بكري: هناك جهات لا تريد أن ترى المصريين يدا واحدة    "كاميرا ترصد الجريمة".. تفاصيل تعدي شخص على آخرين بسلاح أبيض في الإسماعيلية    أحمد السقا يكشف عن مفاجأة لأول مرة: "عندي أخت بالتبني اسمها ندى"    شريف الشوباشي: أرفض الدولة الدينية والخلافة الإسلامية    لا داع للقلق.. "المصل واللقاح" توجه رسالة عاجلة للمواطنين بشأن متحور FLiRT    عيار 21 الآن في السودان وسعر الذهب اليوم الجمعة 17 مايو 2024    شروط الحصول على المعاش المبكر للمتقاعدين 2024    بعد الانخفاض الأخير لسعر كيلو اللحمة البلدي.. أسعار اللحوم اليوم الجمعة 17-5-2024 في الأسواق    ورشة عمل إقليمية تحت عنوان «الذكاء الاصطناعي مدخلاً لإعادة هندسة منظومة التعليم»    المظهر العصري والأناقة.. هل جرَّبت سيارة hyundai elantra 2024 1.6L Smart Plus؟    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الجمعة 17 مايو 2024    4 شهداء فلسطينيين جراء غارة إسرائيلية استهدفت مدرسة "الجاعوني" بمخيم النصيرات    براميل متفجرة.. صحفية فلسطينية تكشف جرائم إسرائيل في غزة    عاجل - واشنطن: مقترح القمة العربية قد يضر بجهود هزيمة حماس    بعد استهداف رصيف المساعدات بالهاون.. أمريكا تحسم الجدل حول تورط حماس    برشلونة يعزز وصافة الدوري الإسباني بانتصار على ألميريا    طارق مصطفى: استغللنا المساحات للاستفادة من غيابات المصري في الدفاع    بهذه الطريقة.. اضبط تردد قناة كراميش 2024    عبدالخالق: الزمالك قادر بدعم جماهيره على التتويج بالكونفدرالية    براتب 1140 يورو.. رابط وخطوات التقديم على وظائف اليونان لراغبي العمل بالخارج    ترقب المسلمين لإجازة عيد الأضحى وموسم الحج لعام 2024    حالة الطقس اليوم على القاهرة والمحافظات    ماذا قالت نهاد أبو القمصان عن واقعة فتاة التجمع وسائق أوبر ؟    قوات الإنقاذ تنتشل جثة مواطن سقط في مياه البحر بالإسكندرية    مأساة الطفل أدهم.. عثروا على جثته في بالوعة بعد 12 يومًا من اختفائه بالإسكندرية    كارثة تهدد السودان بسبب سد النهضة.. تفاصيل    تركيب المستوى الأول من وعاء الاحتواء الداخلي بمفاعل محطة الضبعة النووية    للرجال على طريقة «البيت بيتي».. أفضل طرق للتعامل مع الزوجة المادية    رد ناري من شريف الشوباشي على يوسف زيدان بعد تصريحاته عن طه حسين (فيديو)    لا عملتها ولا بحبها.. يوسف زيدان يعلق على "مناظرة بحيري ورشدي"    كلمت طليقى من وراء زوجي.. هل علي ذنب؟ أمين الفتوى يجيب    الدراسة بجامعة القاهرة والشهادة من هامبورج.. تفاصيل ماجستير القانون والاقتصاد بالمنطقة العربية    كمال الدين رضا يكتب: الكشرى والبط    مصر ترفض مقترح إسرائيلي بشأن معبر رفح    اسكواش - خماسي مصري في نصف نهائي بطولة العالم    كاميرا ممتازة وتصميم جذاب.. Oppo Find X7 Ultra    بنده السعودية.. أحدث عروض الهواتف المحمولة حتى 21 مايو 2024    الرياضيون الأعلى دخلا في العالم 2024، رونالدو يتفوق على ميسي    محمد شريف: التعادل مع اتحاد جدة ليس سيئا    تراجع سعر الحديد الاستثماري وعز والأسمنت بسوق مواد البناء الجمعة 17 مايو 2024    خصم نصف المرتب لمدة 6 شهور لهذه الفئة من الموظفين    حظك اليوم برج الجوزاء الجمعة 17-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    ميلاد الزعيم.. سعيد صالح وعادل إمام ثنائي فني بدأ من المدرسة السعيدية    بعد عرضه في «كان» السينمائي.. ردود فعل متباينة لفيلم «Megalopolis»    «السياحة» تلزم شركات النقل بالسداد الإلكتروني في المنافذ    الأمير تركي بن طلال يرعى حفل تخريج 11 ألف طالب وطالبة من جامعة الملك خالد    تعرف على.. آخر تطورات الهدنة بين إسرائيل وحماس    حزب الله اللبناني يعلن استهداف فريقا فنيا للجيش الإسرائيلي في ثكنة راميم    جهاد جريشة: لا بد من محاسبة من تعاقد مع فيتور بيريرا    طريقة عمل بيكاتا بالشامبينيون: وصفة شهية لوجبة لذيذة    للحفاظ على مينا الأسنان.. تجنب تناول هذه الفواكه والعصائر    تنظم مستويات السكر وتدعم صحة العظام.. أبرز فوائد بذور البطيخ وطريقة تحميصها    الفيوم تستضيف الجلسة ال26 للجنة قطاع العلوم الأساسية على مستوى الجامعات    لا عملتها ولا بحبها ولن نقترب من الفكر الديني.. يوسف زيدان يكشف سر رفضه «مناظرة بحيري ورشدي»    لراحة القلب والبال.. أفضل دعاء في يوم الجمعة «اللّهم ارزقني الرضا وراحة البال»    نتيجة الصف الرابع الابتدائى الترم الثانى.. موعد وطريقة الحصول عليها    جامعة بني سويف من أفضل 400 جامعة عالميا.. والرابعة محليا    أعطيت أمي هدية ثمينة هل تحق لي بعد وفاتها؟.. أمين الفتوى يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الطعام في التراث الشعبي: طبيخ الصعايدة
نشر في أخبار الأدب يوم 11 - 06 - 2016

»اللي ما ناكله في هناهم ناكله في عزاهم«، »وجع بطني ولا كب طبيخي«، »إذا فاتك الضاني عليك بالحمصاني«، »بصلة المُحب خروف«، »آكل فول وأخرج قفاي عرض وطول ولا آكل كباب والديابة واقفة وراء الباب«... وغيرها الكثير من الأمثال الشعبية في تراثنا تدّلل علي قيمة الطعام لدي المصريين واهتمامهم البالغ به، ومن يذهب إلي الصعيد تحديدا يجد أضعاف هذا الاهتمام، حيث تتمثل معظم دروب الأخلاق الحميدة عندهم والتعبير عنها من خلال الطعام.
في صفحات هذا البستان نقدم جزء من مخطوطة الشاعر والباحث درويش الأسيوطي "طبيخ الصعايدة"، والتي يستعرض فيها علي الأخص الأمثال الشعبية في الصعيد التي ورد فيها ذكر الطعام أو مواده أو أدواته أو .... إلخ.
التراث الشعبي سجل لنشاط الإنسان وخبراته ومعارفه وعقائده وعاداته وتقاليده. ويحضُرُ طعام المصريين في تراثهم الشعبي الشفاهي بدرجات متفاوتة. وربما أكثر ما حفل بالطعام وأنواعه كانت الأمثال الشعبية. لهذا سنعني بالمثل الشعبي للتدليل علي حضور الطعام الصعيدي في التراث، و إن كان هذا لا يعني خلو ضروب التراث الأخري من ذكر الطعام. فعلي سبيل المثال يهتم ( حنين الحجاج) عند الحديث عن الإعداد لرحلة الحج وزيارة قبر النبي عليه الصلاة والسلام بالإشارات إلي الطعام وألوانه التي يعني الحجاج بحملها معهم. فيقال في إعداد الزوادة :
من حنين الحجاج :
من سَمْنِ سَايحْ
واعملوا المَنُّونْ من سمن سايح
من سمن سايح
وقولوا لوَلَدْهَا يحضِّرْ دبايح
قَدَحْ سُكْسُكيَّة
واعملوا للْحاجَّه قدح سكسكية 
قدح سكسكية
أهلِ مَكَّهْ يِقُولوا دي مِنْ بيت وسيَّه
خُدي مُد سُكَّرْ
يا رايحَه للنبي خدي مد سُكَّرْ
خدي مد سكر
تِلْقِي حَمَامِ النَّبي علي القُبه يُذكُرْ
خدي كِشْكْ يامَهْ
وانْ نَويتِي يُوحَاجَهْ خدي كشك يامَهْ
خدي كشك يامه
عند حَرَمِ النَّبي يا محلا طَعَامَهْ
وهكذا.. وجدنا في هذه المقاطع ذكر السمن والسكر والكشك والسكسكية... إلخ
الطعام في الأمثال الشعبية
تحفل أمثال المصريين الشعبية بدقائق حياتهم، لذا فلم يكن من الغريب أن تجد أطعمتهم، غلالهم وخبزهم، طبيخهم، حيواناتهم، طيورهم ومزروعاتهم في أمثالهم الشعبية. وليس أدل من الأمثال الشعبية علي هذا. ونحن هنا معنيون ببعض ما جاء به ذكر لطعامهم من الأمثال الشعبية. والواقع أن تلك الأمثال لا حصر لها، لكني اكتفيت ببعض ما وصل إلي، وما وعته ذاكرتي من تلك الأمثال للتدليل علي حضور الطعام في التراث الشعبي المصري.
من المعروف أن للمثل الشعبي دلالتين: دلالة لفظية نأخذها من المعني الظاهر أو المعني المعجمي لمفردات الجملة المثلية بشقيها )الفرش والغطاء) ، يحملها المصري بخبراته ومعارفه ودلالة أخري قصدية وهي المستوي الأعمق من معني الجملة المثلية، وعادة ما يحملها حكمته ومعتقداته. ومن حيث الهدف هناك نوعان من الأمثال الشعبية: أمثال لا تهدف إلا إلي نقل الخبرات والمعارف، وأخري تعني بفلسفات وحكمة هذا الشعب. ويحضر الطعام ومفرداته وأدواته في كلا النوعين من الأمثال.
أولا: من أمثال الأصول والحكمة:
ومن الأمثال المعنية بالفلسفات والحكمة والمعتقدات الوارد بها ذكر الطعام والتي وصل إلينا الكثير اكتفيت لطبيعة المقام بما يلي :
إطْعِمْ الْفُمْ.. تِسْتِحِي الْعِينْ.
يربط هذا المثل الشعبي في دلالته القصدية بين الطعام وبين الاعتراف بالفضل. فمن يأكل طعام الإنسان يعترف لمطعمه بفضله عليه، فالطعام هو ما يبقي الإنسان علي قيد الحياة.
وقد ربط المثل بين السن أداة المضغ والقضم للطعام، و بين العين وهي النافذة التي تطل علي وجدان الإنسان ومشاعره.
فالمدين للآخر بفضل لا يستطيع أن (يرفع عينه) في صاحب الفضل، اعترافا بفضله. ويعبر الناس في منطقتنا عن هذه الحالة بتعبير: (كاسر عينه) ، أما غيرالمدين للآخر بفضل فإن عينه تكون (قوية) لا تخجل من المواجهة والتحديق. فإن أردت أن تأسر قلوب الناس فعليك بإطعامهم.
اللِّي يِسْتَنَّي وَكْلْ غِيرُه.. يا طُولْ جُوعُه.
المنطقي في حياة المصريين أن العمل هو الوسيلة الأساس لكسب الرزق، واللقمة الشريفة هي التي تأتي من العمل و الكد و العرق. و يتحدث هذا المثل في فرشه عن أناس لا يأكلون من كدهم، إذ يعتمدون علي غيرهم في الحصول علي الطعام. وتأتي مفردة (يستني ) التي تفيد الانتظار للتدليل علي المكث بلا عمل في انتظار تفضل الآخرين عليهم بالطعام. ويشير غطاء المثل إلي أن أمثال هؤلاء المعتمدين علي الآخرين في الحصول علي طعامهم سوف يعانون من الجوع كثيرا و لفترة طويلة. والمثل بفرشه وغطائه محمل بدلالة هامة تقول : علي الإنسان أن يعمل علي توفير طعامه بنفسه، وألا يعتمد علي الآخرين فيتعرض للجوع. وهذه الدلالة الحكيمة مبذولة للفرد والجماعة والمجتمع. فكثير من الدول التي لا تزرع طعامها تتعرض للمجاعات حتي في غير أوقات الحروب.
فَرِّقُوهْ يِفُوحْ.. كُلُوهْ يِرُوحْ .
التفريق الذي تعنية الجملة المثلية في شقها الأول (الفرش ) يعني التوزيع المجاني وصاحب الرائحة التي تفوح هو الطعام أو الطبيخ. و (يروح ) تعني يذهب أو يهلك أو لا يبقي له أثر. والمثل يشير إلي أهمية التآزر والتكافل، و يري أن ما يؤكل من الطعام هو ما يضيع و لا يبقي له أثر، أما ما يبقي فهو ما نعطيه للآخرين وتبقي له آثار جمة، من أهمها المشاعر الطيبة، والاعتراف بالفضل وإسباغ السعادة علي الآخرين المحيطين بنا وفي هذا راحة للفرد والجماعة. ألا يذكرنا هذا المثل الشعبي بالحوار البليغ الذي دار بين الرسول الكريم محمد صلي الله عليه وسلم وزوجه حول ما ذهب من الشاة وما بقي منها.؟
لُقْمَهْ هَنِيِّهْ.. تِكَفِّي مِيِّهْ .
(الميه ) أو المائة والألف من الأرقام التي استخدمها العرب عامة للتدليل علي الكثرة، واللقمة هي ما يملأ الفم من الطعام من الخبز أو غيره. وقد يميز ما يملأ الفم من الخبز بالكسرة. والمثل هنا يشير إلي القليل من الطعام يتوافر في حالة الهناء والسعادة والرضا، وفي أحوال الرضا يصير القليل كثيرا وتكفي اللقمة القليلة مائة من المتحابين أو أكثر. فالرضا والسعادة تدخل البركة في الطعام، وتجعله كافيا .
يا مِشْتَهِينُهْ بِدَلْ مَا تْفَرِّقُوهْ..
أقْعُدُوا جَنْبْ الْحِيطْ وكْلُوهْ.
