عضو "قيم البرلمان": الحوار الوطني فكرة ناجحة .. وتفعيل توصياته انتصار للديمقراطية    رئيس جامعة الأقصر يشارك باجتماع المجلس الأعلى للجامعات بالجامعة المصرية اليابانية للعلوم    متظاهرون إسرائيليون يغلقون شارع «أيالون» ويشعلون النار وسط الطريق    وزير الرياضة يهنئ الخماسي الحديث بالنتائج المتميزة بكأس العالم    اليوم عيد.. وزير الرياضة يشهد قرعة نهائيات دوري توتال انرجيز النسخة العاشرة    ضبط دقيق مهرب وسلع غير صالحة وسجائر مجهولة فى حملة تموينية بالإسكندرية    في ثالث أيام مهرجان الإسكندرية.. تفاعل كبير مع «شدة ممتدة» و «النداء الأخير»    التمساح سابقا.. مدينة الإسماعيلية تحتفل ب162 عاما على وضع حجر أساس إنشائها    لميس الحديدي: رئيسة جامعة كولومبيا المصرية تواجه مصيرا صعبا    قطارات السكة الحديد تغطي سيناء من القنطرة إلى بئر العبد.. خريطة المحطات    شرايين الحياة إلى سيناء    محافظ القاهرة: استمرار حملات إزالة التعديات والإشغالات بأحياء العاصمة    "مستحملش كلام أبوه".. تفاصيل سقوط شاب من أعلى منزل بالطالبية    مصر تواصل الجسر الجوى لإسقاط المساعدات على شمال غزة    تعليق ناري من أحمد موسى على مشاهد اعتقالات الطلاب في أمريكا    رامي جمال يحتفل بتصدر أغنية «بيكلموني» التريند في 3 دول عربية    عزيز الشافعي عن «أنا غلطان»: قصتها مبنية على تجربتي الشخصية (فيديو)    جامعة كفر الشيخ تنظم احتفالية بمناسبة اليوم العالمي للمرأة    أمين صندوق «الأطباء» يعلن تفاصيل جهود تطوير أندية النقابة (تفاصيل)    افتتاح المدينة الطبية بجامعة عين شمس 2025    ما هي مواعيد غلق المحال والكافيهات بعد تطبيق التوقيت الصيفي؟    سمير فرج: مصر خاضت 4 معارك لتحرير سيناء.. آخرها من عامين    سمير فرج: طالب الأكاديمية العسكرية يدرس محاكاة كاملة للحرب    «الحياة اليوم» يرصد حفل «حياة كريمة» لدعم الأسر الأولى بالرعاية في الغربية    حبست زوجها وقدّمت تنازلات للفن وتصدرت التريند.. ما لا تعرفة عن ميار الببلاوي    دعاء يغفر الذنوب لو كانت كالجبال.. ردده الآن وافتح صفحة جديدة مع الله    80 شاحنة من المساعدات الإنسانية تعبر من رفح إلى فلسطين (فيديو)    غدا.. إعادة إجراءات محاكمة متهم في قضية "رشوة آثار إمبابة"    أمل السيد.. حكاية مؤسِّسة أول مبادرة نسائية لتمكين المرأة البدوية في مطروح    رمضان عبد المعز: على المسلم الانشغال بأمر الآخرة وليس بالدنيا فقط    وكيل صحة الشرقية يتابع عمل اللجان بمستشفى صدر الزقازيق لاعتمادها بالتأمين الصحي    حكم الاحتفال بعيد شم النسيم.. الدكتور أحمد كريمة يوضح (فيديو)    طاقة نارية.. خبيرة أبراج تحذر أصحاب برج الأسد من هذا القرار    أنس جابر تواصل تألقها وتتأهل لثمن نهائي بطولة مدريد للتنس    بالصور.. مجموعة لأبرز السيارات النادرة بمئوية نادى السيارات والرحلات المصري    هيئة كبار العلماء بالسعودية: لا يجوز أداء الحج دون الحصول على تصريح    عاجل.. وزير الخارجية الأميركي يتوجه إلى السعودية والأردن وإسرائيل مطلع الأسبوع    بطولة إفريقيا للكرة الطائرة| الأنابيب الكيني يفوز على مايو كاني الكاميروني    ليفربول يُعوّض فينورد الهولندي 11 مليون يورو بعد اتفاقه مع المدرب الجديد    النيابة تطلب تحريات إصابة سيدة إثر احتراق مسكنها في الإسكندرية    مصر ترفع رصيدها إلى 6 