عصافير تَطير العصافيرُ في كل وقتْ تَطيرُ... وتَتْرُكُ لي في المرايا عصافيرَ أخري وريحاً ورَفْرفَةً وصَباحاً تَشَبَّثَ كالطفل يَلْهو بِشُبّاك بَيت.
تَطير العصافيرُ لكنَّها لاتطيرُ هُنا قفصٌ تحت ثوبي هنا شجَرٌ في كتابي هنا عٍشُّها.. وهنا ريشُها وهنا في المرايا فضاءٌ لها لايُحَدّْ هل تٍريد قليلاً من الماءِ؟ لستُ بَخيلاً ولا أتَسلي بِمَضْغ الكلامِ ولا أتَناوَمٍ حين يُتَلْفِنُ لي في الصباحِ أحَدْ. . . . هل تطير العصافيرٍ في الليل أيضاً؟ تطيرُ.. وتَعْبر مثلي بحوراً مُعَبّأةً بالقُروشِ وتَرْسُم كي تَتَعافي قصوراً مُزَخْرفَةً في الفضاءِ وبعضَ العشوشِ وتَنْسي ثعابينَ مثلَ المشانِقِ من نَخْلةٍ تَتَدلي وأخري تدورٍ.. وتَلْتَفُّ ساحِقَةً مثل قيدْ. هل تريدٍ قليلاً من الشاي أيضاً وبعضَ الكلامِ؟ قَصَدْت كريماً يُحابي.. ويَنْحاز للتائهينَ ويعرِفُ كيف يَلُمّ الحروفَ وكيف يٍحَيِّ الضيوفَ وكيف يَرُصٍّ عصافيرَ طيِّبةً في الفضاءِ لكي تَبْدَأ الطيرانَ فقط كٍنْ جميلاً.. ولَوِّنْ جناحيكَ بالوُدِّ واصْعَدْ. مثل دجاج بِمَخالِبَ من ذهبٍ وبِرِيشٍ من عاجْ لم يَعُد الصقرُ يطيرُ ويَعْلو ليُخيفَ ثعالبَ ووطاويط غَرَتْ واحْتلّتْ غرفَ القصرِ وأسْوارَ الأبْراجْ هل تلمح ولداً في الألْبومِ يَرُوحُ ويأتي.. ويُصَفِّرُ مثل قطارٍ ويُثَبِّتُ عَلَماً فوق النَّخْلِ وآخرَ في نافذة الآتي؟ الموجٍ خَبا والقمَرُ تَواري والليلُ أهانَ الصقرَ وبَجَّل خُفّاشاً وغُرابا فانْدَلَقَ العَلمُ علي الأرصفةِ وفي أدْراج المحْتالينَ وصار سَراباً وازدحم فضاءُ بعَواصٍمَ لا أعلامَ لها وشعوبٍ في الطرقات تَدورُ وتَهْذي... مثل دَجاجْ. كانوا فقط أصدقائي فجأةً غَرَّدوا كالبَجَعْ فجأةً... ومضَوا مُنْهكينَ ومُخْتَنقينَ وغَرقي هَرَسَتهم عَناوينُ أيامنا والكلامٍ الحَصي والكلام الدخانُ وليلُ الشوارعْ
فجأة كالعصافير طاروا واحِداً بعد آخر ياصاحبي لكي يَسْتريحوا.. ويَقْترِحوا رُبّما وطناً يَحْتفي باليمامِ وبالتوتِ والتِّينِ والحالمينَ وماءِ التُّرعْ من تُري سيهزُّ يدي ويشد معي من بعيد المرايا نشيد بلادي ومن سيعيدُ اختراع الضحكْ أو يثرثر كالنهر عن حاملات الجرار ونداهة تتمشي علي الجسر عارية في المساء لكي توقظ الشعراء ومن سيعطر بالشعر ليل المقاهي ويخْتار طاولةً لي.. ولك؟ لم يكونوا ملائكةً أو ملوكاً أو قراصنةً من بعيد أتوا كانوا فقط يكتبون وكانوا فقط يرْسمون وكانوا فقط أصدقائي وكانوا فَوانيس نُقْصي الوحوش بها ونُهشّ الوجَعْ.