مشتهي الطعام من يتمني الحصول عليه أو من يتمني تذوقه، والتفريق هو إخراج الطعام كصدقة أو كهدية توزع علي الغير. والمثل يشير إلي أن الذي يشتهي ما بيده من الطعام لابد أن يشبع حاجته أولا قبل أن يخرجه كصدقة لغيره من الفقراء، أو هدية للأصدقاء. فألأولي بمشتهي الطعام، أن يتنحي جانبا بعيدا عن أعين الناس، ويأكل ما ينوي توزيعه علي الآخرين طلبا لمرضاة الله أو ثناء الناس والقعود إلي جانب الحيط تعبير شعبي يجمع بين معني الهدوء ومعني الإخفاء. وينهي المثل عن التبرع بما يشتهيه الإنسان من الطعام أو غيره.
لاقِينِي.. وَلاَ تْغَدِّينِي..
اللقاء يعني الاستقبال أو المقابلة وجها لوجه، والغداء هو طعام وسط النهار أو طعام الغداة.
وقد يطلق لفظ الغدا أو العشا أو الفطار أو الفطرة علي الهدية من الطعام الجاهز للأكل أو المعد للأكل. فتطلق كلمة الفطرة علي النقل المجهز لعيد الفطر، كما يطلق اللفظ علي الطعام المحمول إلي العروسين صباحا (فطرة الصباحية ) . أما إذا حمل قبل الظهر فيسمي الغدا، أما ما يحمل بعد الظهر فيسمي العشا مهما كان الموعد طالما حمل علي سبيل الهدية. وفي قرانا يهدي الخبز و التمر و الفاكهة و الحيوانات والمطبوخات والمعجنات إلخ.. في العديد من المناسبات. وإذا كانت الهدية تدخل الفرح علي قلب من تهدي إليه، وتدل علي محبة من قدم الهدية، فإن المثل يطلب ما هو أفضل من تلك الهدايا وهو طلاقة الوجه عند اللقاء. فتبسمك في وجه أخيك صدقة.
ثانيا : من أمثال الخبرات والمعارف :
كما رأينا.. تكتنز بعض الأمثال حكمة الأجداد في جملها الفنية الرشيقة، كما ينقل البعض من الأمثال الخبرات الحياتية للجماعة الشعبية. و لأن الخبز هو الطعام الرئيس في الصعيد فيكثر وروده في أمثالنا. بعض تلك الأمثال تعبر عنه بلفظة ( العيش ) كما يحلو للمصري أن يسميه أو يسميه باسم نوع من الخبز مثل الكعك والقرص. وبعضها يشير إلي طعام معين، ويشير البعض الثالث إلي أدوات تستخدم في عمليات التجهيز والطبخ كالغربلة والطحن والعجن والخبيز وغير ذلك .
الغربلة والتنظيف وأدواتهما :
وسوف نكتفي هنا بتدوين بعض الأمثال التي يرد فيها لفظ الغربلة والإشارة إلي دلالتها اللفظية ودلالتها التأويلية في أضيق الحدود كما سيأتي. تستخدم (الغرابيل) في تنظيف الحبوب وتنقية الطحين أو الدقيق وهي متعددة الأنواع. وقد ورد لفظ الغربال في العديد من الأمثال الشعبية نختار منها ما يلي :
الْبَحْرْ... غِرْبَالْ الْخَايْبِهْ.
المرأة (الخائبة) هي المرأة التي لا تحسن استخدام الغربال لتنظيف غلتها، وينصحها البحر قائلا: عليها بالبحر فهو غربالها. ويقصد هنا بالبحر نهر النيل. وبعض النساء يقمن بالفعل بوضع الغلال في المقاطف (السعف) وغمس تلك المقاطف بغلالها في الماء الجاري في النهر أو الترع، فتذوب حصوات الطين المختلطة بالغلال كالقمح والذرة والشعير وغيرها، ثم تقوم المرأة ببسط تلك الغلال علي (الحُصْر ) والمفارش في الشمس حتي تجف، ثم تدفع بها للطحين. وواضح المثل معني بنقل الخبرات.
الْغِرْبَالْ الْجَدِيدْ... لُهْ شَدَّهْ :
للمثل رواية أخري تقول (الغربال الجديد له علاقه) أي أن كل جديد يحظي بالعناية حتي أننا نصنع علاقة للغربال الجديد للحفاظ عليه أما القديم فعادة ما يلقي في زاوية من المكان. أما الرواية التي سقناها في المثل المدون هنا فتقول أن كل جديد يكون عسيرا شديدا كالغربال يكون مشدودا، وكلما كان الغربال مشدودا قام بوظيفته بشكل أفضل. ولكن كثرة الاستخدام ومرور الزمن يصيبه بقدر من الترهل والضعف. والواضح أن المثل معني بالحكمة التي يمكن الخروج بها من تأويله أكثر من الدلالة اللفظية للمثل.
اللِّي مَا يْشُوفْشْ منْ خُرْمِ الِغِرْبَالْ... يِبْقَي إعْمَي.
يحكم المثل بالعمي علي من يتعذر عليه الرؤية من خلال ثقوب الغربال. والدلالة التأويلية
المقصودة أو الدلالة القصدية هنا تنصح بتدقيق النظر في الأمور مهما كانت العوائق، فالأعمي هو من تحول العوارض البسيطة كسيور الغربال عن رؤيته الحقائق.
مِنْ غَرْبَلْ النَّاسْ.... كِرْهُوهْ.
الغربلة هي التنقية أو استخدام الغربال في التصنيف والتنظيف. والمثل يقول أن التدقيق في أخلاق الناس وتصرفاتهم مدعاة لكراهيتهم لمن يقوم بذلك.فعلينا أن نعايش الناس بما لهم وما عليهم فنحن لا نصنع الأصدقاء ولا الجيران، فمن كشف عن الحقيقة الخالصة للناس كرهه الناس.
من أمثال العيش :
تستخدم لفظة العيش بدلالات مختلفة، فتعني الخبز، كما تعني كسب الرزق، وتعني في الأصل البقاء علي قيد الحياة. والأمثال التي سنوردها هنا تتطرق لكل تلك الدلالات :
مِنْ حَمَدْ الله علي النِّخَالِهْ..
بَارَكْ لُه فِي الدَّقِيقْ
المثل يدعو إلي القناعة، ويري أن في القناعة وحمد الله علي القليل بركة، فمن حمد الله
علي وجود النخالة عنده ، وصبر علي استخدامها في الطعام كخبز، رزقه الله ما هو أفضل مما لديه وهو الدقيق، بل وبارك له فيه. والمقصود بالنخالة هنا الخبز المصنوع من الردة أو قشر حبوب القمح. ويخبز من النخالة نوعان من الخبز سنشير إليهما لاحقا هما : عيش السن من النخالة الناعمة المسماة بالسن، والملفوف ويصنع من النخالة الخشنة.
زَيْ عِيشْ الشَّعِيرْ.. مَوْكُولِينْ.. ومَزْمُومِينْ.
الشعير من الغلال قليلة القيمة عند الناس كغذاء، ويأتي خبز الشعير في مرتبة تالية لخبز
القمح بل و خبز الذرة أيضا. لكنه يصبح لدي الفقراء أحيانا الخبز الوحيد المتاح، ومع أن الناس تأكل خبز الشعير الذي يبقي علي حياتهم فإنهم يذمونه ويتضجرون منه، و ينكرون فضل خبز الشعير عليهم حين يقارنون بينه وبين خبز الغلال الأخري. وبعض الناس كآكلي خبز الشعير في نكران فضل من له الفضل عليهم.
شَحَّاتْ.... وِعَايِزْ عِيشْ قَمْحْ :
الشحات هو الشحاذ أو السائل، ومن المفترض أن الشحاذ يطلب القليل، ويأخذ ما يجود به الناس عليه شاكرا . لكن شحاذنا هنا لا يطلب الأدني أو القليل بل هو يطلب ( عيش القمح )،وهو أفخر المخبوزات في قرانا الفقيرة. ويضرب المثل لمن يطلب الثمين من الأشياء دون حق ودون مبرر وربما دون مقابل.
اللِّي ع يَاكُلْ فِ عِيشْ غِيرُه... سِنَانُه مِنْ حَدِيدْ :
يذم المثل من لا تردعه الشفقة عن إهلاك مال الآخرين، فهو كمن يأكل خبز غيره ولا يمل من الأكل ولا يشعر بالتعب كأنما أسنانه خلقت من حديد. فإن كنت ضيفا علي غيرك، عليك أن تأكل دون شره، وإن حكمت في أموال الناس فتعفف ولا تأكل منها إلا بالحق وبالتي هي أحسن .
الكَعْكَهْ فِ إيِدْ الْيَتِيمْ... عَجَبَهْ :
الكعك أو الكحك نوع من الخبز الفاخر المصنوع من الدقيق الفاخر (العلامه) ، والمضاف إليه السمن البلدي وهو أنواع سنعرض لها لاحقا. واليتيم هومن فقد أباه، وينظر الناس إلي الأيتام بإعتبارهم من الفقراء، لذلك يكون من المثير للدهشة والعجب أن نري في يد اليتيم(كعكة). وللمثل صياغة أخري تأتي في صور استفهامية : (هيه الكعكه في إيد اليتيم عجبه.؟) . ويدعو المثل إلي التسليم بفضل الله ورزقه، فليس من الكثير علي الله أن يرزق اليتيم كعكة.. فلا تعجب من فضل الله علي عباده حتي وإن رأيت عدم المنطقية في هذا الفضل.
لُقْمِةْ الرَّاجِلْ مِقَمَّرَةْ، مَا تَاكُلْهَا إلاَّ الْمِشَمَّرَهْ:
اللقمة هي القطعة الصغيرة من الخبز التي تملأ الفم، والمقصود باللقمة هنا كد الرجل وتعبه الذي يتحول في النهاية إلي خبز يقدمه لأهله. والتقمير هو التجمير أو تسخين الخبز علي الجمر أو النار، تليينا له لكي يسهل مضغه. والمثل يقول إن خبز الرجال مبذول فيه الجهد في التحصيل والإعداد لا تستحقه إلا المرأة (المشمرة) أي المرأة التي تشمر عن ساعديها دائما استعدادا لأي عمل في البيت.
كُلْ عِيشْ حَبِيبَكْ تُسُرُّهْ...
وكُلْ عِيشْ عَدُوَّكْ تُضُرُّهْ.
من أحبك بذل لك ما في يده، وسره أن تستمتع بما تأخذه منه أو ما تأكله من يده، أما عدوك من كرهك من الناس، فهو يري حصولك علي بعض ما بيده من خير مضرة له، في ماله ولو كان لقمة خبز، لذا ينصح المثل أن يتبين حقيقة مشاعر من تقبل علي تناول الطعام عنده، فإن كان حبيبك فإنه يسره أن يطعمك، أما عدوك فيري في طعامك مضرته.
وَكْلْ الْعِيشْ يِحِبْ الْخِفِّيهْ.
الصياغة التقريرية المباشرة لهذا المثل تجعل منه حقيقة تقترب من العقائد، لا تقبل النقاش،
وأكل العيش هنا تعني طلب الرزق، والخفية هي سرعة الحركة واللطف في الطلب. فمن أراد أن يحصل علي ما يكفيه من الرزق الحلال، فعليه أن ينشط إلي العمل، واللطف في أداء الأعمال اكتسابا لدعم الناس ومودتهم.
من أمثال الطبيخ وأدواته :
ترد في أمثال كثيرة أنواع الطبيخ وأدوات الطبخ وأوعية الطبخ. ولو تحرينا تلك الأمثلة لضاق بنا المقام لذا سنكتفي ببعض النماذج :
اللِّي فِي الدِّسْتْ.. تِطَلِّعُه الْمَغْرَفَهْ.
(الدست ) هي قدر نحاسي في العادة يصنع كوعاء للطبخ، وله استخدامات أخري. والمغرفة أداة من أدوات الطبخ الشهيرة تستخدم لغرف الطعام من أوعية الطبخ لأوعية التقديم . وتصنع (القصعة) من الخشب أو المعادن المختلفة كالنحاس والألومنيوم. والمثل يقول في دلالته اللفظية إن ما يكون داخل القدر يمكن استخراجه باستخدام المغرفة. بينما تشير الدلالة القصدية إلي أن التدقيق في الأمور واستخدام العقل فيها قادر علي اكتشاف الخبايا التي لا تبدو في الظاهر.
عِنْدْ الْقَصْعَهْ تِلْقَي تِسْعَهْ..
وعِنْدْ الْجَدْ.. مَاتِلْقَاشْ حَدْ.
(القصعة) وعاء لتقديم الطعام وخاصة الثريد، وتصنع القصاع من الخشب والفخار والمعادن.
والعدد تسعة عدد يتناسب مع التجنيس اللفظي الذي يعني به عادة المثل الشعبي. ويعد التجنيس اللفظي من ملامح الصياغة الفنية لهذا الضرب من ضرب التراث الشعبي. والعدد جاء للتدليل علي الكثرة لا أكثر. يشير المثل في ظاهره أن لو تفقدت الناس عند تقديم الطعام لوجدتهم كثرا، لما فيه من مغنم لكن حين يحين الجد لا يسارع أحد إلي المواجهة، لما في المواجهة الجادة من مغرم.
مَا تِزْعَلُوشْ عَلَي فُخَّارْكُمْ..
لِيه إعْمَارْ زَيْ إعْمَارْكُمْ.
حين يطلق لفظ (الفخار) فهو يعني كل الأوعية المصنوعة من الفخار، لكن حين يقال (الفخاره) ينصرف الذهن إلي (البلاص). والأوعية المصنوعة من الفخار رغم ما بها من مزايا يعرفها من يعرفون أسرار الطبخ، إلا أنها سريعة الكسر. و المقصود بالزعل الحزن أو الغضب والمقصود هنا الحزن. وينصح المثل الشعبي المصري بعدم الحزن لانكسار وعاء من الفخار، فالفخار له عمر يبلي بعده كما أنكم لكم أعمار تبلون بعدها.
يَاكُلْ الْهَدِيِّهْ... وِيِكْسِرْ الزِّبْدِيِّهْ .
يقصد هنا بالهدية الطعام المطهو الذي يتبادل المصريون إهداءه في المناسبات وبدون مناسبة.
والزبدية وعاء من الفخار غير المسامي ( الهمر ) وتجمع زبادي. و المثل يضرب للتدليل علي سوء المعاملة. فبدلا من تقديم الشكر لمن أهدي الطعام يقوم المهدي إليه بكسر وعاء الطعام. أي أن ذلك الشخص المشار إليه في المثل يقابل الإحسان بالإساءة. وهذا ليس من طيب الأخلاق.
فَتِّةْ الْبَخِيْل.. مَا تِشْبِعْشْ.
