بورصة الدواجن اليوم بعد الارتفاع الكبير.. أسعار الفراخ البيضاء والبيض الثلاثاء 18 يونيو 2024    صعود مؤشرات الأسهم اليابانية في جلسة التعاملات الصباحية    إصابة جنود كوريين شماليين بانفجار لغم قرب الحدود مع الجنوب (صور)    شهداء وجرحى في قصف إسرائيلي على مخيم النصيرات وسط قطاع غزة    تعرف على العقوبة الكبيرة التي تنتظر جوميز بعد دفع الحكم الرابع في مباراة المصري (مستند)    ارتفاع أسعار النفط بعد توقعات بوقف منتجي أوبك+ خططهم لزيادة الإمدادات    نائب أمير مكة يسلم كسوة الكعبة لسدنة بيت الله الحرام    اندلاع حريق داخل حضانة أطفال في المنيا    تامر حسني يبهر جمهوره بالطيران في الهواء بحفل ثاني أيام العيد (صور)    تركي آل الشيخ يُعلن مُفاجأَة خاصة ل نانسي عجرم وعمرو دياب.. تعرف عليها    بوتين: روسيا وكوريا الشمالية تتعهدان بإفشال المخططات الغربية وفرض نظام عالمي جديد    ليبيا تعيد 7100 مهاجر قسرا وتسجل 282 حالة وفاة في البحر المتوسط    واشنطن: تشكيل حكومة الحرب الإسرائيلية قرار لا يخصنا    جوتيريش يدعو دول العالم إلى سرعة تنفيذ اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر    منتخب فرنسا يبدأ مشواره فى يورو 2024 بالفوز على النمسا بهدف ذاتى    «لازم تعاد».. سمير عثمان يكشف مفاجأة بشأن ضربة جزاء الزمالك أمام المصري البورسعيدي    طاقم حكام مباراة زد أف سي وفاركو في الدوري    ملف مصراوي.. أزمة ركلة جزاء زيزو.. قرار فيفا لصالح الزمالك.. وحكام الأهلي والاتحاد    عبدالحليم قنديل: طرحت فكرة البرلمان البديل وكتبت بيان الدعوة ل25 يناير    شديد الحرارة نهارًا.. الأرصاد تحذر من حالة الطقس اليوم الثلاثاء 18 يونيو 2024    ضحايا الحر.. غرق شخصين في مياه النيل بمنشأة القناطر    شهداء ومصابون فى قصف للاحتلال على مخيم النصيرات وسط قطاع غزة    هيئة البث الإسرائيلية: الجيش والمخابرات كانا على علم بخطة حماس قبل 3 أسابيع من هجوم 7 أكتوبر    ولي العهد السعودي يؤكد ضرورة الوقف الفوري للاعتداء بغزة    إسعاد يونس: عادل إمام أسطورة خاطب المواطن الكادح.. وأفلامه مميزة    إيهاب فهمي: بحب أفطر رقاق وفتة بعد صلاة العيد وذبح الأضحية    مفتي الجمهورية: نثمن جهود السعودية لتيسير مناسك الحج    عارفة عبد الرسول تكشف سرقة سيدة لحوما ب2600.. وتعليق صادم من سلوى محمد علي    افتتاح وحدة علاج جلطات ونزيف المخ بمستشفيات جامعة عين شمس.. 25 يونيو    مقتل عنصر إجرامي في تبادل إطلاق النار مع الشرطة بأسيوط    «قضايا الدولة» تهنئ الرئيس السيسي بمناسبة عودته بعد أداء فريضة الحج    تعرف على حدود التحويلات عبر تطبيق انستاباي خلال إجازة العيد    محافظ المنيا: حملات مستمرة على مجازر خلال أيام عيد الأضحى    مفاجأة عن الحالة الصحية للطيار المصري قبل وفاته، والشركة تبرر تصرف مساعده    هيئة الدواء المصرية تسحب عقارا شهيرا من الصيدليات.. ما هو؟    8 أعراض تظهر على الحجاج بعد أداء المناسك لا تقلق منها    الزمالك يهدد بمنتهى القوة.. ماهو أول رد فعل بعد بيان حسين لبيب؟    