ذاكرة الزمان المصرى 25أبريل….. الذكرى 42 لتحرير سيناء.    الآلاف من أطباء الأسنان يُدلون بأصواتهم لاختيار النقيب العام وأعضاء المجلس    وفد جامعة المنصورة الجديدة يزور جامعة نوتنجهام ترنت بالمملكة المتحدة لتبادل الخبرات    التربية للطفولة المبكرة أسيوط تنظم مؤتمرها الدولي الخامس عن "الموهبة والإبداع والذكاء الأصطناعي"    أسعار الذهب فى مصر اليوم الجمعة 26 أبريل 2024    بالصور.. إحلال وتجديد 3 كبارى بالبحيرة بتكلفة 11 مليون جنيه    وزير التنمية المحلية يعلن بدء تطبيق المواعيد الصيفية لفتح وغلق المحال العامة    خبراء الضرائب: غموض موقف ضريبة الأرباح الرأسمالية يهدد بخسائر فادحة للبورصة    وزيرة البيئة تعقد لقاءا ثنائيا مع وزيرة الدولة الألمانية للمناخ    النواب يرسل تهنئة رئيس الجمهورية بذكرى تحرير سيناء    عاجل| مصدر أمني: استمرار الاتصالات مع الجانب الإسرائيلي للوصول لصيغة اتفاق هدنة في غزة    وزير الخارجية الروسي يبحث هاتفيا مع نظيره البحريني الصراع الفلسطيني الإسرائيلي والتصعيد بالبحر الأحمر    الدماطي يطمئن على ترتيبات افتتاح بطولة إفريقيا للكرة الطائرة سيدات    مصطفى عسل يتأهل لنهائي بطولة الجونة للإسكواش ويستعد لمواجهة حامل اللقب "على فرج"| فيديو    تحطم سيارتين انهارت عليهما شرفة عقار في الإبراهيمية بالإسكندرية    والدة الشاب المعاق ذهنيا تتظلم بعد إخلاء سبيل المتهم    «الصحة»: فحص 434 ألف طفل حديث الولادة ضمن مبادرة الكشف المبكر عن الأمراض الوراثية    مزارع يقتل آخر في أسيوط بسبب خلافات الجيرة    "الدفاع الروسية": "مستشارون أجانب" يشاركون مباشرة في التحضير لعمليات تخريب أوكرانية في بلادنا    مياه الشرقية تنفذ أنشطة ثقافية وتوعوية لطلبة مدارس أبو كبير    «التعليم» تستعرض خطة مواجهة الكثافات الطلابية على مدار 10 سنوات    سكاي: سن محمد صلاح قد يكون عائقًا أمام انتقاله للدوري السعودي    وزارة الأوقاف تحدد موضوع خطبة الجمعة 3 مايو    حصاد الزراعة.. البدء الفوري في تنفيذ أنشطة مشروع التحول المستدام لإنتاج المحاصيل    الناتو يخلق تهديدات إضافية.. الدفاع الروسية تحذر من "عواقب كارثية" لمحطة زابوريجيا النووية    25 مليون جنيه.. الداخلية توجه ضربة جديدة لتجار الدولار    «مسجل خطر» أطلق النار عليهما.. نقيب المحامين ينعى شهيدا المحاماة بأسيوط (تفاصيل)    محامية حليمة بولند تكشف كواليس حبسها    إيرادات الخميس.. شباك التذاكر يحقق 3 ملايين و349 ألف جنيه    فعاليات وأنشطة ثقافية وفنية متنوعة بقصور الثقافة بشمال سيناء    خطيب الأوقاف: الله تعالى خص أمتنا بأكمل الشرائع وأقوم المناهج    مدينة أوروبية تستعد لحظر الآيس كريم والبيتزا بعد منتصف الليل (تعرف على السبب)    قافلة جامعة المنيا الخدمية توقع الكشف الطبي على 680 حالة بالناصرية    طريقة عمل ورق العنب باللحم، سهلة وبسيطة وغير مكلفة    استمرار فعاليات البطولة العربية العسكرية للفروسية بالعاصمة الإدارية    مواقيت الصلاة بعد تطبيق التوقيت الصيفي 2024.. في القاهرة والمحافظات    خير يوم طلعت عليه الشمس.. 5 آداب وأحكام شرعية عن يوم الجمعة يجب أن تعرفها    نجاح مستشفى التأمين ببني سويف في تركيب مسمار تليسكوبى لطفل مصاب بالعظام الزجاجية    سميرة أحمد ضيفة إيمان أبوطالب في «بالخط العريض» الليلة    موعد اجتماع البنك المركزي المقبل.. 