البخيل هو الإنسان المقتر الذي لا يحب بذل المال أو الجهد أو الطعام لآخرين. والبخل سلوك مذموم عند المصريين وخاصة أهل الصعيد. والفتة من الفت أي التقطيع إلي فتات و هي الثريد. والثريد كما سنري طعام يصنع من فتات الخبز مضافا إليه ماء سلق اللحم أو العدس أو غيرهما، وقد تضاف إليه محسنات طعم كالبصل أو الثوم المقلي (الطشه (. والثريد يعد من أرخص أنواع الطبيخ. ومع ذلك ما يقدمه البخيل من الثريد علي رخصه لا يشبع من يقدم إليه.
قالوا:التُرْمُسْ أَحْلَي مِنِ اللُّوزْ..
قَالُوا: دَا جَبْرْ خَاطِرْ يَا فُقَرَا.
حتي الآن ينادي (الترامسي) أو بائع الترمس مرغبا في بضاعته بقوله (الترمس اللوز أو لوز يا ترمس) . والترمس حب مر الطعم حين يكون نيئا أي غير منقوع، واللوز نقل معروف بحلاوة الطعم.
والمثل يدير حوارا بين فئتين : فئة تزعم أن الترمس أحلي من اللوز، وفئة تري في هذا القول مجرد مجاملة لجبر خواطر الفقراء ممن يعجزون عن شراء اللوز.
أنَا فِجْلْ بِطِينِي.. وِاللِّي يِعُوزْنِي يِلاقِينِي.
الفجل نوع من النباتات التي تؤكل طازجة كفاتح للشهية عادة ولما له من خواص غذائية فريدة ويؤكل الفجل كله: جذوره وأعواده وأوراقه. وحين يقتلع الفجل من الأرض الطينية يحرص الفلاح علي عدم تنظيف الجذور من الطين، ليبقي طازجا لأطول وقت ممكن. فلا ينظف إلا عند تقديمه مع الأكل. يقول المثل علي لسان الفجل أنه فجل بطينه أي لا يفصل بين الفجل والطين، ومن يرغب في الحصول علي وعلي الطين معي سيجدني. والمثل يشير إلي أن بعض الأمور تلازمها بعض العيوب والمثالب وعلي من يحتاج إلي الأمر فعليه إما أن يقبله بعيوبه أو ينصرف عنهما معا.
اللِّي يَاكِلْ دِيُوكْ النَّاسْ.. يِعَفِّي دِيُوكُه.
هذا المثل لم أسمعه إلا من والدي رحمه الله، والديك يقصد به ذكر الدجاج. ويقول المثل : من
يقبل استضافة الناس له، ويذبحون له الدجاج، عليه أن يستعد لرد الزيارة بأن يعتني بإطعام دجاجه جيدا، وتسمينه، حتي تليق للديوك العفية بالضيف الذي سبق بتقديم الواجب.
من أمثال الألبان ومشتقاتها :
تكاد تقوم حياة الفلاح المصري علي الخبز و الألبان ومشتقاتها، فمن الألبان يصنع الفلاح الجبن ويستخرج السمن البلدي الشهير، ويدخل اللبن في أطعمة ومخبوزات كثيرة مثل طبيخ الرشدة والدشيشة والمفتلة والحريرة، ويدخل في صناعة الكشك والمش إضافة إلي الجبن بأنواعه. كما يشرب اللبن طازجا.
اللَّبَنْ الرَّايِبْ.. مَا يِرْجَعْشي حَلِيبْ .
اللبن الرائب هو اللبن الذي تخثر، والحليب هو اللبن الطازج غير المختلط بغيره. والمثل يقول أن ما يحدث من تغيرات بفعل الزمن أو بفعل الإنسان فإنه لا يمكن الرجوع فيه، ولا يمكن إعادة الشيء إلي ما كان عليه، تماما كما حال اللبن الرائب الذي تخثر بفعل الزمن أو بفعل الناس لا يمكن أن يعود حليبا كما كان قبل أن يتخثر. وعلي الإنسان العاقل أن يتدبر أثر أفعاله علي أحواله قبل أن يقوم بالفعل ويندم لعدم قدرته علي تلافي أثره.
النَّسَبْ زَيْ اللَّبَنْ.. أقَلْ شَيْ يعكره .
النسب هو المصاهرة، والمصاهرة هي دخول الأنساب فب في الأنساب، وهذا العمل يجب أن يتحلي بالنقاء والشفافية، فالمصاهرة مثل اللبن الحليب، إذا دخل فيه ما ليس منه تعكر لونه، وهناك رواية تقول :(أقل شيء يغيره) أي يحوله من لبن حليب صاف إلي شيء آخر مختلف في الطعم واللون. لذلك عينا توخي الحرص في علاقاتنا مع أصهارنا منعا لتعكر العلاقات العائلية.
حُطْ السَّمْنْ علي الرَّمْلْ .. يِتَّاكِلْ.
الرمل هو فتات الأحجار المعروف، والقليل من الرمل حين يختلط بالطعام أو الخبز يصبح من
العسير مضغه وبالتالي ابتلاعه. والمثل يدلل علي أهمية السمن وقدرته علي ترغيب الناس في تناول الطعام الذي وضع عليه السمن البلدي. ويؤكد المثل هذه الحقيقة ببعض المبالغة بقوله أن السمن يجعل الرمل مستساغا في الأكل.
قَالْ إيه أحْلَي م العَسَلْ.. قَالْ الْمِشْ اللِّي بِبَلاَشْ.
العسل هو الشهد، ويطلق علي نوع صناعي من العسل هو العسل الأسود ويصنع العسل في الصعيد من قصب السكر. والعسل أو الشهد هو مثال الحلو عند المصري، فليس هناك أحلي من العسل أو الشهد. لكن المثل يدلنا علي شيء أحلي من العسل الذي ندفع فيه الثمن المرتفع، فالمش المجاني الذي لايكلفنا شيئا هو بالتأكيد عند الفلاح الفقير أحلي وألذ من الشهد أو العسل.
المطبخ الصعيدي :
المطبخ الصعيدي من حيث الموقع من البيت هو بقعة غير محددة، قد تكون في سقيفة البيت، أو في مدخل البيت (المجاز ) ، وعادة ما يكون المطبخ في عمق البيت، أو في مكان مستقل داخل البيت. فالخبيز يتطلب من المرأة أن تخفف من ملابسها، ولايستساغ أن تكون موضع نظر الغرباء. يكون المطبخ حيث الفرن والكانون ملتصقين عادة. ومن حيث ما يطبخ فيه هو مطبخ متنوع، فرغم محدودية مكونات الطعام، إلا أن عبقرية المرأة الصعيدية، عوضت ذلك النقص بالتدبير.. والتفنن والإبداع.
تعتمد الأسرة في الصعيد علي المرأة في كل شيء في حياتها، عدا العمل في الحقل، وإن كانت تسارع إلي المساهمة بالعمل في الحقل جنبا إلي جنب مع الرجل وأحيانا بدلا منه عند الضرورة. فلا يعقل أن تجلس المرأة في البيت أثناء (الدميرة) بينما رزق أطفالها في فم النيل الثائر. المرأة الصعيدية هي القائمة دون تكليف بالحمل وولادة الأطفال وتربيتهم، وتربية الطيور والحيوانات، والغسيل، والخبيز والطبخ أيضا. ولا يعتمد علي الرجال في الطبخ إلا في حالات نادرة تنحصر في حالة إقامة الأفراح التي تتطلب طعاما كثيرا، فيستأجر الناس رجالا اشتهروا بقيامهم بهذا العمل (الطباخين).
ويعتمد المطبخ الصعيدي كما أشرنا إلي ما تنبته الأرض وما يربيه الصعيدي في بيته من حيوانات وطيور، وما يجود به النيل من أسماك. وتتنوع الأكلات بتنوع المواد المستخدمة في الطيخ. وتتلون باساليب استخدام تلك المواد. وقد يأخذ الطعام الواحد أسماء تختلف باختلاف القري والمناطق. لكن تظل هناك مجموعة من الأطعمة تطبخ في كل القري.
وتتعدد أنواع الطبيخ بتعدد أنواع المواد المستخدمة في الطبيخ. فقد تطبخ الحبوب، أو الخضراوات.
وقد يتم الجمع بين الحبوب والخضروات واللحوم في طعام واحد. وسوف نحاول في هذا الفصل من
الدراسة أن نعرض لأهم الأطعمة التي تعدهاالمرأة في البيت الصعيدي.
أما اللحوم والأسماك فقد ظل لهما حضور متميز في المطبخ الصعيدي. واعتمد الصعيدي علي ما يربيه في بيته من حيوانات وطيور، وما يصطاده من أسماك من النيل أو من البرك والمستنقعات التي يخلفها الفيضان كل عام.
أدوات المطبخ الصعيدي وأوعيته :
أولا : أوعية الماء :
الزير:
وعاء لحفظ الماء وترويقه وتبريده. وتصنع الأزيار من الفخار المسامي. أو ما يسمي بالفخار الأحمر. وتساعد المسام التي تسرب قطرات الماء علي تبريد الماء للتخفيف من حرارة الماء. ومكث الماء في الزير لفترة معقولة تساعد علي ترسب الكثير من الشوائب في القاع، وتجعل ماء الزير صالحا للشرب. وينظف الزير بشكل دوري للتخلص من الرواسب المتجمعة في قاعه،ولتنظيف مسامه لتستمر عملية البخر. ويقول المثل الشعبي ناقلا للخبرة الحياتية والحكمة الشعبية في نفس الوقت : الميه لما تطول في الزير.. تعفن. فإضافة إلي نقل الخبرة عن ضرورة تنظيف الزير يطالب المثل بالتغيير فالإستقرار طويل الأمد يفسد الأمور.
البلاليص :
البلاليص جمع بلاص، وهي وعاء فخاري مسامي من الفخار الأبيض، وتشتهر بصناعتها محافظة قنا. ويستخدم البلاص في أغراض عديدة في المطبخ الصعيدي. فهو وعاء لنقل الماء من مصادره كالنيل والترع والآبار والعيون إلي البيوت لملء الأزيار. وقد يستخدم للتخزين الوقتي للماء. ويستخدم المصريون البلاليص لتخزين الجبن والعسل والأسماك والمخللات وغير ذلك.
القلل :
تشتهر محافظة قنا بصناعة الفخاريات وخاصة القلل حتي إنها اكتسبت شهرتها بالقلل
القناوي. وهناك نوعان من القلل الفخارية والأباريق : القلل البيضاء والقلل الحمراء. لحفظ ماء الشرب وتبريده، وتستخدم القلل للشرب منها مباشرة. وتتفنن المرأة المصرية في تزيين القلل بالعقود والخرز وغير ذلك وخاصة القلل المشتراة للأفراح. وعند مفارقة من لا نحب نتخلص حتي من القلة التي كان يشرب منها. ومن هنا جاء تعبير (يكسر وراه قله).
ثانيا : أوعية وأواني الطبخ :
الحلل :
الحلل جمع (حلَّهْ)، وهي أوعية مصنوعة من النحاس، ثم استخدم الألومنيوم في
صناعتها. تستخدم في الطبخ وتسخين الماء، وقد تستخدم لأغراض أخري مثل نقل القليل من الماء من مصادر المياه القريبة من البيت أو بداخله. والحلل النحاسية تحتاج إلي جلائها من وقت لآخر، لإزالة ما يترسب علي جدرانها الداخلية من الأكاسيد الضارة، والتي تسمي (الجنزاره). وتختلف الحل في حجمها حسب استخداماتها. وتتراوح بين (القازان) وعاء الطبخ المستخدم في الأفراح والمناسبات والحلل الصغيرة التي تستخدم للطبخ اليومي.
الطَّاسَهْ :
وعاء معدني يصنع من النحاس أو الألمونيوم، قليل الغور، قد تكون لها يد معدنية أو خشبية تسهل تحريكها علي النار، وتستخدم لعمليات القلي أو (الطَّشَّه) ، أي تقلية الثوم والبصل الذي تضاف لبعض الأطعمة المطبوخة لإعطائها مذاقا محببا. وقد تسمي المقله أو المقلاية حينما تصنع من الفخار.
الْبِرَامْ
وعاء فخاري من نوع (الهمر) ، يستخدم في تسوية وإنضاج الطعام. ويوضع البرام علي النار مباشرة. ويتخدم خاصة في طبيخ (التقليه) أو (المرق) . وأنواع أخري من الطبيخ. والبرام من الأوعية التي اشتهر تصناعتها محافظات جنوب الصعيد، ولا توجد في وسط الصعيد الكثير من الفواخير التي تصنع فيها مثل هذه الأوعية، ولكنها منتشرة الاستخدام، لا يكاد يخلو منها منزل حتي الآن في بداية القرن الحادي والعشرين.
ولايعد هذا الشكل هو الشكل الوحيد للبرام الصعيدي، فهناك أشكال مختلفة قد تضيق قليلا عند الرقبة.
المِرْقِسِيَّهْ :
أو (المرجسية) نوع من الطواجن الهمر، وتستخدم لإتمام إنضاج الطبيخ، بوضعه فيها، ودفعها علي بلاط الفرن. والمرقسية وعاء مستدير الشكل، غير عميق فلا يزيد غوره عن سنتيمترات قليلة لا تتجاو 10 سم. وتختلف في الحجم. وتستخدم المرقسيات في إنضاج المرق والبراني وبعض طبخات الأسماك. وقد يطلق علي المرقسية اسم (المقلايه). وهناك نوع من المراقيس أكثر عمقا واتساعا ويطلق عليه (اللحوق) ويجموع لواحيق. وله نفس الاستخدامات.
البِرْنِيِّه :
وعاء ينتسب إلي الأوعية الفخارية الخزفية. ويتميز عن المرقسية بأنه أكثر عمقا كما أن فتحته الدائرية أصغر. ويصنع من نفس الخامة التي تصنع منها (المراقيس) و (البرايم ) . وهو أقرب ما يكون إلي الطاجن المعروف الآن.
المُنْطَالْ :
وعاء فخاري يستخدم أصلا في نطل الماء أي إخراج القليل من الماء من البئر. وقد يسمي [نشالة) إذا كان كبيرا، ولكن له استخدامات في المطبخ الصعيدي، مثل (كمر) العدس والفول (الجعبوبه) . ويستخدم المنطال أيضا في علاجات شعبية مثل عمل (منطال الكبسه) التي تعالج حالة توقف الحمل أو ما يعرف شعبيا باسم حالة (المشوهره) . ويدفن المنطال بما داخله بعد إغلاقه جيدا في (الرقريقه ) أو تراب الفرن الملتهب داخل الفرن، حتي ينضج ما بداخله. (أنظر فصل الخصوبة أفراح الصعيد الشعبية ج1 درويش الأسيوطي الهيئة المصرية العامة للكتاب 2012 ) .