محمود فوزي السيد: عادل إمام يقدر قيمة الموسيقى التصويرية في أفلامه (فيديو)    «الأزهر» يوضح آخر موعد لذبح الأضحية.. الفرصة الأخيرة    البطريرك يزور كاتدرائية السيّدة العذراء في مدينة ستراسبورغ – فرنسا    «حضر اغتيال السادات».. إسماعيل فرغلي يكشف تفاصيل جديدة عن حياته الخاصة    تراجع سعر سبيكة الذهب اليوم واستقرار عيار 21 الآن ثالث أيام العيد الثلاثاء 18 يونيو 2024    ثبات سعر طن الحديد وارتفاع الأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الثلاثاء 18 يونيو 2024    تهنئة إيبارشية ملوي بعيد الأضحى المبارك    االأنبا عمانوئيل يقدم التهنئة بعيد الأضحى المبارك لشيخ الأزهر الشريف أحمد الطيب    بيان عاجل من وزارة السياحة بشأن شكاوى الحجاج خلال أداء المناسك    السيطرة على حريق بمحل بطنطا دون خسائر في الأرواح.. صور    بعد الفوز على الزمالك| لاعبو المصري راحة    معركة حسمها إيفان.. حكم الفيديو أنقذنا.. تعليقات الصحف السلوفاكية بعد الفوز على بلجيكا    وكيل «صحة الشرقية» يقرر نقل 8 من العاملين بمستشفى ههيا لتغيبهم عن العمل    مشروع الضبعة.. تفاصيل لقاء وزير التعليم العالي بنائب مدير مؤسسة "الروس آتوم" في التكنولوجيا النووية    الإفتاء توضح حكم طواف الوداع على مختلف المذاهب    شروط القبول في برنامج البكالوريوس نظام الساعات المعتمدة بإدارة الأعمال جامعة الإسكندرية    تعرف أفضل وقت لذبح الأضحية    دعاء يوم القر.. «اللهم اغفر لي ذنبي كله»    وزيرة التضامن تتابع موقف تسليم وحدات سكنية    ثاني أيام عيد الأضحى 2024.. طريقة عمل كباب الحلة بالصوص    الفرق بين التحلل الأصغر والأكبر.. الأنواع والشروط    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دفتر الحضور
نشر في أخبار الأدب يوم 26 - 03 - 2016

رغم كل محاولاته للوصول في موعد التوقيع في دفتر الحضور لم يستطع. كان قد تحرك بسرعة كالبهلوان من حجرة منزله الضيقة إلي باب الشقة، إلي سلالم الدور الأول المكسورة سلمته الثالثة، إلي الشارع، إلي الرصيف الآخر مهرولاً ومتفادياً في الوقت نفسه عربة كادت تدهمه، ومن حارة إلي حارة إلي معدية في النيل وضع قدمه داخلها قبل ثوان من إعلان قائدها اكتمال عدد الراكبين والانطلاق بها إلي الشاطيء الآخر، وعند الشاطيء عبر الشارع مرة أخري إلي محطة الميكروباص التي تضج بالجلبة وصياح السائقين والتباعين: »واحد عمرانية.. جيزة جيزة«. حملة الميكروباص في جوفه المكتظ بمجموعة من البشر، رجالاً ونساء يكادون يختنقون حيث أقدام المحشورين في المقعدين الخلفيين توشك أن تلامس ظهور من أمامهم، والأجساد الملبدة بالعرق، والظهور المنحنية عند الصعود والهبوط تتلاطم تحت سقف العربة شديد الانخفاض. انحني الانحناءة الثانية هابطاً مع بعض الركاب عند وصول الميكروباص لمحطته، وبمجرد نزوله شاهد الاتوبيس الذي سيركبه علي وشك التحرك، حمد الله علي عدم انتظاره له هذه المرة تحت شمس المحطة، وكأنه في سباق للجري لحق بالاتوبيس ممسكاً بقوة بعمود سلمه حتي لا يسقط. وصل أخيرا وأنفاسه تتقطع وساعة يده تشير إلي التاسعة إلا الثلث، لم ينتظر أسانسير الشركة المعطل دائماً وأظهر براعة جديدة وهو يكر كل سلمتين في قفزة واحدة.