23 مايو    أمن القاهرة يكشف غموض بلاغات سرقة ويضبط الجناة | صور    دعاء صباح يوم الجمعة.. أدعية مستحبة لفك الكرب وتفريج الهموم    تأجيل الانتخابات البلدية في لبنان حتى 2025    تشافي يطالب لابورتا بضم نجم بايرن ميونخ    اتحاد جدة يعلن تفاصيل إصابة بنزيما وكانتي    عرض افلام "ثالثهما" وباب البحر" و' البر المزيون" بنادي سينما اوبرا الاسكندرية    كارثة كبيرة.. نجم الزمالك السابق يعلق على قضية خالد بو طيب    الشركة المالكة ل«تيك توك» ترغب في إغلاق التطبيق بأمريكا.. ما القصة؟    طرق بسيطة للاحتفال بيوم شم النسيم 2024.. «استمتعي مع أسرتك»    مساعدو ترامب يناقشون معاقبة الدول التي تتخلى عن الدولار    رمضان صبحي: نفتقد عبد الله السعيد في بيراميدز..وأتمنى له التوفيق مع الزمالك    منها «عدم الإفراط في الكافيين».. 3 نصائح لتقليل تأثير التوقيت الصيفي على صحتك    توقعات الأبراج اليوم الجمعة 26 أبريل 2024.. «الحوت» يحصل علي مكافأة وأخبار جيدة ل«الجدي»    فضل أدعية الرزق: رحلة الاعتماد على الله وتحقيق السعادة المادية والروحية    أدعية السفر: مفتاح الراحة والسلامة في رحلتك    منة تيسير : "العتاولة" نقلة كبيرة في مشواري الفني    سلمى أبوضيف: «أعلى نسبة مشاهدة» نقطة تحول بالنسبة لي (فيديو)    أطفال غزة يشاركون تامر حسني الغناء خلال احتفالية مجلس القبائل والعائلات المصرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ناهد صلاح تفتح خزائن أسرار ميشيل شلهوب
عمر الشريف: أمي علمتني القمار.. ورفضت التصوير في إسرائيل
نشر في أخبار الأدب يوم 10 - 10 - 2015

ثلاثة أشهر مرت علي رحيل لورنس العرب. ميشيل شلهوب الاسم الذي اختارته العائلة، وعمر الشريف الاسم الآخر الذي قاده من المجاز إلي واقع منحه فرص القفز من علي الأسوار. كما تقول الناقدة السينمائية ناهد صلاح في كتابها "عمر الشريف.. بطل أيامنا الحلوة"، الذي جاء في سبعة فصول تبرز فيها مواقف عدة في حياته، وتحوّله من مرحلة إلي أخري.
تحاول ناهد أن تغير من الصورة النمطية لعمر؛ الرومانسي الذي تسعي وراءه النساء ويسعي وراءهن، إذ تعمقت في حياته، وأبحرت في عوالمه الأسطورية، لتعرفنا بتفاصيل غامضة في شخصيته، وفي أسرار عائلته، وقصة حبه وزواجه وطلاقه من فاتن حمامة، وهجرته وغربته، وعلاقته بالقمار والنساء.
كما تكشف لنا طبيعة علاقته باليهود، طارحة السؤال الأهم: هل كان عمر الشريف "الشرقي" عميلاً ل "الغرب" أم كان فناناً كبيراً رفع اسم مصر في السينما العالمية ومحافلها؟.. فقدم نحو 117 عملاً، تنوعت فيها أدواره بين الرجل الهادئ والغامض وساحر النساء والساخر. كلها صنعت له توهجه الخاص.
نقتبس هنا الكثير مما جاء في كتاب ناهد صلاح؛ ما حكاه لها عمر، وما جمعته عنه.
في العاشر من ابريل عام 1932، كانت الإسكندرية تحتفي بميلاد ميشيل شلهوب، الذي شاء القدر أن يكون عام مولده هو نفس العام الذي نطقت فيه السينما المصرية بفيلم (أولاد الذوات) ليوسف وهبي وأمينة رزق. يقول الشريف ل ناهد: "لو ما كنتش أتولدت في إسكندرية كنت هخسر حاجات كتير". فقد ساهمت المدينة في تشكيله، ومنحته روحها وتعددها، فحمل ملامحها وتناقضاتها وإيقاعها الذي يشرق ويغرب حسب ارتفاع أو هبوط الأمواج.
