لجان البرلمان تواصل مناقشة مشروع الموازنة.. التموين والطيران والهجرة وهيئة سلامة الغذاء الأبرز    اليوم.. «محلية النواب» تناقش طلب إحاطة بشأن إزالة 30 عقارًا بالإسماعيلية    الريال السعودي يواصل التراجع مقابل الجنيه بالبنك الأهلي اليوم الثلاثاء    بنك مصر يوقع عقد قرض طويل الأجل ب 990 مليون جنيه مع إيديتا للصناعات الغذائية لتمويل خطوط إنتاج جديدة    ارتفاع جماعي لمؤشرات البورصة بمستهل تعاملات اليوم    محافظ جنوب سيناء: نسعى للنهوض بالسياحة العلاجية وشرم الشيخ تتميز بتنوعها السياحي    طهران تصدر تحذيرات مشددة للدبلوماسيين الإيرانيين في الخارج    آخر مستجدات جهود مصر لوقف الحرب في غزة والعملية العسكرية الإسرائيلية برفح الفلسطينية    مبعوث أممي يدعو إلى استئناف المحادثات بين إسرائيل وحماس    زلزال يضرب محيط مدينة نابولي جنوبي إيطاليا    أوكرانيا: ارتفاع عدد قتلى وجرحى الجيش الروسي إلى 49570 جنديًا منذ بداية الحرب    10 لقطات لا تنسى في موسم الدوري الإنجليزي 2023-2024 (صور)    رقم تاريخي لعدد أهداف موسم 2023/24 بالدوري الإنجليزي    الحالة الثالثة.. التخوف يسيطر على الزمالك من إصابة لاعبه بالصليبي    بشير التابعي: معين الشعباني لم يكن يتوقع الهجوم الكاسح للزمالك على نهضة بركان    أول صور لحادث سقوط سيارة من أعلى معدية أبو غالب في المنوفية    بالأسماء، إصابة 18 عاملًا في انقلاب ميني باص بالشرقية    موعد عرض مسلسل دواعي السفر الحلقة 3    داعية إسلامي: الحقد والحسد أمراض حذرنا منها الإسلام    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 21-5-2024    جهات لا ينطبق عليها قانون المنشآت الصحية الجديد، تعرف عليها    التأخيرات المتوقعة اليوم فى حركة قطارات السكة الحديد    موعد إجازة عيد الأضحى 2024 في مصر: توقيت وقفة عرفات وعدد أيام العطلة    تراجع سعر الفراخ البيضاء واستقرار البيض بالأسواق في منتصف الأسبوع الثلاثاء 21 مايو 2024    حمدي الميرغني يحيي ذكرى رحيل سمير غانم: كنت ومازلت وستظل أسطورة الضحك    تعليم الوادى الجديد تحصد المركز الثامن بالمسابقة البحثية للثقافة الإسلامية    بعد رحلة 9 سنوات.. ماذا قدم كلوب لفريق ليفربول؟    جامعة أسيوط الجديدة التكنولوجية تنهي كافة الاستعدادات لامتحانات الفصل الدراسي الثاني    ننشر بالأسماء ضحايا حادث العقار المنهار بالعياط    براتب 5000 جنيه.. وزارة العمل تعلن عن وظائف جديدة بالقاهرة    قبل طرحه في السينمات.. أبطال وقصة «بنقدر ظروفك» بطولة أحمد الفيشاوي    ضياء السيد: مواجهة الأهلي والترجي صعبة.. وتجديد عقد معلول "موقف معتاد"    عاجل.. مصرع شاب إثر غرقه بمياه نهر النيل بمنشأة القناطر    فرصة للشراء.. تراجع كبير في أسعار الأضاحي اليوم الثلاثاء 21-5-2024    مندوب فلسطين أمام مجلس الأمن: إسرائيل تمنع إيصال المساعدات إلى غزة لتجويع القطاع    أحمد حلمي يتغزل في منى زكي بأغنية «اظهر وبان ياقمر»    وزير الصحة: صناعة الدواء مستقرة.. وصدرنا لقاحات وبعض أدوية كورونا للخارج    وزير الصحة: مصر تستقبل 4 مواليد كل دقيقة    «في حاجة مش صح».. يوسف الحسيني يعلق على تنبؤات ليلى عبداللطيف (فيديو)    الطيران المسيّر الإسرائيلي يستهدف دراجة نارية في قضاء صور جنوب لبنان    منافسة أوبن أيه آي وجوجل في مجال الذكاء الاصطناعي    الأنبا إرميا يرد على «تكوين»: نرفض إنكار السنة المشرفة    المقاومة الفلسطينية تستهدف قوات الاحتلال قرب مفترق بلدة طمون جنوب مدينة طوباس    «سلومة» يعقد اجتماعًا مع مسئولي الملاعب لسرعة الانتهاء من أعمال الصيانة    انتداب المعمل الجنائي لمعاينة حريق شقة سكنية بالعمرانية    «الداخلية»: ضبط متهم بإدارة كيان تعليمي وهمي بقصد النصب على المواطنين في الإسكندرية    الدوري الإيطالي.. حفل أهداف في تعادل بولونيا ويوفنتوس    دعاء في جوف الليل: اللهم ابسط علينا من بركتك ورحمتك وجميل رزقك    ميدو: غيرت مستقبل حسام غالي من آرسنال ل توتنهام    موعد عيد الأضحى 2024 في مصر ورسائل قصيرة للتهنئة عند قدومه    رفع لافتة كامل العدد.. الأوبرا تحتفي وتكرم الموسيقار عمار الشريعي (تفاصيل)    مصطفى أبوزيد: تدخل الدولة لتنفيذ المشروعات القومية كان حكيما    أطعمة ومشروبات ينصح بتناولها خلال ارتفاع درجات الحرارة    حظك اليوم برج الميزان الثلاثاء 21-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    على باب الوزير    بدون فرن.. طريقة تحضير كيكة الطاسة    تأكيداً لانفرادنا.. «الشئون الإسلامية» تقرر إعداد موسوعة مصرية للسنة    «دار الإفتاء» توضح ما يقال من الذكر والدعاء في شدة الحرّ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