الصحون :
يطلق اسم الصحون جمع صحن علي صحاف الطعام (الأطباق ) التي يقدم فيها الطبيخ للأكل. وتصنع الصحون أو الصحاف من مواد عدة، فقد تصنع من الخشب من الخشب وتسمي (صحفه) أو من الفخار وتسمي الزبادي جمع (زبديه) ، كما صنعت الصحون من الخزف أوالصيني. كما صنعت الصحون مؤخرا من المعادن مثل النحاس والألومنيوم. ومن المعروف أن بعض الصحاف في قصور الأثرياء والحكام صنعت من الفضة بل ومن الذهب.
المَصْفَا :
المصفاة وعاء مثقب القاع، من المعدن أو الفخار، ويستخدم لتخليص الحبوب والمواد المطبوخة من الماء قبل وضعها في الإناء للطبخ. وقد تستخدم لتبريد بعض الأطعمة. وقد تستخدم بدلا من القادوس لطهي الأطعمة علي البخار.
الصواني :
يطلق لفظ الصينية عادة علي كل ما هو دائري. والصواني جمع صينية، وهي وعاء دائري من المعدن عادة، من النحاس أو الألمونيوم، وتستخدم في عمل أنواع معينة من الطبيخ والحلويات يسبق اسمها عادة بكلمة صينية مثل : صينية البطاطس.. أو صينية البسبوسة.. إلخ.
الأنجرة :
أو الأنجر عبارة عن وعاء لتقديم الطبيخ، ويصنع من المعدن. وكانت الأناجر تصنع من النحاس، ثم صنعت من الألومنيوم . وتصب في الأناجر أطعمة مثل الفته (الثريد ) ، والرشدة، والدشيشة وسنتكلم عن هذه الأطعمة لاحقا. والانجرة هو تطوير لوعاء (القصعة ) والذي يصنع من الفخار، ووعاء الذي كان يصنع من الخشب.
القادوس :
وعاء فخاري أشبه بالبورمة المعروفة. ويطلق اسم القادوس علي الأوعية الفخارية التي تستخدم في انتشال الماء بالساقية. ويسمي (قادوس الساقية ) أما القادوس فيطلق علي ذلك الوعاء الذي يستخدم في الطهي وهو قادوس مثقب القاع بطريقة لا تسمح بتساقط الطعام الموجود بداخله إلي الماء. و يستخدم القادوس في طهي بعض الفطائر بالبخار مثل السكسكية والمخروطة. ولاستخدام القادوس يوضع إناء تتناسب دائرة فتحته مع دائرة قعر القادوس، كحلة أو قدر مثلا.ويوضع ما لا يزيد عن ربع الوعاء ماء، ويثبت القادوس علي الحلة أو القدر ببعض الطين أو العجين لضمان عدم تسرب البخار. وقد تستعيض المرأة بوضع مصفاة كبيرة بدلا من القادوس لتقوم بنفس الغرض.
ثالثا : أدوات الطبخ :
الْمَغْرَفَةْ :
أداة تصنع إما من الخشب أو المعدن، وتستخدم في غرف الطبيخ،أي نقله من الوعاء الأكبر إلي الأوعية الصغيرة التي يتناول فيها الطعام. كما تستخدم لتقليب الطبيخ أثناء إنضاجه علي النار.وتسمي ألداة المغرفة إذا صنعت من الخشب. أما إن صنعت من المعدن ففي العادة تسمي (الكوبشة).
المَعْلَقَهْ :
هي الملعقة التي يلعق بها الطعام، أي يدخل بها الطعام إلي الفم. وكانت الملاعق في الصعيد إلي وقت ليس ببعيد تصنع من الخشب كلها، ومع تقدم الصناعات في القرن العشرين صنعت الملاعق من المعادن المختلفة وإن ظلت الملاعق الخشبية لها استخداماتها الخاصة. وقد صنع بعض الأثرياء الملاعق من الذهب أو الفضة.لكن الشائع في وسط الصعيد هو ملاعق النحاس ثم ملاعق الألمونيوم أخيرا.
النِّشَّابَهْ :
قد يطلق اسم العود علي النشابه، فهي فعلا عود من الخشب له شكل اسطواني، عني بتنعيم سطحه. كما أن الاستخدام لهذا العود يساعد علي نعومة سطحه. ويستخدم العود أو النشابة في رق أو ترقيق سمك الفطير أو العجين. ويستخدم العود أو النشابة في معظم الفطائر التي تحتاج إلي رق.
الْمُفْرَاكْ :
أو المهراك الذي يستخدم في هرك أو هرس المواد أثناء الطبخ ، يصنع عادة من الخشب ويتكون من قطعتين تم جمعهما معا بطريقة الحشر، أي دون استخدام مواد لاصقة أو وسائل تثبيت. تعد قطعة مستطيلة أو دائرية سميكة من الخشب، يتراوح سمكها بين 5 و7 سم، يتم ثقبها في المنتصف تماما،ثم يؤتي بعود يشبه النشابة قطره في حدود قطر الثقب المصنوع في الخشبة السميكة ويتم حشر العود ليكون ظاهرا من جانب واحد من الكتلة بمثابة يد يتراوح طولها بين30 سم و40 سم. ويستخدم (المفراك) لدق مكونات الطعام. وهو الأداة الأساس في طبخ المرق الصعيدي (التقلية ) و العدس الأصفر.
الْمِنْبَاشْ :
أداة لنبش أو لتفتيت وتمزيق أوراق الخضروات المطبوخة مثل الملوخية الخضراء أو البامية أو الويكا. والمنباش عود من الخشب أو من جريد النخل في حدود 40 سم. يتم ثقب الجزء الأسفل وه الأعرض عادة ثقبين متتالين متقاطعين، الفاصل بينهما لا يزيد عن 2 سم. ويحشر في الثقبين قطعتان (ريشتان) أو أكثر من الخشب أو جريد النخل (أنظر الشكل ) ، ولأنهما في ثقبين متعارضين يكونان متعارضين أيضا في شكل صليب، وقد يكتفي بريشة واحدة (كما في الشكل ) ولكنها ستكون أقل كفاءة . وعند تحريك يد المنباش بين الكفين بشكل دائري، تمزق ريش المنباش الأوراق التي قاربت علي النضج وتحولها إلي جزء من خليط سائل له قوام خاص.
المَخْرَطَهْ
هي عبارة عن سكين عريضة من الحديد ذات مقبضين، تستخدمها المرأة في تقطيع أوراق الملوخية وأشباهها لتسهيل طبخها. وقد تستعيض المرأة في البيت الصعيدي عن المخرطة بغطاء حلة تستخدم إطاره الحاد كمخرطة.
الرِّحَايه :
هو الاسم الشعبي للرحي، وهي أداة لطحن وجرش الحبوب المختلفة تنقش من الحجر الجيري أو الصوان. وتتكون من حجرين مستديرين، الأسفل ثابت بينما يحرك العلوي بواسطة يد مثبتة في ثقب قرب الإطار الخارجي للقرص الحجري. بينما تدخل الفتحة الدائرية في وسط الحجر العلوي في المحور المثبت في الحجر الأسفل، وفتحة المنتصف تلقي من خلالها الحبوب لتسقط بين الحجرين ويتم جرشها أو طحنها. (أنظر الشكل الذي تنقصه اليد ويبدو ثقبت ثبيتها) حيث يبدو المحور بارزا في الوسط بينما علي يسار الصورة تري الثقب الذي تثبت فيه يد الرحاية التي يقبض عليه وبجذبها يدور الحجر العلوي. وعادة ما تفرش قطعة من القماش التظيف لتلقي الحب المجروش أو الطحين. وقد تطورت هذه الآلة لتصبح الطاحون الذي جرته الثيران ثم استخدمت الآلات في تشغيله.
المَصْحَنْ أو الهون:
أداة لدق أو تفتيت أو طحن الحبوب والمواد، بغرض تجهيزها للطبخ. ويطلق المصحن (المطحن ) علي ما يطحن فيه، ويكون مصنوعا من الخشب أو الحجر. بينما تطلق لفظة الهون علي نفس الأداة المصنوعة من المعادن مثل النحاس وهو الأكثر شيوعا والألمونيوم. ويتكون المصحن من قطعتين هما : اليد والمصحن أو الهون. وفي المصحن يتم دق الثوم والملح والبهارات... وغيرها من الأشياء الأقل صلابة. أما الأشياء الصلبة فيستخدم الهون لدقها. كما يستخدم الهون النحاس أيضا في طقس [السبوع ) أو الاحتفال بمرور أسبوع علي ولادة المولود . وهنا صورتان للمصحن إحداهما للهون النحاسي الشهير، والآخري للمصحن المصنوع من الخشب.
أنواع الطبيخ
أولا : طبخ الحبوب :
من أهم الحبوب التي يزرعها الرجل في الصعيد : الذرة والقمح والشعير، والفول والعدس، والحلبة، والحمص والسمسم. وتطبخ المرأة هذه الحبوب منفردة أو تطبخها مع أنواع أخري من الحبوب أو الخضراوات. ويظل السمن البلدي هو العامل المشترك الأعظم بين أنواع الطبيخ المختلفة.
الأطعمة التي تعد من حبوب القمح :
يطبخ القمح في البيت الصعيدي في شكله الأولي كحبوب ناضجة، أو خضراء (فريك) ، كما يطبخ جريشه بعد الجرش، أو دقيقه بعد الطحن. وسوف نحاول هنا أن نستعرض أهم أنواع الطبيخ التي يطبخ فيها القمح مع إشارة مختصرة إلي طريقة إعداد تلك الأطعمة.
طبخ حبوب القمح الخضراء:
الفريك : أو حبوب القمح الخضراء. يتم قطع سنابل القمح بعد الامتلاء وقبل أن تتحول إلي اللون الذهبي، ثم تجفف بتحميصها علي بلاط الفرن، ثم تستخلص الحبوب الخضراء من السنابل بالفرك، ولهذا سمي ب (الفريك ) . ويجرش الفريك عادة قبل إستخدامه . ويستخدم الفريك كإضافة إلي بعض أنواع الخضروات عند الطبخ، كما يطبخ منفردا باعتباره (دشيشه ) سيأتي الحديث عنها لاحقا أو كطوجن بالسمك أو اللحوم، كالحبوب الناضجة تماما. أما الاستخدام الأساس للفريك فهو حشو الطيور المذبوحة كالحمام والفراخ والبط وغيرها. ولم يكن الصعيد يعرف حشو الأرز أو طبيخ الأرز بشكل عام إلا في منتصف عقد الخمسينيات من القرن العشرين.
(ب ) طبخ حبوب القمح الجافة:
البليلة :
هي عبارة عن طبخ لحبوب القمح أو سلقها . حيث يتم تنظيف حبوب القمح لتخليصها مما علق بها من تراب التخزين. فيتم غسلها قبل وضع الحبوب في ماء الحلة، علي نار الكانون. ويترك الماء وبه حبوب القمح ليغلي حتي ينضج الحب ويصير طريا يمكن مضغه بسهولة، وعادة ما يضاف اللبن إلي ماء البليلة. ويحلي الخليط بالسكر. ثم يقدم في (قصعة) فخارية أو أنجرة (معدنية ) ويتم تناوله بالملاعق.
البرغل :
هو حب القمح المسلوق، المجروش. فيتم سلق حبوب القمح بنفس الطريقة التي صنعنا بها البليلة. حتي إذا نضجت الحبوب، تم تصفيتها من ماء السلق. وتبسط المرأة حبوب القمح المسلوقة علي مفرش نظيف أو حصير في مكان مشمس، وتقوم بتقليب الحبوب حتي تجف وتعود إلي تماسكها الأول. متي تأكدت المرأة من جفاف حبوب البرغل [تختبر صلابتها بوضعها تحت أسنانها والضغط عليها) ، أخذت الحبوب إلي الرحي لجرشها. وتحتفظ المرأة بهذا الجريش لتستخدمه في طبخ أطعمة كثيرة مثل الكشك الذي سنتحدث عنه لاحقا.
الكشك :
يعد نوعاً من الاكلات الشعبيية الشائعة في الصعيد. ويعد الكشك الطبق الأساس في مائدة إفطار رمضان في وسط الصعيد. حيث يقدم بعد بله وتليينه بالماء أو اللبن وتحليته بالسكر أو العسل وربما البلح. كما يستخدم الكشك في شكل أطعمة مطهوة كقليه مع البيض أو إعداده (كشك الماظية) وغير ذلك، وللكشك موسم صناعة يبدأ مع نهاية الصيف وبداية الخريف، حيث يصعب ترقيد اللبن (أي تخزينه في مواجير الرايب) لارتفاع درجة الحرارة. وتمر عملية صناعة الكشك بعدة خطوات :
(1) يجمع اللبن الحامض بعد خضه في أكياس من الدمور (قماش قطني ) حتي يتم تصفية
الشرش أو الميص منه ويضاف إلي الكيس كل يوم ما يخض من اللبن حتي يمتليء.
فإذا امتلأ الكيس و تم تصفية الحامض تحول إلي قوام قريب من قوام الجبنة الخضراء،
ويسمي حينها بالحادق، عندئذ يتم أفراغ الحادق من الأكياس في المواجير أو الأزيار الجديدة للتخزين .
(2) يغربل القمح وينظف جيدا ثم يوضع علي النار ليتحول إلي برغل بالطريقة التي سبق
الإشارة إليها.
(3) يصفي البرغل من الماء ويجفف ببسطه فوق حصير أو مفرش في الشمس مع تقليبه حتي يجف تماما.
تقوم المرأة بجرش البرغل علي الرحي ليتحول إلي دشيش.
تقوم المرأة بخلط دشيش البرغل بالحادق المخزن بالمواجير ثم يترك ليتشرب من
الحادق. وقد يضاف إلي الخليط بعض اللبن الحامض أو الماء إن لزم الأمر.
يترك الخليط لأيام عدة ليختمر .
متي أحست المرأة أن الدشيش قد صار لينا في طراوة الحادق تقريبا تقوم بالجهد الأساس في العجن المتقن، حتي يصير البرغل والحادق خليطا واحدا متماسكا طريا.
تقطع المرأة الخليط إلي كريات صغيرة أو أقراص في حجم أقراص الطعمية، ثم ترص
تلك الأقراص وتلك الكريات علي حصير في الشمس ويترك ليجف جيدا قبل تخزينه لوقت الاستخدام.
(ج ) : طبيخ دقيق القمح (الطحين ) :
(1) المخروطة :
تختلف المخروطة عن الرشدة والسكسكية في مكونات العجينة، فالمخروطة يدخل في عجينها البيض، والدقيق، و بعض اللبن. فيخلط البيض دون خفق علي الدقيق، ويضاف إليه بالطبع الفانيليا أو محسنات الطعم، وذرات ملح ثم يضبط قوام العجينة بإضافة اللبن إليها حتي تصبح طرية ومتماسكة. وتصبح قابلة للرق أو الرح.