تكونت شخصية ميشيل في أسرة ارستقراطية لها أصول لبنانية، وفي أقوال أخري سورية، مسيحية الديانة، كاثوليكية المذهب، مشدودة بين وترين متنافرين؛ أب حازم يعمل تاجراً للأخشاب، وأم متحررة تعشق الحياة ومنشغلة بالمظاهر الطبقية. وكان ميشيل يميل إلي والدته.. يتطلع إليها في شيء من الرهبة والحب، يقول عنها في حوار مع الكاتبة الفرنسية ماري تريز جوينشار: "كانت أنيقة، ظريفة، مثيرة للاهتمام، أيضا كانت مغرية وتعرف كيف تستعمل هذا الإغراء، وتعرف كيف تختار الكلمة الصحيحة لكي تسيطر علي نفسها".
علاقته بأمه هي التي حددت موقفه من الحياة وصنعت صورة الإنسان بداخله. أما والده فكان صوت عقله، كان بوصلته التي يلجأ إليها حين يشعر بالتوهان أو اهتزاز الأرض تحت قدميه. وكانت أمه تتولي الكثير من مسئوليته؛ شكله وأناقته، الأمر الذي دفعها إلي الابتعاد عنه حين زاد وزن ميشيل، فألحقته بمدرسة فيكتوريا كوليدج، أشهر مدرسة انجليزية في مصر، التي تملك نظاماً قاسياً تركت في نفسه وتكوينه أثرا بالغا، يقول الشريف: "أنا يوم ما تولدت قررت أمي، إني راح أكون راجل مشهور في العالم كله.. وراح أبقي أحلي واحد في العالم".
علي مسرح فيكتوريا كوليدج، تعلم ميشيل التمثيل، وقدم عددا من التجارب والمسرحيات العالمية، لم يكن يتجاوز حينها الثانية عشرة، ووقع في هوي الفن، الذي وجده طريقة من طرق إثبات الوجود. وسرعان ما انقلبت حياة ميشيل؛ رفض الانتظام في المدرسة، وأعد نفسه لمعركة مع أمه التي تري الفن عيباً، فحرضت الأب علي اصطحابه للعمل معه في التجارة، ليكن من صفوة المجتمع، فهدد أمه بالانتحار، وعندما وجده والده حائرا وحزينا، قال له: فكر في مستقبلك وحدد طريقك بنفسك، فالإنسان يعيش الحياة مرة واحدة".
تحت هذا الضغط نجح ميشيل أن يحصل علي موافقتهم بالتمثيل، فقرر أن يتعلم في انجلترا، وقبل السفر بعشرة أيام، التقي بصديق عمره الفنان أحمد رمزي في مقهي جروبي بوسط البلد، حيث كان الثاني علي موعد مع المخرج يوسف شاهين الذي جاء ليفاتحه في أمر التمثيل واختياره بطلاً لأحد أفلامه. وحين حضر شاهين راح يحدق في ميشيل، وأخبره أنه يمتلك وجهاً سيأسر الجمهور، وعرض عليه بطولة فيلمه، الأمر الذي خيب أمل رمزي، أما ميشيل فلم تسعه الدنيا وأجل خطط السفر بروح الشخص المقامر الذي يعرف قوانين اللعب ومخاطره، فقد أحس أن القدر يصالحه بعد أن أخفق في أول قصة حب.
كانت تجربة استمرت ست سنوات، يحكي عنها قائلا: "اسمها يان لي مور، أحببتها ذلك الحب (العيالي) الذي بدأ في الصيف ثم تطور إلي حب". أصيب والده حينذاك بانهيار عصبي لأن ابنه المسيحي الكاثوليكي يريد الزواج من فتاة مسيحية بروتستانتية، وأصر علي أن يتركها ميشيل، ولم يكن يتوقع أن ابنه سيفاجئه بما هو أكثر.
