"ملحمة شعب" هو العنوان الذي اختاره الفنان محمد الطراوي للتعبير عن تأثره بأحد أهم الأحداث القومية التي تشهدها مصر حاليا والمتمثل في مشروع قناة السويس الجديدة ، وقد سافر الطراوي إلي موقع العمل مرتين وما بينهما خرج عمله إلي النور بمساحة 100 X100 بخامة الأكريلك .. يقول الطرواي إن مما لا شك فيه أن الفنان بشكل عام مهموم بالأحداث القومية، وهو ما يتضح طوال تاريخ الحركة الفنية، والأمثلة في ذلك عديدة منها تسجيل ملحمة السد العالي في الفن المصري، وكذلك الثورات المختلفة ، وانتصارات أكتوبر وغيرها . ويضيف: إن الفن دائما يواكب الأحداث القومية التي يعايشها الوطن ولا يختلف مشروع قناة السويس عن ذلك، بل إن مشروع قناة السويس علي وجه التحديد يعتبر حدثا فريدا، حيث إنه عبأ الأجواء بروح التحدي والصمود في فترة حاسمة من تاريخ الوطن.. وهذه هي السمات التي أقدمها في الشخصية التي أطرحها في شخصية المرأة التي ترمز إلي مصر بكل شموخها وكبريائها. والمرأة التي تحتل دور البطولة في عمل الطراوي ليست بعيدة عن عالمه الفني، فهو أحد أكثر الفنانين احتفاء بالمرأة، بل إن معرضه الأخير الذي أقامه منذ فترة غير بعيدة بجاليري الباب أقيم تحت عنوان "هي"، فالمرأة كما يقول الطراوي: هي الحياة.. فحينما نسجت خيوط روح الرجل كانت في رحم امرأة، وحينما تصالح مع العشق والحب كان في قلب امرأة.. والمرأة تلعب دورا مؤثرا في حياة وتاريخ البشرية، بل وفي تاريخ الفن العالمي، وهناك الكثير من الملهمات اللائي ألهمن كثيرا من الأعمال الفنية، والمرأة علي مدار التاريخ كانت الشريك الأهم فهي الأم وهي الزوجة وهي الحبيبة.. ومن المستحيل إقصاء المرأة خاصة في حدث مهم كهذا. وربما كانت المرأة هي التي تحتل بطولة العمل، إلا أن الفنان حرص علي أن تحتشد لوحته بكثير من الرموز ومنها ما يرمز إلي الحفر من أدوات وغيرها، بحيث عبرت اللوحة عن الحدث وعن فئات الشعب المختلفة الذين شاركوا في حفر القناة. وقد خرج العمل ليعكس تلك التراكمات الفنية والفكرية التي احتشدت بوجدان الفنان من خلال زيارته إلي موقع العمل ، حيث يقول الفنان : سافرت مرتين وما بينهما حدث إنجاز حقيقي جعلني أشعر بمدي التصميم والإرادة ، ولذا أعتبر ما حدث نوعا من العبور الثاني، حيث عبرنا جبالا من التشكيك واليأس ، شعرت أن الأحلام بإمكانها أن تتحول إلي حقيقة في فترة زمنية وجيزة، وأعتقد أن ما حدث فاق كل التوقعات. ويضيف الطراوي: إن العمل هو ترجمة للمخزون البصري والفكري الذي احتشد بداخله بعيدا عن فكرة الوصفية، فهو عمل له دلالات يطرحه بشكل رمزي ، وقد حاول قدر الإمكان تكثيف هذا الحدث بكافة تجلياته ومفرداته في عمل يومئ ولا يفصح، بحيث يمنح المشاهد فرصة أن يري ما لم يرسمه الفنان مباشرة، وأن يتجول في العمل بكل مستوياته. وقد استغرقت اللوحة قرابة شهر ، وسيطر عليها اللونان الأزرق والأصفر، وهما اللونان اللذان تتسم بهما المنطقة ، فاللون الأزرق كما يقول الفنان هو لون الماء وسيولته وتدفقه وربما هو أيضا رمز لتدفق الأمل والحلم، ويضيف الفنان: لقد شعرت أن المكان أسطوري وأن سيولة القناة تفصلني عن شوائب الحياة، ونحن جميعا ننتظر اللحظة الحاسمة لتحقيق الحلم الذي يجلب الخير والنماء لمصر . ولم يقدم الطراوي حتي الآن سوي عمل فني واحد للتعبير عن الحدث في مرحلة ما، إلا أن نتائج المشروع ربما تنعكس عليه مرة أخري وتلهمه عملا جديدا آخر.