‎في حكم التراب
‎بعد ما اعتقدت أني أنجزت زيارة أغلب الأحياء والأماكن المهمة لهذا الاستقصاء الميداني شاهدت بالصدفة في محيط محطة الرمل حارة متسخة روعني
نشر في أخبار الأدب يوم 09 - 08 - 2015

جمال شامخ بها كانت واجهته الأمامية قد استندت علي أعمدة عملاقة تسنده بزاوية مائلة سمعت صوتي يسبح عاليا بالتحفة المعمارية التي لم يحدثني أحد عنها ولم أقرأ عنها في كتاب وكان أهل الإسكندرية والأجانب المتمصرون يستغربون حين حكيت لهم عنها ولما لم أدون عنوان الشارع أو أتذكر المنطقة تم إرشادي المرة الثانية إلي مناطق بعيدة خطأ المرة الأولي لاكتشاف الجمال كنت جذلي كطفل وجد أمه بعد التيه
‎ رحت أطوف حول القصر ككعبة وأصوره فهو يشغل مربعا كبيرا ولما سألت أحد صبية مطعم فول مجاور، نادي علي رجل مسن من المطبخ قال لي : الأمير عمر طوسون
‎إذن كانت معي معلومة واحدة خطأ وكنت متشككة فيها حين أردت العودة مرة ثانية قررت الاعتماد علي ذاكرتي متجاهلة ما أرشدني به الناس وعادت لي نفس الفرحة التي منحني إياها القصر المفاجئ إن غرابة هذه المدينة تكمن في أن كل فرحاتها مصابة بحزن تاريخي صامت، موسومة بهدرٍ عظيم وجمال متفلت شبه محجوب لا يخطئ مرماه في الروح المستعِدة لتلك الإصابة
‎لأن قدومي سابقا كان يوم جمعة كان مدخل جزء من المكان الذي حملت حوائطه ا اسم نقابة المهن العلمية مغلقا موظفة المدخل لا تعرف شيئا فقاومتُ طبيعتي الخجول متقدمة إلي رجل كبير السن بدا كأحد الرواد المتقاعدين في ما بقي من حديقة محدودة للنقابة
‎ يقع القصر عند تقاطع شارعي فؤاد و صفية زغلول بمحطة الرمل حدثت الأستاذ عباس أحمد بعد إظهار بطاقاتي وهدف سؤالي فخرج بعض الحزن من صوته وحكي عن زميل توفي كانت معه صور قديمة للقصر أخبرني أنه حين استأجرت نقابة العلميين القصر كان به بانيو رخام منحوت كقطعة واحدة تمت إزالته ثم حكي عامل دخل بعد قليل عن إزالة حمام سباحة كان في الحديقة التي نقف بها مشيرًا إلي مكان صرف المِسبح وهو يقول إن صاحب المكان هو الكونت زغيب وإنه يهودي فلما ألمحت إلي شامية الاسم أصر لا يهودي لاحقا سأقرأ مقالة لسمير رفعت عنوانها تم نشرها في في 21 أكتوبر 1995 م تفيد أن آل زغيب كانوا عائلة سورية شامية في الإسكندرية لكن الأستاذ عباس أحمد بدا متحسرا وهو يشير للشرفة الأرضية التي صارت جزءًا مما استأجرته النقابة وقد دعاني إلي دخول الجزء المحدود المستأجَر للمشاهدة وطبعا قمت بالتصوير وفجعني ما شاهدته خاصة وقد استبدلت النقابة باركيه الداخل بسيراميك وتم تخليع رخام كرارة الإيطالي بكل الزمن الذي مر عليه واستبداله بسيراميك الحمامات الحديثة وحتي رخام سلالم الشرفة الأرضية تم استبداله برخام حديث رمادي من النوع الشائع في مؤسسات وقتنا الحالي كما تمت إزالة زخرفة ورسوم السقوف الداخلية في مساحة ما أصبح نقابة العلميين
‎لما حكي عامل البوفيه الذي طلب عدم ذكر اسمه عن عم أحمد مدكور وأوصلني به تليفونيا انتظرت الرجل خاصة بعد خوف أحد المحاسبين من سرد أية معلومات عن وضع القصر وسماعي لكلمة إزالة من أحد العمال
‎بوصول عم أحمد مدكور أمن بالمكان عرفت القصة
‎يقول : يا سلام كنتي تشوفيه من عشر سنين يتحسر الرجل وهو يستعيد الصور القديمة ولو منتهَكة والوضع الحالي
‎قال : تم استغلال كل القصر بعد ثورة يوليو 1952 م كمدرسة اسمها العروة الوثقي بنات ولاحقا سأري مدرسة العروة الوثقي في محرم بك في مبني يعود للسنوات الأولي من القرن العشرين وبعدين في أوائل السبعينات من القرن العشرين بدأ القصر يتصدع فقامت الحكومة ببناء مبني حديث ملحق أشار إليه في حديقة القصر ليكون المدرسة اللي تحول اسمها إلي توشكي إعدادية بنات يواصل الرجل كلامه : تم بناء القصر عام 1877 م ويقال إن الكونت زغيب ده سويسري والبعض بيقول يهودي وعمّر لأواخر الستينات في القرن الماضي أما المدرسة المقامة علي جزء من الحديقة فهي توجيه قطاع وسط بوزارة التربية والتعليم يعني أصبحت مبني إداري لكن قبل ثورة 25 يناير بحوالي عام واحد تهدمت أجزاء كبيرة من الواجهة الأمامية للقصر خاصة والحجرة الفنية به وبكيت حسرة عليها خاصة وأن المدرسة كانت استغلتها كمرسم والحجرة الفنية دي كانت ذات حوائط يصعب وصف جمالها تتميز بكونها لوحات كلاسيكية جميلة جدا وطبعا رسوم السقوف كمان اللي بقي منها أقل القليل كان في الداخل باركيه معشق رائع وفريد تم استبداله بسيراميك وكمان رخام السلالم الخارجية زي ما شفتي مكانه رخام حديث، ومن فترة زارتنا باحثة فرنسية مهتمة بالآثار القديمة للأجانب في