فاتن حمامة
استعد ميشيل لبطولته الأولي، حيث نجح شاهين في إقناع المنتج جبرائيل تلحمي بمنحه دور البطولة في فيلم صراع في الوادي أمام الفنانة فاتن حمامة، التي ضحكت بعلو صوتها حين عرفت اسم الوجه الجديد: "ميشيل إيه.. هو أجنبي؟"، فأجاب شاهين: "لأ مصري.. وأنا سميته عمر الشريف خلاص". وبدأت حياة جديدة لكلا الطرفين، وأمام الوجه الجديد وافقت فاتن أن يتم تقبيلها لأول مرة، ما أثار الشكوك حولها، وعاشت صراعاً عنيفاً أثناء تصوير الفيلم، وهو ما أحس به شاهين الذي كتم حبها. يقول عمر الشريف: "خلال يوم واحد أصبحت الرجل المدنس الذي أهان مثلهم الأعلي". وانطلقت الشائعات، وانزعج الجمهور، خصوصاً أن فاتن كانت متزوجة حينها من المخرج عز الدين ذو الفقار، ولها طفلة اسمها نادية. تبدلت الأدوار؛ فخرج ذو الفقار من حياة فاتن، وتزوجها عمر في فبراير 1955، بعد أن أشهر إسلامه كشرط للزواج، الذي كان سبباً كافياً لأن تقاطعه عائلته. عاش هو وفاتن ونادية حياة ممتلئة بالبهجة والنجاحات. لكن الألسنة لم تسكت، فتقول ناهد صلاح: "كان يروق للكثيرين معايرة عمر الشريف أو بتوصيف أقل وطأة يذكرونه بأنه لولا فاتن حمامة ما قامت له قائمة، ناكرين طموحه السابق ومحاولته لدراسة التمثيل خارج مصر".
جاءت خطوة عمر الشريف الثانية مع يوسف شاهين أيضا في فيلم (شيطان الصحراء)، لكن مع بطلة أخري، وهي مريم فخر الدين. أما خطوته الثالثة فقد حققها في العام التالي 1955 في فيلم (أيامنا الحلوة)، الذي كانت فرصة لتوطيد علاقته بصديقه أحمد رمزي، وفيه اشتعل حبه لفاتن حمامة. وعن هذه التجربة قال: "كنت مازلت أحبو علي طريق الفن ولم أكن امتلكت وعيا كافيا للاختيار، ومع ذلك ففيلم أيامنا الحلوة يمثل حالة خاصة بالنسبة لي، حالة أحبها جدا".
ثم دخل عمر صراعا آخر صنع قفزة جديدة في مساره كممثل بعد أن اختاره يوسف شاهين للمرة الثالثة ليكون بطل (صراع في الميناء) 1956 مع فاتن ورمزي، والذي دارت بعض أحداثه في الإسكندرية، فكانت الفرصة لمصالحة أهله، حيث نجح في استمالتهم، وعاش هو وفاتن في بيت والده بعد أن أنجب طفله طارق. توالت الأعمال بعد ذلك، فكان فيلمه الرابع مع زوجته (لا أنام- 1957) للمخرج صلاح أبو سيف وكان بالنسبة له دورا عابرا.تعددت أفلامه مع زوجته فقدما معا ستة أفلام، من بينها (لا أنام 1957) و(سيدة القصر - 1958) و (نهر الحب 1960)، يقول: " حققت هذه الأفلام نجاحا كبيرا.. وما المدهش في ذلك، إنها نجمة منذ كان عمرها خمس سنوات، لكن هل أقول سرا يضايقني كثيرا، إنها غطت علي .. سرقت الأضواء مني.. كنت أشعر أنها بمثابة رئيستي. فاتن كانت رائعة، جمالها جمال شرقي، لكن عقلها كان أكثر إغراء من جسدها، ذكاء فاتن يأتي من قلبها".
وحاول عمر أن يطور مساره التمثيلي خصوصا في أدوار لها طابع إنساني، مثل دوره في (لوعة الحب 1960) لصلاح أبو سيف، ودوره في (بداية ونهاية 1960) عن رواية نجيب محفوظ، ثم دوره الطريف في الفيلم الكوميدي (إشاعة حب 1960) لفطين عبد الوهاب، وفيلم في» بيتنا رجل - 1961« لبركات. لكنه كان بحاجة إلي استرداد معنوياته ويتحرر من العقدة التي تملكت منه. وهو ما حدث حين اتصل به المخرج البريطاني الشهير ديفيد لين ليبلغه بترشيحه لفيلم (لورانس العرب)، فشعر أن السينما العالمية تدق بابه.
إلي العالمية
قبل هذه الفرصة، كان عمر قد سافر إلي باريس عام 1957، والتقي الشاعر والمسرحي اللبناني جورج شحادة، الذي أعطاه دوراً في الفيلم الذي ألفه، وهو (جحا البسيط) للمخرج جاك باراتييه. وتعرف جمهور السينما في أوروبا علي عمر حين عرض الفيلم في مهرجان كان. لكن الغواية ظلت تطارده حتي حصل علي البطولة في (لورانس العرب) مع بيتر أوتول. استغرق تصويره حوالي عامين بين الأردن وسوريا. ووصلت ميزانيته إلي أربعة عشر مليون دولار، أكبر إنتاج سينمائي شهدته الستينيات.