العجن والخرط :
تقطع العجينة في شكل كرات تكفي لصنع فطيرة. ونتركها فترة قصيرة قبل أن نقوم برقها
باستخدام النشاب، بعد فرش الدقيق أسفل منها وفوقها حتي لا تلزق في العود. بعد أن تنتهي المرأة من رق الفطيرة، تقوم بلفها علي النشابة في شكل اسطوانة ثم تسحب النشابة أو العود من داخل الفطيرة الملفوفة، ثم تقوم بتقطيعها قطعا تتراوح بين 2،3 سم.
التسوية :
تضع المرأة (القادوس) علي حلة مناسبة أو علي قدر به ماء لا يتجاوز ثلث الوعاء، وتضع الكل علي نار الكانون. ثم تغطي المسافة ما بين القادوس ووعاء الماء بقطعة من العجين، حتي تضمن عدم تسرب البخار. فإذا تصاعد بخار الماء ألقت داخل القادوس بشرائط العجين المختلطة ببعض الدقيق الأبيض. ثم تغطي القادوس بقماش نظيف حتي تضمن عدم تسرب البخار.
فإذا انتهت من قطعة العجين الثانية أضافتها إلي المخروطة التي علي البخار حتي تنتهي من الكمية كلها. فإذا تأكدت من نضج آخر ما أضافته إلي القادوس. تخرج المرأة المخروطة من القادوس ثم تقوم بوضع كمية من السمن البلدي تتناسب مع حجم المخروطة وتقلبها جيدا. ثم تقوم بوضع الخروطة في صينية وتضغطها جيدا ثم تضعها علي بلاط الفرن. فإذا احمر وجهها أخرجتها ليضاف إليها السكر المقعود.
(2) الرشدة :
تتشابه مع المخروطة في طريقة رقها، وفي طريقة تقطيعها، لكنها تختلف في مكونات عجينتها. فعجينة الرشدة تشابه عجينة السكسكية، فهي تتكون فقط من دقيق القمح والماء. ويضاف إليها الملح المعتاد للعجين. تقوم المرأة بعجن المقدار المناسب لطعام أسرتها، ثم تحوله إلي كرات صغيرة، تقوم بتعفيرها بالدقيق وتحويلها إلي فطائر رقيقة، ثم تقوم بتحويلها إلي شرائط بخرطها بأكثر من طريقة، تماما كما تفعل في المخروطة.
في تلك الأثناء تكون المرأة قد وضعت مقدارا من الماء يتم غليه علي النار، فإذا فرغت المرأة من خرط الرشدة وضعتها في الماء المغلي وقلبتها حتي لا تلتصق. وقد تضيف المرأة قليلا من السمن البلدي إلي ماء الرشدة حتي لا تلتصق شرائح الرشدة، فإذا قاربت الشرائح علي النضج، قامت المرأة بإضافة بعض اللبن الحليب إلي الوعاء ثم تقلبه جيدا. ولها أن تضيف إليها الملح أو السكر أو العسل حسب الرغبة. وتقدم الرشدة ساخنة. وهي من الأطعمة الشتوية.
(3)السُكْسِكِيِّة :
أو (الكسكسي) من الأطعمة الشهيرة في الصعيد. وتصنع من دقيق القمح.
فتقوم المرأة بعجن المقدار المناسب لأسرتها أو للحاجة، حتي إذا صار العجين متماسكا طريا (عجينة فطير ) تقوم المرأة برق الفطائر باستخدام النشابة (العود ) . فإذا انتهت من عمل فطيرة رقيقة معفرة بالدقيق من أسفل ومن أعلي، قامت بطيها علي النشابة للتحول إلي اسطوانة وسحبت النشابة أو العود منها، ثم تقوم بتقطيعها بحرفية إلي خيوط من العجين المعفر بالدقيق.
تقوم المرأة بوضع القادوس علي الحلة أو القدر، كما أشرنا عند الحديث عن المخروطة، ثم تقوم بوضع خيوط العجين تباعا علي البخار الساخن، وتغطيه بقماش نظيف لتضمن حجز البخار. فإذا تمت تسوية السكسكية علي البخار، نقل الوعاء من علي النار. ونزع القادوس من فوق الحلة أو القدر بما به من سكسكية. تقدم السكسكية بعد تشبيعها بالسمن البلدي، وإلي جوارها الجبنة القديمة أو العسل الأبيض أو الأسود حسب الرغبة. ويتم تناولها باليد عادة. وإن كان البعض الآن يستخدم الملاعق لتناولها.
(4) الحريرة :
أو العصيدة من الأطعمة الفقيرة التي تطبخ عادة من دقيق الذرة، وقد يستخدم دقيق القمح في طبخها.وهي سهلة وسريعة الإعداد. فهي لا تحتاج إلي قدر من الماء يتم غليه، ثم يضاف إليه الدقيق شيئا فشيئا مع التقليب، حتي إذا تكون القوام الغليظ المناسب، أبعد الطبيخ عن النار ويضاف إلي هذا الخليط القليل من السمن البلدي ثم العسل أو البلح المطهو علي النار، ويتم تناولها بالملاعق.
(5) فطير المرق (الفطير الأبيض ) .
لا تختلف عجينة الفطير الأبيض عن عجينة السكسكية والرشدة، فيتم عجن
دقيق القمح بالماء فقط. وتقوم المرأة بتقطيع العجين إلي كرات صغيرة مناسبة، ثم تقوم برقه وبسطه باستخدام النشابة حتي يأخذ شكل دائرة تتناسب في قطرها مع اتساع بلاطة الفرن التي تخبز عليها. في النهاية تطوي المرأة الفطيرة علي النشابة، ثم تقوم بإدخالها الفرن وبسطها علي البلاطة الساخنة.لا يستغرق الفطير الأبيض وقتا لينضج لرقة سمكه. وتحرص المرأة علي إخراجه قبل أن يتيبس، وتقوم (بتطبيقه ) أي طيه علي شكل مثلث، وتضعه في وعاء وتغطيه بقماشة نظيفة لتحتفظ برطوبته. ويستخدم الفطير الأبيض في أكل المرق الصعيدي أو ما يسمي في بعض المناطق بالتقلية.
(6)الدِّبْدَابْ .
لا تختلف عجينته عن عجينة الفطير الأبيض، لكنه يرق في شكل أكثر سمكا، وأصغر قطرا. ويسمي الدبداب لأن المرأة تقوم ببسطه بيدها، تدب العجين بيدها حتي تشكله في شكل دائري، حتي إنه يقترب في شكله من شكل البتاو. الاختلاف بين الدبداب والفطير الأبيض هو في طريقة رق العجين وطريقة انضاج العجين أو الدبداب. وقد أشرنا إلي طريقة البسط أو الدب. أما الإنضاج فيتم عادة علي الجمر المشتعل، فبعد أن يتم دب الدبداب تقوم المرأة ببسطه علي الجمر حتي ينضج. وقد تستخدم المرأة طريقة العيش المرحرح في إنضاج الدبداب، حيث تضعه علي الصاج أو القروانة المقلوبة، وربما تستخدم بلاطة الفرن لتسويته.
وتتكرر العملية مع الوحدات اللازمة التي ترغب المرأة في إعدادها. فإذا انتهت المرأة من عملية إنضاج الدبداب تقوم بتقطيعه لقما صغيرة، وتبلله ببعض السمن. ويقدم للغداء مع الجبن القديم أو العسل أو بدونهما.
(7) القُرْصْ :
لا أعرف اسما آخر للقرص، فهو قرص من عجينة الفطير العادية، تقوم المرأة باستخدام
العجين كله، وتضعه علي الطبيلة بعد أن تبسط أسفله القليل من الدقيق، وترش فوقه دقيقا أكثر. ثم تقوم ببسطه بيديها ليتحول إلي قرص سميك سمكه حوالي 2سم، ثم تقوم باستخدام الرماد المتجمر في الفرن، فتصنع بالمحساس أو بأي أداة أخري حفرة تسويها بما يناسب قطر القرص، ثم تضع القرص علي ذلك الرماد (القيلة ) ، ثم تغطيه أيضا بالرماد الساخن المتجمر.
يترك القرص في الرماد شديد الحرارة فترة مناسبة، ثم تتأكد المرأة من تصلب القرص ونضجه، فتخرجه وتزيل ما عليه من أثر الدقيق المحترق والرماد. ثم تقوم بتقطيعه إلي لقم صغيرة، وتفركه بالسمن البلدي. ويقدم القرص المفروك بالسمن مع الجبنة القديمة أو العسل أو بدونهما.
(8)الفَطير المِطَبَّقْ :
يصنع الفطير المطبق من فطائر رقيقة، من نفس العجينة التي أشرنا إليها عند الإشارة إلي الفطير الأبيض. تعجن المرأة العجين، وتقوم بتقطيعه كريات مناسبة لحجم الفطيرة، وتقوم برق القطيرة بنفس الطريقة باستخدام النشابة. الفرق يكون في السمك الأقل، وفي قلة الدقيق المستخدم أثناء الرق (الفطير بعد الانتهاء من جمعه في قرص واحد ) .
بعد أن تنتهي المرأة من رق مجموعة من الفطائر وتجنيبها، تقوم بتبليل (دهان ) وجه الفطيرة الأولي بالسمن البلدي (الدهان ) ، ثم تأتي بالثانية فتبسطها فوق الأولي، ثم تدهنها بالدهان، وهكذا حتي تضع ما بين 6 و8 فطائر مدهونة فوق بعضها. ثم تجمع كل ما أمامها من الفطائر المدهونة وتكورها كرة واحدة. ثم تقوم وقد بللت يدها بالسمن البلدي ببسط الكرة في شكل قرص يتراوح سمكه بين 2و3 سم، ثم تدخل هذا القرص الفرن وتضعه علي البلاطة لينضج.
بعد أن تنضج القطيرة المطبقة تخرجها المرأة من فوق البلاطة، وتوضع علي صينية أو طبق من الخوص، وتقدم مع العسل الأبيض أو العسل الأسود أو الجبنة القديمة.
(9)البَسيسة :
هي نوع من الأطعمة التي يتم إنضاجها علي البخار، وتصنع من دقيق القمح. يؤتي
بالدقيق فيوضع في الماجور، ثم يرش بعض الماء علي سطح الدقيق، وتمر المرأة بخفة بيدها علي الدقيق المبلل بالماء فتتكون تحت أصابعها كريات دقيقة من العجين، تمر المرأة بيدها بسرعة علي تلك الحبيبات حتي تتماسك، فتخرجها من وعاء البس أو العجن وتضعها في وعاء آخر أو تبسطها علي طبق من الخوص. ثم تعيد العمل بنفس الطريقة حتي تحول الدقيق كله إلي حبيبات من العجين المتماسك. بعد أن تنتهي المرأة من بس الدقيق تكون قد جهزت القادوس ووضعته علي الحلة وبدأ البخار الحار في التصاعد.
عندها تضع المرأة قطعة نظيفة من القماش واسع العيون مثل الشاش في قاع القادوس حتي لا تتسرب حبيبات البسيسة من العيون. تضع المرأة طبقة من البسيسة فوق القماش داخل القادوس. فإذا نضجت الطبقة أضيفت إليها طبقة أخري وهكذا حتي يتم إنضاج كل البسيسة. تخرج البسيسة دافئة فيضاف إليها اللبن أو السمن والسكر أو العسل أو غير ذلك. والبسيسة لا تقبل التخزين فهي تستهلك وقت عملها.
(10) الْمِفَتَّلَهْ :
تتكون من عنصرين : دقيق القمح، ودشيش القمح. تضع المرأة دقيق القمح في وعاء العجن (الماجور ) ثم تنثر علي سطح الدقيق بعض جريش القمح ثم تنثر القليل من الماء، وتمر بيدها فوق حبات الجريش فتلتصق بحبيبات الجريش ذرات الدقيق مشكلة كريات صغيرة قلبها من الجريش. وتحرك المرأة تلك الحبيبات حتي تتماسك، فتخرجها من وعاء الفتل، وتضعها علي حصير معد لتجفيف المفتلة. وهكذا حتي تنتهي المرأة من كل الدقيق وكل الجريش.
والمفتلة قابلة للتخزين الطويل، لذا تقوم النساء في القري بعمل كميات كبيرة من المفتلة، وقد يستلزم الأمر تجمع عدد من النساء معا لتحويل أردب من القمح إلي مفتلة. تجفف المفتلة في الشمس جيدا ثم تخزن في أوعية مناسبة، وقد تسلق في اللبن أو الماء، وتضاف إليها الإضافات المعتادة مثل السمن البلدي والملح أو السكر أو العسل.
(11) الفورة :
طبيخ (شوربة ) تعد في مناسبة خاصة، وهي الولادة. حيث تقدم الفورة للمرأة عقب لولادة مباشرة. وهناك اعتقاد جازم أن هذا النوع من الأطعمة يساعد المرأة علي التخلص من أكبر كمية من دماء المخاض. وتعد الفورة بطريقتين :
الأولي : يعد الفطير الأبيض أو يكون معد ومجفف ثم يتم تقطيعه إلي قطع صغيرة ثم تضاف إليه كمية من الماء، وتضاف كمية من السمن البلدي فإذا نضج أضيفت كمية من العسل الأسود.
الثانية : تستبدل هذه الطريقة الفطير بالدقيق الأبيض، ويعد كحريرة غير متماسكة القوام ويضاف إليها كميات السمن والعسل الأسود. والقليل من الماء.
[12) الكنافة والقطايف :
عجين الكنافة مكون من الماء والدقيق، ويكون قوام الخليط علي درجة كبيرة من السيولة حتي أنه ينزل من ثقوب (كوز الكنافة ) . وكوز الكنافة عبارة عن سطل أو كوب يصنع عادة من النحاس أو الصفيح. ارتفاعه في حدود من 20 سم . ويثقب في قاعه صف من الثقوب، تركب عليه (بلابل) جمع بلبلة، وهي اسطوانات من نفس معدن الكوز يتم لحامها بالثقوب. تسمح بنزول الخليط السائل.
يتم تسوية الخليط المشار إليه علي شكل شعيرات من العجين الناضج. وتقوم المرأة بعمل بناء دائري بقطر يتناسب مع قطر الصينية الدائرية أو الصاج الدائري، الذي يستخدم لعمل الكنافة. وفي البيوت لا يكون فرن الكنافة مرتفعا، مثل ما نراه في شوارع المدن، بل عادة ما يبني الفرن المؤقت بحيث يسمع بعمل المرأة جالسة.