كان قد أعد عدته في اليوم السابق لما سيقوله للأستاذ سيد مديره إذا ما وصل متأخرا ربما للمرة الثالثة، وإذا ما حاول هذا الأخير خصم يوم جديد من مرتبه جمع في ذهنه كل الأعذار والحجج الممكنة لتأخره وأعد دفاعه الذي ولابد وأنه سيكون مستميتاً بأدلة دامغة يمكن أن تحير العقول وتضطر المنصت إليها إلي رفع الراية البيضاء وقبول عذر التأخير.. معذرة.. سعادتك لا تعرف كيف أصل إلي الشركة، والله وحده يعلم كم أجاهد وأعاني لأصل وأمامي أربع مواصلات ينبغي أن تحملني من منزلي إلي هنا رغم أني أصحو قبل طلوع الفجر، ولكن الطريق من وراق العرب إلي هنا بالكاد بالكاد يحتاج إلي ثلاث ساعات، هذا مع الاستعجال الشديد ومع افتراض وجود مواصلات جاهزة في انتظاري، أقسم لك يا أفندم أني أصحو قبل صياح الديك، لو كنت أعمل بهلواناً في سيرك ما استطعت أن أصل في وقت أكثر تبكيراً من ذلك.. أنا مظلوم مظلوم مظلوم.. لقد تقدمت بطلب من ثلاثة شهور لنقلي إلي فرع الشركة القريب نسبياً من سكني كي أصل في موعدي ولحرصي علي مصلحة العمل ولكن لم يصلني رد علي طلبي حتي الآن، وإجازتي المرضية لم استطع أيضا تجديدها، وطبيب التأمين الصحي الذي يعرف حالتي الصحية أكثر من أي شخص آخر يتهمني بالتمارض.. فلمن أذهب ومن يسمعني ويقدر ظروف حياتي الشائكة الصعبة؟
انتهي من قفز سلالم الأدوار الأربعة واصلاً إلي مدخل الشركة وهو لايزال يلهث والعرق يتصبب من جبينه، وكان أول ما واجهه هو المنظر الخالد لدفتر الحضور الكبير الموضوع علي طاولته والمفتوح علي صفحة اليوم، وفي ذيل الصفحة توقيع آخر من حضر من الموظفين في الموعد وتحته مباشرة الخط الأحمر الذي يفصله عن أسماء المتأخرين مستسلماً للأمر الواقع كتب اسمه تحت الخط الأحمر ووقع بجواره ثم دلف إلي حجرة الأرشيف وهو يمسح عرقه المنساب بمنديله ملقياً بتحية صباح سريعة علي زملائه في الحجرة. كان الزملاء منهمكين في عملهم في صمت باستثناء واحد انشغل بحل الكلمات المتقاطعة في إحدي الصحف، وصله رد تحيته منهم في لهجة روتينية متكاملة صدرت من أفواههم كالهمهمات. قطع أحدهم الصمت قائلاً له في اقتضاب ودون أن يرفع رأسه عن دوسيه يقلب فيه: »المدير كان عايزك« دق قلبه متوجساً، علي أنه كالجندي الذي تزداد فيه روح التحدي عندما يواجه عدواً شرساً استجمع شجاعته وتماسكه في ثوانٍ، وكالطالب الواقف أمام لجنة الامتحان راح عقله يسترجع في سرعة مذهلة كل ما حفظه من أعذار وحجج دامغة وعبارات قوية ومؤثرة تحكي بأبلغ بيان ظروفه الصعبة التي تضطره للتأخير في (بعض) وليس (كل) الأحيان، بسمل وحوقل قبل أن يدق دقات خفيفة مهذبة علي باب حجرة المدير. وصله صوت الأستاذ سيد بلهجته الرصينة وسط صمت حجرته المشع بمهابة نابعة من وجوده فيها »ادخل«. تقدم إلي داخل الحجرة ، توقف وقفته المعتادة أمام المدير كالطالب الواقف أمام ناظر مدرسته، كان الأستاذ يتحدث في التليفون، وبمجرد أن رآه وضع إحدي يديه علي بوق سماعة التليفون مؤقتاً حتي ينهي حديثه معه، ثم نطقت شفتاه بالسؤال المتوقع باستهزاء يشي بثورة غضب كامنة : »سعادتك اتأخرت ليه المرة دي كمان؟«
- »أصل الحكاية....« وقبل أن يسترجع أية عبارة من العبارات التي حملها لذاكرته، وقبل أن يردف كلمته الثانية بأي كلمة ثالثة لشد أزر أختيها باغته الأستاذ قائلا بهدوء غريب كقاض يلقي بقلب بارد حكماً بالإعدام علي متهم: «مخصوم منك يومين« بعدها علي الفور رأي رأس الأستاذ سيد يستدير مع كرسيه الدوار جهة اليسار مبتعداً بنظره عنه. تسمر واقفاً في مكانه أمامه محاولاً استعادة رباطة جأشه للمرة الأخيرة ومصراً هذه المرة أيضا علي إلقاء مرافعته وطرح دفاعه. تنبه الأستاذ لاستمرار وجوده في الحجرة فاستدار بوجهه إليه وهو لا يزال ممسكاً بسماعة التليفون وفي عينيه نظرة متسائلة عما يريد، أما هو فلم يتصور أن الموقف يمكن أن ينتهي بهذه السرعة فلم يتحرك خطوة واحدة، عندها تصاعدت النظرة الشاخصة إليه في عين المدير محملةً ببريق كالشرر وهي تكاد تنطق بسؤالها الاستنكاري: »واقف مستني إيه؟.. ما تتفضل تروح علي مكتبك« تنبه إلي ما حاول أن يتجاهله وهو أنه دخل علي المدير أثناء انشغاله بمكالمة تليفونية لم يعد الموقف يحتمل المزيد. توقف عقله عن التفكير فاستدار خارجاً وقد هبط حماسه لكل شيء لنقطة الصفر، وبينما هو يغلق باب الحجرة وراءه وصله صوت المدير مجلجلاً من الداخل كأنه صوت شخص آخر ويقول في مرح لمحدثه علي التليفون: »أيوه يا سيدي.. احنا بقي كنا بنقول إيه؟«


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.