بالتدريج بدأ عمر يعيش في أوروبا وأمريكا بسبب ارتباطاته بمواعيد تصوير أفلامه، بينما كان يملأ الخوف قلب فاتن من أن تفتقده، فكانت تسافر له تارة بدافع الغيرة، وتارة بدافع الحب، فكان محاطا بكوكبة من "البنات الحلوين" كما وصف، وخشي خيانتها، وأثناء تصويره لفيلم (دكتور زيفاجو) اتفق مع فاتن علي الطلاق، الذي تم في هدوء لا يعبر عن عاصفة الحب التي كانت بينهما بعد زواج دام عشر سنوات.
عن هذه الفترة تقول ناهد صلاح، بينما كان عمر الشريف علي أعتاب صعوده للعالمية سأل نفسه:
هل كنت سعيداَ؟
لقد كنت قانعا.
تفرغ عمر تماماً لشاشات الغرب، وحصل علي مزيد من الأدوار والأضواء، وقام ببطولة العديد من الأفلام الفرنسية أمام كاترين دينوف وجان بول بولموندو في فيلم (مايرلينج). ووقف أمام الايطالية صوفيا لورين في فيلم (سقوط الإمبراطورية الرومانية). وأمام إنجريد بيرجمان في فيلم (الرولز رويس الصفراء). ومرة أخري مع بيتر أوتول في فيلم (ليلة الجنرالات). كما قام بدور تشي جيفارا في الفيلم الذي حمل اسمه للمخرج ريشار فليشر، لكن هذا الفيلم واجه عاصفة نقدية لأنه تسبب في تشويه صورة جيفارا وتوصيفه بأنه شخص فاشل ومريض بالربو ومثير للسخرية أحيانا، حتي إن عمر أعلن عن ندمه عليه فيما بعد، وقال إنه لم يفتخر سوي بعدد قليل من أفلامه الأجنبية، فلم يكن لديه وعي أو رفاهية الاختيار بسبب عقد الاحتكار غير المدروس الذي وقعه مع شركة كولومبيا لمدة سبع سنوات.
اتهامه بالخيانة والتطبيع
أما فيلم (فتاة مرحة) الذي شاركته بطولته الفنانة اليهودية (بربارا سترايسند)، فكان البداية لاتهامه بالتطبيع والخيانة والعمالة، إذ تلقي هجوماً عنيفاً بعدما انتشر في القاهرة مشهد غرامي يجمع الاثنين في قبلة، إلي حد المطالبة بإسقاط الجنسية عنه، لأن النقاد والكتاب والشعب اعتقدوا أنه باع وطنه بعد نكسة 1967.
وانطفأ نجم عمر الشريف بعد النكسة. الأمر الذي أجبره علي المشاركة في أفلام ضعيفة المستوي وصلت لحوالي 40 فيلما، وذلك لسد احتياجه المادي بالرغم من أنها جرحت رضاه الفني. وسرعان ما عاد عمر الشريف مطلوبا، فشارك في أفلام (السطو) و (رصاصة بالتيمور) و(مرارة الحب) و (الحصان الأبيض) و (الخريف) و (الموعد).
ليأتي دوره في فيلم (أشانتي)، ليقلب عليه العالم العربي كله، فتمت مقاطعة أفلامه بتهمة التعاون مع الصهاينة، لأنه كان من المقرر أن يتم تصوير الفيلم في صحراء النقب بفلسطين المحتلة، كما أنه شارك فيه بعض الممثلين الاسرائيليين. والحقيقة التي يتجاهلها كثيرون أنه عرض علي عمر دور رئيسي في هذا الفيلم ثم سُحب منه؛ "قلت للمنتج: لن أذهب إلي إسرائيل.. وليست لدي رغبة في أن أصور في إسرائيل". فأعطاه المنتج دوراً صغيراً خضوعاً لشروط العقد.
