التعليم تعقد التصفيات النهائية لمسابقة "تحدي القراءة العربي" بالتعاون مع الإمارات    بعد موافقة الحكومة.. التفاصيل الكاملة بشأن زيادة الحد الأدنى لرأس مال شركات التمويل العقاري    البحوث الزراعية تستقبل وفدًا عسكريًا من تنزانيا الإتحادية    صحيفة: بعد الهجمات الإيرانية..هل تتفرغ إسرائيل للرد على طهران أم لاقتحام رفح؟    انطلاق مباراة مودرن فيوتشر أمام فاركو في الدوري    "منعه من أذية جاره فولع فيه بالبنزين".. أول لقاء مع أسرة السائق ضحية القتل على يد عاطل في كرداسة (فيديو وصور)    باسم سمرة ضيف ياسمين عز في برنامج «كلام الناس»    طبيب يكشف علاقة الاكتئاب الموسمي بشهر أبريل | خاص    قائد الجيش الجزائري: التعاون مع الناتو ساهم في إرساء شراكة متينة ومثمرة    الشرقية.. إحالة 30 من العاملين المقصرين بالمنشآت الخدمية للتحقيق    الزمالك يكشف ل «أهل مصر» حقيقة أزمة حسين لبيب مع أحمد سليمان    نجم ليفربول على موعد مع رقم تاريخي أمام أتالانتا في الدوري الأوروبي    "متلازمة أبريل".. هل حسم مانشستر سيتي أمر الدوري الإنجليزي بالفعل؟    رئيس الوزراء: تطبيق تخفيضات سعر الخبز الحر بداية من الأحد المقبل    9 مصابين في حادث سيارة بطريق الكريمات    وزارة التضامن تفتح باب سداد الدفعة الثانية للفائزين بقرعة حج الجمعيات الأهلية    نائب رئيس جامعة عين شمس تتفقد أعمال التطوير بقصر الزعفران    كان السينمائي يمنح "ستوديو جيبلي" جائزة "السعفة الذهبية" الفخرية لأول مرة    سوزان نجم الدين ضيفة إيمان الحصرى في مساء DMC الليلة    آداب يوم الجمعة باختصار .. الاغتسال ودهن الشعر والتطيب    جوتيريش: علينا التزام أخلاقي بدفع جهود التهدئة في الشرق الأوسط    جامعة أسيوط تشهد انطلاق المؤتمر الثاني لطب الجنين بصعيد مصر    رئيس جنوب الوادي يتفقد 24 مصابًا فلسطينيًا في المستشفيات الجامعية    البنك الأهلى.. إصابة" أبوجبل" اشتباه في قطع بالرباط الصليبي    وزير قطاع الأعمال: القطاع الخاص شريك رئيسي في تنفيذ مشروعات التطوير وإعادة التشغيل    انخفاض الأسعار مستمر.. غرفة الصناعات الغذائية تزف بشرى للمواطنين    «القومي لثقافة الطفل» يحتفل باليوم العالمي للتراث غدا    مجلس النواب يعقد أولى جلساته فى العاصمة الإدارية الأحد المقبل    مميزات وعيوب إيقاف تنفيذ العقوبة للمتهمين    بعد تغيبه.. العثور على جثة طفل غريق داخل ترعة في قنا    الإعدام لمتهم بقتل زميله بعد هتك عرضه في الإسكندرية    مفتي الجمهورية يفتتح معرض «روسيا - مصر..العلاقات الروحية عبر العصور» بدار الإفتاء..صور    الاتحاد الأوروبي: نرفض أي عملية عسكرية في رفح الفلسطينية ونخشى حدوث كارثة    بيلينجهام يمدح حارس الريال بعد التأهل لنصف نهائى دورى أبطال أوروبا    يسهل إرضاؤها.. 