ما زالت جمرة الخلود متقدة، تشتعل في سجن المربع بأسواره الركينة، تعلن في حواشيها عن حرية إنسانية عابرة للأزمنة، هكذا تبصرنا مربعات ابن عروس كأنها تمسك حدود حكمة الكون الشاعر المصري العبقري الذي يعد أول شاعر فرد في حدود علمنا تبنت أشعاره الجماعة، ملقية باسمه في سراديب النسيان لتتذكر حكمته / حكمتها، فمن يستطيع مثله أن يصل إلي وجد المصريين ووجدانهم ليعجنه بظلال أفراحهم وأحزانهم وقواهرهم التي سقاها بماء النيل الصافي، وزينها بقيمهم وعاداتهم لتتنزل كدرر تتقطر بالحكمة التي تصيد عذابات النفس البشرية وتتوجها بالفكاك إلي الحرية؛ حرية الإنسان في مواجهة القهر والظلم والفقر، يا لها من سبيكة صهرت علي مهل وتحت وهج العمق الإنساني الطامح دوما إلي اقتناص الحق والحقيقة، معا نمسك بجمرتيهما اللتين تنفذان إلي قلوبنا وأرواحنا كأنهما نشيد السحر الأبدي، وكلما بحثنا عن حكمته أطلت متجددة في مربعاته التي نقدم بعضها من خلال مخطوط نحققه للقارئ هنا للمرة الأولي، حيث لا تنقطع فيوضات الشاعر الشعبي ابن عروس سواء فيما يتناقله الرواة من حفظة مأثورنا الشعبي، أو فيما تكتنزه بعض المخطوطات التي حفظت لنا بعض هذا الإرث الثمين لتمنحنا بعض هذا الكنز من مربعات كانت خافية علينا، وها نحن ندونها لنقف علي إحدي دررنا المصرية، وكلما اكتشفنا جانبا من إبداعات ابن عروس، وشذرة من سيرته يزيد الغموض وتزداد محبتنا لإبداع العبقرية المصرية ونصوصها لنواصل البحث من جديد، وكنا قد نشرنا عشرين مربعا من مربعاته، وها نحن نواصل التعرف علي مربعاته، ولسوف نواصل نشر مربعات أخري في أعدادنا القادمة. (21) المال غادي ورايح ومصيره للزوالي اصحي تكتَّر فضايح تروح في بحر هالي (22) إن حرس الريح يندار بحق من له الإراده الفرح والحزن خطَّار مادام لاده ولاده (23) أصبحت كاني خويط أو شعر تحت البويط وانظر بعيني الغبيط وأقول الحويط الحويط (24) الخلق في الله تاهوا والناس قلت حياها ولا أتعبك غير بطنك وليه مدلي حداها (25) حمار العنب إيش أغواه شايل ثقيل الاراطل غيره ملذذ بحلواه وشايل الحمل عاطل (26) إلا والجميل زرعناه غدا في بحور التهاوي والمبتلي حين يبراه ينسي جميل المداوي (27) واللي نسي عهد مولاه وقضي المعيشه تلاهي الموت مافيه منجاه والقبر فيه الدواهي (28) تستاهل الكي بالنار ياللي ترافق الخسايس لا شيء يفيدك سوي العار منهم ودس المجالس (29) الندل له طعم مالح وله خصايل ذميمه القرب منه فضايح والبعد عنه غنيمه (30) والله ما هي بسعيك ولا بكتر الخطاوي إلا إن كان سعدك في كل لحوال قاوي (31) يتحمل الذل من كان في عشرة الناس طالب الذل للحر تقصان والندل تلقاه راغب (32) مسكين من كان غافل عن حال من له يعادي يتعقبوه في المحافل بالسوء في كل بادي (33) إن صادفك سعد ليام وانت علي الفتح ديمه اضرب عصاتك لقدام عوجه تيجي مستقيمه (34) اصحي تغرك وترخيك في بحر ماله سواحل تندم ولاشيء يجيك وتصير في الناس غافل (35) غرت بنا غرها البين واهل العقول استراحوا ياما فتنت من سلاطين ضحكت عليهم وراحوا (36) دنياك ما فيها مغنم مرجوعها له لاشي شبه الذي بات يحلم طلع النهار ما لقاشي (37) لوكنت خايف من الله ولا من القبر والهول ما كنت تغتر بالجاه والظلم والجور والصول (38) حسك تواري مراره للي مراده يعاديك واحمل ردي المراره منه لما يصافيك (39) مسكين ياللي عليك دين في يوم تشيب النواصي وين الهروب يافتي وين في يوم أخذ القصاصي (40) يا للي عليك دين وفيه في حال حياتك وبادر حسك تموت وتخليه وانت علي الدفع قادر (41) وان رأيت عريان في الناس لا تسألوش عن عزاله سطح وقول حسك تقول حاس تقوم حواسه وماله (42) ومشيك مع غير ندك بيوت المحبه غوارق امشي مع اللي يودك واترك هوا اللي يفارق (43) دايما علي الحمل صبَّار اللي أصوله زكيه يخشي من اللوم والعار ومن انكشاف الغطيه (44) أترك من الناس من كان في باطنه لك سوادي صدُّه وخليك منصان عنه ولو كان يعادي (45) وان كنت تسمع نصيحه خليك منها بلا لم بتوفقك في الفضيحه وتحملك ساير الهم (46) الحر يصبر علي الضيق ولا يفرحشي لعادي لو ينشف الفم م الريق يتم ع الحال هادي (47) يا للي تظن إنك متروك من الحساب يوم المحشر إزاي ما ينسوك وانت معاهم في دفتر (48) والله ما في زمانك صديق يكون لك مساعد وان كان يثبت كلامك كذب يميني بواحد (49) يا مسرع السير وفيه وامشي خطاوي خطاوي رزقك من الله يأتيك لوكنت في بحر داوي (50) إن كان في اللوح مكتوب النفس تبلغ مناها لا ازمزم الشام وأتوب من بير زمزم دماها