يقدم الكاتب محمود أحمد علي في مجموعته القصصية الأخيرة "عضة كلب" الصادرة عن اتحاد كتاب مصر قصصا من واقع الحياة المصرية من خلال قصص مثل عضة كلب، عم قطب والنخلتان، الزلزال وغيرهم يرصد تفاصيل حياتية في القري، يكتب عن ألم المهمشين وأفكارهم. بعض قصص المجموعة تملكتها روح الرواية مثل قصة "عم قطب والنخلتان" فسرد لنا الكاتب تفاصيل حياة البطل "عم قطب" الرجل الفقير الذي عاش عمره كله في بيت من قش ورثه عن والده. من خلال القصة تعرفنا علي قطب المتسامح، العاشق، الطيب الذي تنازل عن التعليم كي يتعلم أخوه الأصغر حسونة. في المقابل نجد أخاه القاسي الذي لم يتبرأ منه وحسب بل سعي لهدم العشة كي يمحو أثر طفولته بعدما تبناه رجل غني. ربما تبدو للقارئ بعض القصص عادية مثل قصة "رحمة وثلاثية الأبعاد" التي تحكي عن سيدة أصرت علي أن تنجب رغم خطورة هذه الخطوة علي صحتها، كذلك الحال بالنسبة لقصة "النمرة غلط" التي تناقش مشكلة عقوق الأبناء لأمهم بعدما ربتهم وحدها بعد وفاة الأب. لكن التفاصيل الدقيقة جدا هي التي صنعت حكاية جديدة تماما وكأن الكاتب أراد أن يقول إن قصص البشر متشابهة في مجملها وفريدة في تفاصيلها. الأنانية شعور سيطر علي أبطال المجموعة القصصية "عضة كلب" مثل أهل القرية الذين لم يلاحظوا مرض موظف السنترال في قصة "الزلزال"، وعود الأحبة التي لا تنفذ بحثا عن المال الوفير في قصة "الإتجاه المعاكس"، أنانية شباب يدفعون دماءهم ثمنا لتذكرة ماتش كورة ولا تحركهم إنسانيتهم لنجدة إنسان علي حافة الحياة في قصة "مباراة الدم". عقوق الابن الوحيد لوالده في قصة "أري أني أذبحك" "رحتُ أتتبع أثر الدماء التي زحفت علي الأرض حتي وصلت إلي باب الشقة المفتوح علي مصراعيه.. عرفتُ الآن أنني قد ذبحت أبي." تمكن الكاتب في عدة قصص من مزج لهجة أهل الريف المصري بالعربية الفصحي مثل قصة الرجل والشمس "وليه ماتجولش أن بسم الله الرحمن الرحيم..جن." و قصة عم قطب والنخلتان "حاضر يابا.. اللي تشوفه ما هو (حسونة) أخوي برضه، ومصلحته مصلحتي." مستخدما إياها في الحوارات بين أبطال النص. حاول محمود أحمد علي أن ينسج عالما شديد الإنسانية والخصوصية في مجموعته القصصية "عضة كلب" من خلال قصص موضوعها الأساسي هو العلاقات بين البشر، وكيف أننا أحيانا لا ندرك حجم الألم الذي نسببه لأحبتنا إلا بعد فوات الأوان. لم يكن الإهداء الذي كتبه المؤلف في مفتتح مجموعته سوي جزء من الفكرة الرئيسية، فكما تبني الكاتب وجهة نظر المهمشين والفقراء أهدي مجموعته الأخيرة للمهمشين من أصحاب الإبداع في مدينة فاقوس، نحن إذا لسنا أمام إهداء عادي وإنما طرح هادئ لقضية هامة تعاني الثقافة المصرية منها.