مصر وأعطتني صورة فوتوكوبي من صورة للقصر زمان كمان حضر ناس متخصصة من مكتبة الإسكندرية وده كان سنة 2010 م فتحت لهم لما كان معايا المفتاح لبعض الغرف وشافوا ال تطوير اللي عملته النقابة فقالوا أنتم شوهتوه حاليا احنا بنؤجره من بسترودس المطعم اليوناني القديم من الباطن لأن القصر ملك الشركة الأهلية للتأمين كمالك فعلي المبني ككل تم استغلاله كمحكمة للأجانب بعد العشرينات من القرن العشرين وربما يكون تمت فيه محاكمة ريا وسكينة لكن ده ممكن يكون إشاعة بس المؤكد هو شركة المقاولات بالبدروم واللي لها حق انتفاع من شركة التأمين الأهلية وداخليا يوجد تمثال عملاق كأنه هرقل أو زيوس بملابس اليونان شايل السلالم علي اليمين وعلي الشمال في البهو
‎يتذكر عم مدكور زمنا قبل عام 1974م كان يحب فيه ركوب الترام ليتمكن من مشاهدة القصور القديمة التي يقول إنها صارت الآن غابات خراسانية كان كنزا من المعلومات يتدفق أمامي من شاهد عيان تمنيت لو قابلته في بداية تحقيقي وليس نهايته
‎ كلمني عن قصر قال : هو غالبا للأميرة فايقة لا يذكر واجهته عكس البحر ككثير من قصور الكورنيش رغم وجود واجهات لها عليه أيضا في الطريق لسيدي بشر ومنه عرفت بالصدفة عن رجل أعمال آخر اشتري وهدم قصرا كبيرًا علي ناصية شارعي فؤاد وسان سابا وأنه هو نفس رجل الأعمال الذي اشتري وهدم سينما ريالتو لإقامة مول عليها يعلق ساخرا بلد المولات والبرجات ثم أردف السادات هو السبب قلت لنفسي كأنما يسمعني
‎يرشح لي الرجل أماكن تنضح بعار الهدم واكتساح القديم ففي الراس السوده بحسب كلامه يوجد قصر الخواجة تورييل علي خمسة فدادين و كان قد آل إلي شقيقة عبد الحكيم عامر وزير الدفاع في عصر جمال عبد الناصر عام 2006 م قامت مجموعة من البلطجية بخطف حارس المكان لإتمام عملية سطو وسرقة لمحتويات القصر بعد وفاة صاحبته الجديدة وبيعت كل التحف الخاصة به بثمن بخس تماما قيل إنه لا يتعدي 70 ألف جنيه وقتها تم القبض عليهم لكن لم يتم استرجاع شيء خاصة وأنه قيل إن أحد المحامين الكبار كان وراء تدبير عملية السرقة يقول لو رحتي هناك حيحكوا لك القصة دي بتفاصيل أكبر دلوقت القصر ملك لأحد البنوك رغم المتداول عن وجود نزاعات بين ملاكه اللي عايزين يهدموه وبين البنك اللي ممكن برضه يكون له نفس الهدف
‎يواصل عم مدكور وفيه مصنع سيكلام في الراس السوده في الطريق لمنطقة الملاحة اللي أسسه هو الخواجة لندرت وده له قصر في المنطقة لكن محتوياته وتحفه مش موجودة للأسف سأقرأ لاحقا عن وجود فيلا للمدعو لندرت لا أعرف هل هي المقصودة بكلام عم مدكور أم لا لكنها كانت من تصميم المعماري فيما عرف بمزرعة المندرة عام 1941 م ثم أضاف : فيه قصر حسن راسم في الراس السوده هو مدرسة الزراعة حاليا، وقصر جبرائيل شمّاعة وده كان ثري يهودي في السيوف العوايد قرب بنزينة صبري وفي محرم بك حتلاقي شوية قصور تحولت لمدارس في خط واحد بعد ميدان الرصافة وكمان مدرسة الرمل الثانوية في باكوس كانت قصر للأميرعمر طوسون الحقيهم قبل ما يتحولوا لتراب
‎ثم كلمني عم مدكورعن قصر البورصة الذي كنت قرأت عنه قصر المليونير توسيتزا اليوناني كان مقرا للبورصة المصرية في ميدان المنشية وعرفت من معرض الإسكندرية عبر العصور أنه بُني عام 1904م قبل العمارة القديمة التي تعود للعشرينات من القرن العشرين والتي صارت مقرا لتلك البورصة حاليا بعد حرق البورصة القديمة في مظاهرات الخبز عام 1977 م كان قصر البورصة يشتمل علي مكتب الأورناتو و مكتبة عامة و نادٍ للخديوي قبل أن يتحول بعد ثورة يوليو 1952 م إلي مقر للاتحاد الاشتراكي ويخطب جمال عبد الناصر من شرفته متعرضا لمحاولة الاغتيال الشهيرة القصر الذي لم يعد موجودا انعقدت أمامه محاكمات علنية للثوار الوطنيين من أنصار عرابي و لدي صدور أحكام الإعدام كان التنفيذ يتم أمامه وتم دفن الكثيرين فعليا في مقابر تحت المنشية وهذا كلام موثق في مراجع أجنبية حول الموضوع
‎عم مدكور كان محظوظا ففي عام 1972 م حظي برؤيته من الداخل يقول : يستحيل وصفه لأن أنا كمان باتحسر وأنا باسترجع كان تحفة جمالية و معمارية لا توصف ماكنش فيه ما يستدعي إزالته لأنه فضل صامد سنتين وأكثر وكان ممكن ترميمه لكن المحافظ اللواء فوزي معاذ رأي غير ذلك
‎أسأل لماذا في رأيه سكت الناس وما زالوا يقول : القبضة الأمنية كانت قوية وتم تشديدها بعد مظاهرات الخبز في السبعينيات خاف الناس وسكتوا ويضيف : عندي صديق معرفة كانت أسرته مالكة لقصر قديم استولي عليه البلطجية وضع يد من حوالي 8 سنين وبلغت البجاحة إنهم طالبين فيه مبلغ فلكي كان بيسعي لتحويل القصر لمقر لاتحاد الكتاب في الإسكندرية إذن اللي حيسيب مكان عمره ما حيسيبه إلا بواحدة من طريقتين : الدم أو المال دي مافيا