تقوم المرأة بإعداد عجين الكنافة، وتسخين الصاج أو الصينية، وتدهن الصينية أو الصاج ببعض قطرات الزيت أو السمن حتي لا يلتصق العجين بالصاج. ثم تضع الكوز في العجين أو تملأ الكوز بغرف العجين بيدها أو باستخدام مغرفة وتكون قد وضعت ثقوب الكوز علي راحة يدها حتي لا يتسرب الخليط، ثم تقوم بخفة برفع الكوز فوق الصاج وهي تحركه في شكل دائري، عن طريق صنع دوائرة من الخليط فوق الصاج تضيق كلما وصلت إلي مركز الدائرة أو الصاج كما في الشكل.
بعد نضج الفطيرة المكونة من شعيرات ملتصقة أو غير ملتصقة، تقوم المرأة بسحب الفطيرة وعمل غيرها وهكذا. وعادة ما تؤكل الكنافة بعد تقطيعها بعد إضافة بعض السمن البلدي والعسل إليها. وقد تعد منها صواني الكنافة الشهيرة خاصة في رمضان.
وتستخدم عجينة الكنافة لعمل القطايف أيضا. وهي عبارة عن فطائر رقيقة دائرية، تصنع بسكب مقدار قليل من عجينة الكنافة علي الصاج المدهون بالزيت، وتركها لتنضج. ثم تؤخذ دوائر القطايف، وتحشي بالمكسرات والسكر، ثم يتم قليها في الزيت.
(د) طبيخ حبوب الذرة :
ديوك الذرة :
هو الاسم الفكاهي لقناديل الذرة المسلوقة. قد تحل للناس ضائقة قبيل قطع الذرة، ويحتاجون إلي ما يؤكل، حينها يتم قطع بعض قناديل الذرة الخضراء التي لم تجف حبوبها بعد، ثم يقومون بسلقها في الماء حتي تنضج ويضيقون إليها بعض الملح وتؤكل حبوبها
الدشيشة :
والدشيشة تعد من حبوب الذرة الرفيعة (العويجة) . حيث تقوم المرأة بجرش كمية مناسبة من حبوب الذرة باستخدام الرحي. ويفضل أهل الصعيد استخدام فريك الذرة في عمل الدشيشة لأنها تكون أطعم. حتي إذا انتهت المرأة من جرشها وضعتها في حلة بها كمية مناسبة من الماء ووضعتها علي النار. فإذا قاربت الحبوب المجروشة علي النضج، أضافت المرأة بعض اللبن الحليب إلي الطعام. وقد تضيف إليه الملح أو السكر أو العسل وربما القليل من السمن البلدي، حسب الرغبة. وتعد الدشيشة من الأطعمة الشتوية لأنه يتم تناولها ساخنة.
(ه) طبخ دقيق الذرة :
المفروكة:
يعد فطير المفروكة من دقيق الذرة، فيتم عجن الدقيق بالماء بعد إضافة ذرات من الملح كالعادة، ثم يقطع العجين المتماسك إلي كريات مناسبة، ثم تدب باليد وبالاستعانة بالدقيق.. لتبطط، ليكون سمكها في حدود 4 أو 5 سم. ثم تخبز علي بلاط الفرن. يؤخذ الفطير المخبوز ويفرك، أي يقطع لقيمات صغيرة ويضاف إليه اللبن وبعض السمن البلدي ثم يحلي بالسكر أو العسل ويؤكل ساخنا أو باردا.
المديدة :
وهي أشبه بالحريرة لكن دقيقها من دقيق الذرة، فيتم غلي الماء ثم إضافة دقيق الذرة مع
التحريك علي مهل حتي إذا بلغ الخليط القوام المناسب لتناوله بالملعقة، رفع من علي النار وأضيف إليهالعسل الأسود أو مطبوخ التمر ويقدم ساخنا.
(و) طبيخ الحبوب الأخري :
الفول المدمس [الجعبوبه ) :
نزرع الفول في الصعيد ليس لاستهلاكه عادة، بل لنتخذه علفا للماشية أو لبيعه. وكنا نطلق عليه (فول البهايم) تمييزا له عن (الفول السوداني).
ولكن هذا لم يمنع الناس من طبخه خاصة في موسم حصاده.
كنا نطلق اسم الجعبوبة علي الفول المدمس. أعرف أن كلمة المدمس مفردة مصرية قديمة، لكني لا أعرف علي وجه التحديد من أين جاءت كلمة (الجعبوبه) . ما أعرفه وأذكره جيدا أن الجعبوبة ملازمة ليوم الخبيز.في يوم الخبيز توقد فرن البيت، وفي مرحلة معينة تدس المرأة منطالا من الفخار بين جمر الوقيد المحترق، وقد وضعت به حبوب الفول بعد تنظيفه وغسله، وتضع المقدار اللازم من الماء اللازم لإنضاج الفول علي مهل.
(الفول المدمس )
وقد تستعيض المرأة عن جمر الوقيد، بوضع المنطال علي عين الفرن قبل أن تدسه في النهاية في جمر الوقيد. فإذا نضجت حبوب الفول قدم بعد وضع بعض السمن عليه أو بعض الزيت.
الفوليه :
الفولية هي طبيخ الفول المجروش، فبعد أن تقوم المرأة بجرش حبات الفول علي الرحي تقوم بتخلصه من القشور. ثم تقوم بوضع بعض الفول المجروش في الماء علي النار، وتتركه حتي ينضح ويلين، فتقوم بفركه بالمفراك حتي يتحول إلي خليط سائل غليظ، بالقوام الذي تفضله. ثم تقوم بعمل تقلية الثوم بالسمن البلدي وتضيفها إليه. ولا تختلف الفولية في مظهرها وربما في طعمها عن طبيخ العدس الأصفر.
الفول النابت :
تضع المرأة حبات الفول الجافة في قليل من الماء، وتتركها ربما ليوم أو يومين. حتي إذا بدأت الحبات في الإنبات، وضعت الكمية في ماء وتركته علي النار ليغلي. تستخدم المرأة الفول النابت لعمل ما يسمي (بفتتة الفول ) . فتقوم المرأة بتفتيت الخبز الطري أو دق الخبز المحمص، و وضعه في صحفة أو (زبديه) أو عاء مناسب. تترك المرأة الفول علي النار لينضج، فإذا نضجت حبوب الفول النابت، أضافت إلي ماء سلقها بعض فصوص الثوم، وبعض البهارات ثم تقوم بصبه فوق العيش المفتت ، سواء كان من خبز القمح أو خبز الذرة. وربما عصرت علي سليق الفول النابت ليمونة أو أكثر.
الطعمية:
تجرش المرأة الفول علي الرحي، وتنظفه من قشوره، ثم تقوم بنقعه في ماء بارد لفترة معينة، حتي إذا تشرب الفول المجروش الماء وصار طريا، قامت بدقه في (الهون) أو المصحن مع إضافة البهارات وبعض الأعشاب حتي يتحول جريش الفول إلي عجينة متماسكة. تضيف المرأة الخميرة إلي العجينة وتقلبها جيدا ثم تتركها لتختمر. تعد المرأة من عجينة الفول المخمرة أقراصا وكريات الطعمية، وتقوم بقليها في الزيت.
الفول الأخضر :
يؤكل الفول الأخضر طازجا مع بعض الأدم المعروفة مثل الجبنة القديمة أو العسل أو غيرهما. ويؤكل الفول (البغو ) الذي لم تتشكل حبوبه بعد بقشره. أما القرون التي تم استواء حبوبها ولم تتيبس بعد فيتم إخراج الحبوب (تفصيصها ) من قرونها الخضراء وأكلها.
كما يطبخ الفول قبل نضجه، فتنتزع قرون الفول الأخضر من الأعواد، ويتم نظيفها وتخليصها
من الأوراق، ثم توضع الكمية المناسبة في الماء وتترك علي النار حتي يتم سلقها. فإذا انتهت المرأة
من سلق الفول دقت بعض فصوص الثوم بالملح والكمون ثم قامت بتتبيل الفول المسلوق وتقديمه متبلا للأكل.
العدس أبو جبه :
يطلق اسم العدس أبو جبة علي العدس الصحيح غير المجروش والذي لا يزال داخل قشرته وطبيخ العدس أبو جبة لا يختلف عن طبخ الفول المدمس (الجعبوبة ) . فيوضع العدس بعد تنظيفه (حبوب العدس بالجبة)
وتخليصه من الحبوب الغريبة، مع الماء في المنطال الفخاري، ثم يدفس في جمر الفرن لينضج علي مهل،أو يتم إنضاجه علي المواقد، ثم يضاف إلي العدس بعد نضجه بعض فصوص الثوم وبعض السمن البلدي. ويغمس به العيش (البتاو) الطري سواء صنع من القمح أو الذرة.
العدس الأصفر :
العدس الأصفر هو العدس المجروش، بعد تخلصه من جبته أو قشره، ولا يختلف طبخ العدس المجروش عن طبخ الفولية. فتضع المرأة العدس في قليل من الماء في حلة علي الكانون، وتتركه ليغلي حتي يتشرب ماءه، ثم تقوم بفركه بالمفراك، حتي يتحول إلي سائل غليظ القوام. تقوم المرأة بضبط سيولة الخليط بإضافة الماء إلي الخليط بما يتناسب مع طريقة تناوله. و تستخدم المرأة العدس الأصفر كشربة و كغموس، فتعد له تقلية الثوم، وتضيفها إليه، ثم يقدم في الصحون لتغميسه بالعيش الطري. وقد تستخدم المرأة العدس لإعداد (فتة العدس ) .ولعمل الفتة تقوم المرأة بجعل خليط العدس أكثر سيولة حتي يتحول إلي سليقة أو شوربة. وتكون المرأة قد فتت العيش الطري أو دقت العيش الناشف في الزبدية أو الصينية أو الوعاء المناسب وتقوم بصب العدس عليها. ثم يتم تناول فتة العدس بالأصابع أو الملاعق حسب المتاح.
الحلبسه أو حمص الشام :
لا يعدها البعض طبيخا، فهي وسيلة لتطييب الحمص المحبب استخدامه في أغراض متعددة. فالمصري يأكل الحمس الأخضر في شم النسيم (الملانة ) ، ويضيفه إلي خلطة الأفراح والأعياد كنقل، ويصنع منه بعض أنواع الحلوي..إلخ.
تأتي المرأة بمقدار من حبوب الحمص (الحصا ) ، ثم تقوم بغسله جيدا، وتنقيته من الشوائب
والحبوب الغريبة. ثم تنقعه في الماء البارد ليوم أو لليلة. ثم تقوم بغسله مرة أخري بعد انتشاله من ماء النقع. تقوم المرأة بوضع الحمص في منطال أو وعاء التدميس، وتضيف إليه الماء المناسب والبهارات المعتادة مثل الشطة و الكمون والملح، وشريحة بصل، وفصوص ثوم قليلة، ويوضع علي النار حتي ينضج الحمص. يضاف عصير الليمون إلي ماء الحمص أو الخل عند البعض. ويتم تناوله وشرب ماء سلقه.

ثانيا : طبخ الخضراوات :
البيصاره أو (بيصارو ) :
يعد هذا اللون من الطبيخ من الألوان المصرية الخالصة، وقد أطلق عليه المصريون
القدماء اسم (بيصارو) . و قد حملت تلك الطبخة اسمها إلي العربية فصارت (بيصارة ) . وينتمي هذا الطعام إلي طبيخ الحبوب بنفس القدر الذي ينتمي فيه إلي طبيخ الخضروات. إذ ينظف الفول المجروش جيدا، ثم يضاف إليه الماء المناسب لطهيه، ويوضع علي النار، فإذا تم نضج الفول قامت المرأة بهرسه بالمفراك حتي يصير مزيجا أصفر اللون.
في المرحلة التالية تضاف الملوخية الجافة إلي المزيج السابق، ويضاف إليه من الماء ما يعطي القوام المحبب، ويترك علي النار حتي تنضج الملوخية المضافة، ثم يتبل، ثم تعد التقلية (الطشه) من كمية مناسبة من البصل، وتضاف إلي الخليط بعد نضجه ورفعه عن النار.
الْعِصِّيرَه :
اشتق الاسم من عملية العصر باليد. والعصيرة من طبيخ الفقراء. وإن كان الأغنياء يحبونها أيضا. وهي عبارة عن أوراق خضراء مسلوقة لنباتات معينة. هي اللفت أو السلجم أو غيرها من نباتات برية مثل الْقَرْيْ والجِّلْبَانْ . يتم قطف الأوراق الخضراء ثم توضع في ماء يغلي علي النار، حتي إذا نضجت تلك الأوراق، أضيف إليها بعض الملح لتقبل مذاقه، ثم تنزل العصيرة من فوق النار، وتترك لتبرد قليلا حتي تكون في مثل درجة حرارة الجسم. ثم يجتمع القوم حول الوعاء ويمدون أيديهم إلي داخل الإناء، ثم القبض علي كمية مناسبة (لقمة ) من الأوراق المسلوقة، وعصرها ثم دفعها في الفم. وتنتشر هذه الطبخة في أيام التحاريق وأيام المجاعات، وحين لا تجد المرأة ما تطبخه لأسرتها.
الْمَرَقْ (تقلية البصل ) :
المرق عندنا لا يعني الشوربة فالشربة تسمي (السليقة) . أما المرق الصعيدي أوالتقلية فهو طبيخ من البصل والسمن البلدي فقط، لا يضاف إليه إلا بعض الماء عند الضرورة. تقوم المرأة بوضع البرام علي النار وتضع به كمية مناسبة من السمن البلدي. ثم تقوم بتخريط كمية مناسبة من البصل وتحويله إلي شرائح أو قطع صغيرة، ثم يوضع البصل المقطع علي السمن، أو يوضعان معا في البرام في وقت واحد. تنتظر المرأة حتي يبدأ البصل في الاصفرار. ثم تأتي المرأة بالمفراك الخشبي، وتقوم بدق البصل برأس المفراك، أي تقوم بهرس البصل الذي صار لينا حتي يتحول قوامه إلي سائل غليظ. تضاف اللحوم التي تم سلقها جزئيا إلي البصل والسمن، وتستمر المرأة في عملية الهرك أو الهرس والتقليب حتي يتحول البصل والسمن إلي مزيج يقترب من اللون البني الفاتح وحتي ينضج اللحم تقرببا.
قد يتوقف البعض عند هذا الحد ويسمي هذا اللون من الطبيخ (التقلية ) . وقد تستمر المرأة في العمل علي التقلية لتحويلها إلي مرق. بإضافة بعض الماء أو السليقة إلي التقلية فإنها تقلل من دسامة الطعام. وقد تضيف بعض عصير الطماطم حسب الحاجة.
