إذا كانت الفنانة سماح إمام قد دعت في لوحاتها التي قدمتها عن أطفال مستشفي السرطان إلي التمسك بالأمل، فإن الفنان طارق الشيخ أيضا قدم من خلال أعماله محاولات الإنسان البسيط العادي للتمسك بالمستقبل والاستمرار في التمرد علي الأطر والقيود . وقد قدم الفنان طارق الشيخ مجموعة من أحدث لوحاته التي جاءت راصدة لمحاولات الإنسان الدءوبة لنيل حريته، وفي مبحثه هذا يكافح ويصارع ويعاني.. وذلك في معرض »المواطن عادي« الذي استضافته قاعة الباب بمتحف الفن المصري الحديث في أواخر شهر ديسمبر الماضي. سألته لماذا المواطن ولماذا هو عادي .. فابتسم وأخبرني: المواطن هو رمز الإنسان البسيط العادي الذي قد نظلمه كثيرا .. المواطن هو أنا .. هو أنت .. هو نحن جميعا .. أما عادي فتحمل أكثر من معني .. ربما تعني أنه من العادي أن نظلمه ..أو ربما يقال المواطن العادي دليل علي عدم وعيه بكثير من القضايا.. أو ربما عادي أن يكون "المواطن " هو موضوع معرضي وهو أمر لا يدعو للاستغراب .. لذا فالموضوع مفتوح ومتروك لتفسير كل شخص حسب رؤيته. اعتمد الشيخ في لوحاته علي بساطة التكوين وتلخيص العناصر التشكيلية مهتماً بإبراز روحها المفعمة بديناميكية حركية ودلالات وإشارات جسدية غاية في العمق وتؤكد انصهار الفنان الكامل مع موضوعه. وقد استخدم الفنان شخصية شبيهة بالمهرج بأنفه الطويل وطرطوره، وهي تلك الشخصية التي رافقته زمنا طويلا منذ دراسته بالكلية ووظفها في كثير من معارضه .. يقول الفنان: هو ليس أراجوزا أو مهرجا.. فلو نزعنا طرطوره لأصبح شخصا عاديا .. فربما يكمن الخطأ في نظرتنا للأمور حيث ننظر لإنسان علي أنه شخصية ضعيفة أو مهرجة وهو في حقيقته عكس ذلك ولذا علينا أن نتروي قبل الحكم علي الأمور من الظاهر .. تحتاج كثير من اللوحات إلي التأمل فربما يبدو البطل أحيانا مكبلا بالشرائط، أو ربما يبدو مسجونا وراء قضبان.. إلا أن الفنان يري أن هذه الأعمال ، علي العكس، تحمل نوعا من الأمل فقد تعني محاولة الخروج من الإطار رغبة الإنسان في الانطلاق لواقع مختلف وجديد والتمرد علي القيود. وقد تكررت تلك الحالة في عدة لوحات.. ففي إحدي اللوحات يمسك البطل بقطعة تبدو كشريط طويل يشبه الشريط الراقص الذي يمسك به لاعب الأكروبات في عرضه، وينتقل من خلاله إلي عالم سحري، أما بالنسبة لي فكان أشبه بعلامة استفهام. وظف طارق السلك في كثير من أعماله بطرق مبتكرة حيث ساعده في خلق عوالم موازية وطبقات يخرج منها بطله ويدخل إلي عوالم متجاورة .. فهو أحيانا نافذة يطل منها البطل علي العالم الخارجي ، وأحيانا هو جناح أو يد أو غير ذلك. يقول الفنان استخدمت السلك لأن المربعات الصغيرة تبدو قريبة من الأبيض لتمتزج مع الرسم ، كما أن السلك يمنحني بعدا ثالثا .. واستخدامه ليس جديدا علي .. لكني أوظفه بصورة مختلفة في كل مرة .. وأنا مهتم باستخدام مختلف الخامات التي قد تمنحني إحساسا قريبا من الرسم مثل خيوط السلك المعدني الرفيع وخيوط الكتان وغيرها . المعرض مقسم لعدة أقسام، ففي المجموعة الأخيرة استخدم الفنان الحبر والألوان المائية والكولاج في مساحات صغيرة، وكانت أميل إلي التجريد .. ويري الفنان أن تلك المساحات الصغيرة تمنحه حرية أكبر في العمل ولا تتطلب مجهودا كبيرا منه .. أما عن توظيفه للكولاج فهو يري أن الكولاج يعبر عن تلك الشوشرة التي قد تحدث داخلنا جميعا .. أما استخدام اللون الأسود في الخلفية فيضيف احساسا بالدراما.. طارق الشيخ حاصل علي بكالوريوس تربية فنية عام 1993، ودبلوم في الخط العربي، وقد فاز بالجائزة الثالثة في الرسم في صالون الشباب الثاني عشر عام 2000، وجائزة الصالون بالدورة الثالثة عشرة 2001، كما حصل علي جائزة في بينالي الإكوادور الثالث للفنون المتوارثة أكتوبر 2010 .