‎ لاحظتُ طلاء رخام الأعمدة في ما بقي من حديقة قصر الكونت بلون أخضر شبه فوسفوري كأنما النقابة تركت كل شيء لذائقة عمال الدهان فقاموا بطلاء ما لا يجوز طلاؤه وبألوان كالتي يدهنون بها غرف نومهم في البيوت الريفية
‎تَذَكرت أمي ما كان يقوله أبي من عبارات شاعت زمان وانقرضت كعبارة يعني أنت الكونت زغيب يا خيّ حين حكيتُ لها وبالصدفة البحتة التي شكلت تعرفي إلي هذا الجمال المهدور وشيك التنكيس عرفت من مدونة لأكاديمية وتشكيلية مصرية هي د زينب نور أنها كانت زارت قصر الكونت باتريس دي زغيب حين كان مدرسة توشكي عام 1999م بغرض أكاديمي وقت تحضيرها لشهاداتها العليا وبتصريح من جامعتها لكنها عانت كذلك من مشاكل رفض التصوير أو تقييده في حيز معين غرفة الناظرة وما اختلسته من صور لأسقف لم تعد رسومها موجودة بعد أن رجت مديرة المدرسة كثيرا
‎براميل الطرشي علي سلالم الكونت
‎كان صاحب القصر قد كتب عنه في مذكراته مذكرات الإسكندرية واصفًا الأعمال الفنية به وكان الجد الأكبر للكونت بحسب وصف د نور قد اشتري الأرض التي بني عليها تلك التحفة المعمارية والفنية في السبعينات من القرن التاسع عشر وهو ما يتفق مع التاريخ الذي دونته الباحثة الفرنسية علي صورة الفوتوكوبي التي أعطاها لي عم مدكور 1877 م ، صممه المعماري جورون الذي تتلمذ علي يد المعماري الشهير شارل جارنييه تميز القصر بطراز عصر النهضة الفرنسي المستحدث وكان كما تكتب يزخر بالتماثيل البرونزية والرخامية والخشبية والأعمدة الكورنثية والزجاج الملون
‎لاحقا سيتمني المهندس مصطفي باشا فهمي المهندس المسئول عن القصور الملكية عام 1920م شراء المحافظة للقصر وتحويله إلي متحف للفنون الجميلة ويا ليت هذا حدث فربما كانت تمت صيانته وما كان عرضة للإزالة الآن
‎تذكر د زينب نور أنها كتبت مقالا عن القصر في روز اليوسف من سنوات وكيف كان تراب الداخل من أثر تدافع التلاميذ وقوة ركضهم علي السلالم الداخلية وقت الفسحة يعميها ويعجزها أن تري يدها كما حكت عن كتاب نادر لديها يذكر كيف كان القصر زاخرا بحدائق ذات فصائل نباتية نادرة وكيف بدأ يختفي خلف المحال التجارية والأعمال الحرفية حتي منذ الأربعينات من القرن العشرين لكن ما كنت صورته أنا منذ مشاهدتي له المرة الأولي كان أبشع من أي شيء لاحق قرأته عما حدث
‎كانت البراميل الزرقاء البلاستيكية التي توضع بها المخللات الطرشي وأقفاص الطماطم وأجولة البصل المتناثرة قشوره علي سلالم واجهة القصر الأمامية وخراطيم المياه التي يستخدمها العاملون في مطبخ محل جاد للفول لتحضير الأطباق والسندوتشات لواجهة المحل علي شارع فؤاد وأبخرة المواقد كلها تستند علي ما تحول إلي سخام يكسو الواجهة المتداعية، وتعيق أكداس الأقفاص والبراميل حركتك من أمام القصر بينما قامت محلات جاد بتبليط الأرض بما يكاد يلامس الواجهة لضمان سهولة كسح مياه المسح لمطبخها، بينما ترك بعض الصبية والعمال أسماءهم الحركية مثل سوستا بالإنجليزية أسفل نوافذه الأرضية التي طالوها وحين تحققت لاحقا من الصور التي التقطتها له وجدت أغلب ضلف شيش الطابق العلوي لعدد من الغرف مفتوحة
‎كانت الأعمدة الرخامية الكثيرة التي تسند بشكل تجميلي جزءًا من الواجهة الأمامية في صورة الفوتوكوبي الوحيدة له معي لا وجود لها الآن ولم أعرف بوجودها إلا حين سأشاهد صورة يتيمة للقصر في مجموعة د محمد عوض بمعرض الإسكندرية عبر العصور بمكتبة الإسكندرية يظهر فيها القصر من الأمام مع جزء من حديقته والسور الحديدي المحيط الذي يعلو بوابته الرئيسة الحرفان الأولان من الاسم الأول والاسم الثاني لصاحب القصر أي حرفي ل و ز علي عادة أصحاب قصور تلك الحقبة ومعمارها كما هو الحال في قصر عزيزة فهمي وغيره، بينما كان يتم وضع الحرفين الأولين من الاسم الأول والثاني للمعماري علي واجهات العمارات قديما كانت المساحة حول سور القصر ملأي بالأشجار والآن كانت محتلة بعمارات قديمة شديدة القرب وبالمثل المقارنة بين الصورة القديمة لهيئة الإسعاف المختلطة بالمنشية ذات الكتابة بالإيطالية حيث تبدو كمنتجع بحدائق تحيط مجمعا للقصور حولها سور واحد وبين ما يمثل اليوم مبني صيدلية الإسعاف تدمي القلب وتخرسه
‎أما الكونت باتريس فكان يحرص وهو يعزف البيانو علي تغطية يديه أو إخفائهما ربما خلف ستارة بسبب فوبيا من إظهارهما كما حكي أحد الأحياء من تلك العائلة وهو برنارد دو زغيب والذي كانت والدته الكونتيسة ماري من قريبات الكونت باتريس هذا ما دونه روبير سوليه في كتابه المصور مع كارلوس فراير الإسكندرية المصرية الصادر عن منشورات عام 1998م حيث يقول برنارد دو زغيب أنظر إلي البحر الذي لم يتغير و لا أنظر إلي الشيء الآخر الذي يجاوره
