تناولت روايتك "الطلياني" حقبة تاريخية شهدتها تونس كنت ترصد العنف وتدين القهر.. إلي أي حد جسدت روايتك تلك الفترة الزمنية؟ - إذا كان المقصود بتجسيد تلك الفترة هو تقديم الواقع التونسي بكل تعقيداته فهو مطلب بعيد المنال ولم يكن في جميع الحالات من مقاصدي وأنا اكتب الطلياني، وفي كل الحالات رأي القراء فيها بعض ما ميز تلك الفترة. قدمت منجزا فكريا ونقديا كبيرا.. لكنك توجهت إلي الكتابة الإبداعية.. ما الذي افتقدته في الكتابة الفكرية؟ - لا يوجد تضارب بين الابداع الأدبي والكتابة أو ما أسميته الكتابة الفكرية فلكل جنس من أجناس القول مقاصد تناط به وضرب من الحيرة يسعي إلي أن يقولها الكاتب، ويبحث لها عن حلول. أما بلغة المفاهيم وإما بلغة التخييل، لذلك هي حركة يري الناس فيها انتقالا أري فيها استرسالا. مرت تونس بلحظات انكسار وارتداد ولحظات تغيير.. هل للإبداع العربي دور في تحقيق ذلك؟ - ليس مطلوبا من المبدع أن يكون له دور في التغيير الاجتماعي، وحتي إذا أراد المبدع ذلك فلا يعني أنه سيساهم في التغيير هذا لا يعني أن الإبداع الأدبي تحليق سموات ميتافيزيقي بل هو مندرج في الواقع نفسه ليتفاعل مع مختلف مكوناته سلبا وايجابا، ولكن الثابت أن هذا الإبداع هو الذي يستخلص- إذا كان قويا صادقا متطورا فنيا- روح المجتمعات سواء في لحظات التحول أو في الفترات العادية. قامت ثورات الربيع العربي بحثاً عن الحرية.. كيف تنظر لهذا الهدف الآن؟ - ليس للحريات حدود لأنها مسارات نحمد الله أن المنظومة الحقوقية الكونية استطاعت أن تصوغها قانونيا وهي بدورها قابلة لمزيد من التطوير، لكننا مازلنا في عالمنا العربي في مرحلة ما قبل هذه المنظومة الدولية، فنجد مثقفين هنا وهناك يمكن أن يحاكموا لأسباب تبدو مضحكة لغيرنا في غير عالمنا العربي. أما حقوق المواطن العادي وحرياته فحدثي عن البحر ولا حرج. من وجهة نظرك، كيف تتحقق حرية المرأة التونسية بالرغم من كثرة التشريعات والقوانين ليكون لها دور فاعل في المجتمع التونسي؟ - للمرأة التونسية فعلاً دور فاعل في مختلف المجالات لأن الله قيض لتونس مصلحا فهم ما ينبغي أن تكون عين المرأة التونسية والمرأة العربية حتي تكون مشاركة في المجتمع فعلياً وأقصد الزعيم الحبيب بورقيبة لذلك فترسانة التشريعات التي أوجدها رغم تحفظات وأحيانا معارضة التقليديين ممن يزعمون حراسة المعني المقدس معولين علي فهم تاريخيا للشريعة دون استيعاب لمقاصد الحرية. ولكن لا يمكن الحديث عن حرية المرأة في منظومة قانونية مهما يكن تطورها، لأن الحرية مشروع متعدد الوجوه والأبعاد ومسار معقد طويل لا يتوقف مادامت طموحات الإنسان وتطور المعرفة وتقدم العلم وتغير النظرة إلي الكرامة البشرية مما لا حد له، لذلك لا تنفصل حرية المرأة عن البنية الذهنية للمجتمع وتمثلات الأفراد لنفسهم ولبعضهم البعض، فلا إمكان لحديث عن حرية المرأة يستمد مشروعيته من هيمنة وتسلط ذكوريين لا تزيدها القراءات التاريخية للأديان والتقاليد والأعراف إلا تثبيتا. فإن حرية الفرد مهما كان جنسه واحدة.