أتصور أن أمر النشر هذه الأيام يمكنه أن يتخطي فكرة المكان، فعبر مصدر جيد للإنترنت يمكننا أن ننشر ما نكتبه مباشرة وأن نجعله متاحاً لعدد غير محدود من القراء، مع ذلك فأنا مؤمنة بالجدية التي يمنحها النشر الورقي، ذلك الإيمان الذي أعادني طواعية لأسر المكان. فقبل أن تنشر دار الآداب روايتي "مقهي سيليني" حاولت أن أنشر مجموعة من القصص القصيرة داخل مصر، عبر مراسلة دور نشر وعبر التقدم إلي مسابقات عدة. كنت أهرب من منظومة الدفع في مقابل النشر بحثاً عن معايير جودة وعن فنيات تمنح النشر الورقي صلابته، لكنها كما تبدو أولويات مهملة، لا تخضع لها السوق المصري. لذا جاءت تجربة النشر خارج مصر كامتياز أدين به لمحترف الروائية اللبنانية نجوي بركات، هذا إلي جانب آليته الاستثنائية، لأنه وضع العمل الأدبي مباشرة أمام لجنة القراءة دون مراسلات أو انتظار. يقدمك النشر خارج مصر إلي مجال أوسع من قراء اللغة العربية، لكنه لا يوفر الكتاب داخل مصر لا بالعدد الكافي ولا بالسعر الملائم. في حفل التوقيع بمعرض البحرين للكتاب كان من السهل علي الحضور اقتناء نسخ من الرواية، بينما كان صعباً جداً أن أوفر ذلك العدد من النسخ لمعارفي وأصدقائي هنا بالإسكندرية. ما يعيدني للسؤال الأهم هل النشر داخل مصر كان ليحل تلك السلبيات؟ هل يوزع الناشر المصري بشكل إحترافي؟ هل يوفر الكتب بسعر ملائم؟ يمكنني أن أترك الإجابة لرواج النسخ الإلكترونية والنسخ المسروقة من عدمه. روائية مصرية