‎لكن البحر تغير الآن بفعل الردم لتوسعة الكورنيش وبناء أندية النقابات المهنية والمقاهي السياحية علي رماله
‎تراث ينتظر حكم الإعدام
‎قررتُ أن أعمل بنصيحة عم مدكور كررت ذهابي إلي منطقة محرم بك التي كنت زرتها وصورت بها فيلا أمبرون وبعض الفيلات الأثرية المتهدمة قبل لقائي به
‎العديد من مدارس الحي وغيره من الأحياء قَدّم الورثة من ملاكها الجدد تظلمات أمام لجنة التنسيق الحضاري للمحافظة كمقدمة لتحركهم للهدم
‎ حين تدخل الموقع الإليكتروني لتلك اللجنة يصيبك الغم إذ سيبدو لك أن كل سكان المدينة تقريبا يريدون هدمها هذا ما سيشعرك به كم التظلمات في قوائم الحصر المعماري في أحياء المدينة
‎الأمر الثاني هو عدم تحديث كثير من بيانات وأوضاع الفيلات التراثية فتجد بعضها مشارا إلي رفض تظلم ورثته وصورة للعقار بينما هو قد تحدد مصيره أمام القضاء الإداري رغم إعلان اللجنة رفضها الصريح لهدمه كونه - بحسب القانون - مرتبطا بشخصية تاريخية أو برمز قومي أو حقبة تاريخية أو له طراز معماري مميز أو أصبح مزارا سياحيا أيضا ليست كل العقارات التراثية المدرجة في قوائم اللجنة لها صور إذ لا يتم وضع صورة للمبني بجوار عنوانه علي الموقع إلا حين يكون هناك تظلمٌ بشأنه وهذه نقيصة في الموقع يجب تفاديها الأمر الثاني أنك أوقاتا تشاهد علي الموقع صورة لمبني وتظل مشدوها أمام جماله المعماري فتُصدَم حين تعرف أن قرار اللجنة جاء بالموافقة علي رفعه من قوائم العقارات التراثية
‎كنت أقف في شارع أمير البحر بمحرم بك ولا أعرفه سألني رجل يقف بجوار خضراوات يبيعها فور رؤيته لكاميرتي أخبرته أني صحفية أستفسِرُ عن شارع ِمنَشّا حيث قلت سأجد قصر البارون مِنَشّا معلوماتي أن له فيلا وتم هدمها كما توجد له ممتلكات أخري
‎بدأ مواطن يشبه أفندية زمان وقف بجوار صاحب الخضراوات علي الرصيف يحادثني قليلا حتي اكتشفت أنه صاحب خضراوات الرصيف القليلة أشار إلي العمارة الشاهقة أمامنا قائلا كانت فيلا زمان ثم إلي كتلة خراسانية تشغل مساحة كبيرة بجانبنا بنفس الشارع وقال: في مساحة الست عمارات بالمربع ده كان فيه فيلا تراثية كبيرة كنت بأمشي هنا زمان وأشم ريحة الياسمين وأضاف : في 30/6/1964 م سَلّمت لجنة الحراسة العامة للدولة 36 فيلا تراثية للهيئة العامة للتأمين الصحي كان يعمل بها كلها تم استخدامها كعيادات وإدارات تابعة للهيئة لكن كثيرا منها استرده الورثة وقاموا بهدمه يعود الرجل إلي الحسرة فيشير إلي أرض فضاء مجاورة ل فرشته قائلا : كانت عليها فيلا تراثية زمان وكانت ملك نيقولا حِزّي وتم بيعها وهدمها ولو اتجهتي إلي شارع النعم بمحرم بك قدام مدرسة الشهيد عبد المنعم رياض كان فيه قصر بديع تم هدمه بقي مجرد واجهة وكل اللي وراها انهدم
‎وقف يعلن دون سؤال مني - هو ورفيقه كلاهما في الحلقة الخامسة من عمره المتعلمين أسوأ من غيرهم في موضوع الهدم وحدثني عن وجود قصر عمانويل بالحي دون معرفة اسمه لكنه في شارع المأمون لذا سأعرف لاحقا أن الملك فيكتور عمانويل سكن في فيلا أمبرون كما سبق وذكرت
‎ أشار إلي مكان سلسلة سوبر ماركت فتح الله الشهيرة والعمارة الشاهقة فوقه الشاملة لما أصبح الرصافة مول وهو يقول كانت المساحة دي مقر لمدرسة ابن سينا الابتدائية
‎ودي كانت فيلا تراثية تم هدمها الإسكندرية كانت كلها فيلات، قصر السفارة الصينية هنا مالهوش حل من الجمال قاصدا بعد ترميمه و لكن ما إن ذكر رفيقه منطقة كفر عبده التي لم أكن أخبرته أني زرتها حتي انفجر غضبه انسَ كفر عبده لا تقول لي الزمالك ولا مصر الجديدة كفر عبده خلاص انسَ إن كان فيه حاجة اسمها كفر عبده
‎يمكن اعتبار شارع نبيل الوقاد بمحرم بك بالإسكندرية شارع المدارس والمعاهد أعداد الفيلات التراثية ذات الطراز المعماري المميز التي صارت مدارس خادعة لأنك ستشعر بأمان زائف كون تلك الفيلات في حوزة الدولة أو الحكومة ثم تكتشف سواء من موقع لجنة التنسيق الحضاري أو من سكان المنطقة أن المنشأة ليست محمية فعلا وثمة قضايا بشأنها هدفها الهدم واستبدالها بناطحة قبيحة وهو المصير الذي ينتظر فيلا 34 شارع نبيل الوقاد مديرية الشئون الصحية حيث إن المالكة نعمت هانم إمام زاده تظلمت لرغبتها في هدم العقار، وقد يتم هدم فيلا مدرسة الزهراء الإعدادية للبنات رقم 69 من نفس الشارع إذ قدم ملاكه المصريون تظلما تم رفضه من لجنة التنسيق الحضاري بالمحافظة والأرجح أنهم يتقاضون ضد وزارة التربية والتعليم الآن للهدم، بل إن عدد الفيلات التراثية التي تنتظر حكم الإعدام يتجاوز 36 فيلا بحسب بعض معماري المدينة فهناك حوالي 90 فيلا رفع ملاكها قضايا أمام القضاء الإداري و حوالي 80 فيلا تراثية تم هدمها بمنطقة كفر عبده وحدها في وقت ما