3 أبراج تسعدها أبسط الكلمات والهدايا    تعاون ثقافي بين مكتبة الإسكندرية والمكتبة الوطنية البولندية    قافلة طبية تخدم 170 مواطنًا بقرية الحمراوين في القصير البحر الأحمر    شوقي علام يفتتح أول معرض دولي بدار الإفتاء بالتعاون مع روسيا (صور)    وكيل الأزهر يتفقد التصفيات النهائية لمشروع تحدى القراءة في موسمه الثامن    إلغاء إقامتها.. مفاجأة جديدة عن بطولة الدوري الأفريقي في الموسم الجديد    وفاة معتمرة من بني سويف في المسجد النبوي بالسعودية    زاخاروفا: مطالب الغرب بتنازل روسيا عن السيطرة على محطة زابوروجيا ابتزاز نووى    5 خطوط جديدة خلال الربع الأول من العام تستقبلها موانئ دبي العالمية السخنة    طقس سئ.. غبار رملي على الطرق بالمنيا    تأجيل محاكمة حسين الشحات في واقعة ضرب الشيبي لجلسة 9 مايو    وكيل صحة قنا يجتمع مديري المستشفيات لمناقشة اللائحة الجديدة وتشغيل العيادات المسائية    فى الجيزة.. التعليم تعلن جدول امتحان المستوى الرفيع والمواد خارج المجموع لطلاب النقل والإعدادية    مدفوعة الأجر.. الخميس إجازة للعاملين بالقطاع الخاص بمناسبة عيد تحرير سيناء    تعَرَّف على طريقة استخراج تأشيرة الحج السياحي 2024 وأسعارها (تفاصيل)    "الوزراء" يوافق على تعديل بعض أحكام قانون إنشاء المحاكم الاقتصادية    وثائق دبلوماسية مسربة.. البيت الأبيض يعارض الأمم المتحدة في الاعتراف بدولة فلسطينية    دعاء العواصف.. ردده وخذ الأجر والثواب    في قضية «الشيبي وحسين الشحات».. محامي لاعب بيراميدز يطلب الحصول على أوراق القضية    ردد الآن.. دعاء الشفاء لنفسي    وزير التعليم العالي يبحث تعزيز التعاون مع منظمة "الألكسو"    بلدية النصيرات: غزة تحوّلت إلى منطقة منكوبة جراء حرب الإبادة الإسرائيلية    علي جمعة: الرحمة حقيقة الدين ووصف الله بها سيدنا محمد    بيان عاجل من اتحاد جدة على تأجيل لقاء الهلال والأهلي في دوري روشن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لا عقوبة للمساس بصورة مصر
الخرائط المستباحة
نشر في أخبار الأدب يوم 27 - 03 - 2010

نعتز كثيرا بشعارات لا نطبقها. نردد مقولات عن اعتزازنا بالأرض ونربطها بالعرض والكرامة؛ لكن الأمر في النهاية لا يتجاوز حدود الكلام.ويتباري الإعلام في الحديث عما يسميه "صورة مصر" إذا قام مخرج سينمائي بتصوير العشوائيات، أو إذا قام كاتب بانتقاد سلوك سياسي أو إداري رغم ان صورة مصر يتم الإعتداء عليها يومياً مما يشكل خطراً علي ترابنا الوطني.
خرائط مشوهة تستقطع السنتيمترات علي الورق والكيلومترات علي أرض الواقع ولا نتحرك، أصبحت المناهج الدراسية ومحطات الفضائيات وصفحات الانترنت تعرض خرائط لوطن مشوه دون أن يثير ذلك حفيظة أحد. التحرك دائما فردي، فلم تتحرك الجهات الرسمية لتقود حملة لتصحيح الخط، وتزويد الجهات الإعلامية والرسمية في مختلف دول العالم بالخريطة الصحيحة.
نظريا تعتبر الهيئة المصرية العامة للمساحة هي المسئول الأول عن إنتاج الخرائط في مصر، وظيفتها كما يوضح الموقع الرسمي "إنتاج وتحديث وتوزيع المعلومات الجغرافية الحديثة الدقيقة لدعم الاحتياجات القومية، وتصف هذه المعلومات الجغرافية الأراضي المصرية والمعالم الموجودة وملكيتها ويتم تسليم هذه المعلومات في شكل أعمال مساحية ونظم معلومات جغرافية وقواعد بيانات رقمية ومنتجات وخدمات أخري".
ووفقا لهذه الوظيفة فإن علي أي راغب في الحصول علي خريطة أو معلومات جغرافية تخص أي منطقة في مصر؛ فان عليه الرجوع إلي الهيئة، لكن عمليا وكما يوضح أحد العاملين بالهيئة لا يحدث أي من هذا، لا يتم اللجوء إلي الهيئة إلا في عمليات النزاع أي في الحالة التي يطلب فيها القضاء رجوع المتنازعين إلي الخرائط المساحية.
