وسط أحداث الثورة المصرية غيب الموت الشاعرة والروائية المصرية ذات الأصول اللبنانية أندريه شديد، عن 90 عاما، والتي تقيم في باريس منذ عام 1946. وقد خلفت وراءها اثنين وعشرين ديواناً ، وست عشرة رواية ، وسبع مسرحيات ، وعدداً من المجموعات القصصية ، ونُشرت أعمالها المكتوبة بالفرنسية مترجمة إلي ست عشرة لغة. ووتعتبر صوتا معبرا عن هموم المرأة العربية في وقت مبكر للغاية ، وحلقة الوصل التي تجسر الهوة بين الثقافة الفرنسية والثقافة العربية طيلة نصف قرن. ولدت شديد في القاهرة عام 1920 لعائلة مسيحية لبنانية هاجرت الي مصر في عام 1860. وقد درست الأدب في الجامعة الأمريكيةبالقاهرة ،وأجادت الفرنسية والإنجليزية فضلا عن العربية، وقد بدأت بكتابة الشعر في سن مبكرة ونشرت أولي نصوصها بالانجليزية قبل أن تختار الكتابة باللغة الفرنسية. وقد اصدرت حوالي 20 راوية وقصة فيما ضمت نتاجها الشعري في ديوانين "نصوص من أجل قصيدة" (1949-1970) و "قصائد من أجل نص" (1970-1991). فضلا عن الكثير من كتب الاطفال والمسرحيات:أغاني كتبتها لابنها المغني لوي شديد وحفيدها ماتيو شديد المعروف باسم "ام". وبعد هجرتها الي فرنسا بسنوات اقتحمت عوالم الرواية ، استوحت من الشرق الذي عاشت فيه طفولتها وشبابها العديد من الحكايات ، فجاء أسلوبها أنيقا وشاعريا ، يتناول مآسي فريدة وجماعية لتعبر عن إيمانها بالإنسان ومنها "المدينة الخصبة" (1972) و"المنزل من دون جذور" (1985) و"الرسالة" (2000)، ما أهلها لتنال كبري الجوائز الأدبية الفرنسية مثل النسر الذهبي للشعر (1972) وجائزة غونكور للرواية العام 1979 عن كتابها "الجسد والزمن"، كما منحت وقد منحت وسام الشرف الفرنسي. وقد نشرت الصحفية الفرنسية بريجيت كيرنيل قصة حياة شديد في كتاب هام أسمته " بين النيل والسين" يتضمن حوارا طويلا معها عن كل تفاصيل حياتها. حيث نشرت شديد أولي رواياتها " انقضاء النوم" عام 1955 ، وتدور حول قهر المرأة ومعاناتها وهي التيمة التي اشتغلت عليها شديد في كثير من أعمالها فيما بعد. وقد وصفت شديد نفسها بأنها " نحاتة الكلمات"، إذ رغم البساطة التي تكتب بها من حيث البناء والمعني الظاهري من دون أي تعقيد في النحو ، لكنها ذات معان حديثة تطرح أفكاراً فلسفية عميقة. ذكرت الناقدة بيتينا ناب في كتابها الذي حمل عنوان "أندريه شديد" وتناولت فيه تجربة شديد الإبداعية في الشعر والنثر والمسرح أن روايات شديد- حسب ترجمة إياد نصار- تختلف عن كثير من روايات معاصريها ، من الروائيين الفرنسيين ، في أنها ليست عملاً ذهنياً يمارس التقنيات اللغوية والأسلوبية والتفكيكية وتحطيم الشكل ، بل تجمع ما بين الفكرة الذهنية وبين توظيف الصور التي تعتمد علي إثارة الحواس والمشاعر للدخول في أجوائها وبين توظيف لغة شاعرية. وشخصياتها ليست تلك الشخصيات التي عرفتها أو التقتها في حياتها ، بل هي أقرب ما تكون إلي حصيلة ذكريات وأفكار وتداعيات. وقد أكدت شديد أن بطلاتها لا يشبهنها ، ولكنهن ذات نزوع إنساني وجمالي وشاعري وذوات أحاسيس تحكم تصرفاتهن ، ويتمتعن بذكاء وفهم لمجريات الأمور.