في 30 ديسمبر 2007 احتفلت جريدة أخبار الأدب علي صفحاتها بالعيد الخمسين لمجلة العربي الكويتية، حيث خصص الأديب الراحل الكبير جمال الغيطاني بستان العدد، ليكون ملفا عن مجلة العربي، أعده زميلي ياسر عبد الحافظ بعنوان " الجندي الذي يرفض الاعتراف بنهاية المعركة.. العربي نصف قرن من الثقافة". هذا هو العنوان الذي أقف أمامه الآن مبهورا، لأنه بدا كنبوءة أوشكت علي التحقق.. أن تتوقف مجلة العربي الرائدة.. فحاليا ينتابني انزعاج من بدايات تشير إلي أن الجندي أوشك علي الاعتراف بنهاية المعركة. لكننا هنا كلنا جنود في معركة أن تستمر مجلة العربي قوية منتظمة في صدورها كما عهدناها.. وكما قال ياسر في افتتاحية ملف مجلة العربي ( مجلة تحقق الجملة الحلم "من المحيط إلي الخليج".. تحقيقات وحوارات وأبواب، يبدو أنها جاءت بعد سؤال، وجه لكل عربي ماذا تريد من مجلة عربية ثقافية).. وقال ايضا (استمرت العربي وقارئها يتبادلان الإيمان ببعضهما البعض.. كلاهما مثل القابض علي جمرة النار.. لكنه لن يتخلي عنها). بالفعل لا يجب أن نتخلي عن مجلة العربي، ونهدر عمرها الطويل في المجال الثقافي.. فقد حفرت اسما بارزا علي مدي أكثر من نصف قرن..كتبت فيها أجيال مختلفة.. وتربت عليها أجيال أخري، بعضها احترف مهنة الكتابة والآخر استمر قارئا نهما لها، فقد كانت تطبع حتي وقت قريب ما يتجاوز المائة ألف نسخة، فالكتابة فيها حلم راود الكثير بعضهم تحقق له ما أراد والبعض الآخر لم يتحقق له حلمه في الكتابة فيها، ولكنه يسعي إليها قارئا شغوفا. فإذا كانت هذه المجلة تصدر عن دولة الكويت الشقيقة، فإن كل المثقفين والقراء سواء داخل الوطن العربي أو خارجه، يعتبرها تصدر عن بلدانهم، فالحقيقة أن الكويت ليست حاضنة لمجلة، بل لمشروع ثقافي له جذور ممتدة في أرواحنا.. فمثل هذه المشروعات هي " الحامي لأرواحنا"، فعندما تقرأ العربي تنتقل من منطقة لأخري، منطقة دافئة آمنة علي النفس والروح، منطقة تري فيها العالم العربي متمكنا.. قويا.. صلبا.. يقف علي أرض ثابتة، هذه هي قيمة الثقافة، تشعرك بثقة واطمئنان، فعندما تقرأ مطبوعاتنا ومجلاتنا، لاسيما مجلة العربي، تحس بكل القيم التي ذكرتها. إن مجلة العربي تمثل سندا قويا لمسيرتنا.. في الشهور الأخيرة أصابنا قلق بالغ من مجرد تأخر وصولها لنا، ورغم أنني أعلم مكانها علي " فرشة" بائع الصحف الذي أشتري منه، إلا أنني أذهب إليه لأسأله هي مجلة العربي فين، فيرد " مش موجودة"، فأعود إلي مكانها مرة أخري لعله أخطأ أو لعلي لم أرها، فالمجلة التي كان لها موعدًا محدداً، أصبح الأمر الآن غير ذلك، وهذه أول خطوة في فقد الثقة بين المجلة والقارئ، وحتي الآن لم يصدر عدد إبريل في شكله الورقي رغم وجوده »بي. دي.اف« علي صفحة المجلة علي موقع التواصل الاجتماعي »الفيسبوك«. هذه المجلة التي رأس تحريرها علي مدي ما يقرب من 59 عاما، خمسة رؤساء تحرير، مؤسسها الدكتور أحمد زكي أول رئيس تحرير لها، ثم الكاتب الكبير أحمد بهاء الدين، وبعده د. محمد الرميحي أول رئيس تحرير من أبناء الكويت، واستمرت المجلة في عهده قوية، بل أضاف لها الكثير هو وخليفته د. سليمان العسكري، ومنذ فترة يتولاها د. عادل العبد.. لذا هي مجلة أمتزجت فيها دماء عربية كثيرة ومتنوعة سواء من رأسوا تحريرها أو من عملوا أو كتبوا فيها، فلم تعد مجلة كويتية، بل هي مجلة تعبر عن الضمير العربي الذي يؤرقه كثيرا الإحساس بعدم انتظامها.. فهي كما قال ياسرعبد الحافظ حققت حلمنا من المحيط إلي الخليج، وما أحوجنا إلي أن نتمسك علي الأقل بهذا الحلم في ظروفنا الراهنة.