وهذا ليس تقصيرا من الهيئة بقدر ما هي حالة من حالات الاستسهال التي يبرع فيها المصريين، فالهيئة توفر غرفا لبيع وتوزيع الخرائط الرئيسية ومقرها ديوان عام الهيئة بالدقي، وأيضا مقرات لبيع الخرائط الفرعية ومقرها مديريات المساحة بالمحافظات وعددهم 22 غرفة حتي الآن وتلك الغرف جميعها تقدم الخدمة للجمهور، بأسعار رمزية؛ فوفقا لبيان الأسعار الذي حصلنا علي نسخة منه لا تتجاوز أي خريطة المائة جنيها إلا في حالة طلبها بمقاييس خاصة، لكن في الأحوال العادية تتراوح أسعار الخرائط ما بين العشرين والخمسين جنيها. لماذا إذا لا نأخذ الخرائط من مصادرها الرسمية المضمونة؟.
خريطة مصر مستباحة كما تقول د.سهير حواس أستاذ العمارة ونائب رئيس جهاز التنسيق الحضاري، وتضيف: للأسف لا يوجد قانون يساعد هيئة المساحة علي ملاحقة ناشري الخرائط، رغم أن لهم الحق الوحيد في هذا الأمر، علي اعتبار أن هيئة المساحة هي الهيئة الرسمية الوحيدة الموثوق فيها في هذا الأمر. تؤكد حواس أن هناك عددا كبيراً من الخرائط التي تتعامل معها تحتوي علي أخطاء فادحة، ولا يوجد أي إجراء أمامها سوي استبعادها فقط "للأسف نشاهد يوميا البلاغات التي تقدم في الأفلام والكتب فقط لمجرد أنها ربما تعرض فكرا مختلفا، ولا أعرف لماذا لا يحدث هذا الأمر مع الخرائط رغم أنها أخطر مائة مرة فنحن في النهاية نتحدث عن حدود وطن، من أهم واجباتنا الحفاظ عليه".في مصر تعتبر هيئة المساحة وهيئة الاستشعار عن بعد هما الجهتين الأكثر تخصصا فيما يخص الخرائط الرسمية، وأنا شخصيا أشتري منهما الخرائط سواء لأبحاثي الشخصية أو في عمل الجهاز_الكلام لسهير حواس- لكن لا يوجد قانون ما يجرم التعامل مع غيرهما فهناك حاليا خرائط جوية يقدمها "google earth" مثلا وهي متاحة للجميع، ونحن لا نريد أن نحجر علي حرية الناس في استخدام هذه المواقع لكن لا بد من وجود ضوابط محدده لهذا الاستخدام، وعواقب أيضا لمن يتلاعب في هذه الخرائط، فهناك خرائط دولية تقدم بعض أجزاء من مصر لصالح السودان، وبعضها لصالح إسرائيل، ولا يوجد ما يجرم هذا كله، والمسألة في النهاية متروكة للنزاع السياسي كما حدث في أزمة طابا.
الكارثة الأكبر هي عندما توجد خريطة زائفة في كتاب دراسي -تضيف حواس- لأنني في هذه الحالة أساهم بشكل مباشر في تزييف وعي جيل كامل، لا يجب أن نتعامل مع هذه الأمور ببساطة واستخفاف، فمثل هذه الأمور التي نراها تافهة الآن ربما تستلزم منا حروبا في المستقبل.
أغلب الخرائط المطبوعة في مصر صحيحة المشكلة الأكبر في المطبوعة في الخارج، يقول د. محمد عبد العزيز رئيس قسم الجغرافيا ووكيل كلية الآداب سابقا بجامعة بني سويف ويفسر: أغلب الخرائط المطبوعة خارج حدود مصر تضيف حلايب وشلاتين للسودان، ونحن _حتي المتخصصين منا- نستسهل النقل، ويساعدنا أنه لا يوجد ما يلزم أي شخص باستخدام خريطة معينة، وقد وجدت أستاذا كبيرا في الجغرافيا ينشر في كتبه خريطة خاطئة والكارثة الأكبر أن هناك عشرات نقلوا عنه ولم يلاحظوا هذا الخطأ.