‎عند مدرسة محرم بك الإعدادية بنين في 18 شارع نبيل الوقاد فيلا ديبونو رفض الأمن أي تصوير متجاهلا بطاقة الرقم القومي خاصتي وكارنيه نقابة الصحفيين الذي يطالب السلطات المختصة بتسهيل مهمة حامله حين أصر الأمن علي تصريح من مديرية الأمن أو التعليم أو ما لا أدريه وظللت مصرة أن ترجمة هذا عدم وجود قيمة فعلية للكارنيه اعتذر رجل الأمن أمام حشد الموظفين أنه لا يقصد التقليل من قيمة النقابة ودخل للناظر أردت التصوير من الخارج ولولا سور المدرسة / الفيلا لقمت بهذا دون الدخول للأمن، أما في غرفة الناظر المصر علي تصريح فقلت أنا باعمل خدمة وطنية أنا مصرية وحضرتك مصري ولو استخرجت تصريح لكل منشأة مش حانجز الموضوع ويمكنك الاتصال برؤساء التحرير اللي باعمل في جرائدهم للتأكد ثم سمحوا لي بالتصوير من الخارج وندمت لعدم تركي الكاميرا معهم كي أشاهد المبني من الداخل
‎في محل بقّال دخلته للسؤال عن المبني أمامه قال بسرعة مدرسة الأميرة فايزة شقيقة الملك فاروق لم يكن علي المبني ما يفيد كونه أي شيء لم أتأكد من صحة المعلومة لكنه سألني : حب استطلاع بس بتسألي ليه فأجبته : صحافة ثم اشتريت أقلاما من محل جانبي وعدت لتصوير المبني ليلحقني البقال ظننته سيضايقني ويقول ممنوع علي التصوير
‎أسأت الظن كان محمد محمد زكي سليمان تلميذا في الستينيات بمدرسة محرم بك الإعدادية بنين بيته في نفس الشارع في إحدي الشقق فوق محل البقالة ظل يردد دون أسئلة مني أنا سمعت من كلام بالحي إن مدرسة محرم بك حيتم هدها أنا طول عمري هنا في محرم بك الإعدادية بنين وبعدها في محرم بك الثانوية بنين أيام عبد الناصر
‎يحكي الرجل مدرسة محرم بك الإعدادية من جوه كانت قصر والسقوف فيها رسوم كلاسيكية والقصر كانت أرضياته فيها الرخام الأبيض وكان فيه مسرح ومشتل وأضاف الرجل المتواضع أنا عشت شوية في إيطاليا سألته عن قصر الأميرة فايزة المفترض هنا ثانية لأني لم أعثر علي معلومة بشأنه فحكي عن مبني تراثي هائل وداخله بالرخام الأبيض كان يجاورالقصر ويرجح حسب كلامه أنه كان معنيا بالتخديم عليه مشيرا إلي ما أصبح عمارة مفزعة من 14 طابقا ظللت أنظر إليها قلت لنفسي حتي لو لم يكن قصرها فهو قصر تم التعدي عليه بكل العنف الممكن والمساحة التي تشغلها عمارة شاهقة فيما بدا كحديقته تشهد علي العدوان
‎ أهم بالانصراف بعد شكره وهو من ترك محله لفترة دون أحد و دون لجوئي إليه فبدأ يسترحمني والنبي يا أستاذة إلا المدرسة ما يهدموهاش لأني سمعت عن قضايا لهدم فيلتها لو تقدري بس الحاجتين دول المدرسة والقصر الآن يتكلم عن قصر مِنَشّا
‎تكتب داليا عاصم في مقالها محرم بك حي يحكي تاريخ البارونات والأمراء بوسط الإسكندرية في الشرق الأوسط اللندنية بتاريخ 17 فبراير 2012م أن قصر البارون منشا تحول إلي مدرسة تذكر هي أن اسمها مدرسة المشير أحمد بدوي ،بينما تتعارض المعلومة التي تفيد بهدم فيلا للبارون ذاته مع معلومة أخري لدي العامة في حي محرم بك وبعض المصادر تفيد بكون الفيلا تحولت إلي متحف ومكتبة للبلدية ويقام بها بينالي الإسكندرية للبحر المتوسط لكني بذلت جهدا كبيرا للوصول إلي القصر الأبيض الذي ظل كل من بالحي يؤكد أنه قصر منشا ومتحف الفنون الجميلة حاليا، وقد استوثقت من الفارق بين المعلومتين حين قرأت بكتاب أصوات من الإسكندرية الكوزموبوليتانية د سحر حموده و د محمد عوض وهو سلسلة مقابلات أجريت في 2004م وصدر عام 2006 م مع شخصيات من جنسيات ذات أصول عربية أو أوروربية أو من اليهود المصريين بالإسكندرية قرأت لليهودي المصري جيمي مواس الذي يعيش في بريطانيا الآن وهو حفيد البارونة روزيت دي منشا أن ابن شقيقته لم يكن زار الإسكندرية أبدا و أراد رؤيتها فجاء والتقط صورا لشركة الجد و زار آخر بيت عاشت فيه العائلة لكنه حين أراد العثور علي بيت فيليكس دي منشا في شارع الرصافة بمحرم بك اكتشف للأسف أنه تم هدمه منذ حوالي 40 عاما بينما كما يقول متحف الفنون الجميلة اليوم هو ما كان بيت إيلي دي منشا و كان وقت بنائه يعد خارج المدينة لكنه يذكر طرد والده من مصر بعد 1967 م يستخدم هو كلمة طرد، ويحكي كيف ما زال هو شخصيا يحمل ذكريات غالية جدا للمدينة الإسكندرية التي تمت الإساءة إليها