ميداليات بالبطولة الإفريقية للجودو بنهاية اليوم الثالث    إنجازات الصحة| 402 مشروع قومي بالصعيد.. و8 مشروعات بشمال سيناء    بالتعاون مع فرقة مشروع ميم.. جسور يعرض مسرحية ارتجالية بعنوان "نُص نَص"    بلينكن في الصين.. ملفات شائكة تعكر صفو العلاقات بين واشنطن وبكين    بيريرا ينفي رفع قضية ضد محمود عاشور في المحكمة الرياضية    "بيت الزكاة والصدقات" يستقبل تبرعات أردنية ب 12 شاحنة عملاقة ل "أغيثوا غزة"    النقض: إعدام شخصين والمؤبد ل4 آخرين بقضية «اللجان النوعية في المنوفية»    مصر تواصل أعمال الجسر الجوي لإسقاط المساعدات بشمال غزة    أهمية وفضل حسن الخلق في الإسلام: تعاليم وأنواع    أبو الغيط: الإبادة في غزة ألقت عبئًا ثقيلًا على أوضاع العمال هناك    ضبط عاطل يُنقب عن الآثار في الزيتون    حصيلة تجارة أثار وعُملة.. إحباط محاولة غسل 35 مليون جنيه    الدلتا للسكر تناشد المزارعين بعدم حصاد البنجر دون إخطارها    وزيرة التضامن توجه تحية لمهرجان الإسكندرية للفيلم القصير بسبب برنامج المكفوفين    خالد بيبو: لست ناظر مدرسة «غرفة ملابس الأهلي محكومة لوحدها»    عمرو صبحي يكتب: نصائح لتفادي خوف المطبات الجوية اثناء السفر    أستاذ «اقتصاديات الصحة»: مصر خالية من شلل الأطفال بفضل حملات التطعيمات المستمرة    وزير الخارجية يتوجه إلى الرياض للمشاركة في أعمال المنتدى الاقتصادي العالمي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محطات في حياة حافلة
نشر في أخبار الأدب يوم 25 - 06 - 2016

احتواء البحر لشمس الإسكندرية لحظة الغروب، لحظة ملهمة في يوم يوسف الطويل، كنا نحرص علي حضور هذا المشهد كلما أتاحت لنا الحياة ذلك، علي طول كورنيش الإسكندرية المرجع والملاذ.
يوسف عبد الحميد المولود في 23/9/1948 بحي كوم الدكة، تربي علي خشبة مسرح سيد درويش حيث كان يعمل قدوته ووالده، وحيث عمل أخوه الماكيير فتحي يوسف، ومن سيد درويش لم يترك مسرحا قابله إلا ووضع فيه لمساته المبدعة، ورؤيته المتفردة.
عام 1988 وفي غرفة عمي فتحي تعرفت علي أخيه يوسف، كان عائدا لتوه من أوبرا القاهرة حيث شارك في افتتاحها وعمل علي مسارحها، كان حينها متعبا منهكا، صامتا أغلب الوقت، يدير الحوار مع نفسه، وكنت من القلائل الذين وافق لهم يوسف وقتها بالدخول إلي شرنقته، ولم نعرف إلي يومنا هذا لماذا اقتربت؟ ولماذا وافق علي دخولي إلي عالمه العجيب؟ ومن يومها أواصر المحبة ممتدة بيننا، صار أخي وصرت أخاه.
حدثني يوسف - حين تعرفنا - عن تجربته في تأسيس فرقة "اجتياز" مع مسرحيي الإسكندرية الرافضين لنكسة 1967 إلي أن توقفت "اجتياز" عام 1972، وكيف كان الحلم عظيما بعد أكتوبر 1973 ثم تهاوي تحت مطارق الانفتاح الساداتي، وبرغم وطأة المرارة، لم يتوقف يوسف عن الحلم والإبداع، ولا الأمل والإمتاع وتشهد له مسارح مصر بذلك، وكذلك مسارح إيطاليا التي قصدها 1979 وعاد منها 1983 وكان يدير خشبة مسرح يوليوس قيصر أكبر مسارح روما.
عرفت يوسف شاعرا حالما رافضا لواقع مترد أصاب المسرح معشوقه الأول، كما أصاب غيره من مناحي الثقافة والحياة في مصر، وبرغم المرارة التي كان يشعر بها وقتها، ورغم الانطواء الذي كان باديا عليه، إلا أن يوسف لم يرحل قط عن الواقع مستسلما، كان مبدعا في أقصي درجات الضيق والضجر، كان صابرا راضيا مؤمنا بالقضاء والقدر، وكان يغني "عشقان يا صبايا".
