د.سيد البحراوى أكثر من خمسين بحثا ناقشها مؤتمر قسم اللغة العربية بآداب القاهرة حول الشفاهية والكتابية في الثقافة العربية، المؤتمر الذي بدأ الثلاثاء الماضي واستمر ثلاثة أيام تناولت أبحاثه تداخل التفكير الشفاهي مع الكتابة في الأدب العربي ابتداء من المعلقات، مرورا بالجاحظ، حتي صلاح جاهين وسمير عبدالباقي والخطابات السياسية للرؤساء والزعماء. في الجلسة الافتتاحية التي رأسها د. سيد البحراوي، تحدث عبدالحميد حواس عن (الراس والكراس) موضحا أن الثقافة العربية لايمكن القول إنها في عصورها الأولي كانت شفاهية فحسب، بل كانت هناك ملامح كتابية، لافتا إلي أنه خلال خبرته في الحياة في قريته خاصة في أربعينيات وخمسينيات القرن الماضي، قد شهد تقديسا غير عادي للكلمة المكتوبة من الفلاحين الأميين الذين كانوا يحرصون علي عدم تمزيق أي ورقة مكتوبة. وقد عرض د. عبدالله التطاوي لهذه القضية بقوله: لو أن الكتابية كانت الأصل الحضاري المترتب عليه كتابة الشعر لما دار هذا الحوار أصلا، ولما شغلت الساحة الأدبية والتاريخية بهذا اللغط حول أسس النقل الشفاهي ومقوماته أو ترجيح احتمالاته، وبيان سماته وخصائصه. وعن تأثيرات الخطابة في تشكل الأنواع الأدبية الحديثة في القرن الأول، تحدث د. سامي سليمان. ومن جانبه قدم د. محمد الرحالي (المغرب) عرضا مستفيضا عن العربية بين الشفاهية والكتابية. وتساءل يريسيل كوبات (جامعة كارل، براغ) حول كيفية نظم القصيدة؟ وهل نظمت خلال إلقائها وكانت مجرد ارتجال؟ أم أعد الشاعر شيئا منها قبل إلقائها؟ لافتا إلي أن حوليات زهير من أبي سلمي وغيرها من القصائد التي قال فيها القدماء، إن الشاعر نظمها وصقلها حتي أصبحت تشرق بنور فني، قرأناها وسمعناها مرات ومرات، مؤكدا أننا في حاجة إلي دليل علي ذلك. وتعرضت د. فاتحة الطيب (المغرب) لقضية التداخل بين الشفاهي والكتابي في ألف ليلة وليلة، وجاءت مشاركة د. محمد مشبال (المغرب) عن الخطابية الأدبية في سرديات الجاحظ، فيري أن الجاحظ لايمكن فهمه أو تقديره أو ادرك طبيعته إلا في اطار الوعي بحضور الشفاهية والكتابية فيه، مشيرا إلي أن نصوص الجاحظ النثرية (الأخبار والنوادر خاصة) تحمل كثيرا من خصائص الشفاهية. وفي هذا السياق، أكد د. عبدالحكيم راضي أن أصناف الدلالة أو وسائل البيان كما عددها الجاحظ تضم ما هو شفاهي وما هو كتابي، مشيرا إلي أ كتاب »البيان« هو الرابط بين مرحلتي الشفاهية والكتابية، وهو أيضا جسر العبور بينهما، ومعترفا بأن السيادة فيه للشفاهية كما تمثلها الخطابة. وعن التعالق بين الشفوي والمكتوب في »الأيام« لطه حسين، أوضح د. محمد آيت ميهوب (تونس)، أنه قصد بحث دور هذا التداخل في بناء النص السير ذاتي وأرجع (آيت) سبب اختياره للأيام، إلي قيمة حضور العناصر الشفوية بين طيات المكتوب في الأيام. وعندما تعرض د. عماد عبداللطيف لمسألة الخروج عن النص في الخطب السياسية، أوضح أنه يمكن التمييز بين ثلاثة أنواع من الخطب من زاوية الاعتماد علي نص مكتوب خطب يقرأها السياسي كاملة من نص مكتوب، وثانية يمزج فيها بين النص المكتوب وكلام مرتجل، وأخري مرتجلة بشكل كامل. وعن مفهوم الابداع بالعامية وآليات استلهام التراث والمأثور الشعبي فيه، تناول مسعود شومان أزجال بيرم التونسي في محاولة منه للتعرف علي شكل شعري شعبي، باحثا فيه عن قوانين وجماليات الموال بتنوعاته وأشكاله المختلفة داخل أزجاله، كما تناول تجربة فؤاد حداد بوصفها واحدة، من أكثر التجارب الشعرية طرحا للنهاية الاشكالية، من حيث اشتباكها بالتراث والمأثور الانساني العربي الشعبي، كما تعرض شومان لشعر صلاح جاهين وغرامه بفنون التربيع الشعرية الشعبية، وهيمنة شكل الرباعية في الكثير من أشعاره وأزجاله وأغانيه، ثم اختتم شومان بتجربة سمير عبدالباقي المتمسكة بتراثها الشعبي، حيث ان قصائده بها تنوعات كمية من الموتيفات الشعبية. مني نور