الآن صار المرق سائلا، فتأتي المرأة بالمرقسيات، ثم تقوم بملء المرقسيات بالمرق واللحم، ودفعه علي بلاط الفرن الساخن، حتي إذا تم غليانه أخرج من الفرن وقدم ساخنا. و لتناول هذا الطبيخ عادة ما تعد المرأة بعض الفطائر البيضاء (فطير المرق ) ، أو تخبز بعض البتاو القمح. ويعد المرق من طبيخ المناسبات الفخمة، فهو يطبخ في مواسم تواجد اللحم مثل عيد الأضحي، والمواسم، وفي الأفراح ووفاء النذور. كما يعد كطعام مميز للضيوف. ومن المعتاد طبخ المرق في يوم السوق الأسبوعي الذي يختلف من منطقة إلي أخري.
الوِيكَا :
الويكا هي البامية المهروسة سواء طبخت خضراء أو جافة. وقد تطبخ الويكا علي سليقة لحوم، أو سليقة الطيور، أو تطبخ في معظم الحالات (قرديحي ) أي علي ماء فقط. في كل الأحوال، تأخذ المرأة قرون البامية الخضراء بعد تنظيفها وتقميعها (أي إزالة طرفي القرن ) ، ثم تقوم بتقطيعها إلي شرائح دائرية. كما تظهر في الشكل التالي. ثم تضيفها إلي الماء أو الشربة التي تغلي، ثم تترك لفترة علي النار حتي تبدأ الشرائح في النضح.
تقوم المرأة بإحضار المنباش، وتضع رأسه المحتوية علي الريش داخل خليط الماء والبامية وتبدأ في فرك يد المنباش بين كفتيها مديرة له إلي اليمين وإلي اليسار. تستمر المرأة في النبش حتي تتفتت شرائح الباميا ويتحول الخليط إلي السيولة المناسبة.
ويترك الخليط علي النار حتي يتم تجهيز (الطشه) ، وهي مقلي الثوم في السمن البلدي. فإذا انتهت المرأة من تقلية الثوم أضافتها إلي الويكا، وتحكم غلق الوعاء حتي تحتفظ برائحة الثوم المقلي في الطبيخ. ثم يصب بعض الخليط في صحن ويقدم مع الخبز الطري.
قد تحتفظ المرأة بالبامية لطبخها في غير موا سمها، فتقوم بتجفيفها. وقد تلاحظ قرون البامية الجافة المعلقة علي حائط من الحوائط أو الشرفات في معظم البيوت، وخاصة في القري. وعند الرغبة في طبخ البامية (ويكا ) ، تقوم المرأة بدق قرون المامية البافة لتفتيتها. أما بالنسبة لطبيخ البامية الجافه (الويكا الناشفة ) ، فلا يختلف الأمر عن الخضراء. إلا أن الويكا الناشفة لا تحتاج إلي جهد في نبشها. فتضاف البامية المفتتة إلي المياه التي تغلي أو إلي السليقة، ويستخدم المنباش أيضا لتحقيق التجانس بين مكونات الخليط. وفي الختام تضاف تقلية الثوم إلي الطبيخ.
الْبَرَانِي :
ربما اكتسب هذا اللون من طبيخ البامية اسمه من اسم الوعاء الفخاري الذي كان يطبخ فيه،
وهو (البرنية ) وجمعها براني. ويتم إنضاج البراني علي الفرن، لذلك هي تطبخ في يوم الخبيز.
تقوم المرأة بتقميع البامية الخضراء، وتنظيفها وغسلها، ونلاحظ أنها تحتفظ بالقرن كاملا دون تقطيع. لذلك يفضل استخدام البامية الصغيرة الحجم، التي لم تنم قرونها تماما. ثم تضع المرأة القرون النظيفة داخل تلك البرنية، وتضيف إليها فصوص الثوم، وقرون الشطة، وبعض السمن البلدي، وربما يضاف إليها عصير الطماطم، ثم تغمس قطع اللحم إن وجدت داخل البرنية ثم يتم دفع البرنية فوق بلاط الفرن،
وتترك حتي ينضج ما بداخلها. وقد تستخدم البامية الناشفة في عمل البراني إيضا، وعندها توضع قرون البامية في ماء دافيء حتي تسترد بعض طراوتها ثم تطبخ كما أشرنا.
الملوخيه :
تطبخ الملوخية خضراء طازجة، كما تطبخ مجففة (ناشفه) . ورغم أن الملوخية تعد من
الطبيخ الوافد (فالمعروف أنها عرفت أيام الدولة الفاطمية ) إلا أنها صارت أكثر انواع الطبيخ شيوعا
. ربما لسهولة طبخها، ولقلة تكلفتها. فهي تطبخ علي اللحوم، كما تطبخ بدون اللحوم (قرديحي) . لهذا فهي تناسب الأسر الفقيرة التي هي عماد صعيدنا المصري. ويقال في المثل الشعبي : ملوخية وعيش لين.. يا خراب بيتك يامزين.. وواضح أن الحلاق الذي يتحدث عنه المثل بخيل لدرجة أن يري في إقبال أسرته علي تناول الخبز اللين والملوخية خرابا للبيت.
(تقرطف) أي تقطف أوراق الملوخية الخضراء، وتغسل جيدا وتوضع في مصفاة أو علي وعائ مسطح للتخلص من بقايا مياه الغسيل. بعد أن تجف أوراق الملوخية أو تكاد، تقوم المرأة بتخريط أوراق الملوخية الخضراء باستخدام المخرطة. تضاف الملوخية المخرطة إلي سليقة اللحوم الحيوانية أو الطيور بعد إخراج اللحوم منها، أو إلي الماء إذا لم يكن لدي المرأة اللحوم وكانت الطبخة قرديحي. تترك الأوراق الخضراء لتغلي في الماء حتي تنضج. عندها تستخدم المرأة (المنباش) في نبش أوراق الملوخية لتفتيتها، ولتحيلها إلي خليط سائل.
تعد المرأة (الطشة ) من الثوم والتوابل، وتقليها في السمن البلدي، ثم تضيفها إلي حلة الملوخية، وتسارع بوضع غطاء الحلة فوقها حتي تحتفظ برائحة الطشة في الطبيخ. ثم تصب في صحاف أو صحون وتقدم مع العيش الطري.
(الملوخية جاهزة )
ولا يختلف الأمر كثيرا بالنسبة للملوخية الجافة (الناشفه ) . فتضاف كمية من أوراق الملوخية الجافة المهروسة إلي السليقة أو الماء، فإذا نضجت أضافت المرأة ألي الملوخية (طشة الثوم ) .
مِشِّ القطيطة : يسمي هذا اللون من الطبيخ (شلولو ) أو (مش قطيطه ) . وهي وجبة سريعة الإعداد.
تأتي المرأة ببعض الماء البارد، ثم تضيف إليه بعض (الملوخيه الناشفه) ، وتقوم بضربها لتختلط جيدا بالماء حتي تصير خليطا سائلا. ثم تضيف المراة عصير الليمون إلي الطبيخ، وقد تضيف بعض الثوم المطحون. ويغمس بالخليط العيش الطري قمحا أو ذرة.
الخبيزه :
الخبيزة من النباتات التي تنمو بريا في منطقتنا، وإن كان البعض قد زرعها فيما بعد. ويتميز نبات الخبيزة بأوراق شبه دائرية علي سيقان طويلة. تقوم المرأة بفصل أوراق الخبيزة عن نباتاتها، وتقوم بغسلها جيدا وتجففها كما تفعل مع أوراق الملوخية الخضراء. ثم تضعها في ماء السلق أو السليقة، ولا تحتاج أوراق الخبيزة إلي تخريط لطراوتها ولينها، وتضيف المرأة بعض أعواد الكسبرة الخضراء.
لا تستغرق الخبيزة وقتا طويلا فوق النار، لذا يكتفي باستخدام المنباش لتحويل أوراق الخبيزة مع ماء سلقها إلي خليط سائل مماثل لطبيخ الملوخية الخضراء. في نفس الوقت تكون المرأة قد وضعت قدرا من الفريك (أو الأرز فيما بعد ) في إناء مستقل لطبخه مستقلا. يضاف الفريك إلي الخبيزة بعد نبشها ثم يغلي لمرة واحدة وذلك لإكساب الطعم ثباتا في قوامه يصلح والغموس بالعيش، فنحن لا نستخدم الملاعق لتناول الملوخية أوالخبيزة كشربة خضراء.بعد تمام نضج الخبيزة ونبشها، تعد المرأة طشة الثوم بالكسبرة الجافة والسمن البلدي وغيرها من البهارات، ثم تضيف الطشة إلي الخبيزة ثم يقدم الطبيخ مع العيش الطري..
الحمِّيضَه :
الحميضة نبات بري صيفي، يمكن استزراعه. تتميز أوراقها بطعم حامض بالنسبة للنباتات القديمة أما النباتات الغضة فأوراقها أقل مرارة. وهو أشبه بالسبانخ التي كنا لا نزرعها في الصعيد إلي وقت قريب. وقد يتم الخلط بين السبانخ والحميضة للإستفادة من القيمة الغذائية لنبات الحميضة.
كنا نطبخ الحميضة منفردة، وللتخلص من طعمها المائل إلي المرار، يتم نقعها في ماء ساخن لفترة قصيرة، ثم يتم إعادة غسلها قبل استخدامها في الطبخ. تضع المرأة بعض الفريك النظيف في الماء علي النار بالكمية المناسبة وتتركه ليأخذ حظا من النضج. تخرط الحميضة مثل الملوخية تماما ثم توضع في الماء علي النار حتي تنضج ويتم نبشها بالمنباش. يضاف الفريك الذي قارب من النضج إلي الحميضة، ثم تعد للطبيخ (طشة الثوم ) وتضاف إليه ويقدم مع العيش الطري.
وقد تقوم المرأة بنقع الفريك لفترة قبل عملية الطبخ، بدلا من غليه علي النار، وعندها تضيف الفريك اللين إلي الحميضة ليكمل نضجه.
الرِّجْلهْ :
أو البقلة الحمقاء كما يسميها البعض، عبارة عن نبات بري زاحف له أوراق مكتنزة وزهور صغيرة. كما يبدو في الشكل. (عود من نبات الرجلة) تقوم المرأة بنزع أوراق الرجلة، وغسلها جيدا. ثم تقوم بعد تصفيتها من الماء بخرطها بالمخرطة. تعد مسبقا طشة البصل بتقطيع البصل إلي شرائح وقليها في السمن البلدي، حتي إذا احمرت وأخذت حظها من النضج أضافت المرأة الماء بالمقدار المناسب. ثم يضاف إلي الماء العدس الأصفر أو الفريك ويترك لينضج، يضاف أوراق الرجلة المخروطة في النهاية إلي العدس الناضج، ويقلب باستمرار حتي تنضج أوراق الرجلة. فترفع من علي النار وتقدم.
السبانخ :
السبانخ من الخضروات الوافدة إلي الصعيد، تطبخ علي أكثر من صورة، ولكن معظم البيوت تقوم بطبخها كالملوخية. يتم انتقاء الأوراق السليمة من السبانخ ويتم غسلها جيدا بالماء. تضع المرأة بعض السمن البلدي أو الزيت حسب الأحوال، وتضيف إليه البصل المخروط لتصنع طشة البصل. بعد نضج البصل في السمن، تقوم المراة بإضافة عصير الطماطم، أو الطماطم المهروسة إلي البصل ويقلب جيدا.
تضاف أوراق السبانخ المخرطة إلي الخليط وتترك فترة وجيزة لتنضج ثم تضاف إليها البهارات وقد يضاف البرغل أو الفريك اللين إليها قبل أن ترفع من فوق النار.
المحشي :
لا يقوم المحشي علي لون واحد من الخضروات، فبعد دخول استخدام الأرز في المطبخ الصعيدي، دخلت معه ألوان من المحشيات لم يكن يعرفها الصعيد. مثل محشي الكوسة، ومحشي الباذنجان، ومحشي الفلفل، ومحشي ورق العنب. وقد يقدم المحشي مشكلا من بعض هذه الأنواع أو يجمع بين كل تلك الأنواع. وتستخدم أساليب عدة في عمل المحشي، وفي كل الأحوال يتم استخدام الأرز مخلوطا بالبهارات والطماطم وبعض الأعشاب الخضراء في حشو تلك الثمار، بعد أن تقوم المرأة بإخلاء تلك الثمار من لبها. ثم تصف تلك المحاشي في وعاء به بعض الماء ليتم إنضاجه علي مهل علي نارهادئة.
ثالثا : المشهيات :
تقدم علي مائدة الصعيدي أنواع من النباتات أو ثمارها، يكون الهدف من تقديمها خلق القبول لدي من يأكل لما يقدم إليه. وأحيانا تتحول تلك المقبلات إلي إدام أو غموس، لعدم وجود غيرها. وقد تطبخ تلك الأنواع أو تدخل في طبخ بعض الحبوب أو الخضراوات. ومن أهم تلك المقبلات أو المشهيات: الفلفل، الباذنجان، الفجل، الجرجير، اللفت، البصل. الخيار، وغيرها.
المشهيات الطازجة
البصل الأخضر :
يؤكل البصل أخضر، ويقدم لفتح الشهية خاصة مع الملوحة والجبنة القديمة والفول المدمس والعدس ومشتقاتهما. كما يستخدم البصل الخزين لنفس الغرض. ويدخل البصل في كثير من الأطعمة التي أشرنا إليها تحت مسمي (طشة البصل ) . ويكون المكون الأساس في بعض أنواع الطبيخ مثل
(المرق / التقلية) . ويعد البصل والجبن القديم والزلوط (بتاو الذرة المحمص ) ، أنسب الأطعمة لمن يرتحلون للعمل في البلاد البعيدة لعدم قابليتها للتلف السريع.
كما يدخل البصل في إعداد السلطة الخضراء التي صارت من مكونات المائدة الصعيدية خاصة في هذه الأيام. وقد تقوم المرأة بتحويل البصل الصغير الحجم بعد نضجه إلي مخلل، عن طريق وضعه بعد التقشير والتنظيف في محلول ملحي، أو داخل بلاص المش.ويقول المثل الشعبي : زي البصل.. داخل ف كل حاجه
الفلفل:
يعرف الصعيد الأوسط في مصر أنواعا من الفلفل، تتراوح في حجمها كثيرا بين الدقيق [الشطيطة) ، والصغير والكبير، والأحجام المختلفة لثمار شجيرات الفلفل جعلت له استخدامات متعددة. فيجفف الفلفل الصغير الحجم والحريف ليتحول إلي بهار الشطة. وقد استخدم المصريون تعبير (يشطشط ويفلفل ) للتعبير عن المشاعر الحارة التي يحس بها البعض مثل الغيرة .