‎ من الطبيعي أن يوجد أكثر من فيلا وقصر لذات الثري أو يذيع ارتباط اسم أحد البارونات بقصر منطقة ما وأن يمتلك أفراد آخرون من عائلته قصورا في مناطق وأحياء أخري زد علي هذا مشكلة قابلتني ميدانيا في المدينة وأقصد تعاقب استخدام جهات مختلفة علي نفس الأثر أو حتي المبني التراثي مما قد يفسر تضارب المعلومات بشأنها في عدد من المراجع وعند المصادر الصحفية، شأن حال عدد من القصور المتحولة لسفارات وقنصليات أو بعض القصور التي تم استئجارها قبل ثورة يوليو 1952م بكثير لتصبح فروعا لكليات كالحقوق مثل قصر الثري زرفوداكي في حي باكوس بحسب موقع جامعة الإسكندرية الإليكتروني من جهة ومن جهة أخري تفيد المعلومات الموجودة في معرض الإسكندرية عبر العصور عن بيعه ربما يكون أحد قصور تلك العائلة لشركة ليبون للغاز ثم تحوله إلي مدرسة الرمل في منطقة مظلوم بالرمل ومثلا قصر الصفا كان أصلا مقرا للكونت زيزينيا ثم صار فندق جلوريا ولاحقا اشتراه الأمير محمد علي محولا معماره إلي النمط التركي عام 1927 م وكان صممه المعماري معلومات استقيتها من معرض الإسكندرية عبر العصور وهو معرض توثيقي قديم
‎لذا لا غرابة أن تشير عاصم إلي قصر للأمير عمر طوسون علي ضفة المحمودية وأن يؤكد عم أحمد مدكور لي أنه في حي باكوس وهو ما أكد عليه ناظر مدرسة الناصرية الثانوية بنين بنفس الشارع شارع رياض في الحي المذكور، كذلك سأعرف بجهدي الخاص أشياء من قبيل أن مسجد العطارين كان في زمن قديم كنيسة القديس آثناسيوس التي تحولت إلي مسجد بعد الفتح الإسلامي ما ذكرني بتحول عدد من مساجد الفترة العثمانية في جزر اليونان إلي كنائس أي تمت إعادتها لأصلها بعد الخلاص من العثمانيين، وقد تحولت أجزاء من مبني يتبع كنيسة سان مارك الأثرية في الإسكندرية شغله إخوان كارڤر لما عرف شاهدته في فناء الكنيسة إلي مجموعات صغيرة من محال الملابس والأطعمة حاليا وسأعرف أن في شارع شريف باشا كان قصر الخديوي عباس حلمي الثاني الذي صار بعد ذلك محلات ديفيز برايان البريطانية الشهيرة لا أعرف مصيره اليوم وكان صممه المعماري الإيطالي أنطوان لاسياك وبناه المقاول اليوناني جورج زورو وسيفيدني معرض الإسكندرية عبر العصور أنه كانت هناك سرايا تسمي السرايا الحزينة في منطقة سيدي بِشر كانت ملكا للأسرة العلوية الحاكمة لكن كل المعلومات ستظل مبتسرة متغيرة لأن واقع التراث والآثار بالمدينة وفي كل مصر يتم حجبه لتمكين الفساد من مواصلة إزالته هكذا جريمة تنمية البلادة وعدم الاكتراث عندنا تجاه تراثنا هي نتيجة مقصودة وحتمية ترتبط بعدم التعريف بالمِلْكية الأصلية للقصور الأثرية والتراثية وتاريخها لطلاب المدارس بل لنا جميعا ولو بثمن حرماننا من الانتفاع بمداخيلها سياحيا لو كانت تحولت إلي متاحف وفنادق كما يحدث في كل العالم نحن الذين نكوّم التاريخ تحت طبقات الإهمال والتجهيل ثم نشعل فيه النار ليصبح رمادا بأفكار ليس أقلها توهمنا أن الآثار هي فقط الفرعونية والقبطية والإسلامية في المتاحف ذات الجدران وما عدا ذلك فمستباح
‎كتبت مواطنة باسم تعليقا علي مقالة بالإنجليزية لسمير رفعت عنوانها أو كيف تذبح علامة بلدة منشورة في Cairo Times بتاريخ 23 مارس عام 2000م تذكر طوب صقال التي تعيش في كاليفورنيا أنها كانت تقيم في مصر وقت مصادرة فيلا فوزية بالمعادي بالقاهرة وأن قوانين الستينيات أي المُصادَرة أعطت الحق لأصحاب الفيلات التراثية في الاحتفاظ بواحدة من اثنتين من أي فيلات لديهم وبخطوة من أحد مسئولي الحكومة احتسبت فيلا إسماعيل شيرين الزوج الثاني للإمبراطورة فوزية بعد زواجها الأول من شاه إيران بالإسكندرية فيلتين فتكون فيلا المعادي المتحولة لمدرسة وقتها هي الفيلا الثالثة فقام المسئول بتخيير شيرين بين المكانين حينها اختار شيرين الاحتفاظ بفيلا الإسكندرية خوفا من تحول مبني الخدم المجاور ضمن سورها للفيلا وللمبني رقم واحد إلي ثكنة حراسة أو مدرسة بينما زوجته تحب العزلة
‎ و تواصل طوب صقال سرد أنه وإن سمحت لجان الحراسة لأفراد العائلة المالكة وأصهارها بالاحتفاظ بمتعلقاتهم الشخصية إلا أن إسماعيل شيرين حين استأذن بعض الجهات الحكومية وهو يعود لفيلا المعادي لأخذ بعض المتعلقات إن كان بإمكانه نقل بعض أثاثها لفيلا الإسكندرية جاءته الإجابة : يمكن لكن بعد دفع المبالغ المطلوبة أي شراء أثاثه مرتين
