1 كحقيقةٍ تبغض اسمها كبحرٍ أتعبتْه كثرة أمواجه كليْلٍ لا يحبّ اللون الأسود كنهارٍ أنهكَت الشمس نهاره ككلّ شئ كَلَا شئ كَهُنا. 2 الليل كيف يخبئ كل هذا الملل في أحشائه؟! حتي أنّه انتزع الفرح من البارات ولم تعجبه هلوسات السكاري. أنا أيضا، كنت أبحث مثلهم عن بهجةٍ تسوقني كأعمي تقوده عصاه. صرتُ منفيّا وسط الجموع والم نفسه أصبح بلا طعم من كثرة ابتذاله. لا أقوي علي حمل نفسي وأبحث مكسورًا عمّن يمكنه أن يحملني كجريح حرب. أيها الليل أمانة عليك: تعالَ في الليلة المقبلة ومعك الموت. 3 كانت أحزاننا عادية وصغيرة يمشي الواحد في الشوارع مطوّحًا يديه في الهواء لكنّها- فجأة- تعود أثقل مما كانت! عندك مثلا ذلك الرجل الطيب "دولوز" لم يقصد أن يسبق الحياة بخطوة فمات منتحرًا بجرعة زائدة من الفلسفة، و"نيتشه" القريب من روحك طيّب قلوبنا بميكانيزمات الشدّة لكنّ ذلك السوبر مان بكي أي والله ياخي بكي. سيقول لك أحدهم: يمكن للواحد أن يتخلّص من ذراعه وليس أسوأ من هذا المجاز المازوخي! كيف يمكن للواحد أن يتخلص من ذراعه؟! أولاً: نفّض ما علي ذراعك جيّدًا ثانيًا: املأ به دُرجًا، طابقًا، بيتًا ثالثًا وأخيرًا: إذ يصير حزنك مشروع مدينة، ابكِ علي مداخلها فأنت لم تعرف بعد كيف تقوّض أساساتها بالكتب! طُف في ممرّاتها المظلمة وصاحب اللصوص والأوغاد هم سيرشدونك لمراوغة الحزن أما أصدقاؤك، فلا تبكِ إلّا لهم وإيّاك أن تعطيهم خريطة مدينتك فالدناءة تكمن في خطوط الطول والعرض. هذه وصفة جرّبها كبار الفلاسفة ثم جلسوا يبكون طويلًا كأنهم خلقوا من ملح. لنبكِ إذًا هذا الملح ثمّ نسأل الهاوية من الذي جعل العالم مباراة رفع أثقال؟! 4 حين تطلّين من بعيد أقتطع من الشارع خطوتين أو أكثر كي تقتربين سريعًا وأداري توتّري بابتسامة. من يقرأ الخجل في عينينا؟ من يقول لنا كيف هي الخطوة الأولي؟ 5 لو أننا كتابان في يد ذلك الأعمي! لو أننا ناصيتا شارع لا يعبره أحد! لو أننا مجازٌ سقط من ذاكرة اللغة! لو أنا وأنتِ فقط في هذا العالم! لو؟ لكننا لسنا وحدنا لحسن الحظ غالبا. سيمرّ الأعمي من الشارع المنسيّ كتابان في يده الأعمي شاعر من الممكن أن يكون بورخيس من الممكن أن يخترع مجازًا قديمًا وبالتأكيد سيخترع العالم لكنه سينسي- ككل شاعر أرعن- عاشقين سقطا سهوًا من كتابين في يده. 6 وهذا كل ما في الأمر احتجت عامين كي أعرف أنّ الحياة يمكن لها أن تُعاش بلا جدوي. أنّ هذا ضروري لمعادلة الكون أمام من يأكلون البطولة علي أمعاء خاوية. عامان اكتظّا بالهزائم من الحبيبات، والأصدقاء، والقدر. عامان لأوقن أنْ لا شئ كالحب والحب لا شئ، وأنْ يحيا الحب علي كل حال. احتجت عامين ولا شئ غير ذلك. 7 أريد أن يصمت العالم قليلا ليكون لصوتي صدي الأشياء ضائعا ووحيدا حتي إذا عاد إلي عرفت أنه يخصني لكنه ليس أنا