أما الأحجام الكبيرة من الفلفل البلدي والرومي فيتم استخدامها كمشهيات عن طريق أكلها خضراء، أو عن طريق قليها في الزيت، أو سلقها في الماء، أو شيها علي بلاط الفرن. وتضاف عادة دقة الثوم إلي الفلفل المقلي أو المشوي أو المسلوق. كما يلجأ البعض إلي تخزين الفلفل عن طريق تحويله إلي مخلل أو حفظه في المش .
وكثير من أنواع الطبيخ تقبل إضافة الفلفل إليها للحصول علي طعمه الحريف والمحبب. كما أصبح الفلفل مادة محببة لعمل المحشي، بعد دخول الأرز إلي المطبخ الصعيدي.
الباذنجان :
أو (الباضنجان) من الشجيرات التي يحب الفلاحون في الصعيد زراعتها متجاورة مع شجيرات الفلفل، وهناك اقتران بين الثمرتين في الإستخدام والموسم، وطرق الزراعة والاستهلاك. ومن الأساطير الشعبية الشائعة أن شجيرات الفلفل والباذنجان بالتحديد تحب الطهارة، لذا تتوقف عن الإزهار إن شقت بحقولهما أمرأة لم تطهر من حيض أو نفاس أو جنابة.
ويشتهر من أنواع الباذنجان نوعان، البلدي الأسود المائل إلي الحمرة، والرومي الأبيض والرومي الأسود. ويستخدم البيت الصعيدي النوعين. في عمل المخلللات، والطبخ، وتتعدد الأشكال التي يطبخ بها الباذنجان. فقد يسلق ويتبل بالثوم والشطة والملح، وقد يشوي ثم يتبل ويضاف إليه الخل، وهو في هذه الحالات يستخدم كمقبل أو كفاتح للشهية، كما يتم تشريح الثمرة إلي شرائح وقليها في الزيت.
ويستخدم الباذنجان كغموس حين يتم تتبيل شرائحة بالثوم والبهار وقليه في الزيت. وقد يطبخ مع الطماطم والبصل (المسقعة ) . وقد يطبخ كما تطبخ البطاطس مع الطماطم. وتشتهر هذه الطبخة في الجيش المصري لقيمتها الغذائية، ويطلق عليها الجنود (الطبخة السوداء ) نسبة إلي لون الباذنجان وتستخدم المرأة الصعيدية الباذنجان في عمل (المحشي ) بعد انتشار استخدام الأرز في الصعيد في نصف القرن الأخير. سواء قدم محشي الباذنجان منفردا أو قدم مع محشي الفلفل أو الكوسة أو كلاهما. وقد تعددت أساليب طبخ الباذنجان حتي أنهم صنعوا منه (كفتة الباذنجان ) .
الخيار :
زرع الصعيدي الخيار والعجور (القثاء ) علي الشطوط الرملية لنهر النيل، وحمَّله علي محاصيل حقلية أخري. والخيار من المحاصيل الشتوية أصلا، لكن مع انتشار نظام الصوب الزراعية صار الخيار متواجدا بالسوق طوال العام لزراعته داخل الصوب والحاضنات. ويقول المثل : إللي يحرص زرعته.. ياكل خيار..
ويؤكل الخيار طازجا، أخضر. ويدخل عادة في السلطات الخضراء. كما يعد واحدا من المخللات قصيرة العمر المحبوبة عند الناس.
الفجل :
الفجل من النباتات التي تزرع في أكثر من موسم زراعي، لذا يتوافر معظم أيام العام.
كما أنه من النباتات المستحب تناولها مع كثير من الأطعمة.وتتعدد أنواع الفجل، لكن النوع البلدي الأبيض هو الأكثر انتشارا في مصر.
ويؤكل النبات كله : الرأس والأوراق. ويؤكل الفجل طازجا . وما يؤكد محبة المصريين لتناول الفجل ما تقوله المرأة في المثل الشعبي : ( من يوم ما جبتكم يا ولادي.. ما شبعت إكبادي.. ولا كلت فرخه بمرقها.. ولا فجله بورقها.... ) . ومن النادر دخول الفجل في الطبيخ أو استخدامه في التخليل. وتستخرج من بذوره بعض الزيوت التي تستخدم في العلاجات الشعبية.
الجرجير :
يتميز الجرجير بأوراقه ذات الطعم اللاذع. وهو من النباتات التي يمكن زراعتها في أي وقت من العام إذا توافر الماء اللازم. كما يمكن تحميلها علي زراعات أخري كأن تزرع مصاحبة لمحصول آخر كالطماطم أو الفلفل أو غير ذلك وتؤكل أوراق نبات الجرجير طازجة. كما تستخرج من بذوره بعض الزيوت ذات الفائدة الطبية والتي تستخدم في العلاجات الشعبية
المخللات :
يتم حفظ المشهيات بعملية التخليل، والعنصر الأساس في عملية التخليل هو وضع المخلل في وسط ملحي. وقد يخلل كل صنف من أصناف المخللات منفردا، وقد تخلط بعض الأصناف معا لتشكل المخلل الذي يباع عادة بالمتاجر.
المخلل
لكن الشائع في البيوت هو تخليل كل صنف منفردا وقد تخلط الأصناف عند التقديم. ويتم التخليل في الصعيد بوسيلتين :
الأولي : وضع المادة المراد تخليلها في المش.
الثانية : وضع المادة المراد تخليلها في ماء مالح أو ماء مالح و خل. ويتكون المحلول اللازم للتخليل
من الماء والملح والخل والبهارات المختلفة. لكل كوب من الماء ربع كوب من الخل، وملعقة كبيرة من الملح الخشن.
تخليل اللفت :
اللفت من النباتات الشتوية التي تحتاج إلي جو رطب للنمو. ويطلق علي اللفت أسماء أخري : الشلجم، السلجم، لكنه يشتهر باسم اللفت في منطقتنا من صعيد مصر. واللفت من النباتات التي يستفاد بأوراقها وجذورها وبذورها. فتستخدم درنات اللفت في المخلل. و هو عنصر أساس في المخللات. وتستخدم أوراق النبات في عمل العصيرة التي سبق الإشارة إليها. وتستخرج من بذوره بعص الزيوت التي تستخدم في العلاجات الشعبية.
وعادة لا يتم تخليل اللفت بوضعه في المش، لأنه لا يتحمل درجة الملوحة العالية، بل ينظف
اللفت أو بمعني أصح جذور اللفت غير المجوفة (غير الشايخة ) جيدا، ثم يتم تقطيعها إلي حلقات أو بالطول أو بالأشكال المرغوب فيها. ثم يوضع اللفت في المحلول الملحي والخل، وتعبأ تلك المكونات في أوعية خشبية أو زجاجية أو في وعاء من الفخار غير المسامي، ويحكم الغلق فترة مناسبة من الأيام.
تخليل الليمون :
يستخدم الليمون عدة استخدامات في حياة المصري اليومية، فقد يضاف عصيره إلي الماء المثلج المحلي بالسكر ليشرب كعصير طازج في أوقات الحر. كما يضاف ماؤه إلي كثير من الأطعمة لإعطائها مذاقا طيبا. كأن يضاف إلي السلطات والفول المدمس والباذنجان المقلي.. وغير ذلك. كما يستخدم الليمون في صناعة والحلوي، ويشيع استخدامه في العلاجات الشعبية. و يخلل الليمون أيضا بأكثر من طريقة.
تخليل الليمون في المش :
يكفي أن تضع الليمون لفترة شهر مثلا في المش لكي يتحول إلي مخلل. ويوضع الليمون بعد تنظيفه في المش مباشرة دون إضافات، أما في حالة تعجل استخدام الليمون كمخلل، فيتم سلقه بالماء حتي يزول لونه الأخضر ثم انتشاله من الماء ووضعه في بلاص المش، أو وضعه في أوعية زجاجية وصب المش عليه حتي يغطي الليمون تماما، ثم يغلق الوعاء ويترك لأيام قليلة ثم يستخدم كمخلل.
تخليل الليمون المسلوق :
تغسل ثمار الليمون البلدي ويفضل المتوسط الحجم. تجري عملية سلق للثمار الكاملة السليمة في الماء المغلي لمدة تختلف باختلاف مدة التخليل؛ ففي حالة التخليل بغرض الاستهلاك السريع تصل مدة السلق إلي 15 دقيقة، أما إذا كان التخليل بغرض حفظ الثمار المخللة لفترة تتراوح بين 4 - 6 شهور فتكون مدة السلق 3 -5 دقائق، وبعد انتهاء وقت السلق يصفي في ماء السلق وتنقع الثمار في ماء عادي لمدة 12 ساعة. توضع الثمار في أواني التعبئة في محلول ملحي 10٪ ويوضع معها ثمار الفلفل الأخضر الحار أو متوسط الحرافة حسب الرغبة لإكسابها طعمًا ورائحة مقبولين.يضاف قليل من عصير الليمون لمحلول التخليل ويغطي السطح بطبقة رقيقة 1 سم من الزيت.
تخليل الليمون الأخضر (المعصفر ):
تفرز ثمار الليمون البلدي الأصفر وتغسل جيدًا. تعصر كمية مناسبة من ثمار الليمون، أما بقية الثمار فيتم شق كل ثمرة إلي نصفين متقاطعين بدون أن يفصل أحدهما عن الآخر.أو إلي أربعة أجزاء ثم يتم حشو هذه الأجزاء بمخلوط من ؛ الملح والعصفر أو الزعفران وحبة البركة، تعبأ الثمار المجزأة المحشوة (الليمون المعصفر ) في إناء التخليل مع إضافة عصير الليمون بكمية مناسبة إلي ماء بارد لتغطية الليمون تماما ويتم الضغط علي ما بداخل الوعاء وغلقه جيد. وبعد شهرين تقريبا يمكن استخدامه.
أما إذا أريد الإسراع في تخليل الليمون فيتم سلق الثمار نصف سلق ثم تقطع بسكين حاد وتحشي بالتوابل والملح كما سبق. ثم تعبأ في محلول قوته 10٪ (ينضج بعد أسبوع)، وهذا النوع يجب استعماله مباشرة في فترة قصيرة.
تخليل قشر البرتقال واليوسفي :
لا تتنازل المرأة المصرية عن أي جزء من أجزء الفاكهة أو الخضروات بسهولة، بل تستخدم تلك الأجزاء استخدامات مفيدة. وخير مثال لذلك أنه بعد استهلاك الفاكهة المشهورة في مصر (البرتقال ) لا يلقي قشر البرتقال في المزابل، بل تقوم المرأة بغسله جيدا، ثم وضعه في بلاص المش وسرعان ما يحول المش قشر البرتقال وقشر اليوسفي إلي مخلل رائع الطعم والرائحة.
تخليل البصل :
عادة ما يستخدم في التخليل الأبصال صغيرة الحجم التي لا تصلح أو التي يصعب استخدامها في أنواع أخري من الطبيخ. ثم يتم غمرها بالماء البارد في وعاء مناسب ليوم، ثم يتم نقل البصل لوعاء آخر به محلول ملحي للتخلص من رائحة البصل وزيوته الحريفة لمدة أربعة أيام أخري. ثم ينقل البصل إلي محلول ملحي أكثر تركيزا وملوحة لمدة أسبوع، ثم يزاد تركيز الملح في الماء ويترك لمدة أسبوعين. يخرج البصل من الماء المالح ويوضع في ماءعذب به شبة لمدة يوم كامل وينظف من الجذور والأوراق الخارجية ثم يعبأ في وعاء الحفظ الذي يحتوي علي المحلول الملحي منخفض التركيز مع إضافة الخل إليه.
وعادة ما يتم تخزين البصل المخلل في الأوعية الفخارية المعروفة (البلاليص ) التي سبق استخدامها في حظ وتخزين الجبن القديم.
تخليل الخيار :
يختار للتخليل الخيار صغير الحجم، ويتم تنظيفه جيدا ويعبأ الخيار دون تقطيع في أوعية
التخليل، ويضاف إليه محلول ملحي، ويترك من ثلاثة إلي أربعة أسابيع.وعندما يتحول لون الخيار من اللون الأخضر إلي اللون الأصفر يكون التخليل قد تم، فيتم نقل الخيار بعد غسله جيدا إلي محلول ملحي أقل تركيزا مضافا إليه الخل.
تخليل الجزر :
يعد الجزر الأصفر من المخللات المحببة لدي المصريين، لما له من طعم جميل مرغوب لدي الكبار والصغار، إضافة إلي رخص سعره، وتوفره معظم أيام العام. يتم اختيار جذور الجزر الطرية (شرائح الجزر المخلل) وتزال منها الجذور الشعيرية، وتغسل جيدا بالماء البارد، وتقطع الجذور إلي شرائح أو حلقات حسب الطلب. ثم توضع الجذور في الماء لغليها لمدة دقائق، إذا شاءت المرأة تسريع عملية التخليل، وإلا تعبأ مباشرة في أوعية غير مسامية مع إضافة المحلول الملحي والخل ويترك لحين تمام التخليل.
تخليل الزيتون التفاحي :
تنظف كميه الزيتون المراد تخليلها جيدا، ويفضل إختيار الثمار الممتلئة. يتم تشقيق الثمار
بالطول لتسريع عملية التخليل. تنقع الثمار المشققة في الماء لمدة أربعة أيام، يتم في كل يوم تغيير الماء البارد المغمور به الزيتون المشقق حتي يتم تخليص الزيتون من المرارة .يتم تحضير المحلول الملحي اللازم لعملية التخليل ثم يتم وضع الزيتون المشقق في وعاء زجاجي ويتم صب المحلول حتي يغطي تماما ثم يتم إحكام الغلق . ويترك الوعاء حتي يتم التخليل ويتحول لون الزيتون إلي اللون الأصفر.
وقد يضاف إلي الزيتون بعض شرائح الليمون والفلفل الحار لتحسين المذاق وللمساعدة في سرعة التخليل. ويجب أن تتناسب كمية الليمون مع كمية الزيتون المخلل فيضاف لكل 5 كيلو جرامات من الزيتون كيلوجرام من الليمون بعد تخليصه من القشر والبذور.
تخليل الفلفل :
يعد الفلفل الأخضر بنوعيه البلدي والرومي من المشهيات المحببة للمصريين، ويستخدم الفلفل مضافا إلي أنواع السلطات الخضراء وكثير من ألوان الطبيخ الأخري. وعند تخليل ثمار الفلفل تختار الثمار صغيرة الحجم مكتملة النضج ذات اللون الأخضر الزاهي، وتغسل الثمار جيدًا ويزال العنق منها، وتشق الثمار من الطرف وتوضع في أوعية زجاجية أو غير مسامية، ويصب عليها محلول ملحي 10٪ بعد غليانه وتبريده، ويضاف قليل من الخل ويترك لمدة من 4- 5 أيام للتسوية.وقد يخلل الفلفل بوضعه مباشرة في المش ويترك لفترة مناسبة قبل الاستخدام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.