لم يكن سوي البريدج وسيلته للهروب من كل هذه الاتهامات، والوحدة التي عاشها. منها حصد الملايين، فلم يكن يمتلك شيئا سوي ملابسه، وأدمن لعب القمار، وفي حديث مع راديو bbc عام 1978 قال: "لا اعتقد أنه يمكنني الحياة بدون مجموعة من الأوراق في يدي". وكان مدينا في ذلك لأمه التي علمته القمار، فحكي أن عينيه تفتحتا ليجدها كل ليلة تلعب الورق أمامه بشغف، وهو السر المعلن في حياته والذي باح به كثيرا. ودخل في مغامرات عاطفية كثيرة، لكنه كان بارعا في إنهائها، مثل علاقته بالفنانة أنوك إيميه، التي شاركته في فيلم (الموعد)، وكانت تمثل له أكثر النساء غرابة، فتزوجها، لكن حاجاته في الاستقلال انتصرت في النهاية، وانفصل عنها، يقول: "لم أحب أي امرأة عرفتها بدليل أنني لم أتعذب في هواها".
كان عمر يتابع الأحداث في مصر، ويعلن عن رأيه فيها بصراحة، فكان المعروف أنه لم يحب جمال عبد الناصر، رغم تأييده لثورة يوليو 1952، أما السادات فقد أحبه خصوصا بعد حرب أكتوبر 1973، وكان عمر الشريف من ضمن المؤيدين لمعاهدة السلام 1979، التي شارك فيها دون علم أحد، حيث كلفه السادات بمهمة "جس نبض" رئيس الوزراء الإسرائيلي مناحم بيجن، لمعرفة مدي استعدادهم لاستقباله في القدس، يقول: "حاول أن يستغل نجوميتي.. وكنت سعيدا بهذا الطلب". فقد انتهز الشريف أي فرصة تنفي الاتهامات التي لصقت به بأنه صهيوني.
في عام 1984، عاد عمر الشريف إلي مصر واجدا نفسه وحيدا، بلا أصدقاء أو أموال أو صحة. وعاود التمثيل في السينما المصرية، فقدم (أيوب 1984) و(الاراجوز 1989) و(المواطن مصري). وبعد نجاح أفلام العودة الثالثة، قدم الشريف فيلم (ضحك ولعب وجد وحب) عام 1993 بمشاركة يسرا وعمرو دياب، والذي كان علامة التوقف لعمر في السينما المصرية، فكان آخر فيلم له في التسعينيات، بعدها شارك مع الفنانة يسرا بطولة بعض الإعلانات وهو ما انتقده البعض. وظل متأرجحا بين فكرة الاعتزال أو الاستمرار في العمل، إلي أن عرض عليه بطولة مسلسل (حنان وحنين 2007) إخراج الراحلة إيناس بكر، مديرة أعماله في مصر منذ أكثر من 25 عاماً.
الزاهد
إلي الإسكندرية يعود حيث كانت محطته الرئيسية لتصوير فيلم (حسن ومرقص) الذي قدم صورة للتسامح بين الأديان، كما قدم نموذجا آخر للتسامح وهو السيد إبراهيم في فيلم (مسيو إبراهيم وزهور القرآن). قدم فيه دورا هو الأقرب لشخصيته في الواقع.. حيث واجه طوال حياته عاصفة استفهامية عن ديانته: "مسلم ولا مسيحي ولا يهودي؟"، فقط يعرفون أنه أشهر إسلامه في الخمسينيات من أجل الزواج من فاتن حمامة، وكان يستقبل هذا السؤال بنبرة تهكمية ويقول: "لا أدري ما الغرض من هذا السؤال".
نال عمر الشريف الكثير من الجوائز من عام 1962 حين رشح لجائزة أوسكار عن دور مساعد في فيلم (لورانس العرب)، وحتي عام 2004 حيث تم منحه جائزة مشاهير فناني العالم العربي تقديرا لعطائه السينمائي خلال السنوات الماضية وحاز أيضا في نفس العام جائزة سيزار كأفضل ممثل عن دوره في فيلم السيد إبراهيم وزهور القران، غير التكريمات التي حصل عليها طيلة حياته.
في نهاية الكتاب، تسلط ناهد صلاح الضوء علي أيامه الأخيرة، الهادئة، فكانوا يسألونه دائماً: "هل شعر عمر الشريف بالزهد تجاه الأضواء؟"، وكان يجيب: "لم أبحث عن الشهرة.. أحببت التمثيل ونجحت فتحققت شهرتي، كنت أتمني أن يحدث ذلك دون ضوضاء.. كل ما أردته التمثيل فقط، ولو عاد بي الزمان إلي الوراء، كان من الممكن ألا أسافر لتمثيل فيلم لورنس العرب، وأظل في مصر مع أصدقائي دون الحاجة أن يعرفني الآخر".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.