‎ليست بيوريتانية اشتراكية تلك التي لم تستطع ولم تحاول استرداد أية أموال للشعب من سراقه المستقبليين، فما بالنا وقد أكلت الاشتراكية نفسها في مصر قبل أن تكتمل كتجربة لقد جعلت مرحلة ما بعد ناصر من ثورة يوليو 1952 م شبه أضحوكة بعدما تبين كأنما تعتذر الثورة ليس للشعب وليس للارستقراطية القديمة بل لمن يسيل لعابهم المتراكم لعقود علي استبدال مكانة الفئة الثانية الارستقراطية في السيطرة علي حقوق وأموال الشعب، حين تم نزع ملكيات وجنسية كثير من عناصر تلك الارستقراطية والأمراء لإحلال طبقة أخري مكانها يكون أبطالها تجار الشنطة بحسب التعبير السبعيني القديم وأصحاب المكاتب المفتتحة حديثا لما عُرف ب الاستيراد والتصدير و يظل الشعب معاقبا ومحروما في الحقيقة مما تصفه لجنة التنسيق العمراني بالمدينة علي موقعها الإليكتروني ب أموال الشعب المستردة لأني لا أفهم الاسترداد إلا بمعني عودة المسلوب والانتفاع به كحق أصيل تتم حمايته لكل الأجيال فأي حق هذا الذي تتم إهانته وإهمال صيانته حتي يتهدم أو يتم بيعه بعد فترة لأشخاص يهدمونه بنص القانون مما يخرجه من دائرة القوانين التي حاولت إعادته للملكية العامة أية أموال مستردة والشعب يزداد فقرا ويتسرطن اقتصاده ببؤر رأسمالية فاسدة غير وطنية لا تفعل شيئا سوي الاستزادة من هدم تاريخ الشعب لتشييد المدن الجديدة المقامة للأثرياء فقط من المستثمرين فيها والساكنين فيها أية أموال مستردة والشعب يشهد صاغرا علي تبرئة الذمم المالية لمن ثار ضدهم وقدم الشهداء للخلاص منهم في ثورة 25 يناير 2011 م
‎استغاثة ضد البرابرة
‎حين كنت أنزل من الترام كل محطة لتصوير بعض البيوت التراثية هرع إليّ بعض سكان العقار رقم 47 شارع الشهيد محمد السيد حفني بكليوباترا المحطة العقار مبني عام 1950 م ومعماره قديم المالك يريد هدم العقار الشامخ القوي الذي به 13 ساكنا وتم التفاهم مع 5 سكان فقط ومحل وهم لا يريدون الخروج لكنه لا يكف عن الإغراء والضغط علي مقربة وتحديدا في رقم 35 من نفس الشارع يتعرض الحاج محمد علي محمد أبو العطا لضغوط حادة من صاحب العقار ليغادره رغم كونه يقيم في شقته منذ 46 عاما أعطاني عنوان واسم مالك العقار من شدة يأسه حكي عن قضايا بين السكان وبين المالك وكيف نجح الأخير في إخلاء سكان 11 شقة وعدد من المحال وهو تاجر أراض يقول الحاج المسن عنه معاه محامين شلة حرامية ألاعيبهم كتير كان الرجل المسكين يريد ترك إمضائه علي أقواله لي وإبراز أية مستندات وهو يرجوني والنبي ما تسيبينا و يؤكد أنه لن يخرج من بيته
‎بعد دار إسماعيل نسبة للخديوي إسماعيل التي صارت مستشفي المحافظة للولادة نزلتُ من الترام الأصفر عند مبني لم يكن ممكنا أن أظل في الترام وأتجاهله
‎رفعتُ رأسي للمبني ذي المعمار الشامخ المكتوب عليه مدرسة السادات العسكرية الثانوية بنين لأجد أثناء تصويري كتابة محفورة بالإيطالية الاسم القديم : ظللت أروح وأجيء من زوايا مختلفة محاولة تخبئة الكاميرا كأنها مسدس عيني علي بعض المواطنين الذين بدوا حِرفيين علي جانب الشارع يجلسون يتابعون المارة وحدست أن أحدهم قد يكون مخبرا قلت سأنتظر حتي يسألني كنت ممتلئة بغضب طوفاني علي ما فعله الإسكندرانية بمدينتهم سمعت نفسي أقول لا عارفين قيمة تاريخ ولا معمار ولا حاجة عمالين تهدوا تهدوا بس طبعا سمعني
‎ دي أثر يقول الرجل الذي حسبته مخبرا
‎ طبعا ما هي باينة وفيه كتابة طلياني كمان إنها مدرسة عسكرية إيطالية زمان
‎ تحبي تدخليها
‎اتسعت عيناي : طبعا حيسمحوا
‎عبر معي الشارع إلي الأثر البديع الذي كان تحت الترميم بإشراف من وزارة الآثار كما حكي أحد الصنايعية داخلها بدا أن المساحة الهائلة للمدرسة أدت إلي تقسيمها ما بين مدرستين كانوا رغم إشراف الآثار قد استبدلوا رخام بعض السلالم الداخلية المفضية لحوش المدرسة برخام حديث بذلك اللون البني المشوب بقطع سوداء واسع الانتشار كانت لمعته سيئة صادمة ظللت أصور وخاصة لافتة لجماعة التاريخ مكتوب عليها أن عبد الناصر كان طالبا فيها لفترة ما حين حاولت آخر الأمر إعطاء مبلغ صغير للعامل قفز مبتعدا كأني أناوله ثعبانا سلوك لم نتعوده جدير بالاحترام والفرح
‎في الخارج رحت لأشكر المواطن الذي اعتقدت أنه مخبر
‎بينما أسلم عليه وضعت في يده مبلغ عشرة جنيهات فهو سبب معجزة التصوير الداخلي الوحيدة الناجحة ظل فاتحا يده لأسترجع المبلغ وهو يقول : أنا عندي محل أنا عندي محل اعتذرت وسحبت المبلغ
‎لم يكن ينظر لي بعدما سألته عن الترام التالي في تلك المنطقة لأين يذهب سرح مع كوب الشاي في شيء بدا كأنه يراه وحده، في عين ذاكرته: احنا اشترينا فيلا قديمة أثرية أثر أثر يعني ما كانتش تتهد،لكن احنا بقي هديناها
‎إذن سمعني حين كنت أسخط بصوت غاضب في البداية هل كان يؤجل شماتته أو فخره الذي يحاول أن يكرر علي نفسه أنه مصدر للفخر لا العكس إحنا بقي هديناها هل كان بعرضه أن أري المدرسة يريد الاعتذار دون أن يدرك كنت صامتة، ظهري للأثر الإيطالي تحت الترميم ووجهي لتجسيد الجريمة وأحد مرتكبيها أشار لي كي ألحق بترام جديد قادم فصرت أجري بعد أن شكرته ومعي منه اعتذار لا يدركه، محاولة لمصالحة ثقافية أو طبقية أو ما تكون، عن جريمة لا يمكن أن نقبل عنها أي اعتذار


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.