سألته عما يمكن فعله لضمان سلامة الخرائط؟
قال: أولا لا توجد جهة واحدة تطبع الخرائط، هناك جهة رسمية هي هيئة المساحة، لكنها لا تستطيع مراقبة كل المطابع التي تطبع في مصر، وأغلب المتعاملين مع الخرائط ينقلوا إما من الأطالس وإما من كتب محلية أو عالمية، وفي حالة اكتشاف الأمر لن يكون علي الجهة التي وقعت في الخطأ إلا أن تعتذر وتقول انه خطأ مطبعي وانتهي الأمر، ولو كانت الخريطة من الخارج فسيكون علي وزارة الخارجية الدخول في تفاصيل لا تنتهي حتي تصل إلي المصدر الحقيقي للخريطة وتدخل معه في مفاوضات تشبه مفاوضات طابا حتي تصلح الخطأ!.
د.محمد يري أن الحل الوحيد هو مخاطبة كل الجهات العربية والدولية سواء كانت رسمية أو إعلامية_، وتزويدها بالخريطة الصحيحة حتي لو كان ذلك عبر القنوات الدبلوماسية المصرية بالخارج لكي يتم تداولها بشكل سليم "فالأمر في منتهي الخطورة ويكفي أن نعرف أن قناة الجزيرة لا تزال حتي الآن تبث خرائط خاطئة عن مصر، كما أن بعض المرشحين السودانيين حاليا يوزعون برامجهم في حلايب وشلاتين ويوزعون خرائط تؤكد أن هذه المنطقة ضمن حدود السودان، بما يعني أننا لو لم ننتبه سنجد أن إخواننا في حلايب يصوتون لمرشحي السودان"!. تفاصيل هذه القضية كما يقول د.محمد في غاية الخطورة وهي تقدم مثال بسيط لما يمكن أن تمثله الخرائط الخاطئة علي حدود الوطن، البداية كانت حينما قام محمد علي والي مصر بفتح السودان في عام1820ووصل نفوذه جنوبا ومن بعده ابنه إسماعيل إلي الصومال حتي رغبت بريطانيا في الاستئثار بحكم السودان وفصله عن مصر فلجأت إلي عقد اتفاق ثنائي مع مصر في19 يناير1899الذي بمقتضاه تم الاتفاق علي رسم الحد الفاصل بين مصر والسودان، وهو الخط الذي يتفق مع خط عرض درجة شمال خط الاستواء.
وقد نصت المادة الأولي من هذا الاتفاق صراحة علي أن يطلق لفظ السودان علي جميع الأراضي الكائنة جنوب الدرجة الثانية والعشرين من خطوط العرض ولأن خط عرض22 درجة شمالا يمتد كباقي الحدود الهندسية لم يراع ظروف السكان المنتشرين في المنطقة من القبائل الرعوية لذا أصدر وزير الداخلية المصري آنذاك قرارا إداريا في4 نوفمبر من عام1902 م يقضي بإجراء "تعديل إداري" علي القطاع الشرقي من خط الحدود الفاصل بين مصر والسودان وذلك بوضع مثلث حلايب وشلاتين الواقعة شمال خط عرض درجة شمالا تحت الإدارة السودانية وذلك لوجود بعض أفراد قبائل البشارية السودانية بها ومنعا لأي لبس أشار القرار الإداري في مادته الثانية علي أن المنطقة التي شملها التعديل تقع بأراضي الحكومة المصرية
ولكن مع بداية عام1914 بدأت الخرائط التي تصدرها السودان الواقعة تحت النفوذ البريطاني آنذاك تغفل إظهار خط عرض22 درجة شمالا وتكتفي برسم الحد الإداري بحيث يصبح الحد الوحيد الذي يفصل بين مصر والسودان في هذه المنطقة، ووصل الأمر إلي حد أن وزارة الخارجية البريطانية أبلغت شركة الأطالس الأمريكية "راندماكنل" باعتماد الحد الإداري فقط كحد فاصل بين مصر والسودان في المنطقة وبالفعل أصدرت الشركة المذكورة أطلسها علي هذا النحو وتبعتها الأطالس العالمية الأخري التي تنقل عنها وبالتالي فإن معظم دول العالم تنشر الخريطة الخطأ في وسائل إعلامها المختلفةوفي وسائل التعليم أيضا دون تدقيق في مدي صحة هذه الخرائط من عدمه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.