في الدور الأرضي من بناية فخمة مطل علي كورنيش نيل الدقي، تقع مكتبة البلسم التي تمتد علي طابقين، يبدو واضحاً في كل ركن من أركان المكتبة هذا القدر الكبير من التنظيم والتناسق بين ديكورات المكان وتنسيق الكتب وتوزيعها، ومنظر النيل الذي يحتل الخلفية. معظم الكتب في المكتبة تتوجه إلي الأطفال والشباب، وإلي جانب التصنيف علي حسب الموضوع يخيل للزائر أن ألوان الغلاف وحجم الكتاب عنصر يضاف إلي تصميمه، فلن تجد في الواجهه كتاب صغير الحجم أو ذو ألوان باردة بجوار كتاب آخر كبير الحجم، فالتنسيق والإخراج الفني ليس فقط عنصراً أساسياً في تصميم مكتبة البلسم بل هو العنصر الأساسي في سياسة وأسلوب الدار كلها. يقع مقر الدار الإداري في نفس البناية فوق المكتبة. تتذكر بلسم سعد مؤسسة الدار والمدير التنفيذي البدايات في 2005 تقول "كنت أشعر بالآسف والحزن الشديد حينما أجد أولادي وأولاد معظم أصدقائي في مدارس أجنبية، حيث لا تلقي اللغة العربية نفس الاهتمام الذي تلقاه اللغات الأخري. الأطفال يقبلون علي قراءة الكتب الإنجليزية، بينما لا تجد الكتب العربية نفس الاهتمام." لذلك فكرت بلسم في إنشاء دار نشر البلسم كدار متخصصة في نشر الكتب الموجهة للأطفال. واجهت البلسم في بدايتها مشكلة غياب الكتابات الجيدة الموجهة للأطفال، لذلك لجأت الدار في البداية إلي ترجمة الكتب الأجنبية الموجهة للأطفال. لم تعتمد الدار في ترجمتها علي اختيار الكتب المكتوبة بالانجليزية فقط، بل حاولت الانفتاح علي كتب الطفل في لغات آخري منها الأسبانية والكورية، فالمعيار الذي حددته سياسة الدار هو جودة المحتوي وتناسبه مع العادات والثقافة العربية. لا تتوقف اهتمامات دار البلسم علي الأطفال بل تمتد إلي الكتب المواجهة للمراهقين، وهو ما تعتبره بلسم سعد التحدي الأكبر الذي يواجه الدار في ظل ندرة الكتابات العربية الموجهة للمراهقين وصعوبة ترجمة تلك النوعية من الكتب من لغات آخري نظراً لخصوصية هذا السن. لكن من أبرز الكتب التي أصدرتها الدار في هذا المجال كتاب "إلي ابنتي" لنعمات أحمد فؤاد. في مقر الدار تنتشر لوحات الفنان حلمي التوني، أسأل بلسم هل المشكلة في كتاب الطفل في مصر غياب النصوص الجيدة أم الرسم؟ تجيب: "مشكلة كتاب الطفل في مصر، مشكلة تأليف في الرسم أثق أن هناك الكثير من الفنانين المتميزين. لكن كتاب الأطفال قلة، ومعظمهم مرتبط بالعمل مع دور نشر آخري لذلك يكون من الصعب وغير اللائق محاولة الاستحواذ عليهم.
غياب النصوص الجيدة الموجهة للطفل لم تكن المشكلة الوحيدة التي واجهت دار البلسم، فهناك المشكلة الأزلية لمعظم دور النشر في مصر وهي صعوبة توزيع الكتاب، فنظراً لغياب أي شركة متخصصة في مجال توزيع الكتب، تضطر الدار إلي القيام بعملية التوزيع بنفسها، وكما توضح بلسم "توزيع الكتب علي المكتبات وتحصيل الكتب بعد ذلك وغيرها من تفاصيل عملية التوزيع تستهلك الكثير من الوقت والجهد، وتبطء عملية إنتاج الكتب". للتغلب علي صعوبات التوزيع لجأت الدار في البداية إلي عدد من الفعاليات والأنشطة الجديدة من نوعها، كزيارة المدارس، أو استقبال وفود الطلبة من المدارس في مقر الدار وإقامة معرض كتاب مصغرة لهم، ثم كانت القفزة منذ بضعة أشهر حينما افتتحت الدار مكتبتها. حالياً لا تزال الدار تبحث عن سبل التوسع في مجال الكتب الموجهه للمراهقين، كما تصدر قريباً كتاب "الدودة الشديدة الجوع" وهو مطبوع بطريقة برايل وموجه للأطفال المكفوفين، في محاولة لتلبية احتياجات شريحة خاصة من الأطفال لا تلق الاهتمام المناسب.