"عشقان يا صبايا / والوِرد دليله منين/ عشقان والكلمة الحلوة/ بتنور نني العين/ انِده ع البت بهية / خليها تخبي ياسين/ قولها تاخده في تكعيبة / ضلها يجي ميت فدان/ يغسل توبه المتعكر/ باقدام عسكري متنكر/ لابس بابيون فنان/ والدنس الاسود يخرج/ م التوب الطاهر لابيض/ والعشق يرد صبابة/ بينهم هما الاتنين/ أنا كنت محمد وأحمد/ وصراطي كان حسنين/ الأولي: اُخرج مش راجع / والتانية: حروح علي فين؟/ لو كنت مؤهل تخلع/ توبك لاول راح تقدر/ لكن خفرك مش ممكن / راح يخدش نني العين/ عشقان يا صبايا/ عشقان يا مصريين/ عشقان والعشق لوحده/ يكفيني يا دوب ساعتين" اكتوبر 1992.
نال يوسف المركز الأول علي مستوي الجمهورية في مسابقة العروض المسرحية بأوبريت ((ليلة رمضانية)) والذي قمت بتأليفه وأخرجه يوسف عبد الحميد 1996 لكلية رياض الأطفال بالإسكندرية.
كان يوسف مشاركا قويا في الحركة المسرحية الناهضة بالإسكندرية يحتضن الشباب ويتواصل معهم وكأنهم من أبناء جيله، وجدوا فيه الصديق والإنسان قبل أن يجدوا المبدع والفنان، و قد حصل 1999 علي المستوي الأول في الإخراج في مسابقة مهرجان نوادي المسرح التاسع التي أقيمت بالإسماعيلية
عمل رئيسا لفنيي المسرح بمكتبة الإسكندرية في الفترة من 2003 إلي 2006 وكان مبدعا كعادته في تقديم عروض المكتبة المسرحية.
شارك يوسف مع صديق عمرنا الفنان الراحل حمدي رءوف في تأسيس فرقة كورال الأطفال، ومخرجا لعروضها منذ عام 2004 علي مسارح الإسكندرية، وعلي أوبرا القاهرة وفي محكي القلعة وغيرها.
كتب يوسف قصصا مصورة للأطفال حيث شاركت معه في كتابة ثلاثين قصة عام 2009 منها "حرب الكواكب" و"حاول واسأل" و"حليب ميمي" بالإضافة إلي سلسلة حملت اسم "سفينة الحروف" طبعت، وتحولت إلي مسلسل كرتوني، ونشرت ووزعت بشكل كبير في دول الخليج، واعتمدت كمنهج دراسي في مدارس دولة الإمارات العربية المتحدة من عام 2011.
في السنوات الأخيرة انشغل يوسف بالترجمة من الإيطالية إلي العربية. لقصص إيطالية أصدرت حديثا، حيث ترجم رواية "أنا وأنت" للروائي الإيطالي نيكولو أمانيتي 2012، و"لحظات من سعادة عابرة" للروائي فرانشسكو بيكولو 2014 وأنهي ترجمة الفصل الثالث من رواية "وادي اللصوص" تأليف: إرمانو كافاتسوني.
في الليلة الأولي من رمضان دخلت كومة الدكة حيث تمني يوسف أن يعيش ويموت هنا بين أهله وأحبائه وأصدقائه وجيرانه، أحمل في جيبي الفصل الثالث من ترجمته الأخيرة بعد أن أتممت مراجعتها لغويا، كنت أشفق علي نفسي من تلك اللحظة الحزينة، فاكتشفت أنني أمام لحظة عبقرية تليق بإنسانيته الصادقة، وقلبه المفعم بالحب للدنيا بأسرها، كانت الشرائط الملونة تمتد لتصل العمارات المتقاربة في حواري كوم الدكة الضيقة، والفوانيس معلقة في السماء تضيء المكان، متراقصة بين ابتسامات الأطفال اللاهين، وقهوة فرج والتي طالما شهدت لقاءاتنا الممتدة حتي الفجر، نتحدث ونتناقش ونلعب "المحبوسة"، وينهيها الفائز منا بصوت أجش: "وهكذا استطاع إيخيليون أن يقتحم القلعة، وأن يستولي علي البيادق، وتلك شيم الأبطال".
إلي اللقاء يا صديقي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.