، و ينطبق عليها كل صفات الساسة. و أبرز صفات الساسة. وكان الكذب أقصر طريق لديها للوصول إلي الهدف، أما الخبث و المراوغة و الالتفاف حول الحقيقة مرات ومرات حتي تدوخ الحقيقة و تستسلم، بينما ترفع هي راية النصر، فكانت كلها طرق حميدة للوصول إلي أهداف نبيلة. و ككل امرأة كانت لأسماء نقطة ضعف واحدة، و لم تكن حبها لزوجها الراحل، مع أنها كانت تقدره، ربما أكثرعندما رحل، فقد أعطي لها فرصة لتحبه دون أن يتصرف بحماقة، أو يسيء استخدام عقله كما كان يفعل وهو حي. الرجل الغبي من أذكي الأذكياء و هو ميت. أما الرجل الذكي فيرهق المرأة في مماته. علي كل حال نقطة ضعف أسماء الوحيدة هي أولادها..تحيطهم و تخنقهم و تبتزهم، و تدفعهم للتحليق في هواء بلا أجنحة. فمنذ أنجبت الولد الأول و هي مقتنعة بأنه سيصبح سفيرًا لمصر في أمريكا، و منذ أنجبت الولد الصغير و هي مقتنعة بأنه سيصبح ضابطًا كبيرًا في البوليس، ثم مساعد أول لوزير الداخلية. و عندما أنجبت ابنتها اقتنعت تمامًا بأنها ستكون أول من يدخل كلية الطب في عائلة عابد، و أول من يبني مستشفي خاصًا و يكتشف علاجا لفيروس سي من الكبد الوبائي. و لم تفكر أسماء كثيرًا في العقبات التي ستواجهها لتحقق أحلامها. و لم تفكر أسماء في أكبر عقبة سوي بعد فوات الأوان! فربما كان أولاد أسماء، كما تدعي، أصحاب عبقرية ليست موجودة في أي مصري أو غير مصري. و ربما كان أولاد أسماء يحفظون المناهج، و يسهرون علي كتب القراءة والمحفوظات، و يبتلعون الحساب و المنطق و الكيمياء كالدواء المر كل يوم. و يذاكرون لساعات دون توقف. و لكن، مسكينة أسماء..نسيت أهم شيء تحتاج إليه لتحقيق أحلامها.
مسكينة أسماء تريد الطير بلا أجنحة..
مسكينة أسماء..لم تفكر في عواقب الأمور..
مسكينة أسماء نسيت أنها ...مجهولة!
من تكون أسماء؟ و من يكون زوجها محمد عابد؟ أصحاب بضعة فدادين في بنها، و بيت كبير، و لديهم ناظر زراعة يدير أرضهم؟
أسماء امرأة مجهولة للأسف. لا يعرفها سوي المأمور و العمدة. و بلدنا لا يحترم أصحاب الأصل المجهول.. وفرص أولادها قليلة و معروفة..ربما ينتهي ابنها الأكبر مدرسًا في مدرسة ريفية كأبية. و تنتهي إبنتها مثلها متزوجة في الثامنة عشرة من مدرس و صاحب أراضٍ و يبني لها بيتًا كبيرًا و يركب لها ديش! أما ابنها الصغير فلو حالفه الحظ فسيعمل مندوب مبيعات للتليفون المحمول، و يكون أفضل حالاً منهم جميعًا، و يراعي أرضه.
عندما تضيق عليها الدنيا تذهب للعمدة بملابسها السوداء و الدموع في عينيها، وذيل الطرحة له استعمالا ت كثيرة..تمسح به دموعها..أنفها، تداري به فمها و هي تهمس: يا رب يخليك لينا يا عمدة..كنت عند المأمور أمس وكنت أشيد بك و برحمتك و عطفك..و بما تفعله لنا و لكل البلد.
و في نفس اليوم تذهب إلي المأمور و تقول له نفس الشيء، و لكنها تنهي مقابلتها بلعن العمدة الفاسد ساقط الثانوية العامة الذي ورث المنصب عن أبيه دون وجه حق..و تحلف بالحكومة و قرارتها الصائبة.
و تدعو المأمور لتناول الغداء، و تخبركل البلد، و تطبخ كل ما يمكن طبخة في ثلاثة أسابيع، و تغيظ زوجة أخيها و أخبها و الجيران و كل أهل زوجها. و عندما يغادر المأمور تضع في سيارته علي الأقل ثلاث بطات، و فخذة كبش بلدي، و ثلاث حلل محشي، و فطيرًا و كعكًا.
و تهلل له و تشوح بيدها، و كأنه جاء لافتتاح قناة السويس بعد العدوان الثلاثي. و ما إن يرحل حتي تبصق علي يسارها ثلاث مرات و تقول: الله يخرب بيتك أنت و العمدة في يوم واحد.
منذ موت زوجها و هي تلعب شخصيات جديدة كل يوم. مع الفلاحين هي تارة امرأة وحيدة أرملة بلا رجل، وهم ظلمة و لصوص، و ربنا علي المفتري، و تارة هي وحش كاسر لا يهمه شيء. و ست وشها مكشوف تستطيع القتل إن احتاجت إلي هذا، و لا تخاف سوي الله.
جزء من رواية تصدر قريبا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.